حوارات

حوارات

14/05/2018

أجوبة العلامة الطباطبائي على أسئلة عقائدية


الجنّة موجودة في الدنيا وكذلك النار

أجوبة العلامة الطباطبائي على أسئلة عقائدية

ـــــــــــــــــــــــــــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــــــــــــــــــــــــــ


لطالما تصدّى العلماء المتبحّرون للإجابة على أسئلة ترِدهم من شتّى الجهات وفي مختلف العناوين لا سيّما العقائدية منها، لذلك نجد في مؤلّفات كثير من هؤلاء الأفذاد كتب بعنوان «أجوبة المسائل»،  والعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي كفيلسوف إسلامي ومفسّر لكتاب الله المجيد قد تصدّى للإجابة على أسئلة في مواضيع حسّاسة، منها ما توجه بها إليه تلميذه العلامة السيد محمد حسين الطهراني، وهي مثبتة مع أجوبتها في كتاب «الشمس الساطعة» ننقل منها ما ورد بين الصفحات 334 إلى 340 ببعض التصرّف.

 

س: هل يكون عالم البرزخ لجميع الناس، أم هو مختصّ بالذين مَحَضوا الإيمان أو الكفر؟

ج: في بعض الروايات أنّ البرزخ مختصٌ بالكاملين، بل أكملهم، أو حسب التعبير الخاصّ «بمن كمل في الإيمان وبمن كمل في الكفر». فالبرزخ لهاتين الطائفتين، أمّا الطائفة الثالثة الذين ليسوا ممّن مَحَضَ الكُفْرَ مَحْضَاً وَمَحَضَ الإسلَامَ مَحْضَاً، فلا برزخ لهم. كما إنّه في البعض الآخر من الروايات أنّ البرزخ ليس مختصّاً بهؤلاء، بل الجميع شركاء فيه، وأنّه على جميع الأفراد أن يطووا عالم البرزخ بعد موتهم، ثمّ يعبرونه باتّجاه القيامة.

 

س: من الآيات التي يستدلّ بها على عالم البرزخ قوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ أمْوَاتًا بَلْ أحْيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ آل عمران:169، ألا يمكن القول بناء على اختصاص الشهداء بالرزق بعد قتلهم أنّ البرزخ ليس للجميع؟

ج: إنّ آية ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ﴾ لا تمتلك مفهوماً دالّاً على أنّ غير الشهداء في سبيل الله لا يُرزقون في عالم البرزخ، وذلك أوّلًا: لأنَّ تتمّة الآية تقول: ﴿فَرِحِينَ بِمَآ ءَاتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لم يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ ألَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾، وهي دالّة على أنّهم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم، ومعلوم أنّ الَّذِينَ لم يَلْحَقُوا بِهِمْ ليسوا خصوص الشهداء، بل الآية مُطلقة لجميع المؤمنين الذين لا يزالون أحياء.

وثانياً: هناك آيتان في القرآن تدلّان على أنّ البرزخ للجميع، وأنّ الإنسان بمجرّد أن يموت يعبر إليه،  الآية الأولى في سورة «يس» من قصّة الرسولَين اللذين أرسلهما النبيّ عيسى على نبيّنا وآله وعليه السلام إلى أنطاكية للتبليغ، ثمّ تكذيب الناس لهما ومجي‏ء الرجل الثالث من أقصى المدينة لمساعدتهما، وهي قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ مِنْ أقْصَا المدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا المرْسَلِينَ﴾ يس:20، فدعا الناس ونصحهم، وقال: ﴿إنِّي ءَامَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ﴾ يس:25، وحينها قام قومه فقتلوا ذلك الرجل المؤمن، وهنا يقول القرآن الكريم: ﴿قِيلَ ادْخُلِ الجنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلمونَ* بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ المكْرَمِينَ﴾ يس:26-27. فبمجرّد أن قُتل قيل له ادخل الجنّة، فقال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربّي وجعلني من المكرمين. والآية الثانية في سورة نوح، وهي تشبه الأولى ولكنّها تنطبق على الكفّار، وهي قوله تعالى: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ اغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا..﴾ نوح:25. لقد هلك قوم نوح إثر معاصيهم وفسقهم وفجورهم فدخلوا النار بعد غرقهم مباشرة ﴿فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾، أي بلا مهلة ولا تأخير.

