صاحب الأمر

صاحب الأمر

13/11/2018

انتظارُ الفَرَج

انتظارُ الفَرَج

التمهيد للظّهور بصلاح النَّفْس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العلامة السيد علي الميلاني* ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من الأمور الأساسية والهامة على مستوى الاعتقاد والعمل، ملاحظة أن غَيبة الإمام المهديّ عجّل الله فرجه كانت بمشيئة الله تبارك وتعالى. وهذه المشيئة الإلهية -التي منشؤها مصلحة العباد- إنما كانت لسبب. وذلك السبب لا يعدو أن يكون أحدَ أمرين: وجود المانع أو عدم المقتضي. وبكلمة: إنّ ظهور الإمام المهديّ صلوات الله عليه لن يتحقّق قبل ارتفاع الموانع دونه، ولن يتحقّق أيضاً قبل حصول المقتضي؛ وهو وجود الأرضية المناسبة لظهوره الشريف. وهذا بيّن. إلا أننا نجهل وقت ارتفاع المانع وتحقّق المقتضي، ولذا، ورد عنهم عليهم السلام: «إنّما أمرُنا بَغْتَة».

نقطة ثانية: ورد في رواياتنا أنّ حكومة الإمام المهديّ عجّل الله فرجه، سوف تكون على منهاج حكومة داود عليه السلام؛ أي أنه يحكم بحكم داود النبيّ. فما المقصود بذلك؟

رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأَيمان، وبعضُكم ألحَنُ بحجّته من بعض، فَأَيُّما رَجُلٍ قطعتُ له مِنْ مَالِ أخيهِ شيئاً، فإنّما قطعتُ له بهِ قطعةً من النّار». [الكافي:7/414]

أي أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان إذا تخاصم إليه رجلان على شيء، طلب من المدّعي البيّنة على صدق دعواه، فإنْ أقامها حكم له بتملّكه؛ وهذا معنى قوله صلّى الله عليه وآله: «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات». وأما إذا كانت البيّنة التي أقامها المدّعي كاذبة [من قبيل شهادة رجلين لصالحه كذباً وزوراً]، فيكون تملّكه لذلك الشيء غصباً وحراماً، والرسول، وإنْ كان حَكم لصالحه، إلا أن الواقع أنه صلّى الله عليه وآله اقتطع له قطعةً من نار جهنّم: «..فإنّما قطعتُ له بهِ قطعةً من النّار».

لكنّ الإمام المهديّ صلوات الله عليه، متى ظهر، لا يأخذ بهذه القواعد والأحكام الظاهرية، وإنّما وظيفته من قِبل الله تعالى أن يحكم طبق الواقع. فإذا حكم صلوات الله عليه أنّ ما بحوزتي مِلكٌ لزيد، قبضه منّي ودفعه إليه. وكذا، إذا حكم أنّ الدار التي أسكنها هي في الواقع، مِلكٌ لعمرو، ملّكه إياها، لا يسألني في ذلك البيّنة، وإنما يُرجع كلّ حقٍّ إلى صاحبه بحسب الواقع، لا بحسب الأدلة الظاهرية.

وقد تحصّل لدينا مما تقدّم أمران: الأول: أن ظهور الإمام المهديّ عليه السلام يكون بغتةً. والثاني: أنه صلوات الله عليه يحكم بحسب الواقع. وعليهما، يتوجّب أن نُسائل أنفسنا عن تكليفها في ما يتّصل بشؤوننا النفسية والشخصية، وأمورنا الاجتماعية، وحقوق الله سبحانه وتعالى، وحقوق الآخرين علينا؟ وبعبارة: ما هو تكليف كلّ فردٍ منا ونحن نحتمل، كلَّ لحظة، ظهور الإمام عليه السلام، ونعتقد في الوقت نفسه بأنّ حكومته ستكون طبق الواقع، لا على أساس القواعد الظاهرية؟

ومتى تنبّهنا إلى هذه التساؤلات، اتّضح لدينا معنى قول المعصوم عليه السلام: «أفضلُ الأعمالِ انتظارُ الفَرَج». وفهمنا فحوى ما ورد في الروايات من أنّ الأئمّة عليهم السلام كانوا ينهون أصحابهم عن استعجال ظهور الإمام عليه السلام، بل كانوا يأمرون ويؤكّدون ضرورة إطاعة الإنسان لربّه، وأنْ يكون مستعدّاً لظهوره صلوات الله عليه.

