الملف

الملف

18/03/2018

في محراب الإمام الباقر عليه السلام


التجديد الأعظم للبعثة النبويّة

في محراب الإمام الباقر عليه السلام

 

 

استهلال

.. ثمّ بعثَهم في الظِّلال

المطلعُ الثاني للفجر المحمّدي

الشيخ حسين كوراني

إضاءات من سيرة الإمام الباقر عليه السلام

 

قبسٌ من كرامات باقر العلوم عليه السلام

إعداد: «شعائر»

صفات الشيعة في حديث الباقر عليه السلام

 

 

 

استهلال

.. ثمّ بعثَهم في الظِّلال

«.. عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيِّ وعُقْبَةَ جَمِيعاً، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (الباقر عليه السلام)، قَالَ:

إِنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ؛ فَخَلَقَ مَنْ أَحَبَّ مِمَّا أَحَبَّ، وكَانَ مَا أَحَبَّ أَنْ خَلَقَه مِنْ طِينَةِ الْجَنَّةِ. وخَلَقَ مَنْ أَبْغَضَ مِمَّا أَبْغَضَ، وكَانَ مَا أَبْغَضَ أَنْ خَلَقَه مِنْ طِينَةِ النَّارِ. ثُمَّ بَعَثَهُمْ فِي الظِّلَالِ.

فَقُلْتُ: وأَيُّ شَيْءٍ الظِّلَالُ؟

فَقَالَ: ألَمْ تَرَ إِلَى ظِلِّكَ فِي الشَّمْسِ شَيْئاً ولَيْسَ بِشَيْءٍ؟ ثُمَّ بَعَثَ مِنْهُمُ النَّبِيِّينَ فَدَعَوْهُمْ إِلَى الإِقْرَارِ بِاللَّه عَزَّ وجَلَّ وهُوَ قَوْلُه عَزَّ وجَلَّ : ﴿ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله﴾.

ثُمَّ دَعَوْهُمْ إِلَى الإِقْرَارِ بِالنَّبِيِّينَ، فَأَقَرَّ بَعْضُهُمْ وأَنْكَرَ بَعْضٌ.

ثُمَّ دَعَوْهُمْ إِلَى وَلَايَتِنَا، فَأَقَرَّ بِهَا واللَّهِ مَنْ أَحَبَّ وأَنْكَرَهَا مَنْ أَبْغَضَ؛ وهُوَ قَوْلُه ﴿فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِه مِنْ قَبْلُ﴾.

ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: كَانَ التَّكْذِيبُ ثَمَّ».

(الكليني، الكافي: ج 2 ، ص 10)

 

 

«.. فأَقرِئهُ منّي السلام»

المطلع الثاني للفجر المحمّدي

§      الشيخ حسين كوراني

* على الرغم من الإرهاب الفكري والسياسي الذي أشاعه الحكم الأمويّ المنحرف في أواخر القرن الهجري الأول، تمكّن الإمام الباقر عليه السلام أن يمهّد السبيلَ لأداء مهمّته التوحيديّة المتمثّلة بالتأسيس العلميّ لفقه أهل البيت وإقامة ركائز مدرستهم، ونأى بالجماعة المؤمنة عن دوائر الصراع السياسي، موجّهاً اهتمامهم ناحية العلم والتعليم، في وقتٍ شرع فيه الحكّام بترويج فقه وعّاظ السلاطين المداهنين للسلطة الظالمة.

تُضيء هذه المقالة المنتخبة من محاضرات العلامة الشيخ حسين كوراني في «المركز الإسلامي»، على دلالة «السلام النبويّ» الذي ائتُمن على إبلاغه للإمام الباقر الصحابيُّ الجليل جابر الأنصاريّ، وصِلته بالإنجاز الأبرز الذي أتاح الله تعالى تحقيقه على يدَيه صلوات عليه.

«شعائر»

 

 

يروي الذهبيّ في (سِير أعلام النبلاء: 4/404) بسنده عن الإمام الصادق قوله عليه السلام: «قالَ أبي: أجلسَني جدّي الحسينُ في حِجره، وقال لي: رسولُ الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يُقرئك السلام».

كما يروي الذهبي بسنده عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: «أتاني جابر بن عبد الله [الأنصاريّ]، وأنا في الكُتَّاب، فقال لي: ..أَمَرنِي رسولُ الله أن أُقرئك منه السلام».

وقال الزبيدي في (تاج العروس: 6/105): «ورد في بعض الآثار عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ أنّ النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قال له: (يوشك أن تبقى حتّى تلقى ولداً لي من نَسْلِ الحسين؛ يقال له: محمّد. يَبقُرُ العِلْمَ بَقْراً، فإذا لقيتَه فأقرِئهُ منّي السلام). خرّجه أئمّة النَّسَب».

وبَقْرُ العِلم، هو شقُّه وإخراج مخبآته. لكنّ عظيم الدلالة في شقِّ الإمام الباقر عليه السلام العلمَ، لا تكمن في تفسير اللّغويّين وإرسال العلماء لذلك إرسال المسلّمات، بل تكمن، بكلّ تأكيد، في أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هو الذي وصف حفيده الإمام الباقر بذلك، حين قال عنه: «يَبْقُرُ العِلْمَ بَقْرَاً».

نحن، إذاً، على أعتاب هذه العظَمة المحمّديّة التي حرص المصطفى الرؤوف الرحيم على أن تهتديَ العقول والقلوب إلى فرادة سرّها التوحيديّ.

والسؤال المركزيّ:

أيُّ سرٍّ في الإمام الباقر عليه صلوات الرّحمن جعلَ استمرار الرسالة المحمّديّة يدورُ مداره، لتشرقَ أنوارُ رسولِ الله على الأمّة بأجيالها، وعلى البشرية كلّها عبر القرون - وبعد أن خيّم الظلام الأمويّ الداجي - من مطلع الفجر المحمّديّ؛ محمّد بن عليّ الباقر سلام الله عليه.

ما هو هذا السرّ الذي جعل المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلّم، يبلّغ سلامه لحفيده عن طريقين: أهل البيت، والصحابة: الإمام الحسين عليه السلام، وجابر.

وأيّ رسالةٍ هذه التي مدّ الله تعالى في عمر الصحابيّ الجليل جابر بن عبد الله الأنصاريّ، ليبلّغها للأجيال في مظهر إبلاغها للإمام الباقر عليه السلام؟

التأسيس الثاني للبعثة النبوية

لا ريب في أنّ كلّ إمامٍ من الأئمة الاثني عشر مجدِّدٌ للبعثة النبوية في عصره، إلا أن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام، يشتركان في التجديد الأعظم للبعثة النبوية المباركة.

