مقام الإمام الرِّضا عليه السلام

مقام الإمام الرِّضا عليه السلام

منذ 0 ساعة

مقام الإمام الرِّضا عليه السلام

مقام الإمام الرِّضا عليه السلام
أنيس النُّفوس، المدفون بِأرض طُوس

تحقيق: أحمد الحسيني



مدينة طوس، هي مدينة «مشهد» كما تُعرف الآن، تبدَّل اسمها لأنَّ الإمام الرِّضا عليه السلام، استُشهد ودُفِن فيها، وهي من أكثر مُدُن العالم استقبالاً لملايين الزّائرين على مدار السَّنة، وفي مواسم شهر رمضان وأشهُر محرَّم وصفر، وشهر رجب بوجهٍ خاصّ. وفي تعاليم أهل البيت عليهم السلام، حثٌّ كبير على زيارته عليه السلام، وتفضيلها في شهر رجب على العُمرة الرَّجبيَّة، ولعلَّ من أسباب هذا الحثّ أنَّ خطّ الإمامة، بما تُمثِّل من امتداد للنّبوّة عبر الأوصياء، كانت قد تعرَّضت للقطع بسبب «الواقفة» الذين وقفوا على إمامة الإمام الكاظم عليه السلام.
 بين يديك تحقيق حول مقام الإمام الرِّضا عليه السلام تقدِّمه «شعائر» في ذكرى ولادته عليه السلام.

كانت طوس مِن كُبريات مُدُن إيران ومِن أعظم مُدُن خراسان، وكانت تَشتمل على مدينتَيْن إحداهما طابران والأخرى نوقان، فُتِحت زمن عثمان بن عفّان.
أمّا مدينة مشهد، فقد عُرفت قديماً بإسم سناباد، وهي قرية صغيرة بالقرب من طوس التّاريخيّة، فيها الكثير من الآثار والمَزارات والمقامات، وسُمِّيت بـ (مشهد المقدّسة) نسبةً إلى مشهد الإمام الرِّضا عليه السلام.
لم تَأمن مدينة طوس من الدَّمار الشَّامل الذي لحق بها جرّاء الحَملات العنيفة المتکرِّرة عليها في عام 617 هجريّة على أيْدي المغول، والأخرى بقيادة ميران شاه إبن تيمورلنك عام 791 هجريّة، ما أجبر النَّاس على الهجرة إلى مشهد، فتَوسَّعَت هذه القرية شيئاً فشيئاً حتّى بلَغت ذُروة ازدهارها في عهد الملك نادر شاه، الذي جعلها عاصمة له.
وتُعدُّ مدينة مشهد اليوم مرکزاً صناعيّاً وتجاريّاً لإقليم خراسان، وهي تبعد عن العاصمة طهران 924 كم، وتبلغ مساحتها 200 كلم2، وارتفاعها عن مستوى سطح البحر 970م، مناخها بارد في الشّتاء ومعتدل في الصّيف، ويبلغ عدد سکّانها مليوني نسمة.

المقام الرَّضوي
لمحة تاريخيّة

 كان المكان الذي أُقيم فيه الضّريح الطّاهر، قبل وفاة الإمام، بناءً يعود إلى حميد بن قطبة الطّائي أحد قادة أبي مسلم الخراساني، وعندما مات هارون العباسي عام 193 هجريّة قُبِر فيه، وحينما استُشهد الإمام الرّضا عليه السلام سنة 203 هجريّة دُفن في الموضع نفسه، وكان عليه قبّة، غير أنَّ هذه القبّة دُمِّرت عام 380 هجريّة على يد الأمير سبكتكين، لكن السُّلطان محمود بن سبكتكين جدَّد بناء تلك الرَّوضة ثمّ قام ابنه مسعود بإضافة بعض الأبنية.
وقد جدّد بناء المقام أبو طاهر، سعد بن عليّ القمّي (ت 515 هجريّة)، وزير السُّلطان السلجوقي سنجر (ت 552 هجريّة) الذي حكم خراسان وغزنة وما وراء النّهر.



