الملف

الملف

14/02/2018

الصدّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء عليها السلام

 

الصدّيقة الشهيدة

فاطمة الزهراء عليها السلام

 

 

استهلال

.. ويلٌ لمَن يظلم ذريّتها وشيعتَها

مناقب الصدّيقة الكبرى عليها السلام عند أعلام المسلمين

المرجع الديني الراحل السيد محمد هادي الميلاني

من روايات المعصومين عن أجواء ولادتها عليها السلام

المحدّث الشيخ عباس القمي

سيرة الصدّيقة الكُبرى عليها السلام في مصنّفات المسلمين السنة

أحمد بن عبد الله الطبري

من الأدعية والصلوات المختصّة بالسيّدة الزهراء عليها السلام

الشيخ محمد علي التبريزي الأنصاري

الزهراء عليها السلام هي المقياس

الشيخ حسين كوراني

 

 

استهلال

.. ويلٌ لمَن يظلم ذريّتها وشيعتَها

«عن سلمان (الفارسيّ)، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:

يا سلمان، مَن أَحَبَّ فاطمة ابنتي فهو في الجنّة معي،

ومَن أبغضَها فهو في النار.

يا سلمان، حبّ فاطمة ينفع في مائةٍ من المواطن. أَيْسَرُ تلكَ المواطن، الموتُ، والقبرُ، والميزانُ، والمحشَرُ، والصّراطُ، والمحاسبة؛ فمَن رَضِيَتْ عنه ابنتي فاطمة رَضِيتُ عنه، ومَن رَضِيْتُ عنه رَضِيَ اللهُ عنه، ومن غَضِبَتْ عليه ابنتي فاطمة غَضِبْتُ عليه، ومَن غَضِبْتُ عليه غَضِبَ اللهُ عليه.

يا سلمان، ويلٌ لمَن يَظْلِمُها ويَظْلِمُ بَعْلَها، ووَيلٌ لمَن يَظْلِمُ ذريّتَها وشيعتَها».

(المرعشي، شرح إحقاق الحق: 10/166)

 

«,.. وأفضلُهنّ فاطمة»

من مناقب الصدّيقة الكبرى عليها السلام عند أعلام المسلمين

 

§      المرجع الديني الراحل السيّد محمّد هادي الميلاني

 

* كتاب (قادتنا كيف نعرفهم؟) في سيرة الأئمّة الاثني عشر عليهم السّلام وسيرة الصدّيقة الكبرى السيدة فاطمة الزهراء عليها السّلام، للمرجع الديني الراحل السيد محمّد هادي الحسيني الميلاني (ت: 1395 هجرية)، جمع فيه فضائل المعصومين صلوات الله عليهم من مصنّفات المسلمين السنّة - إلا ما شذّ وندر - «لأُثبت أنّ مَن رضيَ بهم الشيعة الإمامية أئمةً وقادةً هم المَرْضِيّون عند الجميع بنصّ القرآن والأحاديث المتواترة..»، كما صرّح قدّس سرّه في مقدّمة الكتاب.

تتضمّن هذه المقالة مختارات من الباب الثامن والثلاثين (ج 3، ص 122 – 261) المخصّص لسيرة السيدة الزهراء وتبيان منزلتها ومقاماتها الربّانية، صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها.

تجدر الإشارة إلى أننا أثبتنا مصادر الأحاديث كما أوردها محقّق الطبعة الثالثة من الكتاب، السيد محمّد علي الميلاني.

«شعائر»

 

* السيّدة فاطمة بنت رسول الله محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ.

* أمّها: أمّ المؤمنين السيّدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ.

* ولادتها: المشهور أنّ فاطمة سلام الله عليها وُلدت في جُمادى الآخرة يوم العشرين منها، سنة خمس وأربعين من مولد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وكان بعد مبعثه بخمس سنين.

* أسماؤها: قال الإمام أبو عبد الله الصادق عليه السّلام: «لفاطمة تسعةُ أسماء عند الله عزّ وجلّ: فاطمة، والصدّيقة، والمباركة، والطاهرة، والزكيّة، والراضية، والمَرْضِيّة، والمحدَّثة، والزهراء».

قال ابن منظور (لسان العرب: 11/43): «سُئل أحمد بن يحيى عن فاطمة رضوان الله عليها بنت رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، لِم قيلَ لها: البتول؟

قال: لانقطاعها عن نساء أهل زمانها ونساء الأمّة عفافاً وفضلاً وديناً وحَسباً، وقيل لانقطاعها عن الدنيا إلى الله عزّ وجلّ».

* كُناها: أمّ الحسن، وأمّ الحسين، وأمّ المحسن، وأمّ الأئمّة، وأمّ أبيها. عن الباقر عليه السلام: «كنية فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أُمّ أبيها».

(المناقب لابن المغازلي: ح 338)

* شَبهها برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «..عن أنَس بن مالك، قال: لم يكن أحدٌ أشبه برسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم من الحسن بن عليّ وفاطمة».

(مسند أحمد: 3/164)

* وعن أمّ سَلَمة رضي الله عنها: «كانت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أشبه النّاس وجهاً وشبهاً برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم».

(عوالم العلوم للبحراني: ص 22، الرقم 2)

فضائل فاطمة عليها السلام في حديث رسول الله صلّى الله عليه وآله

* عن ابن عباس: «قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لفاطمة: ..إنّ فاطمة ابنتي خيرُ أهلِ الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً».

(مقتل الحسين للخوارزمي: 1/ 60)

* وعنه صلّى الله عليه وآله وسلّم: «حسبُك من نساءِ العالَمين مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد، وآسية امرأة فرعون... وأفضلهنّ فاطمة».

 (عوالم العلوم: ص 46 رقم 5)

* وعن سلمان، قال: «قال لي رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: يا سلمان، مَن أحبّ فاطمةَ ابنتي فهو في الجنّة معي، ومَن أبغضَها فهو في النّار، يا سلمان، حبُّ فاطمة ينفعُ في مائة من المواطن، أيسَرُ تلك المواطن: الموتُ، والقبر، والميزان، والمحشر، والصّراط، والمحاسبة. فمَن رضيتْ عنه ابنتي فاطمة رضيتُ عنه، ومَن رضيتُ عنه رضيَ اللهُ عنه، ومَن غضبتْ عليه ابنتي فاطمة غضبتُ عليه، ومَن غضبتُ عليه غضِبَ اللهُ عليه، يا سلمان، ويلٌ لمَن يظلمها ويظلم بَعلها أميرَ المؤمنين عليّاً، وويلٌ لمن يظلمُ ذرّيتها وشيعتَها».

(مقتل الحسين: ص 59 طبعة الغريّ)

* وعن المسوّر: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ..تنقطع يوم القيامة الأنساب والأسباب غير نَسبي وسَببي وصهري».