منذ شهادة أمير المؤمنين إلى عصر إمامة الباقر، (حوالي نصف قرن)، لم تكن الظروف مؤاتية لتغرف الأمّة من معدن الوحي والتنزيل، وكانت كربلاء وشهادة الإمام الحسين عليه السلام خلال هذه المدة قد هزّت ضمير الأمّة وأقامت الحجّة التامّة عليها في ذهابها عريضاً في أودية آل أبي سفيان، إلا أن حاجزَي الترهيب والترغيب كانا ما يزالان بحاجة إلى تفكيك، وقد تمكّن الإمام السجّاد عليه السلام من إنجاز هذه المهمّة عبر تثبيت البُعد الروحي في الأمّة، وما إن أطلّت فترة إمامة الإمام الباقر عليه السلام حتّى أصبحت الأمّة توّاقة إلى فقه علوم التوحيد والقرآن والشريعة، وقد ساعد على ذلك أن الإمبراطورية الأمويّة كانت تواجه نهاياتها، ما أتاح للإمام الباقر عليه السلام أن يكون «محمّدَ عصره»، ليقوم بأعباء وصاية جدّه المصطفى صلّى الله عليه وآله، بالمستوى الذي جعله أبرز مجدّدٍ للبعثة النبوية.

وحيث إنّ هذه المرحلة الزمنية كانت مرحلة متقدمة في انتشار الإسلام وترامي رقعة الحكم باسمه، وتعاظم دخول الناس في دين الله أفواجاً على نطاقٍ واسعٍ جداً، فقد برزت حاجة النظام إلى المستنَد العقائديّ الذي يمكّن من مواجهات الشّبهات التي حملتها الثورة الثقافية المضادّة، وهو ما جعل لسان حال النظام في آخر الإمبراطورية الأموية، ما قاله المتوكّل العباسي للإمام العسكريّ في مواجهة معضلة عقائدية. قال المتوكّل: «أدرِكْ دينَ جدّك يا أبا محمّد».

لم يكن لإدراك الإسلام وإنقاذه في قلوب الناس من الشُّبهات إلا الإمام الباقر؛ فهو من أَمَر الله تعالى نبيّه بالنصّ عليه، وبامتياز.

صحيحٌ أن ذلك هو شأن كلّ إمامٍ في عصره، إلا أنّ إمامة الإمام الباقر هي البعثة النبوية الثانية لمَن لا نبيّ بعده صلّى الله عليه وآله. وكما كانت البعثة النبوية تأسيساً يتلخّص بالعنوان الأبرز الذي أطلقه رسول الله «قولوا لا إلهَ إلا الله تُفلحوا»، فكذلك كانت فترة إمامة الإمام الباقر عليه السلام تجديداً للتأسيس، وتثبيتاً له، واستمراراً لنقائه ودواماً.

ويمكن استيضاح موقع التأسيس الثاني من التأسيس الأول، من التأمّل في أنّ الثاني على يد الإمام الباقر لم يكتمل، ولم يتبلور ويبلغ مداه إلا على يد الإمام الصادق. روى الشيخ المفيد في (الإرشاد) عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: «لمّا حضرتْ أبي الوفاةُ، قال: يا جعفر، أُوصيكَ بأصحابي خيراً.

قلتُ: جُعِلْتُ فِداك، وَاللهِ لَأَدَعَنَّهُم والرَّجلُ مِنهم يكونُ في المِصر، فلا يسألُ أحداً».

نستنتج ممّا سبق، فرادة المهمّة التي قام بها الإمام الباقر، وأنّ اكتمالها كان على يد الإمام الصادق عليهما السلام.

وفي الختام، ينبغي تأكيد أنْ لا سبيل إلى المحمّديّة البيضاء إلا بحبّ المولى الإمام الباقر عليه السلام، وحبّ أهل البيت عليهم السلام، وليس من المودّة في القربى أن يغفل القلب عن ذكرى ولادة مَن عرفتَ موقعه الأثير عند سيّد الخلق أجمعين.

 

باقرُ العلم ومَعدِنُ الحِلم

إضاءات من سيرة الإمام محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام

* تنبئ مصادر التراجم والتواريخ عن فضلٍ باهر اكتنفته شخصية الإمام محمّد الباقر عليه السلام، فمن علوّ النسب وشرف الانتماء، إلى إمامةٍ خُطّت بأحرف النور في صُحف الملأ الأعلى، فازدانت ببركاتها صفحاتُ عمْرٍ أفاض بالبركة علماً وعملاً، حتّى أذعن لمكارمه كلُّ مَن عاصره وأتى بعده.

ما يلي نبذة في التعريف بجوانب من سيرة الإمام الباقر عليه السلام، اقتطفناها من مصادر عدّة.

«شعائر»

 

* الإمام محمّدُ بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم، باقرُ علمِ الدين، وإمامُ المتّقين، كنيته أبو جعفر.

* والدته السيدة الجليلة «أمّ عبد الله» بنت الإمام الحسن بن عليّ بن أبي طالب، فهو هاشميّ من هاشميّين، وعلويّ من علويّين.

* ولد بالمدينة المنوّرة يوم الجمعة غرّة رجب، وقيل: الثالث من صفر، سنة سبع وخمسين من الهجرة.

* رُوي عنه عليه السلام أنه قال: «قُتِلَ جدّي الحسين عليه السلام ولي أربعُ سنين، وإنّي لَأَذْكُرُ مقتلَه، وما نالَنا في ذلك الوقت».

 * استُشهد صلوات الله عليه في مدينة جدّه رسول الله، مسموماً، في شهر ذي الحجّة، وقيل: في شهر ربيع الأوّل سنة أربع عشرة ومائة، وكان سنّه يومئذٍ سبعاً وخمسين سنة.

* مدفنه بالبقيع من مدينة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم.

(المقنعة للمفيد: ص 472-473؛ ملاذ الأخيار للمجلسي: 9/193-194؛ تاريخ اليعقوبي: 2/320)

* سُمّي بباقر العلم لاتّساع علمه وانتشار خبره، ولم ينكر أحدٌ تلقيبه بـ«باقر العلم»، بل اعترفوا بأنّه وقع موقعه، وحلّ محلَّه.

(كشف الغطاء: 1/97-98)

من دلائل إمامته عليه السلام

* وكان في وصيّة أمير المؤمنين عليّ عليه السلام إلى ولده ذِكْرُ محمّد بن عليّ والوصاة، وأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سمّاه وعرّفه بباقر العلوم، وكان جابر بن يزيد الجُعفي إذا روى عنه شيئاً، قال: «حدّثني وصيّ الأوصياء، ووارث علم الأنبياء، أبو جعفر الباقر».

(ألقاب الرسول وعترته لقدماء المحدّثين: ص 56)

 

* وكان الباقر أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام، من بين إخوته خليفة أبيه عليّ بن الحسين، ووصيّه والقائم بالإمامة من بعده، وبرز على جماعتهم بالفضل في العلم والزهد والسؤدد، وكان أنبههم ذكراً، وأجلّهم في العامّة والخاصّة، وأعظمهم قدراً، ولم يَظهر عن أحدٍ من ولد الحسن والحسين عليهما السلام، من علم الدين والآثار والسنّة وعلم القرآن والسيرة وفنون الآداب، ما ظهر عن أبي جعفر عليه السلام، وروى عنه معالم الدين بقايا الصحابة، ووجوه التابعين، ورؤساء فقهاء المسلمين، وصار بالفضل به عَلَماً لأهله تُضرَب به الأمثال.

* وروت الشيعة في خبر اللّوح الذي هبط به جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلّى الله عليه وآله من الجنّة، فأعطاه فاطمةَ عليها السلام، وفيه أسماء الأئمّة من بعده، وكان فيه: «محمّد بن عليّ الإمام بعد أبيه».

* وروت أيضاً: أنّ الله تبارك وتعالى أنزل إلى نبيّه عليه وآله السلام كتاباً مختوماً باثني عشر خاتماً، وأمَره أن يدفعه إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ويأمره أن يفضّ أوّل خاتَمٍ فيه ويعمل بما تحته، ثمّ يدفعه عند وفاته إلى ابنه الحسن عليه السلام ويأمره أن يفضّ الخاتَم الثاني ويعمل بما تحته، ثمّ يدفعه عند حضور وفاته إلى أخيه الحسين ويأمره أن يفضّ الخاتَم الثالث ويعمل بما تحته، ثمّ يدفعه الحسين عند وفاته إلى ابنه عليّ بن الحسين عليهما السلام ويأمره بمثل ذلك، ويدفعه عليّ بن الحسين عند وفاته إلى ابنه محمّد بن عليّ الأكبر عليه السلام ويأمره بمثل ذلك. ثمّ يدفعه محمّد بن عليّ إلى ولده حتّى ينتهي إلى آخر الأئمّة عليهم السلام أجمعين.

* ورووا أيضاً نصوصاً كثيرة عليه بالإمامة بعد أبيه عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، وعن أمير المؤمنين، وعن الحسين، وعليّ بن الحسين عليهم السلام. وقد روى الناس من فضائله ومناقبه ما يكثر به الخطب إن أثبتناه.

* ورُوي عنه عليه السلام أنّه سُئل عن الحديث يرسله ولا يسنده، فقال: «إذا حدّثتُ الحديثَ فلم أسنِدْه؛ فَسَندي فيه أبي عن جدّي عن أبيه عن جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، عن جبرئيل عليه السلام، عن الله عزّ وجلّ».

(إرشاد المفيد: 2/157-167)

* وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: «إنّ جابر بن عبد الله الأنصاريّ كان يقعد في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ينادي: (يا باقرَ العلم يا باقرَ العلم)، فكان أهل المدينة يقولون: (جابرٌ يهجر)، وكان يقول: (واللهِ ما أهجُر، ولكنّي سمعتُ رسولَ الله يقول: إنّك ستُدرك رجلاً من أهل بيتي اسمه اسمي، وشمائله شمائلي، يَبقرُ العلم بَقْرَاً، فذاك الذي دعاني إلى ما أقول).

فلقِيَ يوماً الباقر عليه السلام.... فقال: (شمائلُ رسول الله والذي نفسُ جابرٍ بيده، يا غلام ما اسمُك؟).

قال: اسمي محمّد، قال: ابنُ من؟ قال: ابنُ عليِّ بن الحسين.

فقال: يا بني، فدَتْكَ نفسي، فإذاً أنتَ الباقر؟

قال: نعم، فأَبْلِغني ما حمَّلَك رسولُ الله.

فأقبل إليه يقبّل رأسه وقال: بأبي أنت وأمّي، أبوك رسول الله يُقرئك السلام.

قال: يا جابر، على رسول الله السلامُ ما قامتِ السماواتُ والأرض، وعليك السلامُ، يا جابر، بما بلّغتَ السلام.

فرجع الباقر إلى أبيه.. فأخبره بالخبر، فقال له: يا بُنَي، قد فعلَها جابر؟ قال: نعم. قال: يا بُنَي، اِلزَمْ بيتَك.

فكان جابر يأتيه طرفَي النهار، وأهلُ المدينة يَلومونه، فكان الباقرُ يأتيه على وجه الكرامة لصُحبته من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم...».

 (ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب: 3/328)

* وعن الزهريّ [من فقهاء المدينة]، قال: «دخلت على عليّ بن الحسين عليهما السلام في المرض الذي توفِّي فيه... ثمّ دخل عليه محمّدٌ ابنه، فحدّثه طويلاً بالسرّ...

قلت: يا ابنَ رسول الله، إذا كان من أمر الله ما لا بدّ لنا منه - ووقع في نفسي أنّه قد نعى نفسه - فإلى مَن نختلف بعدك؟

قال: يا أبا عبد الله، إلى ابني هذا - وأشار إلى محمّدٍ ابنه - إنّه وصيّي، ووارثي، وعَيبة علمي، ومعدن الحِلم، وباقر العلم.

قلت: يا ابن رسول الله، ما معنى باقر العلم؟

قال: سوف يختلف إليه ملأٌ من شيعتي، ويبقر العلم عليهم بَقْراً...

قلت: يا ابن رسول الله، فكم عهد إليكم نبيّكم أن تكون الأوصياء من بعده؟

قال: وجدنا في الصحيفة واللوح اثني عشر أساميَ مكتوبة بإمامتهم، وأسامي آبائهم وأمهاتهم.

ثمّ قال: يخرج من صلب محمّدٍ ابني سبعةٌ من الأوصياء، فيهم المهديّ».

(كفاية الأثر للخزّاز القمّي: ص 241-243)

منزلته عليه السلام عند معاصريه والمؤرّخين

* عن عبد الله بن عطاء [من وجوه قضاة المدينة]، قال: «ما رأيتُ العلماء عند أحدٍ أصغر علماً منهم عند أبي جعفر الباقر، لقد رأيتُ الحَكَم عنده كأنّه متعلّم». ويعني الحكم بن عتيبة. [من فقهاء الزيدية، له صحبة مع الإمام زين العابدين والصادقين عليهم السلام، ومثله ابن كهيل الآتي ذكره، إلا أنه تشيّع للباقر والصادق عليهما السلام]

* وعن سلمة بن كهيل: في قوله تعالى ﴿لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾، قال: «كان أبو جعفر منهم». (الحجر: 75)

* وقال ابن سعد: «كان عالماً عابداً ثقة، وروى عنه الأئمّة؛ أبو حنيفة وغيره».

