موقف

موقف

13/04/2018

جواز التوسُّل بشخص النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم

 

جواز التوسُّل بشخص النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم

ــــــــــــــــــــــــ المرجع الديني الشيخ جعفر السبحاني* ــــــــــــــــــــــــ

روى أكثر من واحد من المحدّثين كالنسائيّ والبيهقيّ والطبرانيّ والترمذيّ والحاكم ـ وقد اتّفقوا على صحّة الحديث: أنّ رجلاً ضريراً أتى إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال: ادعُ اللهَ أن يُعافيني.

فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إنْ شئتَ دعوتُ، وإن شئتَ صبرتَ، وهو خيرٌ». قال: فادعُهُ.

فأمره أن يتوضّأ فيُحسن وضوءه، ويصلّي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء:

«اللّهُمّ إنّي أسألك وأتوجَّهُ إليكَ بنبيّك نبيّ الرحمة، يا محمّدُ انّي أتوجَّهُ بكَ إلى ربّي في حاجتي لتُقضى، اللّهُمّ شَفِّعْهُ فِيَّ»**.

إنّ الدعاء الّذي علّمه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم تضمّن التوسّل بذات النبيّ بصراحة تامة. فيكون ذلك دليلاً على جواز التوسّل بالذّات، وقداستُه صلّى الله عليه وآله وسلّم محفوظةٌ وهو حيّ عند الله، كحياة الشهداء.

وإليك الجمل والعبارات الصريحة في المقصود:

1) «اللّهُمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك»

إنّ كلمة «نبيّك» متعلّقة بفعلين، هما: «أسألك» و«أتوجّه إليك»، والمراد من النبيّ نفسه القدسية وشخصيته الكريمة، لا دعاؤه.

وتقدير كلمة «دعاء» قبل لفظ «بنبيّك» حتّى يكون المراد هو «أسألك بدعاء نبيّك، أو أتوجّه إليك بدعاء نبيّك» تحكّمٌ وتقديرٌ بلا دليل، وتأويلٌ من دون مبرّر، ولو أنّ محدثاً ارتكب مثله في غير هذا الحديث، لرموه بالجهميّة والقدريّة.

2) «محمّد نبيّ الرحمة»

لكي يتّضح أنّ المقصود هو السؤال من الله بواسطة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وشخصيته فقد جاءت بعد كلمة «نبيّك» جملة «محمّد نبيّ الرحمة» لكي يتّضح نوع التوسّل والمتوسّل به بأوضح ما يمكن.

3) «يا محمّدُ إنّي أتوجّه بك إلى ربّي»

إنّ جملة «يا محمّد إنّي أتوجّه بك إلى ربّي» تدلّ على أنّ الرجل الضرير - حسب تعليم الرسول - اتّخذ النبيّ نفسه، وسيلة في دعائه، أي أنّه توسّل بذات النبيّ لا بدعائه صلّى الله عليه وآله وسلّم.

4)« شفِّعه فيّ»

إنّ قوله: «شفّعه فيّ» معناه، يا ربّ اجعلِ النبيّ شفيعي، وتقبّل شفاعته في حقّي، وليس معناه تقبَّلْ دعاءه في حقّي، فإنّه لم يرِد في الحديث أنّ النبيّ دعا بنفسه حتّى يكون معنى هذه الجملة: استجِبْ دعاءه في حقّي، ولو كان هناك دعاء من النبيّ لَذكره الراوي؛ إذ ليس دعاؤه صلّى الله عليه وآله وسلّم من الأُمور غير المهمّة حتّى يتسامح الراوي في حقّه. وحتّى لو فرضنا أنّ معناه «تقبّل دعاءه في حقّي» فلا يضر ّذلك بالمقصود أيضاً، إذ يكون على هذا الفرض هناك دعاءان:

1) دعاء الرسول ولم يُنقل لفظه.

2) والدعاء الذي علّمه الرسول للضّرير، وقد جاء فيه التصريح بالتوسّل بذات النبيّ وشخصه وصفاته، وليس لنا التصرّف في الدعاء الذي علّمه الرسول للضرير، بحجّة أنّه كان هناك للرسول دعاء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* حوارات عقائدية معاصرة ( ص 101 – 104)

** مصادر الحديث [منه]: (سنن ابن ماجة:1/441، رقم الحديث 1385؛ مسند أحمد:4/138؛ مستدرك الصحيحين للحاكم:1/313، طبع الهند؛ الجامع الصغير للسيوطي:59؛ تلخيص المستدرك للذهبي المطبوع بهامش المستدر؛ التاج الجامع:1/286)

 

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

13/04/2018

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات