أحسن الحديث

أحسن الحديث

منذ أسبوع

موجز في تفسير سورة «قريش»

 

﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾

موجز في تفسير سورة «قريش»

ـــــــــــــــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــــــــــــــ

* السورة السادسة بعد المائة في ترتيب سوَر المُصحف الشريف، نزلت بعد سورة «التين».

* سُمّيت بـ«قريش» لابتدائها بقوله تعالى بعد البسملة: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾.

* آياتها أربع، وهي مكّية، جاء في الحديث الشريف: «مَن قرأها أُعطيَ من الأجرِ عشرَ حسنات..».

 

تقع مكّة في وادٍ غير ذي زرع، والرعي فيها قليل، لذلك كانت عائدات أهل مكّة غالباً من قوافل التجارة. في فصل الشتاء يتّجهون إلى أرض اليمن في الجنوب حيث الهواء معتدل، وفي فصل الصيف إلى أرض الشام في الشمال حيث الجوّ لطيف. والشام واليمن كانتا من مراكز التجارة آنئذٍ، ومكّة والمدينة حلقتا اتّصال بينهما.

و«الإيلاف» من الإلفة، وقد يكون المقصود من «إيلاف قريش» جعْلهم يألفون الأرض المقدّسة خلال رحلاتهم، وينشدّون إليها لما فيها من أمن، كي لا تغريهم أرض اليمن والشام، فيسكنون فيها ويهجرون مكّة.

مضامين السورة

تتضمّن السورة بيانَ نعمة الله تعالى على قريش بإيلافهم الرحلتين، ولطفه بهم، ومحبّته لهم، كي يحرّك فيهم دافع الشكر، ويحثّهم على عبادة ربّ هذا البيت العظيم، الذي يستمدّون منه كلّ مفاخرهم وشرفهم. والمعتمد عند جمهور العلماء أنها متمّمة لسورة «الفيل». وقد رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام: «لا تجمعْ بين السورتَين في ركعةٍ واحدة، إلا (الضّحى) و(ألم نشرح)، و (ألم ترَ كيف) و(لإيلاف قريش)».

فضيلة سورة «قريش»

* عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في ثواب قراءة سورة قريش: «مَن قرأها أُعطيَ من الأجرِ عشرَ حسناتٍ بعددِ من طاف بالكعبةِ واعتكفَ بها».

* وعن الإمام الصادق عليه السلام: «مَن أكَثر قراءة ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ بعثَه اللهُ يومَ القيامة على مركبٍ من مراكب الجنّة، حتّى يقعدَ على موائد النّور يوم القيامة».

* ومن خواصّ سورة «قريش» المباركة، ما ذكره الشيخ الكفعمي في (المصباح): «مَن قرأها على طعامٍ أمِن من ضرّه، وإنْ قرأها جائعٌ قبل طلوع الشمس سهّل اللهُ له مَن يُطعمه».

تفسير العلامة الطباطبائي

 

قوله تعالى: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْف * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾. (الآيات:1-3)

* «الإلف» بكسر الهمزة: اجتماعٌ مع التئام، ومنه الأُلفة.

* «قريش»: عشيرة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم.

* «الرّحلة»: حال السير على الراحلة، وهي الناقة القوية. والمراد بالرحلة خروج قريش من مكّة للتجارة، وذلك أنّ الحرم وادٍ جديب لا زرع فيه ولا ضرع، فكانت قريش تعيش فيه بالتجارة، وكانت لهم في كلّ سنة رحلتان للتجارة، رحلة في الشتاء إلى اليمن، ورحلة بالصيف إلى الشام، وكانوا يعيشون بذلك، وكان الناس يحترمونهم لمكان البيت الحرام فلا يتعرّضون لهم بقطع طريقهم، أو الإغارة على بلدهم الآمن.

* وقوله تعالى: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ اللام فيه للتعليل، وفاعل الإيلاف هو الله سبحانه، ومحصّل معنى الآيات الثلاث: «لتعبدَ قريشٌ ربَّ هذا البيت لأجل إيلافه إيّاهم رحلة الشتاء والصيف...».

هذا بالنظر إلى كون السورة منفصلة عمّا قبلها، ذات سياق مستقلّ في نفسها، وأمّا على تقدير كونها جزءاً من سورة الفيل، متمّمة للآية الأخيرة منها: ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾، فذكروا أنّ:

- اللام في «لإيلاف» تعليلية، متعلّقة بمقدَّر يدلّ عليه المقام، والمعنى: فعلْنا ذلك بأصحاب الفيل نعمةً منّا على قريش، مضافة إلى نعمتنا عليهم في رحلة الشتاء والصيف، فكأنّه تعالى قال: نعمةً إلى نعمة.

- وقيل: المعنى: فعلنا ذلك بأصحاب الفيل لتألَف قريش بمكّة ويمكنهم المقام بها، أو لنؤلّف قريشاً، فإنّهم هابوا من أبرهة لمّا قصدها، وهربوا منه، فأهلكناهم لترجع قريش إلى مكّة، ويألفوا بها، ويولد محمّدٌ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فيُبعث إلى الناس بشيراً ونذيراً..

* قوله تعالى: ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾. (الآية 4)

إشارة إلى ما في إيلافهم الرحلتين من مَنِّه الواضح، ونعمته الظاهرة عليهم، وهو الإطعام والأمن، فيعيشون في أرض لا خصبَ فيها ولا أمن لغيرهم، فليعبدوا ربّاً يدبّر أمرهم أحسن التدبير، وهو ربّ البيت تبارك وتعالى.

 

قُل... ولا تَقُل

* هاجت ريحٌ على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله، فسَبَّها رجلٌ! فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله: «لا تَسُبَّها فإنّها مأمورة، ولكنْ قُل: اللهمّ إنّي أسألُك خيرَها، وخيرَ ما فيها، وخيرَ ما أمرتَ به، وأعوذُ بكَ من شرّها وشرِّ ما فيها».

 

* عن أبي ذرّ الغفاريّ رضوان الله عليه، قال: كنتُ سائراً في أغراضٍ مع أمير المؤمنين عليه السلام، إذ مررنا بوادٍ ونَملُه كالسّيل الساري، فذُهِلتُ ممّا رأيت، فقُلت: اللهُ أكبر! جَلَّ مُحصيه! فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «لا تَقُلْ ذلكَ يا أبا ذرّ، ولكنْ قُلْ: جلّ بارئُه! فَوَالّذي صوّرك، إنّي أُحصي عددَهم، وأعلمُ الذَّكرَ منهم والأنثى، بإذن اللهِ عزّ وجلّ».

 

* وعن سنان الرهاويّ، قال: خرجتُ مع عليٍّ عليه السلام إلى أهل الشام، فلمّا دخلنا المدائن وبصرنا إلى آثار كسرى، قال جرير بن سهم التميميّ:

عَفَتِ الرياحُ على رسومِ ديارِهم * فكأنّمـا كانـوا علـى ميعـادِ

فقال عليٌّ عليه السلام: «كيفَ قلتَ يا أخا بني تميم... ألا قُلْتَ: ﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾. إنّ هؤلاء كانوا وارِثين، فأصبحوا مَوروثين، إنّ هؤلاء كفروا النِّعَمَ، فحَلّت بهمُ النِّقَم...».   (الدخان:25-26)

* وعن ابن أبي نصر البَزَنطيّ، قال: سأَلَنا الرضا عليه السلام: «هل أحدٌ من أصحابِكم يعالجُ السلاح؟»، فقلت: رجلٌ من أصحابنا زَرّاد. فقال: «إنّما هو سَرَّاد، أمّا تقرأ في كتاب الله عزّ وجلّ، في قول اللهِ لداودَ عليه السلام: ﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ...﴾، الحلقة بعد الحلقة». (سبأ:11)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر بالترتيب: (تاريخ جرجان للسّهمي: ص 335)؛ (مدينة المعاجز: ح 452)؛ (مستدرك الحاكم:2/449)؛ (قرب الإسناد للحِمْيَري:ح 1305).

 

اخبار مرتبطة

  ايها العزيز

ايها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ أسبوع

دوريات

  اجنبية

اجنبية

منذ أسبوع

اجنبية

نفحات