(مسند أحمد: 4/332)

* وعن أبي هريرة: «قال صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: أتاني جبرئيلُ فقال: يا محمّد، إنّ ربّك يحبّ فاطمة فاسجُدْ، فسجدتُ. ثمّ قال: إنّ الله يحبّ الحسنَ والحسين، فسجدتُ، ثمّ قال: إنّ الله يحبّ مَن يحبّهما».

(لسان الميزان للذهبي: 3/275)

* وعنه، قال: «أبطأ علينا رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يوماً صبور النهار، فلمّا كان العشيّ قال له قائلنا: يا رسولَ الله، قد شقّ علينا لم نَرَك اليوم، قال: إنّ ملكاً من السّماء لم يكن زارني، فاستأذن اللهَ في زيارتي فأخبرني وبشّرني أنّ فاطمة ابنتي سيّدة نساء أمّتي، وأنّ حسناً وحسيناً سيّدا شباب أهل الجنة».

(الخصائص للنسائي: ص 34)

بيت فاطمة عليها السّلام ومصلّى النّبي

قال السمهودي: «إنّ بيت فاطمة رضي الله عنها في الزَّور الذي في القبر، بينه وبين بيت النّبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم خُوخة. (الخوخة بالضمّ: كوّة في الجدار ينفد منها الضوء)

وعن ابن أبي مريم، قال: كانت داره (دار أمير المؤمنين عليه السلام) في المربّعة التي في القبر، قال سليمان: وقال مسلم: لا تنسَ حظَّك من الصلاة إليها، فإنّه باب فاطمة الذي كان عليٌّ [عليه السلام] يدخل إليها منه، وقد رأيت حسن بن زيد يصلّي إليها... وقال ابن النّجار: وبيت فاطمة اليوم حوله مقصورة وفيه محراب وهو خلف حجرة النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم».

(وفاء الوفا: 2/466-469)

الشهادة وموضع القبر

أقول: كما أنّ موضع قبرها مكتوم. كذلك يوم وفاتها، نسأل الله تبارك وتعالى أن يعجّل فرج ولدها الحجّة ابن الحسن العسكري أرواحنا له الفداء حتى يعرّفنا محلّ قبرها ويوم وفاتها.

* قال ابن الصبّاغ المالكي: «إنّ فاطمة لم تضحك بعد موت النبيّ حتى قُبضت».

( الفصول المهمّة: ص 148)

* وقال الشبلنجي: «لم تضحك فاطمة رضي الله عنها بعد وفاة أبيها قَطّ».

(نور الأبصار: ص 53)

* وعن الخوارزمي: «ذُكر أنّ أعرابيّاً جاء من الشام، وابن عباس كان في المسجد الحرام يُفتي الناس، فسأله عن أبناء رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم وبناته فأخبره - إلى أن قال:

ولمّا جاء فاطمة الأجل لم تَحَمَّ ولم تُصْدَع، ولكنْ أخذتْ بيدي الحسن والحسين فذهبت بهما إلى قبر النّبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فأجلستهما عنده، ثم وقفتْ فصلّت بين المنبر والقبر ركعتين، ثم ضمّتهما إلى صدرها والتزمتهما وقالت: يا ولديَّ اجلسا عند أبيكما ساعة؛ وعليٌّ عليه السّلام يصلّي في المسجد. ثمّ رجعت نحو المنزل فحملتْ ما فضل من حنوط النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فاغتسلتْ به ولبستْ فضل كفنه، ثمّ نادت: يا أسماء - وهي امرأة جعفر الطيار - فقالت لها: لبّيكِ يا بنتَ رسول الله، فقالت: تعاهديني، فإنّي أدخل هذا البيت فأَضَعُ جنبي ساعة، فإذا مضتْ ساعة ولم أخرج فناديني ثلاثاً، فإنْ أجبتُكِ وإلّا فاعلمي أنّي لحقتُ برسول الله.

ثمّ قامت مقامَ رسول الله في بيتها فصلّت ركعتين، ثم جلّلت وجهها بطَرَف ردائها وقضتْ نَحْبَها، وقيل: بل ماتت في سجدتها، فلمّا مضتْ ساعة أقبلت أسماء فنادت: يا فاطمة الزهراء، يا أمّ الحسن والحسين، يا بنت رسول الله، يا سيّدة نساء العالمين، فلم تُجب، فدخلت فإذا هي ميتة.

فقال الأعرابيّ: كيف علمَتْ وقت وفاتها يا ابن عباس؟

قال: أعلمها أبوها... إلى آخر الخبر».

 (مقتل الحسين: ص 85)

* وعن ابن عباس، قال: «فاطمة أولُ مَن جُعل لها النعش، عملته لها أسماء بنت عميس وكانت قد رأته يُصنع بأرض الحبشة».

(الطبقات الكبرى لابن سعد: 8/18)

* وعن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين عليهم السلام، قال: «ماتت فاطمة عليها السلام بين المغرب والعشاء».

(مفتاح النجاء للبدخشي: ص 157)

* وقال ابن سعد: «دُفنت بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليلاً، ودفنها عليّ... وسُئل ابن عباس: متى دفنتُم فاطمة؟ فقال: دفنّاها بليلٍ بعد هدْأة. قيل: فمَن صلّى عليها؟ قال: عليّ».

(الطبقات الكبرى: 8/29)

* وعن أمير المؤمنين، عن النبيّ صلّى الله عليهما وآلهما: «تُحشر ابنتي فاطمة يوم القيامة ومعها ثيابٌ مصبوغةٌ بالدّماء، تتعلّق بقائمةٍ من قوائم العرش، تقول: (يا حَكَم، احكُم بيني وبين من قتل ولدي)، فَيَحْكُم اللهُ لابنتي وربّ الكعبة».

(ينابيع المودّة للقندوزي: 2/322-323)

* وعن أبي هريرة: «قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: ...وأُبعث [يوم القيامة] على البراق.... وتُبعث فاطمة أمامي».

(مستدرك الحاكم: 3/152-153)

* وعنه: «قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: أولُ شخصٍ يدخل الجنّة فاطمة».

(ميزان الاعتدال للذهبي: 2/618)


«وسَيجعلُ من نَسلها.. خلفاءَه في أرضِه بعد انقضاءِ وَحيه»

من روايات المعصومين عن أجواء ولادتها عليها السلام

§      المحدّث الجليل الشيخ عباس القمّي رضوان الله عليه

النور الثاني، سيّدة نساء العالمين، وبضعة خاتم النبيّين، وأمّ الأئمّة الطاهرين، فاطمة الزهراء، مشكاة نور الله جلّ جلاله، زيتونة عمّ الورى بركاتها صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها.

فاطمة صلوات الله عليها من أهل الكساء والمباهلة والمهاجرة في أصعب وقت، وممّن نزلت فيهم آية التطهير، وافتخر جبرئيل عليه السلام بكونه منهم، وشهد الله لهم بالصدق، ولها أمومة الأئمّة، وعقب الرسول صلّى الله عليه وآله إلى يوم القيامة. وهي سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين، وأحد الركبان الأربعة يوم القيامة، ولها المصحف الذي عند الأئمّة عليهم السلام.

