بسملة

بسملة

منذ 5 أيام

سيهرب الأميركيّون، ونردّد كالأبدال اليمنيّين: هربوا، هربوا، هربوا!


سيهرب الأميركيّون، ونردّد كالأبدال اليمنيّين: هربوا، هربوا، هربوا!


بقلم: الشيخ حسين كَـوْراني

 

أبرز خصائص هذا العصر الخمينيّ - الخامنئيّ أنه مرحلةٌ نوعيّةٌ من مراحل تحقّق الوعد الإلهيّ الذي اتّفقت كلمة علماء الإسلام في مختلف العصور على أنه مستقبل البشريّة الواعد.

منشأ هذا الاتّفاق، والسبب في تسميته بالوعد الإلهيّ، هو مرجعيّة القرآن الكريم، ومن آياته في ذلك: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (التوبة:٣٣(.

ولا يخفى أن جميع الأديان الأخرى تتحدّث بتعبيرات مختلفة عمّا يشبه تحقّق هذا الوعد، من قبيل "يوم الخلاص"، أو "ظهور المسيح"، أو "المنقذ"، وما شابه ذلك.

يمتاز المسلمون - شيعةً وسنّةً - بالاتّفاق على أن الشخص الذي سيتحقّق هذا الوعد الإلهيّ على يديه هو " المهديّ المنتظر"، وأن نبيّ الله عيسى، على نبيّنا وآله وعليه السلام، يظهر فيأتمّ بالمهديّ، ويناصره.

كان هذا الاعتقاد الجازم بتحقّق الوعد الإلهيّ في المستقبل - وما يزال - المحفِّز الأول لجميع حركات الممانعة التي حملت راية الإسلام في مواجهة الفراعنة والطواغيت، سواء أكانوا من داخل العالم الإسلاميّ، أم من المحتلّين الذين شنُّوا الغارات على العالم الإسلاميّ، كالمغول، والصليبيّين، وحملات الاستعمار الغربيّ، تحالفاتٍ وفرادى.

***

كان النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، قد نبّه الأمّة بأجيالها إلى أن بداية "المُلك العَضوض" خروجٌ صارخٌ على الرسول والرسالة، وأنّ الضمانة لاستمرار الإسلام وحِفظ القرآن الكريم، هي التزام الأئمّة، الخلفاء، النقباء، الاثني عشر الذين هم من أهل البيت، ولا يخلو عصرٌ من أحدهم، وعلى أهل كلّ زمانٍ أن يبايعوه فهو إمام زمانهم، ومَن مات وليس في عُنقه بيعةٌ لإمام زمانه، فمِيتتُه جاهليّة.

على هذا الأصل المتسالم عليه بين علماء المسلمين، نسلت القرون، وداوَل اللهُ تعالى الأيامَ بين الناس، يتجاول الحقّ والباطل، ويتصاولان في مدرسة الدنيا ومختبر الإرادات والعزائم، و"كلٌّ يعملُ على شاكلته"، ﴿لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (الأنفال:٣٧).

يلتقي مع هذا الأصل الحديث عن مجدّدٍ لهذا الدين يبعثه الله تعالى كلّ مائة عام، والحديث عن "عدولٍ في كلّ قرن" يُبطلون التحريف.

عن الإمام الصادق عليه السلام، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «يحمل هذا الدِّين في كل قَرْنٍ عدولٌ ينفون عنه تأويل المبطلين وتحريف الغالين وانتحال الجاهلين كما ينفي الكِير خَبَث الحديد».

***

بالتأمّل في سرّ بقاء الإسلام، نقيّاً من التحريف - بمعنى توفّر الأدلة القطعيّة والحُجج اليقينيّة لمن أراد البحث بموضوعيّة، واعتمد المنهج العقليّ السليم - يتعيّن الوقوف عند سببين مركزيّين:

الأول: حفظُ الله تعالى القرآن من التحريف: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر:9)

الثاني: وجود إمامٍ من أهل البيت عليهم السلام، في كلّ عصر.

أورد الهيتميّ في (الصواعق المحرقة: ٢/٤٤) بعض كلام "القندوزيّ" الآتي، وتبنّاه.