* وقال ابن كثير: «كان ذاكراً خاشعاً صابراً، وكان من سلالة النبوّة، رفيع النسب، عالي الحسب، وكان عارفاً بالخطرات، كثير البكاء والعبرات، معرضاً عند الجدال والخصومات».

* وقال الذهبي: «وكان أحد مَن جمع العلم والفقه والشرف والديانة والثقة والسؤدَد، وكان يصلح للخلافة».

(السبحاني، موسوعة طبقات الفقهاء: 1/262-267)

* وكان عليه السلام مع هذه الحال العظيمة والرياسة والإمامة، ظاهرَ الجود في الخاصّة والعامّة، مشهوراً بالكرم في الكافّة مع كثرة عياله وتوسّط حاله.

* قال عمرو بن دينار وعبد الله بن عمير: «ما لقينا أبا جعفر محمّد بن عليّ إلّا وحمل إلينا النفقة والصِّلة والكسوة، ويقول: هذه معدّةٌ لكم قبل أن تلقوني».

* قال سليمان بن القاسم: «كان أبو جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام يجيزنا بالخمسمائة، إلى الستمائة، إلى الألف درهم».

* قال الحسن بن كثير: «شكوتُ إلى أبي جعفر محمّد بن عليّ الحاجة وجفاء الإخوان.

فقال: بئس الأخ أخٌ يرعاك غنيّاً ويقطعك فقيراً.

ثمّ أمر غلامه فأخرج كيساً فيه سبعمائة درهم، وقال: استَنفِق هذه، فإذا نَفَدَت فأعلِمْني».

(النيسابوري، روضة الواعظين: ص 202-206)

* وعن أبي بصير، قال: «كنتُ أُقرِئُ امرأةً وأعلّمها القرآن، فمازحتُها بشيءٍ، فقدمتُ على أبي جعفرٍ عليه السلام.

فقال لي: يا أبا بصير، أيّ شيءٍ قلتَ للمرأة؟ فقلتُ بيدي هكذا على وجهي [أي سترَ وجهه خجلاً]

فقال عليه السلام: لا تعُد إليها».

(الطبري الإمامي، دلائل الإمامة: ص 232)

 

زيارة عاشوراء

«.. عن جابر بن يزيد رحمه الله، قال: خرجتُ مع أبي جعفر (الباقر) عليه السلام وهو يريد الحيرة، فلمّا أشرفنا على كربلاء، قال لي: يا جابر، هذه رَوضةٌ من رياض الجنّة لنا ولشيعتِنا، وحفرةٌ من حُفَرِ جَهنَّم لأعدائنا».

(دلائل الإمامة للطبري الإمامي: ص 221)

* «.. قال صالح بن عقبة وسيف بن عميرة: قال علقمة بن محمّد الحضرميّ: قلت لأبي جعفر عليه السلام: علِّمني دعاءً أدعو به ذلك اليوم – أي يوم عاشوراء - إذا أنا زرتُه من قُرب، ودعاءً أدعو به إذا لم أَزُره من قرب، وأومأتُ من بُعد البلاد ومن داري بالسلام  إليه.

قال: فقال لي: يا علقمة، إذا أنتَ صلّيتَ الركعتين بعد أن تُومي إليه بالسلام، فقُل بعد الإيماء إليه من بعد التكبير، هذا القول: ".." (السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا عَبْدِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ رَسُولِ الله، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَابْنَ سَيِّدِ الوَصِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ابْنَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ اللهِ وَابْنَ ثارِهِ وَالوِتْرَ المَوتُورَ..». إلى آخر زيارة عاشوراء المشهورة.

(مصباح الشيخ الطوسي: ص 772 – 774)

صلاتُه عليه السلام وأذكاره في السجود

* صلاة الباقر عليه السّلام ركعتان: في كلّ ركعة (الحمد) مرّة، و(سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبر) مائة مرّة.

(الحرّ العامليّ، هداية الأمة: 3/318 – 319)

 

* عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: «إِنِّي كُنْتُ أُمَهِّدُ لأَبِي فِرَاشَه فَأَنْتَظِرُه حَتَّى يَأْتِيَ، فَإِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِه ونَامَ قُمْتُ إِلَى فِرَاشِي، وإِنَّه أَبْطَأَ عَلَيَّ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَأَتَيْتُ الْمَسْجِدَ فِي طَلَبِه وذَلِكَ بَعْدَ مَا هَدَأَ النَّاسُ، فَإِذَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ سَاجِدٌ ولَيْسَ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرُه، فَسَمِعْتُ حَنِينَه وهُوَ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي حَقّاً حَقّاً، سَجَدْتُ لَكَ يَا رَبِّ تَعَبُّداً ورِقّاً، اللَّهُمَّ إِنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ فَضَاعِفْه لِي، اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ، وتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ».

* وعن أبي عبيدة قال: «سمعت أبا جعفرٍ عليه السلام يقول، وهو ساجد: أَسْأَلُكَ بِحَقِّ حَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ صلَّى الله عليهِ وآلِه وسلَّم إِلَّا بَدَّلْتَ سَيِّئَاتِي حَسَنَاتٍ وحَاسَبْتَنِي حِسَاباً يَسِيراً.

ثمّ قال في الثانية: أَسْأَلُكَ بِحَقِّ حَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّم إِلَّا كَفَيْتَنِي مَؤُونَةَ الدُّنْيَا وكُلَّ هَوْلٍ دُونَ الْجَنَّةِ.

ثمّ قال في الثالثة: أَسْأَلُكَ بِحَقِّ حَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّم لَمَّا غَفَرْتَ لِيَ الْكَثِيرَ مِنَ الذُّنُوبِ والْقَلِيلَ، وقَبِلْتَ مِن عَمَلِيَ الْيَسِيرَ.

ثمّ قال في الرابعة: أَسْأَلُكَ بِحَقِّ حَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّم لَمَّا أَدْخَلْتَنِي الْجَنَّةَ، وجَعَلْتَنِي مِنْ سُكَّانِهَا، ولَمَّا نَجَّيْتَنِي مِنْ سَفَعَاتِ النَّارِ بِرَحْمَتِكَ».

 (مركز الرسالة، السجود مفهومه وآدابه والتربة الحسينية: ص 42 – 43)

 

الصلاة على الإمام الباقر عليه السلام

«.. حدّثنا أبو محمّد، عبدُ الله بن محمّد العابد، بالدالية، لفظاً، قال: سألتُ مولاي أبا محمّد، الحسنَ بن عليٍّ (العسكريّ) عليهما السلام، في منزله بسرّ مَن رأى، سنة خمس وخمسين ومائتين، أن يُملي عليَّ من الصلاة على النبيّ وأوصيائه عليه وعليهم السلام، وأحضرتُ معي قرطاساً كثيراً، فأملى علَيَّ لفظاً من غير كتاب. [ثمّ ذكر صيغة الصلاة على النبيّ وأمير المؤمنين والسيدة الزهراء والإمامين الحسنين والإمام زين العابدين صلوات الله عليهم أجمعين، ثمّ قال]:

الصلاة على محمّد بن عليٍّ عليهما السلام:

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ باقِرِ العِلْمِ، وَإِمامِ الهُدى، وَقائِدِ أَهْلِ التَّقْوى، وَالمُنْتَجَبِ مِنْ عِبادِكَ، اللّهُمَّ وَكَما جَعَلْتَهُ عَلَماً لِعِبادِكَ وَمَناراً لِبِلادِكَ، وَمُسْتَوْدَعاً لِحِكْمَتِكَ وَمُتَرْجِماً لِوَحْيِكَ، وَأَمَرْتَ بِطاعَتِهِ وَحَذَّرْتَ مِنْ مَعْصِيَتِهِ، فَصَلِّ عَلَيْهِ يا رَبِّ أَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَنْبِيائِكَ وأَصْفِيائِكَ، وَرُسُلِكَ وَأُمَنائِكَ، يا رَبَّ العالَمِينَ».

(انظر: مصباح الطوسي: ص 399 - 406)

 

 

 

«الملَك الذي يعرّفني شِيعتي من عدوّي..»

قبسٌ من كرامات الإمام الباقر عليه السلام

* إنّ للإمام المعصوم عليه السلام ولايةً هي امتدادٌ لولاية الله عزّ وجلّ وولاية رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وإنّ طبيعة المهامّ التي أُنيطت به، المتمثّلة بالأخذ بأيدي الناس إلى ما فيه هدايتُهم ونجاتهم تقتضي منحه من العلوم والمعارف والقدرات ما يؤدّي من خلاله تلك المسؤولية الجسيمة، إضافة إلى أنّ من موجبات القُرب من الله عزّ وجلّ والفناء في إرادته البطشَ بيده والنَّظَرَ بعينه تبارك وتعالى.

ما يلي، مجموعة من كرامات الإمام محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام نقلاً عن (دلائل الامامة) للطبري، و(الخرائج والجرائح) للقطب الراوندي.

«شعائر»

 

حجّ (الحاكم الأمويّ) هشام بن عبد الملك بن مروان سنةً من السنين، وكان قد حجّ في تلك السنة محمّد بن عليّ الباقر وابنه جعفر عليهم السلام.

فقال جعفر (الصادق عليه السلام) في بعض كلامه: الحمدُ للهِ الذي بعثَ محمّداً بالحقّ نبيّاً، وأكرمَنا به، فنحن صفوةُ الله على خلقه، وخِيرتُه من عباده، فالسَّعيدُ مَن اتّبعنا، والشَّقِيُّ مَن عادانا وخالفنا. ومِن الناس مَن يقولُ إنّه يتولانا وهو يوالي أعداءنا ومَن يليهم من جلسائهم وأصحابهم، فهو لم يسمع كلام ربّنا ولم يعمل به.

قال أبو عبد الله جعفر بن محمّد عليه السلام: فأخبرَ مسيلمةُ أخاه (هشاماً الحاكم) بما سمع، فلم يعرض لنا حتّى انصرف إلى دمشق، وانصرفنا إلى المدينة، فأنفذَ بريداً إلى عامل المدينة بإشخاص أبي وإشخاصي معه، فأشخصَنا، فلمّا وردنا دمشق حجبنا ثلاثة أيام، ثمّ أذِن لنا في اليوم الرابع، فدخلنا وإذا هو قد قعد على سرير المُلك، وجندُه وخاصّته وقوفٌ على أرجُلِهم سماطين متسلّحين، وقد نصبَ البرجاس حِذاءه، وأشياخُ قومه يرمون. [البِرجاس: هدف للرّمي يُعلّق في الهواء]

فلمّا دخل أبي، وأنا خلفه، ما زال يستدنينا منه حتّى حاذيناه وجلسنا قليلاً، فقال لأبي: يا أبا جعفر، لو رميتَ مع أشياخ قومك الغرَض.

وإنما أراد أن يهتك بأبي ظنّاً منه أنّه يقصر ويخطئ ولا يُصيب إذا رمى، فيشتفي منه بذلك.

فقال له: إنّي قد كبرتُ عن الرمي، فإنْ رأيت أن تُعفيني.

فقال: وحقّ مَن أعزّنا بدينه ونبيّه محمّدٍ صلّى الله عليه وآله، لا أُعفيك.

ثمّ أومأ إلى شيخٍ من بني أمية أن أعطِه قوسَك. فتناول أبي عند ذلك قوس الشيخ، ثمّ تناول منه سهماً فوضعه في كبد القوس، ثمّ انتزع ورمى وسط الغرض فنصبه فيه، ثمّ رمى فيه الثانية فشقّ فوق سهمه إلى نَصْله، ثمّ تابع الرميَ حتّى شقّ تسعةَ أسهمٍ بعضها في جوف بعض، وهشام يضطربُ في مجلسه، فلم يتمالك أن قال: أجدتَ يا أبا جعفر، وأنت أرمى العرب والعجم، كلّا زعمتَ أنّك قد كبرت عن الرمي.

ثمّ أدركته ندامةٌ على ما قال. وكان هشام لا يكنّي أحداً قبل أبي ولا بعده في خلافته، فهَمَّ به وأطرق إطراقةً يرتأي فيه رأياً، وأبي واقفٌ بحِذائه مواجهاً له، وأنا وراء أبي.

فلمّا طال وقوفنا بين يديه غضب أبي فَهَمَّ به، وكان أبي إذا غضبَ نظرَ إلى السماء نظَرَ غضبانٍ يتبيّن للناظر الغضبُ في وجهه.

فلمّا نظر هشام ذلك من أبي قال له: ... اصْعَدْ، فصعد أبي إلى سريره وأنا أتبعه، فلمّا دنا من هشام قام إليه فاعتنقه وأقعده عن يمينه، ثمّ اعتنقني وأقعدني عن يمين أبي، ثمّ أقبل على أبي بوجهه فقال له: ... لا تزال العربُ والعجم تسودها قريش ما دام فيهم مثلُك، ولله درّك، مَن علّمك هذا الرمي؟ وفي كم تعلّمته؟

فقال له أبي: قد علمتُ أنّ أهل المدينة يتعاطونه، فتعاطيته أيّام حداثتي، ثمّ تركتُه...

فقال له: ما رأيتُ مثل هذا الرمي قطّ مذ عقلتْ، وما ظننتُ أنّ في الأرض أحداً يرمي مثل هذا الرمي، أين رميُ جعفرَ مِن رميك؟

فقال: إنّا نحن نتوارثُ الكمالَ والتمامَ اللّذين أنزلهما اللهُ على نبيّه عليه السلام في قوله: ﴿..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..﴾ (المائدة:3) والأرضُ لا تخلو ممّن يكمل هذه الأمور التي يقصر عنها غيرنا.

فلما سمع ذلك من أبي انقلبتْ عينُه اليمنى فاحولّت واحمرَّ وجهه...». [والخبر طويل يتضمّن جدالاً افتعله هشام مع الإمام الباقر عليه السلام انتهى بفضيحة الأمويّ، ثمّ مناظرته عليه السلام مع عالمٍ نصرانيّ، وتدبير هشام لقتل الإمام عليه السلام، ثم هلاكه قبل أن يتسنّى له ذلك]

(دلائل الإمامة للطبري الإمامي: ص 233 – 235)

إخباره عليه السلام عن مُلك بني العبّاس

* عن أبي بصير، قال: «كنتُ مع الباقر عليه السلام في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قاعداً حدثان ما مات عليّ بن الحسين عليهما السلام إذ دخل الدوانيقيّ [المنصور العباسي]، وداود بن سليمان قبل أن أفضى الملكُ إلى ولد العباس، وما قعد إلى الباقر عليه السلام إلّا داود.

فقال له عليه السلام: ما منع الدوانيقيّ أن يأتي؟ قال: فيه جفاء. [أي أنه عديم الأدب]

قال الباقر عليه السلام: لا تذهبُ الأيّام حتّى يليَ أمرَ هذا الخلق، فيطأَ أعناقَ الرجال، ويملكَ شرقَها وغربها، ويطول عمرُه فيها حتّى يجمع من كنوز الأموال ما لم يُجمَع لأحدٍ قبلَه.

فقام داود، وأخبر الدوانيقيّ بذلك، فأقبل إليه الدوانيقيّ، وقال: ما منعني من الجلوس إليك إلّا إجلالُك، فما الذي أخبر به  داود؟ فقال عليه السلام: هو كائن.

قال: ومُلكُنا قبل مُلككم؟ قال: نعم. قال: ويملك بعدي أحدٌ من ولدي؟ قال: نعم.

قال: فمدّة بني أميّة أكثر أم مدّتنا؟ قال: مدّتكم أطول، ولَيتلقّفنّ هذا المُلك صبيانكم، ويلعبون به كما يلعبون بالكرة، هذا ما عهده إليّ أبي.

فلمّا ملَك الدوانيقي تعجّب من قول الباقر عليه السلام».

الخليفة الغاصب للحقّ

* وعنه أيضاً، قال: «كنت مع الباقر عليه السلام في المسجد، إذ دخل عليه عمر بن عبد العزيز، عليه ثوبان مُمَصّران [صفراوان] متّكئاً على مولى له.

فقال عليه السلام: لَيلِينَّ هذا الغلام، فيُظهرَ العدل، ويعيش أربع سنين، ثمّ يموت فيبكي عليه أهلُ الأرض، ويلعنه أهلُ السماء.

فقلنا: يا ابن رسول الله، أليس ذكرتَ عدله وإنصافه؟  قال: يجلس في مجلسنا، ولا حقَّ له فيه». ثمّ مَلَك وأظهرَ العدلَ جُهْدَه.

.. بل تبيع النّوى!

* قال جابر الجُعفيّ: «كنّا عند الباقر عليه السلام نحواً من خمسين رجلاً، إذ دخل عليه كثير النوّاء - وكان من المغيريّة فسلّم وجلس. [المغيرية هم أصحاب المغيرة بن سعيد، تبرّأ منه الباقران عليهما السلام، كان يكذب في الحديث ينسبه إليهما]

ثمّ قال: إنّ المغيرة بن عمران عندنا بالكوفة يزعم أنّ معك ملَكاً يُعرّفك الكافر من المؤمن، وشيعتك من أعدائك.

قال عليه السلام: ما حِرفتُك؟ قال: أبيع الحنطة.

قال: كذبت. قال: وربّما أبيع الشعير.

قال: ليس كما قلتَ، بل تبيع النّوى. قال: مَن أخبرك بهذا؟

قال: الملَك الذي يعرّفني شيعتي من عدوّي. لستَ تموتُ إلّا تائهاً.

قال جابر الجعفي: فلمّا انصرفنا إلى الكوفة، ذهبت في جماعةٍ نسأل عن كثير، فدُللنا على عجوز، فقالت: ماتَ تائهاً منذ ثلاثة أيام». [التائه: ربّما أُريد به الضلال لما رُوي عن «كثير» هذا أنه كان «موالياً» ثمّ ارتدّ عن تشيُّعه قبل موته]

(خرائج الراوندي: 1/273-276)

ما عندنا درهم!

* ورُوي عن جابر الجُعفيّ أنه شكا الحاجة إلى أبي جعفر الباقر عليه السلام، فقال له الإمام: يا جابر، ما عندنا درهم.

قال جابر: فلم ألبثْ أن دخل الكُميت بن زيد الشاعر، فقال له: جعلني الله فداك، أتأذن لي أن أُنشدك قصيدةً قلتُها فيكم؟ فقال له: هاتِها. فأنشده قصيدةً أوّلها: مَن لقلبٍ متيّمٍ مُستهامِ.

فلمّا فرغ منها قال الإمام: يا غلام، ادخل ذلك البيت وأخرجِ إلى الكميت بدرة [كيس للنقود]، وادفعها إليه.

فأخرجها ووضعها بين يديه. فقال له الكُميت: جُعلت فداك، إن رأيت أن تأذن لي في أخرى. [أي أن أُنشدك قصيدة أخرى] فقال له الإمام: هاتها.

فأنشده أخرى، فأمر له ببدرة أخرى، فأُخرجت له من البيت. ثمّ قال له: الثالثة. فأذِن له، فأمر له ببدرة ثالثة، فأُخرجت له.

فقال له الكميت: يا سيّدي، والله ما أُنشدك طلباً لعرَضٍ من الدنيا، وما أردتُ بذلك إلّا صلةً لرسول الله صلّى الله عليه وآله، وما أوجبَه اللهُ عليّ من حقّكم.

فدعا له أبو جعفر، ثمّ قال: يا غلام، ردّ هذه البدر في مكانها. فأخذها الغلام فردّها.