وكان صلّى الله عليه وآله يقول: «فاطمة بضعة منّي، مَن سرّها فقد سرّني، ومَن ساءها فقد ساءني، فاطمة أعزّ الناسِ إليّ». إلى غير ذلك مما يكشف عن كثرة محبّته صلّى الله عليه وآله لها.

وروى الشيخ الصدوق رضي الله عنه في (الأمالي) بسنده عن المفضّل بن عمر، قال: «قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام: كيف كانت ولادة فاطمة عليها السلام، فقال:..إنّ خديجة رضيَ اللهُ عنها لما تزوّج بها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، هَجرتْها نسوةُ مكّة، فكنّ لا يدخلنَ عليها، ولا يُسلّمنَ عليها، ولا يتركنَ امرأةً تدخلُ عليها، فاستوحشتْ خديجة لذلك، وكان جزَعها وغمّها حذَراً عليه صلّى الله عليه وآله وسلّم. فلمّا حملتْ بفاطمة سلام الله عليها، كانت فاطمة تحدّثها من بطنها وتصبّرها، وكانت تكتمُ ذلك من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فدخل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوماً فسمع خديجة رضيَ الله عنها تحدّث فاطمة عليها السلام، فقال لها: يا خديجة، مَن تحدّثين؟

قالت: الجنينُ الذي في بطني يحدّثني ويُؤنسني.

قال: يا خديجة، هذا جبرئيل يُخبرني أنّها أنثى وأنّها النَّسْلَة الطاهرة الميمونة، وأنّ الله تبارك وتعالى سيجعلُ نَسلي منها، وسَيجعلُ من نسلها الأئمّة (أئمّة)، ويجعلهم خلفاءَه في أرضِه بعد انقضاءِ وَحيه...».

(أمالي الصدوق: ص 690 – 691)

وروى الشيخ الكليني عطّر الله مرقده، عن محمّد بن سنان، قال: «كنت عند أبي جعفر الثاني (الجواد) عليه السلام فأجريتُ اختلاف الشيعة، فقال: يا محمّد، إنّ الله تبارك وتعالى لم يزلْ متفرّداً بوحدانيته، ثمّ خلق محمّداً وعليّاً وفاطمة صلوات الله عليهم، فمكثوا ألف دهر، ثمّ خلق جميع الأشياء، فأشهدَهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها، وفوّض أمورها إليهم، فهم يًحلّون ما يشاؤون ويُحرّمون ما يشاؤون، ولن يشاؤوا إلّا أن يشاء اللهُ تبارك وتعالى.

ثمّ قال: يا محمّد، هذه الديانة مَن تقدّمها مَرَقَ، ومَن تخلّف عنها مُحِقَ، ومن لَزِمَها لَحِق، خُذها إليك يا محمّد».

(الكافي: 1/441، ح 5)

ورُوي أنّه «لمّا حضرت فاطمة عليها السلام الوفاة بكتْ، فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام: يا سيّدتي ما يُبكيكِ؟

قالت: أبكي لما تَلقى بعدي.

فقال لها: لا تَبكي، فَوَاللهِ إنّ ذلك لَصَغِيرٌ عندي في ذاتِ الله».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

* الأنوار البهية: ص 51 – 60، مختصر

 

ألزَمَ مودّتها كافّةَ بَرِيّته

سيرة الصدّيقة الكُبرى عليها السلام في مصنّفات المسلمين السنّة

 

§      أحمد بن عبد الله الطبري

* (ذخائر العُقبى في مناقب ذوي القُربى) تأليف أحمد بن عبد الله الطبريّ، أبو العبّاس، «شيخ الحرم المكّي، وشيخ الشافعية ومحدّث الحجاز»، المتوفّى سنة 694 هجريّة، كما في ترجمته من (شذرات الذّهب).

يقول في مقدّمته على الكتاب: «إن الله عزّ وجلّ قد اصطفى محمّداً صلّى الله عليه [وآله] وسلّم على جميع مَن سواه... وألزم مودّة قُرباه كافّة بريّته... لا جَرَم سنحَ بالخاطر تدوين ما ورد في مناقبهم وتعريف ما رُوي في شريف قدرهم وعلوّ مراتبهم... ووسمتُه بـ(ذخائر العقبى في مناقب ذوي القُربى)... واللهَ أسأل أن يجعل ذلك وسيلةً إلى جنات النعيم..».

ما يلي، مقتطفات مما ذكره الطبريّ تحت عنوان «في ذِكر سيّدة نساء العالمين فاطمة البتول ابنة سيّد المرسلين»، نوردها مع الإبقاء على عنونته للفقرات وإحالاته إلى المصادر التي نقل عنها.

«شعائر»

 

* وُلدت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم سنة إحدى وأربعين من مولد النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم.

* وعن ابن عباس رضي الله عنه، قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: إنّ ابنتي فاطمة حوراء.. وإنّما سمّاها فاطمة لأنّ الله عزّ وجلّ فطَمَها ومحبّيها عن النار». أخرجه النسائيّ.

تزويجها وحيٌ من الله عزّ وجلّ

* عن أنَس بن مالك من ضمن حديثٍ طويل.. قال: «.. دعاني النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم بعد أيام فقال لي: يا أنَس، أُخرجْ ادعُ لي أبا بكر... وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة، والزبير، (وغيرهم) من الأنصار.

فدعوتُهم فلمّا اجتمعوا عنده كلّهم وأخذوا مجالسهم، وكان عليٌّ غائباً في حاجةٍ للنبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، فقال النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم:

(الحمدُ للهِ المحمودِ بنعمتِه، المعبودِ بقدرتِه، المطاعِ بسلطانِه، المرهوبِ من عذابِه وسطواتِه، النافذِ أمرُه في سمائه وأرضه، الذي خلقَ الخلقَ بقُدرته وميّزهم بأحكامه، وأعزّهم بدِينِه، وأكرمَهم بنبيّه محمّدٍ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم... [إلى أن قال صلّى الله عليه وآله]:

ثمّ إنّ اللهَ تعالى أمَرني أن أُزوِّج فاطمة.. من عليّ بن أبي طالب، فاشهدوا أنّي قد زوّجتُه على أربعمائة مثقال فضة، إنْ رَضِيَ بذلك...).

ثمّ دعا بطبق من بُسر (البُسر: التمر قبل إرطابه)، فوُضعت بين أيدينا، ثمّ قال: انتهبوا، فانتهبنا. فبينا نحن ننتهب إذ دخل عليٌّ [عليه السلام] على النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، فتبسّم النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم في وجهه، ثمّ قال: إنّ اللهَ قد أمرَني أن أزوّجك فاطمة على أربعمائة مثقال فضّة إنْ رضيتَ بذاك.

فقال: قد رضيتُ بذلك يا رسول الله.

قال أنَس: فقال النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: جمعَ اللهُ شملَكما، وأسعدَ جَدَّكما، وباركَ عليكما، وأخرجَ منكما كثيراً طيّباً.