ثمّ هُدِّم المقام مرّة أخرى أثناء حملات المَغول حيث لم يبقَ منه إلَّا القبّة، وأُعيد بناؤه هذه المرّة بأمر السُّلطان المَغولي -الذي استبصر- محمّد خدابنده أولجايتو (ت 716 هجريّة) على النمط الذي يَصفه الرَّحالة المعروف ابن بطوطة بعدما زار المشهد سنة 734 هجريّة حيث يقول: «وهناك قبّة رائعة ضخمة، ومدرسة ومسجد كبير، وكانت أرض هذه المباني وجدرانها تزدان بالقاشاني البديع، وكان يقوم فوق القبر ضريح من الفضّة، وكانت الأبواب المُفضَّضة، والقناديل الذّهبيّة والفضّيّة المُدلّاة من السُّقوف والسَّتائر الحريريّة المُسدلة على جوانب المكان، تزيد الوضع أبَّهةً وجلالاً».
 ومنذ ذلك الحين لم يُواجه هذا المرقد خطراً، بل ازدادت عناية الأمراء والملوك به خاصّة الصَّفويِّين، لا سيّما الشّاه عبّاس الكبير، الذي أمر بترصيع القبّة بالذهب سنة 1010 هجريّة، وازدادت هدايا الزوّار والأعيان.


بناء الضّريح

لا يُعلم متى بُني سرداب للقبر وضريح لمزار الإمام الرِّضا عليه السلام على الصُّورة التي نراها اليوم. ولكن من المسلَّم به أنّه لم يكن فوق القبر المطهَّر أيّ شبابيك أو محجّرات حتّى القرن الثامن الهجريّ، والمشهور أنَّ العصر الصفوي هو الذي شَهِد وَضع الضَّريح الطّاهر  الذي تعرّض للتّغيير خمس مرّات:

الضَّريح الأوّل: ضريح خشبيّ، تُحيط به أحزمة فلزيّة، وهو مزيّن برقائق ذهبيّة وفضّيّة مُطعّمة، ويرجع زمن صناعته إلى عصر الشّاه طهماسب الصفوي (ت 984 هجريّة).

 الضَّريح الثّاني: هو ضريح حديدي مُرصَّع غير مسقوف يعُرف بضريح الزُّمرّد ، نُصِب عام 1160 هجريّة بأمر شاهرخ بن رضا ميرزا إبن السُّلطان نادر شاه الأفشاري. وكان يحتوي على قباب صغيرة مربّعة ومتشابکة (عددها حوالي 2000 قبة)، وُضعت على كلٍّ منها سبيکة من الذَّهب زُيِّنت بأربع قطع من الياقوت وقطعة من الزُّمرّد.



الضَّريح الثّالث
: في عهد السُّلطان فتح علي شاه ملك القاجاريين (ت 1250 هجريّة) صُنع ضريح من الفولاذ ونُصِب فوق ضريح الزُّمرّد، وصُنِع سقفه من ورق الذَّهب، وطُلِيَ من الخارج بالذَّهب، ثمّ نُصِب عليه باب مُرصَّع.

الضَّريح الرّابع: نُصب هذا الضَّريح بإشراف المرحوم السيّد أبي الحسن حافظيان عام 1380 هجريّة/1959م. وهو مصنوع من الذَّهب والفضّة والحديد والخشب، ويَبلغ وزنه سبعة أطنان.‏

وتحتوي أضلاعه على 14 شبّاكاً تُتَوِّجُها 18 صفيحةً مُحدّبة مَطْليّة بالذَّهب، كُتب عليها عدد من الآيات الكريمة، وأسماء الله الحسنى، والأحاديث الشَّريفة، وجملة من الأشعار باللُّغتَين الفارسيّة والعربيّة، وبخطوط متعدّدة.
وعلى مدى التّاريخ، أُهديت إلى العتبة الرّضويّة المقدّسة آلاف الأغطية القماشيّة البديعة للضَّريح، نُذرت أو أُوقفت، فثُبِّتت في سجلَّات العتبة المقدَّسة، ووُضع عدد منها في المتحف أو خزانة الإمام عليه السلام.