بناءً على ما تقدّم، يُمكن القول إن الانتظار، وترقّب الحكومة الحقّة، خيرُ وسيلة لإصلاح الفرد والمجتمع، فإذا صَلُحنا وصلُحت أحوالنا نكون قد مهّدنا الطريق لظهور الإمام عليه السلام، ولكي نكون من أعوانه وأنصاره. وهذا الانتظار معناه أن يعكس الإنسان في نفسه ويطبّق عليها ما يقتضيه الواقع، قبل أن يظهر الإمام عليه السلام ويكون هو المطبِّق. فإذا أردنا أن نكون ممهّدين لتحقّق الأرضية المناسبة لظهور الإمام عليه السلام، علينا أن نراقب أنفسنا، فتكون المعتقدات الدينية الإسلامية لكلّ واحدٍ منا منسجمة مع سلوكه وتصرفاته، بينه وبين نفسه، وأيضاً مع الآخرين في المجتمع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* المقال مختصَر عن الفصل الثالث من كتابه (الإمام المهديّ عليه السلام)

 

الحقائق المهدويّة في مطاوي القرآن الكريم

  • إدريس هاني*

عجباً للمسلمين كيف عزّ عليهم أن يستلهموا من قرآنهم حقائق المهدوية كما استلهمها مستشرق فرنسيّ مثل «هنري كوربان» حيث عزاها إلى أصل القرآن، دفعاً للقائل بأنها منتحلة عن الأفكار والمعتقدات التي نشأت في المجال الديني والسوسيو ثقافي الذي حلّت به الرسالة الإسلامية، مؤكداً دعوته إلى التأمّل في نصوص القرآن الكريم، للتأكّد بأن عقيدة المهديّ عليه السلام تكاد تتخلّل كلّ عقائده.

نعم، فالقرآن نفسه وعد بأن يُقيم على الأرض جنّةً تتنزّل بركاتها من السماء، كما وعد بخسف الكافرين مهما عتوا في الأرض عتوّاً واستكبروا استكباراً. وعليك أن تُحصي كلّ الآيات التي وعدت تلك الوعود، من دون أن تتحقّق واحدةٌ منها حتّى اليوم.

وها هو الرسول الخاتَم صلّى الله عليه وآله وسلّم، وقد مات أو قتل، وها هم الأئمّة الأطهار عليهم السلام وقد التحقوا بالرفيق الأعلى، فمَن يا ترى حقيقٌ بأن يحقّق وعدَ الله في الأرض؛ بأن يرعى دينه: ﴿.. لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾. [التوبة:33]

ولنا أن نتّخذ ميزاناً نَزِنُ به حقيقة ومصداق كلّ آية فيها وعدٌ ولم يتحقّق -وما أكثره- إلا وكان أمارةً على أن أمراً لم يتمّ في دنيا الناس، اللهُ مُتِمُّه ولو كره الكافرون، ولا يُتصوّر تحقّقه إلا في ضوء العقيدة المهدويّة.

فلا وجود لسرٍّ تَلبّس به أمر المهديّ عليه السلام، إلا وله نظائرُ في الذكر الحكيم؛ كَرفعة إدريس وعيسى عليهما السلام، وغَيبة موسى عليه السلام أربعين يوماً عن قومه، واختفاء أمر الخضر عليه السلام عن عموم الصالحين وتدبيره السرّيّ لما ينفع الناس. فانظُرْ تجدْ لأمر الغَيبة الكبرى نظائرَ كأهل الكهف الذين دخلوا في نومٍ امتدّ بهم جيلاً بعد جيل. فإنْ لم يكن عزيزاً أن يُبقي الله فتيةً يتقلّبون على جُنوبهم ليكونوا آيةً لقومٍ شاء الله أن يسخّرهم في طريق لُطفه، فكيف يعزّ عليه عزّ وجلّ، ذلك في صالح أهل بيت النبوّة عليهم السلام.

وإن مثل هذه الأمثال تجعل الاعتقاد بالمهديّ عليه السلام تحصيل حاصل في الاعتقاد الدينيّ، ومَن أمكنهم أن يؤمنوا بهذا في الأول، أمكنهم الإيمان به في المآل، وبذلك وُصفوا في محكم التنزيل: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ..﴾. [البقرة:3]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مفكّر مغربي

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

14/11/2018

دوريات

  اجنبية

اجنبية

14/11/2018

اجنبية

نفحات