قال أنَس: فوَاللهِ لقد أخرج اللهُ منهما الكثيرَ الطيّب». أخرجه أبو الخير القزويني الحاكمي.

* وعن أسماء، قالت: «لقد أولمَ عليٌّ على فاطمة [عليهما السلام]، فما كان وليمةٌ في ذلك الزمان أفضلَ من وليمته... وكانت وليمته آصعاً من شعير وتمر وحيس». خرّجه الدولابي. [الآصع من الموازين يعادل على تقدير أربعة عشر كيلو غرام تقريباً، والحيس هو الطعام المتّخذ من التمر والأَقِط والسّمن، والأقِط مخيضُ لبن الإبل]

* وعن جابر قال: «حضرنا عُرسَ عليّ وفاطمة [عليهما السلام]، فما رأيت عرساً كان أطيبَ منه، حشونا البيت طِيباً وأتينا بتمرٍ وزبيب». خرّجه أبو بكر بن فارس.

* وعن أسماء بنت عميس، قالت: «لقد جُهّزت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم إلى عليّ بن أبي طالب [عليه السلام]، وما كان حَشوُ فرشهما ووسائدهما إلّا ليفاً». خرّجه الدولابي.

فاطمة أحبّ الناس إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم

* عن أسامة بن زيد: «قالوا: يا رسولَ الله، مَن أحبُّ إليك؟ قال: فاطمة..».

* وعن عائشة... أنّها سُئلت: «أيّ النّاس كان أحبّ إلى رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم؟ قالت: فاطمة.

فقيل: من الرجال؟ قالت: زوجها، إنْ كان ما علمتُ صوّاماً قوّاماً». خرّجه الترمذي... وخرّجه ابن عبيد وزاد بعد قوله قوّاماً: «جَديراً بقول الحقّ».

* وعن أبي ثعلبة قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم إذا قَدِمَ من غزوٍ أو سفرٍ بدأ بالمسجد فصلّى فيه ركعتين، ثمّ أتى فاطمة [عليها السلام]، ثمّ أتى أزواجه»، خرّجه أبو عمر.

* عن عليّ بن أبي طالب [عليه السلام] أنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، قال: (يا فاطمة، إنّ الله عزّ وجلّ يغضبُ لغضبِك ويرضى لرضاك) خرّجه أبو سعد في (شرف النبوّة)... وابن المثنّى في (معجمه).

ما جاء في سيادتها وأفضليّتها

عن عمران بن حصين... أنّ النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم عاد فاطمة [عليها السلام] وهي مريضة، فقال لها: «كيف تَجِدينَكِ يا بنيّة؟

قالت: إنّي وَجِعَة...

فقال: يا بُنيّة، أما ترضين أنّكِ سيّدةُ نساءِ العالَمين؟

فقالت: يا أبتِ، فأين مريم بنت عمران؟

قال: تلك سيّدة نساء عالَمها وأنت سيّدة نساء عالَمك، أما واللهِ لقد زوّجتُكِ سيّداً في الدنيا والآخرة، لا يُبغِضُه إلّا منافق». خرّجه أبو عمر وخرّجه الحافظ أبو القاسم الدمشقي في فضل فاطمة [عليها السلام] عن عمران.

برّها بالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم

«عن ابن مسعود، قال: ما رأيتُ رسولَ الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم دعا على قريشٍ غيرَ يومٍ واحد، فإنّه كان يُصلّي ورهطٌ من قريش جلوس، وسَلَى جزورٍ قريبٌ منه، فقالوا: مَن يأخذ هذا السَّلى فيُلقيه على ظهره؟!

فقام رجلٌ وألقاه على ظهرِه. فلم يزلْ ساجداً حتّى جاءت فاطمة عليها السلام فأخذته عن ظهره، فقال صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: (اللّهُمّ عليك بالملإ من قُريش، اللّهُمّ عليكَ بعتبة بن ربيعة، اللّهُمّ عليك بشيبة بن ربيعة، اللّهُمّ عليك بأبي جهل بن هشام، اللّهمّ عليك بعقبة بن أبي معيط، اللهمّ عليك بأُبَيّ بن خلف أو أُمَيّة بن خلف). [الشكّ من بعض الرواة عن ابن مسعود]

قال عبد الله [بن مسعود]: فلقد رأيتُهم قُتلوا يوم بدر جميعاً، ثمّ سُحبوا إلى القليب (أي البئر) غير أُبي - أو أميّة - فإنّه كان رجلاً ضخما فتقطّع». خرّجه البخاري.

أمرُ الناس يوم القيامة بتنكيس رؤوسهم وغضّ أبصارهم

«عن أبي أيوب الأنصاريّ: قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: (إذا كان يومُ القيامة نادى منادٍ من بطنان العرش: يا أهل الجمع نَكِّسُوا رؤوسُكم وغُضُّوا أبصارَكم حتّى تَمُرَّ فاطمةُ بنتُ محمّدٍ على الصّراط. فتمرّ ومعها سبعون ألف جارية من الحور العين كالبرق اللامع)». خرّجه أبو سعد محمّد بن عليّ بن عمر النقّاش في (فوائد العراقيين)، وخرّجه تمام عن عليّ عليه السلام، وخرّجه ابن بشران عن عائشة.

وفاتها عليها السلام

في كتاب تاريخ (مواليد أهل البيت) – [مصحّحاً على كشف الغمّة للأربلي 3/126]:

«.. تُوفّيت [السيدة فاطمة صلوات الله عليها] وهي ابنة ثمان عشرة سنة وخمسة وسبعين يوماً؛ منها بمكّة ثمان سنين والباقي بالمدينة. وعاشتْ بعد أبيها صلّى الله عليه [وآله] وسلّم خمسة وسبعين يوماً. وفي رواية أربعين يوماً، وكانت ولادتها بعد النبوّة بخمس سنين وقريش تبني البيت..».

وصيّتها إلى أسماء بنت عميس

* «عن أمّ أبي جعفر [الصحيح: أمّ جعفر وهي ابنة محمّد بن جعفر الصادق عليه السلام] أنّ فاطمة عليها السلام قالتْ لأسماء بنت عميس: يا أسماء إنّي قد استقبحتُ ما يُصْنَعُ بالنّساءِ (عند تشييعهنّ).

قالت أسماء: يا ابنةَ رسول الله، ألا أُريكِ شيئاً رأيتُه بأرض الحبشة؟ فدعتْ بجرائدَ رطبة فحنَتها ثمّ طرحت عليها ثوباً.

فقالت فاطمة [عليها السلام]: ما أحسنَ هذا وأجملَه،لا تُعرف به المرأة من الرّجل، فإذا أنا متّ فاغسليني أنتِ وعليّ، ولا يَدخلْ عليَّ أحد.

فلمّا تُوفّيت جاءتْ عائشة... تدخل فقالت أسماء: لا تدخلي. فشكتْ إلى أبي بكر، قالت: إنّ هذه الخثعمية تحولُ بيننا وبين بنتِ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، وقد جعلتْ لها مثلَ هودجِ العروس!

فجاء أبو بكر فوقف على الباب، فقال: يا أسماء، ما حملَكِ على أنْ منعتِ أزواجَ النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يدخلنَ على بنت رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، وجعلتِ لها مثلَ هودجِ العروس؟

فقالت: أمرَتني أنْ لا يدخلَ عليها أحدٌ، وأَريتُها هذا الذي صنعت وهي حيّة، فأمرتني أن أصنع ذلك لها.

قال أبو بكر: اصنعي ما أمَرَتْكِ، ثمّ انصرف وغسّلها عليٌّ وأسماء». خرّجه أبو عمر وخرّج الدولابي معناه مختصراً، وذكر أنّها لمّا أرتْها النعش تبسّمتْ وما رُؤيت مبتسمة، يعني بعد النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم إلى يومئذٍ.

* قال أبو عمر: «فاطمة أوّل مَن غُطّي نَعشُها من النساء في الإسلام على الصّفة المذكورة. وصلّى عليها عليٌّ عليه السلام... وكانت أشارتْ على عَلِيٍّ [عليه السلام] أن يدفنها ليلاً».

 

«السلامُ عليكِ يا والدة الحُجَج على الناسِ أجمعين»

من الأدعية والصلوات والزيارات المختصّة بالسيدة الزهراء عليها السلام

§      الفقيه الشيخ محمد علي التبريزي الأنصاري

الفقيه الأصولي، والمفسِّر الحافظ، الشيخ محمّد علي بن أحمد القرجه داغي التبريزي الأنصاري (ت: 1310 هجرية) من أجلّة علماء الإمامية ومن تلامذة الشيخ الأنصاري (صاحب الفرائد).

هذه المقالة عبارة عن مختارات ممّا ذكره قدّس سرّه في كتابه القيّم (اللّمعة البيضاء في شرح خطبة الزهراء عليها السلام) حول الأدعية والصلوات المختصّة بالصدّيقة الكبرى عليها السلام. (ص 284 – 292)

 

مَن تتبّع الأخبارَ عَلِمَ أنّ سيّدتنا الزهراء وليّةُ اللهِ تعالى في السماوات والأرضين، وأنّها أشرفُ من جميع الأنبياء والمرسلين عدا أبيها خاتَم النبيّين صلّى الله عليه وآله. ولم يبقَ لأحدٍ شُبهة في شرف محلّها وعلوّ رتبتها، وما أعدّ اللهُ لها من المزيّة التي ليست لأحدٍ قبلها ولا بعدها. وأنّ لها فضائل أصلية ذاتيّة من جهة نفسها، وفضائل خارجية من جهة أمّها وأبيها وزوجها وبَنيها، فلها إذاً، نورٌ على نورٍ من ربّها.

زيارتها والصلاة عليها

* روى الإربليّ في (كشف الغمّة) عن أمير المؤمنين، عن فاطمة عليهما السلام، قالت:

«قالَ لي رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم: مَن صلّى عليكِ غفرَ اللهُ لهُ وألحقَهَ بي حيثُ كنتُ من الجنّة».

* وتحيّتها المشهورة المرويّة عن الإمام العسكريّ، من ضمن الصّلوات على المعصومين:

«اللّهُمَّ صَلِّ عَلى الصِّدِّيقَةِ فاطِمَةَ الزَّكِيَّةِ، حَبِيبَةِ حَبِيبِكَ وَنَبِيِّكَ، وَأُمِّ أَحِبَّائِكَ وَأَصْفِيائِكَ الَّتِي انْتَجَبْتَها وَفَضَّلْتَها وَاخْتَرْتَها عَلى نِساءِ العالَمِينَ، اللّهُمَّ كُنِ الطَّالِبَ لَها مِمَّنْ ظَلَمَها وَاسْتَخَفَّ بِحَقِّها، وَكُنِ الثَّائِرَ اللّهُمَّ بِدَمِ أَوْلادِها، اللّهُمَّ وَكَما جَعَلْتَها أُمَّ أَئِمَّةِ الهُدى ومَصَابِيحِ الدُّجى، وَحَلِيلَةَ صاحِبِ اللِّواءِ، وَالكَرِيمَةَ عِنْدَ المَلأ الأعْلى؛ فَصَلِّ عَلَيْها وَعَلى أُمِّها صَلاةً تُكْرِمُ بِها وَجْهَ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلّم، وَتُقِرُّ بِها أَعْيُنَ ذُرِّيَّتِها، وَأبْلِغْهُمْ عَنِّي فِي هذِهِ السَّاعَةِ أَفْضَلَ التَّحِيَّةِ وَالسَّلام».

* ونقل الفاضل المجلسي تحيّة أخرى لها عليها السلام، نقلها عن ابن طاوس، وأنّ من زارها بهذه الزيارة، وطلب من الله سبحانه المغفرة غفر اللهُ ذنوبه البتة، ويُدخله الجنّة، وهي أن تقول:

«السَّلامُ عَليكِ يا سَيِّدَةَ نِساءِ العالَمِينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا والِدَةَ الحُجَجِ عَلى النّاسِ أَجْمَعِينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها المَظْلومَةُ المَمْنُوعَةُ حَقَّها».

ثم تقول: «اللّهُمَّ صَلِّ عَلى أَمَتِكَ، وَابْنَةِ نَبِيِّكَ، وَزَوْجَةِ وَصِيِّ نَبِيِّكَ صَلاةً تُزْلِفُها فَوْقَ زُلْفَى عِبادِكَ المُكْرَمِينَ مِنْ أَهْلِ السَّماواتِ وَأَهْلِ الأَرْضِينَ».

* قال الفاضل المجلسي رحمه الله: «الأَولى والأفضل زيارتها عليها السلام في الأوقات الشريفة والأزمنة المخصوصة بها، مثل يوم ولادتها، وهو متمّم العشرين من جمادى الآخرة عند الشيخ المفيد والسيّد ابن طاوس.

ومثل يوم وفاتها عليها السلام، وهو اليوم الثالث منه عند السيّد وجماعة.

ومثل يوم تزويجها عليها السلام وهو النصف من شهر رجب، أو اليوم الأول من ذي الحجّة، أو اليوم السادس منه.

ومثل ليلة زفافها وهي التاسعة عشر من ذي الحجة، أو الحادية والعشرون من محرّم.

وفي يوم المباهلة وهو الرابع والعشرون من ذي الحجّة، ويوم نزول سورة (هل أتى)، وهو الخامس والعشرون منه..».

* وقال ابن طاوس في صلاة الزيارة لها: «لو أمكنكَ أن تفعل صلاة الزهراء عليها السلام فافعل، وهي ركعتان: تقرأ في كلّ ركعة بعد (الحمد) سورة (التوحيد) ستّين مرّة، ولو لم تقدر على ذلك ففي الركعة الأولى بعد (الحمد) سورة (التوحيد) مرة، والركعة الثانية سورة (الجَحْد) مرّة».