الضَّريح الخامس: بدأ العمل به عام 1993م وتمّ نصبه عام 2000م، وحَضر مراسم افتتاحه وليُّ أمر المسلمين الإمام السيّد عليّ الخامنئي دام ظلّه.
وهو يشتمل على (14) محراباً رائعاً تيمّناً بعدد المعصومين الأربعة عشر صلوات الله عليهم، ترتبط عُقودُها من فوق بِقَوس محراب أصلي كبير، يحتضنها على نحوٍ مليء بالمعاني الرّوحيّة والدلالات التّعبّديّة. وينتهي القوس العُلوي للمحراب الكبير بلفظة الجلالة «الله».
وعلى الضَّريح كتاباتٍ فنيّة قيّمة نُقِشَت عليها أسماء الله الحسنى، واسم النبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله وأسماء الأئمّة الإثني عشر عليهم السلام. أمّا ما في الضَّريح الشَّريف من الزَّخارف التّوريقيّة والزّهريّة، فإنّها صُمِّمت لِيكون المحوَر في إبداعها وهيئتها: العددان (5) و(8). فالعدد (5) يشير إلى أصحاب الكساء الخمسة، في حين يشير العدد (8) إلى الإمام الرِّضا ثامن أئمّة أهل البيت عليهم السلام.
وهذا الضَّريح المبارك الذي استغرق تصميمه حوالَي سبع سنوات هو من تصميم الفنّان الشهير الأستاذ محمود فرشچيان، أمّا الخطوط الفنّية، فهي من إبداع الخطّاط المعروف الأستاذ موحِّد.
ويقع مقرّ الضّريح الطّاهر حاليّاً في وسط الأبنية التّابعة، وهي عبارة عن صحن الدّار القديمة، والجديدة ومسجد گوهرشاد والأروقة.
 أمّا مساحة الأراضي التي يقوم عليها مقرّ الضّريح والمباني التي تحيط به فتبلغ مساحتها حوالي 40000 م2، يقوم على 5040 م2 منها الضّريح وأروقته، و5211 م2 خُصِّصت للشّرفات المواجهة للشّوارع الجانبيّة، و4950 م2 يحتلّها الصّحن الجديد، و7150 م2 الصّحن القديم، و8798 م2 يقوم عليها مسجد كوهرشاد، و8000 م2 يستقرّ عليها مبنى وصحن دار المتحف الرّضوي.

القبر المقدّس

تحت الضّريح المطهّر، سردابٌ يستقرّ فيه القبر الشّريف، طوله وعرضه بحدود مترين وثلاثين سنتم. وهناك سرداب محيط ينسحب من داخل الضّريح عن طريق نافذة صغيرة تقع تحت القدم المباركة للإمام الرضا عليه السلام. أمّا القبر الطّاهر فيستقرّ في جوف السِّرداب الذي يقع على عمق عدّة أمتار عن سطح الأرض، وفوقه صندوق يتكوّن من إحدى عشرة قطعة من المرمر، وفوق الصّندوق عدد من المصاحف الشّريفة من بينها المصحف المنسوب إلى خطِّ أمير المؤمنين عليه السلام.
أمّا أقدم حجرٍ رُئي موضوعاً على القبر الشّريف فكان قبل أكثر من تسعة قرون حسب شهادة الخبراء المتخصّصين، وهذا الحجر المرمريّ يُعدّ من الآثار القيّمة التي وصلت عن العصور القديمة، وعلى صفحته كتابات محفورة أشبه ما تكون بالخطّ الكوفيّ، يُعرف من خلالها تاريخ الحجر نفسه حين وُضع على القبر الشّريف.
وقد أُخرج هذا الحجر من السِّرداب قبل عدّة سنوات ووُضع في متحف العتبة الرضويّة المقدّسة كصخرةٍ أثريّة مقدّسة نفيسة، لتكون عند مرأى الزّائرين والمحبّين الموالين للإمام الرضا عليه السّلام، ولجميع المعنيّين بالشُّؤون الأثريّة والتاريخيّة والمعماريّة، ثمّ نُصب مكانه على القبر الطّاهر حجر على يد قائد الثّورة الإسلاميّة الإمام السيّد عليّ الخامنئي دام ظلّه، وكُتب عليه نَسب الإمام الرضا عليه السلام، وعدد من الآيات القرآنيّة، وبيتان لدعبل الخزاعي:

وَقَبرٌ بِطُوس يا لَها مِن مُصِيبَةٍ   ألَحَّت عَلَى الأحشاءِ بِالزَّفَراتِ
 إِلَى الحَشرِ حَتّى يَبعَثَ اللهُ قائما    يُفَرِّجُ عَنّا الغَمَّ وَالكُرُباتِ.

وغير ذلك من الكتابات التي لا يتَّسع المقام لذكرها.

القبَّة والمنائر

يعود تاريخ بناء القبّة الأولى إلى القرن الهجري السّادس بأمر السلطان سنجر السلجوقي على يد شرف الدِّين القمِّي، وكان بناؤها -كما يذكر المؤرّخون- من القاشاني، ثمّ بُدّل بعد سنوات بصفائح ذهبيّة برّاقة، لكنها تعرّضت للسَّلب من قبل الأزبكيّين، ثمّ جُدّد بناؤها، ورُصفت من جديد بصفائح الذّهب الخالص في العهد الصفوي حتى أخذت صورتها على ما نراها اليوم.‏
ولاحقاً بُنيت قبّة ثانية فوق القبّة الأُولى، مع ترك فاصلة تتخلّلها نوافذ عديدة. فصارت القبّة الشّريفة كأنّها تتكوّن من سقفَين، أو غطاءين: التّحتيّ منهما ذو منافذ تؤدّي إلى الفوقيّ، وهو مطلٌّ على الضّريح الطّاهر، وقد بُنيت تلك المنافذ على أشكال مُقَعَّرة ومُقَرْنَصة. أمّا الغطاء الخارجيّ للقبّة، فهو مغطّى بالذّهب، مشعّ بأنواره الشمسيّة البهيّة من الخارج.
يبلغ إرتفاع القبّة من أرضيّة الحرم إلى أعلى نقطةٍ في قمّة الـمُحدَّب 31 متراً و20 سنتيمتراً.
وللعتبة الرضويّة المقدّسة ثماني منائر مبنيّة بطراز يتّسم بالروعة والجمال والإرتفاع السامق. والملفت للنّظر أنّ القادم -من أيّ جهة أتى- يرى القبّة الشريفة تقع بين منارتين.

الأروقة

إلى جانب المرقد الرَّضوي أبنية مسقَّفة يُطلق عليها إسم الرّواق، ويبلغ عدد هذه الأروقة (26) رواقاً بعضها تمّ إنشاؤها قبل الثّورة الإسلاميّة الإيرانيّة وبعضها بعد الثّورة.

من أشهر هذه الأروقة:

رواق دار الحفّاظ: هو أقدم رواق في العتبة الرضويّة المقدّسة، بنتْه السيّدة گوهرشاد سنة 841 هجريّة متزامناً مع بناء المسجد الجامع المعروف باسمها (گوهرشاد).
خُصِّص هذا الرّواق للرجال، وأُعدّ لإقامة المراسم الخاصّة بتلاوة القرآن الكريم، تسبقها خطبةٌ موجّهة إلى حفّاظ العتبة الرضويّة المقدّسة.

رواق مسجد فوق الرأس: هذا الرّواق من أقدم وأقرب الأروقة إلى جانب الضريح المنوّر، ويقع إلى الجانب الغربي منه. يعود تاريخ بنائه إلى عشرة قرون، ويصلّي المؤمنون والزوّار صلاة الزّيارة في هذا الرّواق.

رواق الشيخ البهائيّ: يقع هذا الرّواق إلى جنوب شرقيّ الحرم الرضويّ المقدّس، محاذياً لدار العبادة، ومتّصلاً من ضلعه الشماليّ بساحة الحريّة [يأتي الحديث عن ساحات العتبة الرضوية]، ومتّصلاً بساحة الإمام الخمينيّ من ضلعه الجنوبيّ عن طريق ثلاثة أبواب. أمّا من جهته الشرقيّة فيقع رواق دار العبادة، ومن جهته الغربيّة يقع رواق دار الزُّهد. ويقع في وسطه  قبر العالم الشهير الشيخ بهاء الدِّين العامليّ، وقد نُقشت على صخرة قبره، وكذا على القاشانيّ الذي يكسو جدار الممرّ، نبذةٌ مختصرة عن حياته.

رواق دار الثّورة: هذا الرّواق أکبر الأروقة التابعة للحرم الرّضوي ومساحته 3650 م2، يقع شمال ساحة الثّورة الإسلاميّة. والجدير بالذِّکر أنّ مساحة الأروقة التي أُنشئت قبل الثّورة الإسلاميّة کانت 2838 م2، غير أنّ الأروقة التي تمّ بناؤها بعد الثّورة تتجاوز مساحتها 12300 م2.

الصُّحون أو الساحات

يتألّف الحرم الرّضوي الشّريف حالياً من خمس ساحات رئيسة، هي:
• السّاحة القديمة (الصحن العتيق) إسمها اليوم ساحة الثورة (صحن انقلاب‌) وتقع إلى الجهة الشماليّة من الحرم، ويبلغ طولها 104م وعرضها 64 م وتحوي أربعة أواوين، وفي وسطها حوض ماء، وفيها مرقد الشيخ الحرّ العاملي (صاحب وسائل الشيعة) رضوان الله عليه.



• السّاحة الجديدة أُنشئت عام 1947م واسمها الآن ساحة الحريّة (صحن آزادي) وتقع إلى الجهة الشرقيّة من الحرم بطول 5،81 م وعرض 51 م عرضاً، ويحوي هذا الصّحن أربعة أواوين.
•  ساحة المتحف (صحن موزة) وسمِّيت بعد الثّورة الإسلاميّة بساحة الإمام (صحن إمام) وتحوي بنايات المتحف والمكتبة والخزينة.
•  ساحة الجمهوريّة الإسلاميّة (صحن جمهوري إسلامي) التي أقيمت بعد انتصار الثّورة الإسلاميّة وتبلغ مساحتها 25000 م2 وتقع إلى جانب مسجد (گوهرشاد) وتتّصل برواق دار السِّيادة.
• ساحة القدس (صحن قدس) وتمّ إنشاؤها بعد الثورة الإسلاميّة وتقع أمام صحن الإمام ومسجد (گوهرشاد) وتبلغ مساحتها حوالي 60000 م2.

المراكز العلميّة والثقافيّة التّابعة للعتبة الرضويّة

• مؤسّسة التّحقيقات الإسلاميّة: تأسّست عام 1984م، وتضم أساتذة جامعيّين وباحثين يعملون ضمن عشرين مجموعة علميّة تخصّصيّة، وهي: القرآن، والكلام، والفلسفة، والفقه، ونهج البلاغة، والأديان، ومراجعة وتصحيح المخطوطات والكتب الإسلاميّة، والأدب، والثقافة الإسلاميّة، وجغرافية الدُّول الإسلاميّة، وكذلك التّرجمة للغات عديدة، وعلم الإجتماع، وعلم اللّغة والفنون الإسلاميّة، وأدب الأطفال، والتّاريخ الإسلامي والفلك والنّجوم، كما تصدر عنها مجلّة (مشكوة).

• جامعة العلوم الإسلاميّة الرضويّة: إفتُتحت عام 1984م، من أهمّ أهدافها تربية وإعداد المفكِّرين الإسلاميّين المتحدِّثين باللُّغات الحيّة الموجودة في العالم، ليكونوا قادرين على إيصال ‌الإسلام ومفاهيم الثّورة الإسلاميّة وعلوم أهل البيت عليهم السلام إلى الباحثين عن الحقيقة في كلِّ أنحاء العالم.

• مؤسَّسة الطِّباعة والنَّشر: تأسَّست عام 1983م، هدفها طباعة الكُتب الإسلاميّة وغير الإسلاميّة القيِّمة، وقد جرى طباعة المئات منها في مواضيع مختلفة.

• المكتبة الرضويّة (المركزيّة):  تقع داخل الرَّوضة الرضويَّة، وهي مكتبة ضخمة تضمّ مجموعة هائلة من الكُتب والمخطوطات النَّادرة يصل عددها إلى خمسمائة ألف كتاب بلغات عالميّة، ويبلغ عدد المخطوطات منها واحداً وثلاثين ألفاً.
ووفقاً لإحصاء عام 1986م فإنّ المكتبة الرّضويّة ضمّت أكثر من 200 ألف كتاب، وارتفع هذا العدد في السّنوات العشر الأخيرة إلى نصف مليون كتاب.

المتاحف

ومن المرافق الثقافيّة المتعلِّقة بالنّشاط الثّقافي الدُّولي مديريّة شؤون المتاحف والمعارض، وتشرف على أربعة متاحف، أهمها:

• المتحف الرّضوي (المركزي): إفتُتح عام 1945م وكان حينها خارج الروضة الرَّضوية، ومنذ عام 1977م تمّ نقله إلى مكانه الحالي داخل الروضة وبمساحة (1500) م2 ويضمّ قطعاً نادرة وثمينة.

• متحف القرآن الكريم: بدأ عمله عام 1981م بجمع أكبر عدد ممكن من المصاحف المخطوطة قديماً، بعضها مدوّن بأيدي أئمّة أهل البيت عليهم السلام. وتمّ افتتاحه عام 1985 تزامناً مع ذكرى انتصار الثّورة الإسلاميّة.

الأعلام المدفونون في الحَرَم الرضوي

دُفِن علماء وأناسٌ عظام وذوو مقامٍ رفيع بجوار مرقد الإمام الرضا صلوات الله عليه، وكانوا جميعهم من محبّي وخدّام العتبة الرّضويّة المقدَّسة، من هؤلاء الأعلام: الشيخ البهائي العاملي، وآية الله العظمى الشّيخ محمّد تقي آملي، والحاج الشيخ غلام حسين التبريزي، والملّا عباس تربتي المعروف بالحاج الآخوند، والمرجع الديني في وقته السيد محمد هادي الميلاني، والعلّامة السيّد محمّد الحسين الحسيني الطّهراني، وآية الله الميرزا حسين السّبزواري، وآية الله الشيخ أبو الحسن الشيرازي (المقدسي)، والشيخ الطّبرسي (صاحب الإحتجاج)، والحاج الشيخ غلام رضا الطّبسي، والشيخ الحرّ العاملي، والشيخ هاشم القزويني، والعارف الفقيه الشيخ حسن علي الأصفهاني (نخودكي)، وغيرهم كُثُر.


من سيرة الإمام الرضا عليه السلام



وُلِد الإمام عليّ بن موسى الرِّضا عليه السلام بالمدينة المنوّرة عام 148 هجريّة، وتوفّي بطوس في بلاد خراسان عام 203 هجريّة، بعدما أشخصه إليها المأمون إثر تولِّيه الحُكم عام 198 هجريّة.
والإمام الرِّضا عليه السلام  ثامن الأئمّة الإثني عشر الذين لا تخلو الأرض من حُجّة لله تعالى على النّاس بهم، بلغ عليه السلام عند النّاس من الرِّفعة والمكانة العظيمة شأناً بعيداً، ومن الإقرار بِعِلمه ما أَذهل القاصي والدَّاني في عصرٍ احتَدَم فيه النِّقاش حول حقّ الإمام عليه السلام في تولّي الخلافة، وشهد انفتاحاً واسعاً على الثَّقافات التي أَتَت بها الأُمَم والأقوام الوافِدة إلى الإسلام إثْر الفُتوحات، أو تلك التي احتَكَّ بها المسلمون في أثناء أسفارهم وتجاراتهم. وقد شَهد هذا العصر فَوْرة كبيرة في تعريب مؤلّفات تلك الأُمَم الفكريّة والعلميّة.
لم يَدَع الإمام الرِّضا عليه السلام باباً من أبواب المعرفة إلَّا وطَرَقه، كما تَطرّق إلى مشكلات عصره الفكريّة، وحاجَّ الآخرين باللُّغات الشّائعة آنذاك، وبقوَّة الفِكر وسعَة معرفته في شتّى ألوان العلوم والفنون، فكان لا يُكلِّمه خَصْم من اليهود والنّصارى والمَجوس والصَّابئين والبراهمة والمُلحدين والدّهريّة، ولا خَصْم من فِرق المسلمين المخالفين إلَّا قَطعهُ وألزمهُ الحُجَّة، وكان النّاس يقولون: «والله إنّه أوْلى بالخلافة من المأمون».
 وقد استُشهد الإمام مسموماً فـي طوس، فحُمِل الجثمان الطَّاهر إلى قرية سناباد (مشهد الحاليّة) ودُفن في جانب القبلة من قبر هارون الرَّشيد، وكان المأمون يُريد بذلك أن يبقى أثر قبر أبيه ثابتاً لا يُمحى، وفي ذلك يقول دعبل الخزاعي:

قَبْران في طُوس خَيْرُ الخَلْقِ كلّهم     وقبـر شَرِّهم هذا من العِبَرِ
ما ينفع الرِّجس من قُرْبِ الزَّكيِّ    وما على الزَّكيِّ بِقُرْبِ الرِّجس من ضّرَرِ
هيـهات كلُّ امرئٍ رهنٌ بما كَسَبْت     لــه يــداهُ فَخُـذ ما شِئْتَ أو فَذَرِ


 



 

اخبار مرتبطة

  مجلة شعائر الـعدد الثامن عشر-شهر ذو القعدة 1432 - تشرين الأوّل 2011

مجلة شعائر الـعدد الثامن عشر-شهر ذو القعدة 1432 - تشرين الأوّل 2011

نفحات