قال جابر: فقلت في نفسي: شكوتُ إليه الحاجة فقال: ما عندي شيء، وأمر للكميت بثلاثين ألف درهم!

وخرج الكميت، فقال الإمام: يا جابر، قُم فادخُل ذلك البيت. قال: فدخلتُ فلم أجد فيه شيئاً، فخرجت فأخبرته.

فقال: يا جابر، ما سَتَرْنا عنك أكثر ممّا أظهرناه لك. ثم ّقام وأخذ بيدي، فأدخلني ذلك البيت وضرب برجله الأرض، فإذا شِبه عُنق البعير قد خرج من ذهب.

فقال: يا جابر، انظر إلى هذا ولا تُخبر به إلّا مَن تثِقُ به من إخوانك. يا جابر، إنّ جبرئيل أتى رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم غير مرّةٍ بمفاتيح خزائنِ الأرضِ وكنوزها، وخيَّره من غير أن ينقصَه اللهُ ممّا أعدّ له شيئاً، فاختار التواضعَ لربِّه عزّ وجلّ، ونحن نختاره. يا جابر، إنّ الله أقدَرَنا على ما نُريد من خزائنِ الأرض، ولو شِئنا أنْ نَسوق الأرض بأزمّتها لسُقناها».

... ولك الجنة خالصة؟

* عن أبي بصير، قال: دخلت على أبي جعفر (الباقر) عليه السلام، فقلت له: أنتم ورثة رسول الله صلّى الله عليه وآله؟  قال: نعم.

قلت: ورسولُ الله وارثُ الأنبياء على ما علموا وعملوا؟ قال لي: نعم.

قلت: فأنتم تقدرون على أن تُحيوا الموتى، وتُبرئوا الأكمَه والأبرص؟ قال: نعم، بإذن الله.

ثمّ قال: ادنُ منّي يا أبا محمّد. فدنوتُ، فمسح يده على عيني ووجهي فأبصرتُ الشمس والسماء والأرض والبيوت وكلَّ شيءٍ في الدار.

فقال عليه السلام: تحبّ أن تكون على هذا ولك ما للنّاسِ وعليك ما عليهم يومَ القيامة، أو تعود كما كنتَ ولك الجنّة خالصة؟

قلت: أعود كما كنت. قال: فمسح يده على عينيّ فعُدتُ كما كنت».

مَن خفيَ ما غاب!

* عن محمّد بن مسلم بن رباح الثقفيّ، قال: سمعت أبا جعفر (الباقر) عليه السلام، يقول لرجلٍ من أهل إفريقية: ما حالُ راشد؟ قال: خلّفته صالحاً – أي بخير وعافية - يُقرئك السلام.

قال: رحمه الله. قال: أَوَ مات؟! قال: نعم، رحمه الله. قال: ومتى مات؟ قال: قبل خروجك بيومين.

قال: لا والله، ما مرض ولا كانت به علّة! فقال عليه السلام: وإنّما يموت مَن يموت من غير علّة أكثر.

فقلت: أيّما كان من الرجال الرجلُ؟ فقال الإمام: كان لنا وليّاً ومحبّاً من أهل إفريقية.

ثمّ قال: يا محمّد بن مسلم، لئن كنتم ترونَ أنّا ليس معكم بأعينٍ ناظرة وآذانٍ سامعة لَبِئسَ ما رأيتم، والله مَن خَفِيَ ما غاب – أي لم يغِب - فأحضِروا لي  جميلاً، وعوّدوا ألسنتَكم الخير، وكُونوا من أهله تُعرَفوا به».

(دلائل الإمامة للطبري الإمامي: ص 224 – 227)

 

 

«بركةٌ على مَن جاوروا، وسِلْمٌ لمن خالطوا»

صفات الشيعة في حديث الإمام الباقر عليه السلام

 

* التشيّع لأهل البيت عليهم السلام مظهرٌ لحقيقة حبّ الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وآله وأوليائه، وعنوانٌ لصدقِ الولاء والانتماء. من هنا فقد عرّف الأئمّة عليهم السلام الشيعيّ بأوصافٍ لا تتوفّر إلّا لمن خرج من أَسْرِ «الأنا» وصار يفيض بِرّاً على مَن حوله، وفي مقابل ذلك ينحسر هذا العنوان عمّن يظلم نفسه والناس.

بعض ما جاء في وصف الإمام الباقر عليه السلام لأتباع منهج الحقّ، وما لهم من جزيل الكرامة عند الله عزّ وجلّ.

«شعائر»

 

رُوي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: «رَحِمَ اللهُ مَن أحيا أمرنا. قيل له: وكيف يُحيى أمركم؟ قال عليه السلام: بالتّذاكُر له».

وعنه عليه السلام، كما في (صفات الشيعة: ص 13) للشيخ الصدوق: «إنّما شيعةُ عليٍّ عليه السّلام المتباذِلون في ولايتنا، المتحابّون في مودّتنا، المتزاوِرون لِإحياء أمرِنا، إذا غَضِبوا لم يَظلموا، وإذا رضوا لم يُسرِفوا، بركةٌ على مَن جاوروا، وسِلْمٌ لمن خالطوا».

وروى محمّد بن سليمان الكوفي، المتوفّى مطلع القرن الرابع، في كتابه (مناقب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: 1/429، و 2/ 286 - 297) عدّة أحاديث عن الباقر عليه السلام في وصف الشيعة ومنزلتهم عند الله تعالى. قال عليه السلام

* «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعليٍّ عليه السلام: إذا كان يوم القيامة قعدتُ أنا وجبرئيل عليه السلام على الصّراط، فلا يمرّ بنا أحدٌ إلّا ببراءةٍ فيها ولايتُك».

* «إنّما شيعتُنا مَن أطاعَ الله».

* «لا تُنال ولايتُنا إلّا بالورع، وليسَ من شيعتنا مَن ظَلم الناس».

* وعن الصادق عليه السلام، قال: «حدّثنا أبي.. إنّه كان يكون الرجلُ من شيعةِ عليٍّ عليه السلام في القبيلة؛ فيكون إليه ودائعهم ووصايتهم وأمانتهم... يُسْأَلُ عنه فيُقال: فلانٌ هو واللهِ أصدَقُنا في الحديث وآدانا للأمانة، فمَن مِثله؟ فكونوا لنا زَيناً ولا تكونوا علينا شَيناً».

* وعنه عليه السلام، عن أبيه، قال: «دخل عليٌّ على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال: يا عليّ، إنّ الرجلَ من شيعتك لَيَشفَعُ لمثل رَبيعةَ ومُضَر».