مما جاء في كلام" القندوزيّ" في (ينابيع المودة لذوي القربى: ٢/٤٤٣) قوله: «وفي رواية صحّحها الحاكم على شرط الشيخين: "النجوم أمانٌ لأهل السماء، وأهلُ بيتي أمانٌ لأهل الأرض من الغرق، وأهلُ بيتي أمانٌ لأمّتي من الاختلاف ".."».

أضاف القنْدُوزيّ: «وإن الله - تبارك وتعالى - لمّا خلق الدنيا بأسرها من أجل النبيّ صلّى الله عليه (وآله) وسلّم، جعل دوامها بدوامه ودوام أهل بيته».

***

مرمى الحديث هنا، الأصل الأول الذي هو - مع حِفظ الذكر - أساس بقاء الإسلام، رغم تعاقب إمبراطوريات الجور والظلم والمنكرات، من التعدّي على حدود الله، و مصادرة حقوق الخلق.

طيلة حوالي قرنين ونصف بدءاً من وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله، كان الأئمّة من أهل البيت الأوصياء، والخلفاء، ينشرون علوم القرآن الكريم، ويحرسون أصالة الرسالة. كلما مضى منهم إمامٌ قام بأعباء حفظ العقيدة والشريعة ونقاء الفكر وترشيد السلوك، الإمامُ الذي يليه، وصولاً إلى بدء الغَيبة الصغرى وهي مرحلة إدارة الإمام أمور الأمّة عبر "السفراء الأربعة"، وكيلاً بعد وكيل، وقد دامت هذه المرحلة تسعة وستين عاماً (260 - 329 للهجرة) لتبدأ بعدها مرحلة الوكلاء العامّين لآخر أوصياء رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهي قائمة حتى ظهور "المهديّ المنتظر" عليه السلام.

***

تتفرّع على أصل "قيادة الأئمّة الاثني عشر من أهل البيت عليهم السلام "للأجيال والعصور إلى يوم القيامة" الذي أرسى قواعده النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله، محاور مركزيّة لا بدّ من إيلائها الأهميّة القصوى في البحث والتطبيق، وهي كما يلي:

1-   إعادة كتابة التاريخ بحسب عصور الأئمّة الاثني عشر، وليس بحسب عصور سلسلة "المُلك العَضوض" وامتداداتها.

2-   تأسيس البحث العلميّ في كلّ أبعاد علوم العقيدة والشريعة على أساس مرجعيّة أوصياء رسول الله صلّى الله عليه وآله.

3-   تأسيس العمل على توحيد الأمّة وتنظيم علاقاتها البينيّة ومع سائر شعوب العالم، على هذه المرجعيّة التي حدّدها الله تعالى وبلّغها نبيّه صلّى الله عليه وآله، وأجمع عليها علماء الإسلام، وغيّبها الطواغيت.

4-    عدم الفصل بين قيادة الأئمّة الاثني عشر، الخلفاء النقباء، لمسيرة الرسالة في الخطّين الفكريّ والعمليّ، وبين محوريّة قيادة الفقهاء الفكريّة والعمليّة لمسيرة حفظ نقاء الإسلام، والدفاع عن وجود الأمّة وسائر الناس واستقلالهم وحفظ حقوقهم وصيانة كراماتهم، فقد كان الفقهاء في عصور الحضور وعصر الغَيبة - مع الفوارق الموضوعيّة، و كلٌّ منهم في حدود ما استجاب الناس له، وكان "مبسوط اليد" واسطة العِقد بين الإمام والأمّة، وحصون الإسلام وملاذ الناس أجمعين.

5-    عدم الفصل بين قيادة الفقهاء - في خطّ الإمامة وبرعاية الإمام - وبين مواجهة ما تعرّض له العالم الإسلاميّ من جور الطواغيت الداخليّين، أو الغارات التي شُنّت من الخارج، بدءاً باجتياح المغول ووصولاً إلى يومنا هذا وحماقات "ترامب" خصوصاً أجواء "صفقة القرن" ومقدّماتها في بلادنا.

6-    يتفرّع على المحور الخامس، وجوب العمل على تثبيت قيادة الفقهاء في المسار العمليّ والسياسيّ، وعدم حصر العلاقة بهم في "التقليد" الذي هو الرجوع إلى المختصّ بالشأن الفقهيّ، ويتوقّف تثبيت ذلك على معرفة المواقف الملحميّة العظمى التي وقفها "حصون الإسلام" في المحطّات الحرجة من معاناة الأمّة مع الطواغيت المحليّين والمحتلّين. إنّ من شأن تظهير هذه المواقف الخالدة توعية الأمّة على ما حصل وتعبئتها لما تواجه في الحاضر والمستقبل.

***

حول المحور السادس، ولأجل أن ندرك ضراوة جهلنا بمواقف الفقهاء في مواجهة المحتلّين، سأذكر هنا فتوى السيد اليزديّ "صاحب العروة الوثقى" ضد الاحتلال الإيطاليّ لليبيا عام 1911 ميلاديّ، واحتلال "الروس" و"الإنجليز" لبعض المدن الإيرانيّة.

والنصّ الحرفيّ للفتوى: «بسم الله الرحمن الرحيم ـ في هذه الأيام تقوم دول أوروبا مثل إيطاليا بالهجوم على ليبيا، ومن جهة أخرى تحتلّ القوات الروسيّة شمال إيران، وكذلك الإنكليز فقد أنزلوا قوّاتهم في جنوب إيران، ممّا يعرّض الإسلام إلى الخطر، إنّ الواجب الشرعيّ يحتّم على عموم المسلمين من الممالك الإسلاميّة، أن يبذلوا كلّ غالٍ من أرواح وأموال في سبيل طرد القوات الغازية، وأن لا يقصّروا في ذلك، لأنّ القيام بهذا العمل من أهمّ الفرائض الإسلاميّة، ونسأل المولى العليّ القدير أن يحفظ المملكتين الإسلاميّتين من الهجوم الصليبيّ».

***

وعْيُ هذا السياق المتواصل منذ التأسيس النبويّ لنيابة الأوصياء الاثني عشر عنه صلّى الله عليه وآله في قيادة الأمّة بأجيالها، ثم وعْيُ اعتماد الأئمّةِ الفقهاءَ نوّاباً لهم، في عصر الحضور وعصرَي الغَيبتين، هو المدخل الضروريّ والحصريّ لفهم أسرار هذا الهدير الخمينيّ المزلزل، والذي تواصل مع خليفته الإمام الخامنئيّ حرفاً بحرف، ونفَساً بنفَس، فحصد من الانتصارات النوعيّة للأمّة ما طال اشتياقها إليه حتّى بات كأنه من المستحيلات.

من هذا المدخل وبعد تبلور هذا الوعي، يمكننا أن نفقه بعض الدلالات والمآلات في زمجرة جنديٍّ من جنود وليّ الأمر الفقيه الإمام الخامنئيّ، و"خادمٍ" من "خدّام" الإمام الرضا عليه السلام، هو "اللواء، الحاج قاسم سليماني"، الذي كان قد تسلّم قبل أيام من خطابه الناريّ ردّاً على الرئيس الأميركيّ "ترامب"، شهادة قبوله "خادماً" في الحرم الرضويّ.

***

بعض ما جاء في رعود خادم الإمام الرضا عليه السلام، اللواء سليماني، محذّراً "ترامب":

v  عليك ألا تهدّد شعبنا ولا تُسيء إلى رئيسنا وافهم ما تتفوّه به، واسأل أسلافك واستفِد من تجاربهم. لا تهدّدنا بالقتل، فنحن عشّاق الشهادة والقضاء على الاستكبار.

v  إن مثل هذه الحرب تعني تدمير كلّ إمكانياتكم، ولربّما تبدأون أنتم الحرب لكننا نحن من يرسم نهايتها.

v  لا ضرورة لأن تدخل القوّات المسلحة الإيرانيّة الساحة، فأنا وقوات فيلق "القدس" نتصدّى لكم، واعلموا بأننا لا ننام ليلة لا نفكّر فيها بالقضاء عليكم، واعلموا بأننا متواجدون بالقرب منكم وفي المكان الذي لا تتوقّعونه.

***

نعم، وبملء اليقين بوعد الله تعالى، وبالقراءة المتأنية الموضوعيّة للراهن السياسيّ: لقد بدأ العدّ العكسيّ لهروب أميركا من المنطقة، لتردّد جميع شعوبها مع الأبدال اليمنيّين، ولكن هذة المرّة عن سادة آل سعود: شردوا شردوا شردوا. هربوا هربوا هربوا...

 

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

منذ 5 أيام

إصدارات عربية

نفحات