مرابطة

مرابطة

منذ أسبوع

العرب يهدّدون الأمن القومي الإيراني*

 

العرب يهدّدون الأمن القومي الإيراني*

ـــــــــــــــــــــــ د. عبد الستّار قاسم** ـــــــــــــــــــــــ

حتّى يحافظ المرء أو الدولة على صلابة جدلّيته، فإن عليه ألا يتبنى المعايير المزدوجة أو المثلّثة، ومن المفروض أن يستعمل مسطرة واحدة للقياس في الحالات المتماثلة. وهذا ما لم يحرص عليه الكثير من العرب في تعاملهم أو نظرتهم تجاه إيران. عرب كثيرون يقولون إن إيران تهدّد الأمن القومي العربي، إذا كان هناك أمن قومي عربي، وأنها تسعى إلى تشييع أهل السنة، وهي تسيطر الآن على عدة عواصم عربية...

ما هو معروف للجميع أن إيران دعمت فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية، وساهمت بذلك في المحافظة على أمن لبنان وسلامة أراضيه، وحافظت أيضاً على قطاع غزّة من الاجتياحات الصهيونية. وتلقائياً لا مفرّ من رفع مستوى النفوذ الإيراني في المناطق التي تنتعش فيها المقاومة في مواجهة الصهاينة والدول الاستعمارية.

قال العرب إن إيران تتدخل في البحرين، لكن اللجان الدولية التي زارت البحرين وعملت على التحقق من الادعاءات العربية نفت تدخلاً إيرانياً. والآن هم يقولون إن إيران تدعم الحوثيين وتتدخل في اليمن. حتى الآن لم يثبت وجود قوات إيرانية في اليمن...

بالمقابل لا يتحدث العرب عما يصنعونه ضد إيران، وعن المؤامرات التي يحيكونها بالتعاون مع غير العرب من صهاينة وأمريكان. العرب يهددون الأمن القومي الإيراني في وضح النهار وباستمرار، وذلك من خلال الأمور التالية:

1- العرب يطوّقون إيران إلى حد كبير بالقواعد العسكرية الأمريكية. هناك قواعد عسكرية أمريكية في السعودية وقطر والبحرين والإمارات والأردن. وهناك قواعد عسكرية أمريكية في العراق وسوريا رغماً عن الدولتين. القواعد الأمريكية متطورة بخاصة تلك الموجودة في السعودية وقطر، وهي تحوي أسلحة فتاكة تهدد المنشآت الإيرانية والموانئ والمطارات ومراكز البحث العلمي والتصنيع... ومن المحتمل أن هذه القواعد تحوي أسلحة نووية. وهناك الأسطول الخامس الأمريكي الذي يتخذ من البحرين قاعدة له، وهو يضم عدداً من القطع البحرية التي تهدد أمن الشواطئ والمنشآت على مجمل الأراضي الإيرانية.

2- ومن المحتمل جدا أن العرب يفتحون أبواب بلدانهم أمام أجهزة الأمن الصهيونية لإقامة مراكز تجسّسية على إيران. سيحاصر العرب إيران أمنياً من خلال الصهاينة.

3- العرب يستمرون في التحريض ضد إيران في العالم الغربي الاستعماري وعبر مختلف وسائل إعلامهم ويبذلون قصارى جهدهم لشيطنتها. وهم لا يتوقفون عن الدعاية ضدها وبقليل من التوثيق لما يقولون. ويصنفون إيران بأنها دولة راعية للإرهاب، وينسون أنفسهم وهم الذين أنفقوا مئات المليارات من الدولارات دعماً للإرهاب لتخريب دول عربية مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا. وينسون الأمريكيين الذين لم يبخلوا يوماً في تقديم كل أنواع الدعم للإرهابيين على المستوى العالمي. وأمريكا ذاتها هي دولة راعية للإرهاب بخاصة الإرهاب الصهيوني ضد الشعوب العربية.

