تلاوة القرآن الكريم

تلاوة القرآن الكريم

25/09/2011

تلاوة القرآن الكريم


 
تلاوة القرآن الكريم
آدابُ القلب والجوارح

إعداد: «شعائر»

(التحفة السنيّة) كتاب مخطوط للعالم الفقيه والأديب السيّد عبدالله بن نعمة الله الجزائري المتوفّى سنة 1173 هجريّة، وهو شرح لكتاب (النخبة المحسنيّة) للمرحوم الملّا محسن الفيض، وفيه الحلال والحرام والسنن والآداب، وقد اقتطفنا منه –بتصرّف يسير- بعض ما يرتبط بفضل تلاوة القرآن وآدابها الباطنيّة والظاهريّة.   


وردَ في الأخبار أنّ من استمع حرفاً من القرآن مثل: ألف، ولام، وميم، أو قرأ فيه نظَرَاً من غير صوت فَلَهُ به حسنة، ومحوُ سيئة، ورفعُ درجة. ومَن تعلّم منه حرفاً ظاهراً، أو قرأه في غير صلاة، فَلَهُ به عشرة أمثال ذلك، ومَن قرأه في صلاته جالساً فخمسون مثله، وقائماً فمائة، ومن ختمَه كلَّه فله دعوة مستجابة مؤخّرة أو معجّلة. ورُوي أكثر من ذلك.
وحقُّ تلاوة القرآن أن يتأدّب القارىء بالآداب الباطنة والظاهرة، وذلك بأن ينوي بالقراءة إيناسَ السرّ بالله عن وحشة الدنيا، وقضاءَ حقّ الشوق بالمناجاة معه عزّ وجلّ، ومخاطبتَه واستماعَ خطابَه. وإنّ للمشتاقين بكتاب الحبيب الودود وتَردادِ كلامه، وما يجدون في ذلك من الحلاوة والطلاوة، لَفَرَحاً وشُغلاً شاغلاً.

وحقُّ التلاوة أيضاً ضبطُ أحكامِ العبوديّة من الأوامر والنواهي، والحدود، والبشارات والإنذارات، وغير ذلك. وحقٌّ التلاوة أن يتطهّر، فإنّ للمتطهّر خمساً وعشرين حسنة، ولغيره عشر حسنات، ويتطيّب، فإنّ الملائكة تحضره، ويتأدّب بأحسن الأدب وهو من جملة التعظيم. ويجوز الاضطجاع أحياناً رُخصةً سيّما لذوي الأعذار، وأن يتعوّذ من الشيطان في ابتداء قراءته امتثالاً لقوله تعالى: ﴿فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم﴾ النحل:98، والأفضل أن ينظر في المصحف وإنْ كان حافظاً عن ظهر قلبه، لأنّ النظر فيه عبادة كما في رواية إسحاق بن عمّار، وَوَرد أنّه ليس شيءٌ أشدّ على الشيطان من القراءة في المصحف نظراً، وأنّ القارىء فيه يُمتَّعُ ببصره، ويُخفَّف العذاب عن والديه وإنْ كانا كافرَين، وأن يقرأ في كلّ يوم لا أقلّ من خمسين آية، وَلْيَكُن ذلك إذا أصبحَ بعد التعقيب، ولا يختم في أقلّ من شهر، لأنّ القرآن لا يُقرأ هَذْرَمَة، أي سرعةً إلّا في شهر رمضان، لأنّ له حقّاً وحُرمةً ولا يُشبهه شيءٌ من الشهور، فيُكثر التلاوة فيه، فيختم القرآنَ في كلّ ستّ ليال أو ثلاث، وأن يرتّله ترتيلاً كما ورد الأمرُ به في قوله تعالى: ﴿..ورتّل القرآن ترتيلاً﴾ المزّمل:4، وفُسّر الترتيل في حديث أمير المؤمنين عليه السلام بحفظ الوقوف وبيان الحروف، وفُسّر الأوّل بالوقف التامّ والحَسَن، والثاني بالإتيان بصفات الحروف المعتبرَة؛ من الجهر، والهَمْس، والإطباق، والاستعلاء وغيرها.

وعن أبي عبد الله عليه السلام: «إحذَرْ أن تقعَ من إقامتِك حروفَه في تَضييع حدودِه».

وحقُّ تلاوته أيضاً أنّ يُقرأ بصوتٍ حَسَن، فإنّه حِليةُ القرآن. وعن أبي عبد الله عليه السلام في الترتيل: «هو أن تمكثَ وتُحسِّن به صوتَك» و«إنّ القرآنَ نزلَ بالحزنِ فاقرأوه بالحزن»، وأن لا يهذُّه هذَّ الشِّعر كما في رواية أخرى، ولا ينثره نثْرَ الدَقَل كما في حديث ابن مسعود. والهذُّ سرعة القراءة، أي لا يُسرع فيه كما يُسرع في قراءة الشِّعر، ولا يفرّق بين كلماته بحيث لا تكاد تجتمع كالدَقَل، وهو رديء التمر ويابسه وما ليس له اسمٌ خاصّ، فتراه لِيَبَسِه ورداءته لا يجتمع ويكون منثوراً. وفي حديث أمير المؤمنين عليه السلام: «لا تنثرْه نثْرَ الرَّمْل»، وهو أوضح، وكان التعبير به أولى، ولا يكون همُّه آخرَ السورة، للنّهي عنه فيه، وهو كناية عن العجلة والتبرُّم، ويعظّم [القارىء] القرآن فإنّه من أعظم شعائر الله، وهو من الحقوق الواجبة على غير القارىء أيضاً، والإستخفاف به ربّما يكون كفراً.

اخبار مرتبطة

  مجلة شعائر الـعدد الثامن عشر-شهر ذو القعدة 1432 - تشرين الأوّل 2011

مجلة شعائر الـعدد الثامن عشر-شهر ذو القعدة 1432 - تشرين الأوّل 2011

نفحات