الملف

الملف

09/12/2018

قبسٌ من وصايا الإمام الحسن العسكريّ وعلومه

 

قبسٌ من وصايا الإمام الحسن العسكريّ وعلومه

اكتبْ إلى الله عزّ وجلّ رقعةً وأنفِذها إلى مشهد الحسين

  • إعداد: «شعائر»

إنّ المتبصّر في حِكم ومواعظ الإمام العسكريّ عليه السّلام، يجدُه إذا أراد أن يوصيَ أحداً هداه إلى أوضح المسالك، وأراه أنجحَ السُّبل، ودلّه إلى حيثُ كرامةُ الدنيا وسعادة الآخرة.

• فمِن وصيّة له عليه السّلام إلى شيعته.. جاء فيها:

«أُوصيكم بتقوى الله، والورعِ في دينكم، والاجتهاد لله، وصِدقِ الحديث، وأداء الأمانة إلى مَن ائتمنكم مِن برٍّ أو فاجر، وطولِ السجود، وحُسن الجوار.. فبهذا جاء محمّدٌ صلّى الله عليه وآله وسلّم..».

• وكتب عليه السّلام إلى إسحاق بن إسماعيل النيسابوريّ:

«يا إسحاق، ليس تَعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوبُ التي في الصدور؛ وذلك قول الله في محكم كتابه حكايةً عن الظالم إذ يقول: ﴿.. رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾. وأيّ آيةٍ أعظمُ من حُجّةِ الله على خَلْقه وأمينهِ في بلاده، وشهيدهِ على عباده؟!..». (طه:125-126)

• وأوصى عليه السّلام أحدَهم، فقال له:

«اِدفعِ المسألةَ ما وجدتَ التحمّل يُمكنك؛ فإنّ لكلّ يومٍ رزقاً جديدا، واعلم أنّ الإلحاحَ في المطالب يسلب البهاء، ويُورِث التعبَ والعناء، فاصبر.... فربّما كانت الغِيَر ( أي الأحداث المتغيّرة أو المصائب ) نوعاً من أدب الله...».

• وكتب عليه السلام، إلى رجل شكى له سوء حاله في السجن: «يا عبدَ الله، إن الله عزّ وجلّ يمتحنُ عباده ليختبرَ صبرهم... فعليك بالصبر، واكتبْ إلى الله عزّ وجلّ رقعةً وأنفِذها إلى مشهد الحسين عليه السلام، وارفعها عنده إلى الله عزّ وجلّ».

• كَتبَ إليه بعضُ مَواليه يسأله أن يعلّمه دعاءً، فكتب إليه: «أُدْعُ بهذا الدعاء: يا أسمعَ السامعين، ويا أبصرَ المبصِرين، ويا أنظرَ الناظرين، ويا أسرعَ الحاسبين، ويا أرحمَ الراحمين، ويا أحكمَ الحاكمين، صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد، وأوسِعْ لي في رزقي، ومُدّ لي في عمري، وامنُنْ علَيّ برحمتك، واجعلني ممّن تنتصرُ به لدِينك ولا تَستَبدِلْ بي غيري».

• وعنه عليه السلام: «ما من مؤمن ظلم، فتوضّأ وصلّى ركعتين، ثمّ قال: (اللّهمّ إنّي مظلوم فانتصِرْ)، وسكتْ، إلاّ عجّل اللهُ تعالى له النصر».

 

مواجهة الغلوّ

استفحل أمر الغُلاة في عصر الإمام العسكريّ، ونسبوا إلى الأئمّة الهداة صلوات الله عليهم أجمعين، أموراً هم عنها براء، ولأجل ذلك ركّز الإمام على نفي الغلوّ، وصرّح في غير مناسبة بأسماء المغالين، وبراءته منهم.

• عن إدريس بن زياد الكفرتوثائي، قال: «كنتُ أقول فيهم قولاً عظيماً -أي ينسب إلى المعصومين الخلْق والرزق- فخرجت إلى العسكر للقاء أبي محمّدٍ عليه السلام، فقدمتُ وعلَيّ أثرُ السفر ووعثاؤه، فألقيت نفسي على دكّان حمّام، فذهب بيَ النوم، فما انتبهتُ إلاّ بمقرعة أبي محمّد، قد قرعني بها، حتّى استيقظت فعرفته، فقمتُ قائماً أُقبّل قدميه وفخذه وهو راكب، والغلمان من حوله، وكان أوّل ما تلقّاني به أن قال: يا إدريس! ﴿..بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لاَيَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾..». (الأنبياء:26-27)

• ورُوي عنه عليه السلام، في تفسير قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾، قال: «الصّراطُ المستقيم هو: صِراطان: صراطٌ في الدنيا وصراطٌ في الآخرة:

أما الأول: فهو ما قصُر عن الغلوّ وارتفع عن التقصير، واستقامَ فلم يعدِل إلى شيءٍ من الباطل.

وأما الطريق الآخر: فهو طريقُ المؤمنين إلى الجنّة الذي هو مستقيم، لا يعدِلون عن الجنّة إلى النّار، ولا إلى غير النّار، سوى الجنّة».

• وكتب إليه أحد الموالين أنّ: «..قوماً يتكلمون ويقرؤون أحاديث ينسبونها إليك وإلى آبائك... ولا يجوز لنا ردّها إذ كانوا يروون عن آبائك عليهم السلام، ولا قبولها لما فيها... رجلٌ يُقال له عليّ بن حسكة، وآخر يقال له القاسم اليقطيني. من أقاويلهم أنهم يقولون: إن قول الله تعالى: ﴿..إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر..﴾؛ معناها رَجُل، لاسجودٌ ولا ركوعٌ. وكذلك الزكاة؛ معناها ذلك الرّجل، لاعددُ درهم ولا إخراجُ مال!... فكتب عليه السلام، في جوابه: «ليس هذا ديننا، فاعتزِله». (العنكبوت:45)

وفي كُتب الرجال: عليّ بن حسكة الحوّار، كان أستاذ القاسم الشعراني اليقطيني، من الغلاة الكبار، ملعون.

 

نظام الوكلاء

يُعتبر «نظام الوكلاء» حلقة الوصل والمؤسسة الوسيطة بين الإمام وأتباعه في حال حضور الإمام عليه السلام، ولا سيّما عند صعوبة الارتباط به.

كما أنه أصبح البديل الوحيد للارتباط بالإمام عليه السلام في الغَيبة الصغرى.

ومن هنا كان الاعتماد على الثقات من جهة، وتعويد الأتباع للارتباط بالإمام عليه السلام من خلال وكلائه أمراً لا بد منه، وهذا الأمر يحتاج إلى سياسة تعتمد السُّنن الاجتماعية وتأخذها بنظر الاعتبار، ولا يمكن لمثل هذه المؤسسة البديلة أن تُستحدث في أيام الغَيبة الصغرى، بل لا بدّ من التمهيد لذلك بإنشائها وإثبات جدارتها تاريخياً من خلال مراجعة الوكلاء والتثبّت من جدارتهم، وتجذّر هذه المؤسسة في الوسط الشيعي ليكون هذا البديل قادراً على تلبية الحاجات الواقعية للموالين، ولئلا تكون صدمة الغَيبة فاعلة وقوية. ومن هنا كان يتّسع نشاط هذه المؤسسة ويصبح دورها مهماً كلّما اشتدت الظروف المحيطة بالإمام المعصوم عليه السلام، وكلّما اقترب الأئمة من عصر الغَيبة.

وعلى هذا يتّضح أن عصر الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام، الذي كان يشكّل نقطة الانتقال المهمّة والجوهرية من عصر الحضور إلى عصر الغَيبة، كان يستدعي الاعتماد الكبير على الوكلاء، ويستدعي إحكام نظامهم، وكثرة مهامّهم، واتّساع دائرة نشاطهم وتواجدهم، اتّساعاً يمهّد للانتقال بأتباع أهل البيت عليهم السلام إلى دور الغَيبة التي ينقطعون فيها عن إمامهم وقيادتهم المعصومة.

إنّ مقارنة عدد وكلاء الإمام العسكريّ عليه السلام بوكلاء الإمام الهادي عليه السلام، ومناطق تواجد هؤلاء الوكلاء والمسؤوليات الملقاة عليهم، وكيفية الارتباط في ما بينهم، تشهد على تميّز الدور الكبير للوكلاء في هذه الفترة القصيرة جدّاً، وهي ستّ سنوات، كما أن استقرار الوكلاء في مناصبهم واعتماد الإمام العسكريّ عليهم، وبيان ذلك لأتباعه، قد حقّق الهدف المرتقب من نظام الوكلاء في مجال تسهيل الانتقال إلى عصر الغَيبة بأقلّ ما يمكن من الأخطار والتبعات.

(أعلام الهداية)

 

اخبار مرتبطة

  ايها العزيز

ايها العزيز

  دوريات

دوريات

10/12/2018

دوريات

  اجنبية

اجنبية

10/12/2018

اجنبية

نفحات