4- عدد من البلدان العربية متورطة استخبارياً في تشكيل عصابات مسلحة في إيران للقيام بعمليات تخريبية وإرهابية، وسبق لإيران أن قدمت أدلة على ذلك.

5- العرب يقدمون دعماً (لمنافقي خلق) ضد النظام الإيراني القائم. والهدف واضح وهو إسقاط النظام الإيراني.

6- العرب يحرّضون ضد إيران أنها تحتلّ الجزر الإماراتية الثلاث الواقعة في الخليج، في حين أنهم قدموا هذه الجزر هدية لشاه إيران عندما كان شرطياً أمريكياً في المنطقة.

وهناك أسئلة كثيرة مطروحة على العرب ومن المفروض أن يجيبوا عنها:

1- أيهما أكثر خطراً على العرب: أمريكا أم إيران؟ ما نعرفه حتى الآن أن أمريكا لا تسيطر على أربع عواصم عربية فقط وإنما على ست عشرة عاصمة. لماذا يتحدث العرب عن العواصم الأربع ولا يتحدثون عن العواصم الأخرى؟

2- من الذي ينهب ثروات العرب: أمريكا والغرب أم إيران؟ أهل الغرب يستنزفون الأموال العربية ويسترجعون أموال النفط مقابل حماية أنظمة عربية متخلّفة متعفّنة تعرّض الأمن القومي العربي دائماً للتهديد.

3- من الذي يدعم الصهاينة ضد العرب ولتمكينهم من استمرار اعتداءاتهم؟ هل هي إيران أم الدول الغربية؟

4- من يجيز للسعودية تدمير اليمن، ولا يجيز لإيران مساعدة اليمنيين للدفاع عن أنفسهم؟

5- لماذا يقاوم العرب التوجه الإيراني لتطوير (منشآت) نووية، بينما لم يفعلوا ذلك ضد تطوير الصهاينة للأسلحة النووية؟

6- ألم يقم أهل الغرب بتمزيق الوطن العربي، وإقامة إقطاعيات عربية تحت مسمّى دول من أجل إضعاف العرب وتسهيل السيطرة عليهم؟

7- ما هو الفرق بين النفوذ الأمريكي والنفوذ الإيراني؟ أنا أسمع الإيرانيين وغالبا يطالبون العرب بالوحدة والتعاون من أجل أمن المنطقة ورفاهيتها، بينما أسمع الأمريكيين يحرضون باستمرار ضد قوى المقاومة ولصالح الكيان الصهيوني.

8- وإذا كان تطور القوة الإيرانية لا يعجبهم، فلماذا لا يستعملون أموالهم من أجل تطوير قدراتهم العلمية والتقنية وصناعة ما يحتاجون من الأسلحة والاستقلال عن الدول الغربية؟ الإيرانيون يريدون أن يكونوا رقماً مهماً على الساحة الدولية، وقادة العرب يفضلون البقاء في القيعان...

واضح أن حكام العرب يفضلون البقاء ضعفاء لكي يستمرّوا في استدراج شفقة الغرب عليهم، والغرب سعيد في المطايا العربية التي تستسلم بدون جدال وتفتح خزائنها للنهب الغربي. حكّام العرب يكرهون القوة، ولديهم الاستعداد لمحاربة أي عربي يحاول أن يرفع رأسه لتكون له كلمة، وهم يريدون من جيرانهم أن يكونوا أقزاماً مثلهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* صحيفة رأي اليوم، 29 أيار 2018

** مفكّر وأستاذ العلوم السياسية و الدراسات الفلسطينية في جامعة النجاح الوطنية في نابلس. ينتقد في كتاباته نهج أوسلو ويرفض مبدأ التسوية والتفاوض مع الصهاينة. تعرّض لمضايقات واعتقلته أجهزة أمن السلطة الفلسطينية عدة مرات على خلفية انتقاده للفساد المستشري في مؤسّساتها.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ أسبوع

دوريات

  أجنبية

أجنبية

منذ أسبوع

أجنبية

نفحات