من أدعيتها عليها السلام

كان دعاؤها عليها السلام: «بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم، يَا حَيُّ يا قَيُّوم، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ فَأَغِثْنِي، وَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّه».

* ودعاؤها المشهور بدعاء الحمّى وعلّمته سلمان وهو هذا: «بسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، بِسْمِ اللهِ النُّورِ بِسْمِ الله نُورِ النُّورِ، بِسْمِ الله نُورٌ عَلى نُورٍ...».

 (مفاتيح الجنان: الدعاء الخامس من الفصل السابع)

وروى ابن طاوس الدعاءين المتقدّمين في باب: حِرز فاطمة عليها السلام.

* ومن جملة أدعيتها عليها السلام ما علّمه إياها أبوها رسول الله صلّى الله عليه وآله، قال ابن طاوس رحمه الله في (مُهَج الدّعوات: ص 139): ووجدنا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال للزهّراء عليها السلام:

يا فاطمة، ألا أُعلّمكِ دعاءً لا يَدعو به أحدٌ إلّا استُجيبَ له، ولا يجوزُ فيكِ سِحرٌ ولا سمٌّ، ولا يشمتُ بك عدوّ، ولا يَعرِضُ لك الشيطان، ولا يُعرِضُ عنكِ الرّحمن، ولا ينزعُ عنك نعمةً، ولا يردّ لك دعوة، ويقضي حوائجك كلّها؟!

قالت: يا أبتِ، لَهذا أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها.

قال: تقولين: (يا الله)ُ، يا أعزَّ مذكورٍ وأقدمَه قِدَماً في العزّ والجَبروت...). فإنّه يُقال لكِ: يا فاطمة، نَعَم نَعَم».

* ومن جملة ما اختُصّ بها عليها السلام التسبيح المشهور بتسبيح الزهراء، المؤكّد عقيب الصلاة وعند النوم، كما أشير إلى كيفيّته بالتكبير أولاً، ثمّ تقديم الحمد على التسبيح أو بالعكس، وفي بعض الأخبار التسبيح أوّلاً ثمّ التحميد ثمّ التكبير... (وفي الحديث): أنّ مَن قالها صبيحة كلّ يوم كفاه اللهُ ما أهمّه من أمر الدنيا والآخرة.

صلوات الزهراء عليها السلام

صلاتها المخصوصة بها انتساباً صلاتان مندوبتان:

إحداهما: ركعتان؛ يقرأ في كلّ ركعة بعد (الحمد) سورة (التوحيد) مرّتين.

والثانية: ركعتان أيضاً، يقرأ في الركعة الأولى بعد (الحمد) سورة (القدر) مائة مرة، وفي الثانية سورة (التوحيد) مائة مرة، ويقرأ بعد الفراغ على كلّ تقدير التسبيح الآخر المشهور بتسبيح الزهراء عليها السلام، وهو أقلّ شهرة من الأول المذكور، وهو هذا:

«سبحانَ ذي العزّ الشامخِ المُنيف، سبحانَ ذي الجَلالِ الباذخِ العظيم، سبحانَ ذي المُلكِ الفاخرِ القديم، سبحانَ مَن لَبس البهجةَ والجمالَ، سبحانَ مَن تردّى بالنّورِ والوقار، سبحانَ مَن يَرى أثرَ النَّملِ في الصّفا، سبحان مَن يرى أثرَ الطّيرِ في الهواء، سبحانَ مَن هو هكذا ولا هكذا غيرُه». وهو سريع الأثر في المطالب والحاجات.

ونقل الفاضل المجلسي رحمه الله في (زاد المعاد) في وظائف اليوم الأول من ذي الحجّة، الذي ورد وقوع تزويج الزهراء عليها السلام من أمير المؤمنين في ذلك اليوم، صلاة أخرى لها عن الشيخ الطوسي رحمه الله، وأنّه قال: «يستحبّ في اليوم الأول من ذي الحجّة صلاة الزهراء عليها السلام».

وورد أنّها أربع ركعات مثل صلاة عليّ عليه السلام، كلّ ركعتين بتسليمة واحدة، يقرأ في كلّ ركعة بعد (الحمد) سورة (التوحيد) خمسين مرة، ويقرأ بعد الفراغ من الركعات تسبيح الزهراء عليها السلام، وهي: «سبحان ذي العزّ الشامخ...» إلى آخر ما مرّ.

وجعل الفاضل المذكور الأحوط في عمل ذلك اليوم الجمع بين هذه الصلاة وبين الصلاة السابقة، وكذا في قراءة التسبيح بعد الصلاة الجمع بين التسبيح المذكور وبين التسبيح الآخر المشهور.

نقشُ خاتَمها عليها السلام

وكان نقش خاتَم الزهراء عليها السلام: «اللهُ وليُّ عِصْمَتِي»، وقيل: كان خاتمها من الفضّة ونقشُه: «نِعْمَ القادِرُ الله»، وقيل: «أَمِنَ المتوكِّلون». وذكروا أنّ لنقش هذه الكلمات في الخاتَم تأثيراً عجيباً لدفع الأعداء، وحفظ الأموال والأولاد والبدن عن شرّ الإنسّ والجنّ... وجميع المكاره والآفات والأسواء والبليّات.

وقيل: نقشُ خاتَمها عليها السلام نقشُ خاتَم سليمان بن داود، وهو: «سُبْحَانَ مَنْ أَلْجَمَ الجِنَّ بِكَلِماتِه».

 

واسطة العقد من منظومة العصمة

الزهراء هي المقياس في معرفة الإسلام

§      الشيخ حسين كوراني

لا تَنافي بين وجوب الحديث عن ظُلامة الصدّيقة الكبرى السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام، من جهة، وصيانة الوحدة بين المسلمين من جهة ثانية، حيث إنّ تعريف الأجيال بما جرى على آل البيت عموماً، وعلى السيّدة فاطمة عليها السلام بالتحديد، بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله، هو الحجّة الأقوى في تمييز الإسلام المحمّديّ الأصيل، عن المسارات المنحرفة التي حكمتْ باسم الإسلام.

هذه هي خلاصة الفكرة التي عالجها سماحة العلامة الشيخ حسين كوراني، في الفصل الثالث من كتاب (في محراب فاطمة عليها السلام)، ومنه مختصراً هذه المقالة.

«شعائر»

 

 

في أجواء الأيام الفاطمية، من واجبنا أن نُنير عقولنا والقلوب بأنوار الزهراء عليها السلام. هذه الذكرى ليست فقط مناسبة للحديث عن معصوم ندينُ اللهَ تعالى بحبّه، وليست فقط مناسبة عن معصوم معرفتُه مفتاح معرفة الله تعالى، وإنما هي مناسبة للحديث عن استمرار الإسلام المحمّديّ الأصيل؛ حيث إنّ هذا الاستمرار فاطميّ، كما هو علويّ وكما هو حَسَنيّ وحسينيّ.

لكلّ معصومٍ في منظومة المعصومين الأربعة عشر هذا الموقع في استمرار الإسلام، كما أنّ الاعتقاد بالمعصومين الأربعة عشر لا ينفكّ بعضه عن بعض، فمَن لم يعتقد بمعصوم منهم فإنّه لا يدين بدين الله عزّ وجلّ الذي ارتضاه لعباده، والزهراء عليها السلام واسطة العقد في هذه المنظومة.

مفهوم الوحدة بين المسلمين

في البداية أطرح هذا السؤال الذي قد يتبادر إلى الأذهان: كيف توفّقون بين الحديث عن الزهراء عليها السلام وبين الحديث عن الوحدة الإسلامية، فنحن نعيش في مرحلة حسّاسة من عمر الإسلام «برز الإيمان كلّه إلى الكفر كلّه»، ودماء الشهداء تغلي، وهذه أصداؤها تتردّد في أرجاء العالم الإسلامي، ونحن مدعوّون إلى توحيد الكلمة في مواجهة الغارة الأميركيّة والصّهيونيّة على أمّتنا، فكيف توفّقون بين الحديث عن ظلامة الزهراء عليها السلام وبين الحديث عن وحدة الأمّة ووحدة الكلمة، ألا ينافي الوحدة إدانة خصوم الزهراء عليها السلام؟

والجواب على هذا السؤال: نحن نقف أمام أمرين كلٍّ منهما دينٌ لا يُمكننا إلا أن نتعامل معه ونحرص عليه.

الأمر الأوّل: إظهار الإسلام المحمّديّ والحفاظ على هويّة الإسلام الأصيل.

الأمر الثاني: وحدة الصفّ وحفظ قوّة الإسلام والمسلمين في مواجهة الأعداء، وكِلا الأصلين دينٌ لا نتعاطى معه على أساس أنه شعارٌ للاستهلاك..

كلا.. عندما ندعو إلى وحدة الكلمة نعني ما نقول، وعندما نتحدّث عن ظلامة الزهراء عليها السلام لا نرى في ذلك تنافياً مع الدعوة الصادقة إلى توحيد كلمة المسلمين في معترَك الصراع ضد العدوّ الأميركي والصهيوني .. كيف ذلك؟

سيتّضح من مطاوي الحديث أن معرفة الزهراء عليها السلام هي معرفة الإسلام المحمّديّ الأصيل، بل لا أبالغ أبداً إذا قلت: إنّ الزهراء عليها السلام هي الإسلام، وسيأتي مزيد توضيح.

ومسألة الوحدة لا نفهمها مجاملة وتظاهراً وتصنّعاً، أو نفاقاً، أي أن يقول الشيعيّ للسنّي – أو العكس – أنا مثلك تقريباً. هذا ليس توحيداً لكلمة المسلمين.. مسألة التوحيد لا تتنافى مع الإثنينيّة، فهناك نمطان، وفهمان، وتغايُر في كثير من الأمور. ومع وعينا لهذا التغاير نُصِرُّ على الوحدة، لأننا نريد الوحدة بين أهل فهمَين تجمعهما قواسم مشتركة في مواجهة الأعداء .. تجمعهما وحدة الاعتقاد بالله تعالى، ونبوّة المصطفى الحبيب صلّى الله عليه وآله وسلّم، وقدسيّة القرآن الكريم، وعظَمة أهل البيت عليهم السلام، وغير ذلك كثير ..

الأمر الذي لا بُدّ من إيضاحه أنّ لكلٍّ من الفريقين؛ الشيعي والسنّي، أن يتحدّث في دائرته الخاصة بما يعتقده حقاً بينه وبين الله تعالى. يعزّز كلُّ فريقٍ قناعته، يربّي جمهوره على ما يعتقد أنه الدّين، إلا أنّ خصوصيّات الوحدة الإسلامية، يجب أن تُلحَظ، لا سيما في الدائرة العامّة.

ولا ننسى  أننا روّاد الحوار مع الغير، فلماذا لا نعتبر الحوار بيننا دليل قوّة فيرى الجميع أننا نتحاور في أمور حسّاسة ولا يؤثّر ذلك على وحدة صفّنا .. لا تعني الوحدة إلغاء الفوارق الموجودة أصلاً، وإنّما تعني أن لا نسمحَ لهذه الفوارق أن تمزّقنا فننشغلَ بالصراع فيما بيننا، ونغفل عن الصراع مع الأعداء، يُمكن أن نجمّد الصراع، ولكنّ الحوار والبحث والتحقيق ومحاولة التعرّف على الإسلام المحمّديّ الأصيل؛ كلٌّ من وجهة نظره أمر آخر.

وينبغي التنبّه جيداً إلى أنّ تثبيت معادلة أنّ الوحدة تساوي المداراة – التي هي بالنفاق أشبَه – والامتناع عن البحث في ما نشعر بضرورة البحث فيه يشكّل خطراً كبيراً على المعتقَد وعلى الوحدة معاً.

إذاً، لا يصحّ أن تُطرَح الأحاديث عن ظلامة الزهراء عليها السلام في إطار إثارة النعرات بين المسلمين. يجب الحرص جدّاً على أن لا يعلو صوتٌ فوق صوت المعركة مع أميركا والعدوّ الصهيونيّ، وأن تُطرح حقائق الإسلام ويجري البحث عنها في الإطار الذي ينبغي، لأنّ التعريف بالإسلام المحمّديّ الأصيل واجبٌ لا مجالَ لأنْ نحيدَ عنه.

الزهراء عليها السلام هي الإسلام

أما مسألة أنّ الزهراء عليها السلام هي الإسلام.. فعندما نجد شخصاً ورِعاً متّقياً، قمّةً في الإيمان كما يقال، لا يخالف أحكام الشّرع، أو أنه حريصٌ جداً على عدم المخالفة، ودقيقٌ في التزامه بالحكم الشرعي.. نقول: إنه تجسيدٌ للإسلام، إنه إسلامٌ يمشي على الأرض، فإذا كان يصحّ هذا الوصف بالنسبة لشخص غير معصوم، فكيف بالنسبة للمعصوم الذي لا ينفكّ عن الإسلام ولا ينفكّ الإسلام عنه؟ الزهراء عليها السلام هي الإسلام لأنّها القمّة المحمّديّة التي لا تُبارى.

الزهراء عليها السلام عظيمة، وقد أكّد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّ عظَمتها فوق ما نتصوّر بكثير: «فاطمة بضعةٌ منّي»، «إنّ اللهَ لَيَرضى لِرضى فاطمة»، وغير ذلك من الأحاديث.

ليس كلُّ عظيمٍ يرقى إلى مرتبة أنه بضعةٌ من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، أو يرضى الله تعالى لرضاه.. ولأنّها عظيمة فقد أكّد المصطفى هذا التّأكيد لأسبابٍ منها: أنّ الفترة التي ستلي شهادة المصطفى ستكون فترةً فاطميّةً بامتيازٍ شديد، وإلا فإنّ كلّ القرون فاطميّة..

لا يمكن أن يُعرف خطّ استمرار الإسلام المحمّديّ الأصيل، في تلك الفترة وبعدها، إلّا من خلال رصْد مواقف الزهراء عليها السلام كما سنرى، هذا الأمر ينبغي أن يضعنا أمام حقيقةِ أنّ الزهراء عليها السلام في تلك المرحلة خاطبتِ الأجيال، ونَجِد في خطبتها المباركة (في المسجد النبويّ) المؤشِّرَ على ذلك: «أنّها كانت تخاطب الأجيال».

كانت تعلم أنّ القوم الذين يسمعونها لن ينصروها، لذلك أشارت إلى أنها تخاطب الأجيال، والمصطفى الحبيب صلّى الله عليه وآله وسلّم أكّد (عظَمتها) لأنها تستحقّ هذا التأكيد، ولأنّ هذا التأكيد يجعل إصغاء الأجيال عبر القرون إلى صوت الزهراء عليها السلام، الذي دوّى في تلك الأجواء، إصغاءً مميزاً، وهذا يعني أنّ الزهراء عليها السلام هي المقياس في معرفة الإسلام.

واجب الأجيال تجاه الخطاب الفاطميّ

إذا أردنا أن نوضح ذلك بعض الشيء، فلا بدَّ من الوقوف عند بعض الخصوصيّات.

أولاً: كانت الردّة مستبطنة، موجودة في زمن المصطفى الحبيب صلّى الله عليه وآله وسلّم ﴿.. أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ..﴾ (آل عمران:144)، فالقرآن الكريم يتحدّث عبر هذا الإنقلاب على الأعقاب عن رِدَّةٍ مستبطنة، ونجد أنّ القرآن الكريم يصف أركانها بأنّهم مَردوا على النفاق.

ثانياً: أنّ وفاة المصطفى الحبيب صلّى الله عليه وآله وسلّم أتاحت الفرصة، رأى أولئك أن الفرصة مؤاتية للانقضاض على الإسلام بالطريقة المناسبة.

ثالثاً: أن عليّاً عليه السلام كان مأموراً بالصبر..

هذه هي الأجواء التي نقرأ فيها عن مواقف الزهراء عليها السلام والتي أطلقتْ فيها للأجيال خطبتَها الفصل. عندما نُلقي نظرة سريعة على أهمّ عناوين هذه الخطبة المباركة، نجد أنّها عليها صلوات الرحمن كانت تريد أن تثبّت حقائق الإسلام ومفاهيمه في خطبة تاريخية خالدة، بل هي السند الأقوى على الخطّ الإسلاميّ المحمّديّ الأصيل.

تبدأ الخطبة بالحديث عن توحيد الله تعالى، ثمّ الحديث عن اختيار المصطفى الحبيب قبل أن يخلق الله تعالى الخلق، ثمّ تتحدّث باختصار عن البِعثة وعن الشهادة، ثم عن جملة من العناوين الإسلامية الأبرز، الصوم تثبيتاً للإخلاص وما بعده.. ثم ترجع إلى الحديث بالتفصيل عن أجواء البِعثة والحروب التي خاض غمراتِها المصطفى الحبيب صلّى الله عليه وآله وسلّم، إلى أن تصل إلى الظرف الذي كانت فيه.

بعد ذلك تتحدّث مع الأنصار، ثم تؤكّد أنها تعرف أن الأنصار لن ينصروها، ولن ينصروا عليّاً عليه السلام.

أيها الحبيب: ما هو واجب الأجيال تجاه هذا الخطاب الفاطميّ؟

لنستحضِرْ أن أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام لم يتصدّ في تلك المرحلة، كان مأموراً بالصبر، الزهراء عليها السلام هي التي تصدّت، ما معنى ذلك؟

معناه أن تراقب الأجيال مواقفَ الزهراء في تلك الفترة الحَرِجة، وتحاول معرفة الإسلام المحمّديّ الأصيل من خلال مواقفها عليها السلام.

إذا أردتُ أن أقف عند بعض الدلالات لتصدّي مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام، فينبغي أن أؤكّد في البداية أن من الدلالات، أنّ استمرار الإسلام رهنُ مواقف الزهراء عليها السلام. ولكي نستوعب أهمية هذه النقطة يجب أن نتنبّه إلى ما يلي:

هناك نمطان في الحديث عن ظُلامة الزهراء عليها السلام في الدائرة الشيعية. نمط يريد أن يوحى لنا أنّ ظلامتها عليها السلام على الهامش.

النمط الآخر: أن الحجّة التي يُعرَف بها الإسلام المحمّديّ الأصيل ينبغي أن يُبحث عنها في تلك الفترة النوعية في ظلامة الزهراء عليها السلام، وينبغي أن لا توضع ظلامة الزهراء على الهامش على الإطلاق، وإنما هي المدخل.

عندما نريد أن نبحث عن الحجّة الأقوى والأبرز والأشدّ وضوحاً، والتي يُمكن أن يقف عندها العدوّ والصديق، البعيد والقريب، نجد أن مواقف الزهراء عليها السلام هي الحجّة الأقوى، هذا الأمر يجعلنا نتنبّه إلى خطورة أدنى تقليل من شأن ما جرى على الصدّيقة الكبرى.

والدلالة الثانية: أنّ التأكيد على كلّ مفردة من مفردات ظلامة الزهراء، تأكيدٌ على الإسلام المحمّديّ الأصيل، حيث إنه تأكيدٌ على أقوى حجّة يمتلكها الإسلام لإثبات المسار الصّحيح، وتمييزه من مسار «مسجد ضِرار».

والدلالة الثالثة: أنّ إضعاف أيّ مفردة من مفردات ظلامة الصدّيقة الكبرى عليها السلام هو إضعافٌ للإسلام المحمّديّ الأصيل.

في الختام، أيّها الحبيب، درسٌ عمليّ بالإضافة إلى الدروس الكثيرة في العبادة والورَع وغير ذلك، هو درس الجهاد في سيرة مولاتنا الزهراء عليها صلوات الرحمن، هي أمّ المجاهدين وأمّ الأسرى وأمّ الجرحى وأمّ الشهداء، إذا أردنا نكون فاطميّين، مع الزهراء، لترضى عنّا عليها السلام، فينبغي أن نكون في خطّ الجهاد، ونحن في عصرٍ لا يصحّ أن يحرم الإنسان نفسه من التطلّع إلى الشهادة.

ما أسوأها من عاقبة أن يُحرَم الإنسان الشهادة وقد فُتحت أبوابها في عصرٍ نرى فيه كيف يقتحم فيه المجاهدون في فلسطين وفي المقاومة الإسلامية في لبنان سوحَ الجهاد، علينا أن نكون معهم ونبحث عن رضى الزهراء عليها السلام في خدمتهم، بل في الحرص على أن نكون منهم، وما ذلك على الله تعالى بعزيز.

 

اخبار مرتبطة

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

  سنن وآداب

سنن وآداب

نفحات