رجلٌ من أهل الجنّة

* «.. عن الحكم بن عتيبة، قال: بينا أنا مع أبي جعفرٍ عليه السلام، والبيتُ غاصٌّ بأهله إذ أقبلَ شيخٌ يتوكّأ على عَنَزَةٍ له حتّى وقف على باب البيت. فقال: السّلام عليك يا ابنَ رسول الله ورحمة الله وبركاته. ثمّ سكت. [العنَزَة: عصا في رأسها حديدة]

فقال أبو جعفر عليه السلام: وعليك السّلام ورحمة الله وبركاته.

ثمّ أقبل الشّيخ بوجهه على أهل البيت، وقال: السّلام عليكم. ثمّ سكت حتّى أجابه القوم جميعاً وردّوا عليه السّلام.

ثمّ أقبل بوجهه على أبي جعفر عليه السلام، ثمّ قال: يا ابنَ رسول الله، أدِنني منك جعلني اللهُ فِداك، فوَاللهِ إنّي لأُحِبُّكم وأُحِبُّ مَن يُحبّكم، ووَاللهِ ما أُحبّكم وأُحِبُّ مَن يحبّكم لطمعٍ في دنيا. واللهِ إنّي لأُبْغِضُ عدوَّكم وأبرأُ منه، وواللهِ ما أُبغِضُه وأبرأُ منه لوِترٍ كان بيني وبينه، واللهِ إنّي لأُحِلُّ حلالَكم وأحرّمُ حرامَكم وأنتظرُ أمرَكم، فهل ترجو لي جعلني الله فداك؟

فقال أبو جعفر عليه السلام: إليَّ إليَّ، حتّى أقعده إلى جنبه.

ثمّ قال: أيّها الشّيخ، إنّ أبي عليّ بن الحسين عليه السلام، أتاه رجلٌ فسألَه عن مثل الّذي سألتني عنه. فقال له أبي عليه السلام: إنْ تمتْ ترِد على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وعلى عليٍّ والحسنِ والحسينِ وعليّ بن الحسين، ويَثلج قلبُك ويَبردُ فؤادك وتَقرّ عينُك وتُستقبَل بالرّوح والرّيحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغتْ نفسُك هاهنا، وأهوى بيده إلى حلقه، وإنْ تَعِشْ ترى ما يُقِرّ اللهُ به عينك، وتكون معنا في السَّنام الأعلى.

فقال الشّيخ: كيف قلتَ يا أبا جعفر؟ فأعاد عليه الكلام.

فقال الشّيخ: الله أكبر يا أبا جعفر... ثمّ أقبل الشّيخ ينتحب ينشج... حتّى لصق بالأرض. وأقبل أهل البيت ينتحبون وينشجون لما يرون من حال الشّيخ. وأقبل أبو جعفر عليه السلام يمسح بإصبعه الدّموع من حماليق عينيه وينفضها.

ثمّ رفع الشّيخ رأسه فقال لأبي جعفر عليه السلام: يا ابنَ رسول الله، ناولني يدَك جعلني الله فداك. فناوله يده فقبّلها ووضعَها على عينيه وخدّه، ثمّ حسر عن بطنه وصدره، ثمّ قام، فقال: السّلام عليكم. وأقبل أبو جعفر عليه السلام (يرقبُه) وهو مدبِر. ثمّ أقبل بوجهه على القوم، فقال: مَن أحبّ أن ينظرَ إلى رجلٍ من أهل الجنّة؛ فَلْيَنْظُر إلى هذا.

قال الحكم بن عتيبة: لم أرَ مأتماً قطّ يُشبه ذلكَ المجلس».

 

(الكافي للكليني: 8/ 76 – 77)

رَتْقُ السّماءِ والأرض

* « وفد عمرو بن عبيد – من وجوه المعتزلة - على محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام ليمتحنه بالسؤال. فقال له: جُعلت فداك، ما معنى قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا..﴾، ما هذا الرّتق والفَتق؟ (الأنبياء:30)

قال أبو جعفر عليه السلام: كانتِ السّماءُ رَتْقَاً لا تُنزِلُ القَطْرَ [أي المطر]، وكانتِ الأرضُ رَتْقَاً لا تُخرِجُ النبات. فانقطع عمرو ولم يجد اعتراضاً ومضى...

***

* «حَجّ هشام بن عبد الملك فدخل المسجد الحرام متّكئاً على يدَي سالمٍ مولاه، ومحمّدُ بن عليّ بن الحسين جالسٌ في المسجد.

فقال له سالم: يا أمير المؤمنين، هذا محمّد بن عليّ بن الحسين.

فقال له هشام: المفتونُ به أهل العراق؟ قال: نعم.

قال: فاذهب إليه وقل له: يقول أمير المؤمنين: ما الذي يأكلُ الناسُ ويشربون إلى أن يُفصَلَ بينهم يوم القيامة؟!

قال له أبو جعفر عليه السلام: يُحشَرُ الناسُ على مثلِ قُرصة البُرَّ النقيّ، فيها أنهارٌ متفجّرة، يأكلون ويشربون حتّى يُفْرَغَ من الحساب.

فرأى هشام أنّه قد ظفرَ به، فقال: الله أكبر، اذهب إليه فقل له: ما أشغلَهم عن الأكل والشرب يومئذٍ؟

فقال له أبو جعفر عليه السلام: هم في النار أشغل، ولم يُشغلوا حتّى قالوا: ﴿..أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ..﴾». (الأعراف:50)

(النيسابوري، روضة الواعظين: ص 203 – 204)

 

من وصايا الإمام الباقر عليه السلام

«.. وتعرَّضْ لرقّةِ القلبِ بكَثرةِ الذِّكرِ في الخَلَوات. ".." وتِخلَّصْ إلى عظيمِ الشّكرِ باستكثارِ قليلِ الرّزق، واستقلالِ كثيرِ الطاعة. ".."

واعلم أنّه لا عِلمَ كطلبِ السلامة، ولا سلامةَ كسلامةِ القلب، ولا عقلَ كمخالفة الهوى، ولا خوفَ كخوفٍ حاجِز، ولا رجاءَ كرجاءٍ مُعين.

ولا فقرَ كفقرِ القلب ".." ولا نورَ كَنُور اليقين، ولا يقينَ كاستصغارِك للدّنيا، ولا معرفةَ كمعرفتِك بنفسك. ".." ولا مصيبةَ كاستهانتك بالذَّنب، ورِضاك بالحالةِ التي أنت عليها. ".." ولا معصيةَ كحبِّ البقاء، ولا ذلَّ كَذُلِّ الطَّمع.

وإيّاكَ والتفريطَ عندَ إمكانِ الفرصة، فإنّه ميدانٌ يَجري لأهلِه بالخُسران...».

(انظر: تحف العقول للحرّاني: 284 ـ 286)

 

اخبار مرتبطة

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

نفحات