ويستفاد من الروايات المستفيضة والمشهورة أنّ البرزخ لجميع الكفّار والمسلمين، سواءً كانوا من أهل الكمال في السعادة أم الشقاء، أو كانوا متوسّطين.

 

س: ألَا يستفاد من كلمة «أُعِدَّتْ» الواردة في قوله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ أعِدَّتْ لِلمتَّقِينَ﴾ آل عمران:133، أنّ الجنّة موجودة الآن؟

ج: إلى حدّ ما ليست خالية من الدلالة، وهناك في القرآن الكريم مطلب آخر أيضاً حيث يقول تعالى: ﴿لَقَدْ كُنتَ في غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ ق:22، فهذه الآية تثبت أنّ ما سيُرى يوم القيامة كان موجوداً في الدنيا ومشهوداً، وغاية الأمر أنّه كان مغفولاً عنه، إذَاً ما يسمّى «الجنّة» أو «الجحيم» كان له تحقّق في الدنيا، وكان الإنسان يشاهده، ولكنّه غافل في المشاهدة، لقد كان غافلًا عن الحقيقة والواقعيّة في الخارج، وبناءً على هذا فالجنّةً في الدنيا موجودة وكذلك النار، غاية الأمر أنّ الناس غافلون عنها.

                        

س: ورد فيما يخصّ علامات آخر الزمان تعبير «وَعنْدَ ذَلِكَ يَتَكَلَّم الرُّوَيْبِضَةُ»، فما المقصود من الرويبضة؟ كذلك ورد ذكر «الدجّال» و«يأجوج ومأجوج»، فمن يكون هؤلاء؟

ج: الظاهر أنّ المقصود بالرويبضة اولئك الذين لا منزلة لهم في المجتمع، والذين لا يؤبه بهم؛ والتكلّم عبارة عن تقلّد زمام الأمور الاجتماعية والرئاسة على الناس.

وبالنسبة للدجّال وهو الشخص المفتري الكذّاب، فهناك روايات عديدة تبيّن أنّه يخرج قبل ظهور القائم المهديّ أرواحنا فداه، ويُضلّ الناس عن الحقّ، ولكن ما ورد حول صفاته غير قابل للاعتماد، كما جاء أنّه رجل يركب على حمار ويمشي فتهتزّ من حوله الجنّة والنار يميناً وشمالاً. وقد ورد الدجّال في أحاديث العامّة أيضاً وذكر مولده، حتّى أنّهم روَوا أنّ رسول الله قد أُخبر بذلك فذهب إليه، أو أنّه جاء بنفسه إلى الرسول، وغير ذلك من الكلام الذي لا يمكن الاستناد إليه.

أمّا بالنسبة ليأجوج ومأجوج، فالظاهر أنّهما فئتان من الناس تعيشان قرب سدّ جبل القفقاز الذي بناه ذو القرنين حسب الشواهد الموجودة، بحيث لا يستطيعون الهجوم على هذه البلاد. وذكر البعض أنّهما طائفتان من المغول، وقد ورد في القرآن الكريم ما يشير إلى أصل يأجوج ومأجوج: ﴿حَتَّى إذَا فُتِحَتْ يَأجُوجُ وَمَأجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ﴾ الأنبياء:96. أمّا بالنسبة لخِلقتهم، فهناك روايات ذكرت بأنّ لهم آذاناً كبيرة يفترشون واحدة منها ويلتحفون بالأخرى، ولكن هذه الروايات منقولة عن العامّة، ومن المعلوم أنّها مختلقة على الظاهر ولا يمكن الاعتماد عليها.

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

14/05/2018

دوريات

   إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات