الملف

الملف

منذ 3 أيام

الصِّدّيقة الشهيدة

الصِّدّيقة الشهيدة

السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام

اقرأ في الملف

 

استهلال                                                                                    غُضُّوا أبصاركم حتّى تَجوزَ فاطمة...

هذا الملفّ                                                       

مظلوميّة الزهراء عليها السلام والوحدة الإسلامية                                         الشيخ حسين كَوراني

مكامن العظَمة في شخصيّة السيدة فاطمة عليها السلام

مصحف فاطمة عليها السلام.. أجَلُّ فضائلها

الخطبة الفاطميّة.. إدانة نبويّة للانقلابيّين

«أمّ أبيها»: المعاني والدلالات

أخطر الحُجُب دون تولّي الزهراء عليها السلام

 

استهلال

غُضُّوا أبصاركم

حتّى تَجوزَ فاطمة...

«..عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام، قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إذا كان يومُ القيامةِ، تُقبِلُ ابنتي فاطمة على ناقةٍ من نوقِ الجنّة... وجبرئيلُ آخذٌ بِخطامِ النّاقةِ، ينادي بأعلى صوتِه: غُضُّوا أبصارَكُم حتّى تَجوزَ فاطمةُ بنتُ محمّد.

فلا يبقى يومئذٍ نبيٌّ ولا رسولٌ ولا صدّيقٌ ولا شهيدٌ، إلّا غضّوا أبصارَهم... فتَسير حتّى تحاذي عرشَ ربِّها جلّ جلالُه..

وتقول: إلهي وسيِّدي، احكُم بيني وبين مَن ظلَمني، اللّهمّ احكُمْ بيني وبين مَن قَتلَ وَلدي.

فإذا النداء من قِبَل الله جلّ جلالُه: يا حبيبتي وابنة حبيبي، سَليني تعطي، واشفَعي تُشَفَّعي، فَوعزّتي وجلالي لا جازَني ظلمُ ظالمٍ.

فتقول: إلهي وسيّدي، ذرّيّتي، وشيعتي، وشيعة ذرّيتي، ومحبّيَّ ومحبّي ذريّتي.

فإذا النداء من قِبَل الله جلّ جلاله: أينَ ذريّة فاطمة وشيعتُها ومُحبّوها ومحبّو ذرّيتها؟ فيقبلون وقد أحاط بهم ملائكةُ الرّحمة، فتقدّمهم فاطمة حتّى تُدخلَهم الجنّة».

(أمالي الصدوق: ص 69 – 70)

 

 

هذا الملفّ

 

في رحاب الذكرى الأليمة لشهادة مولاتنا الزهراء سلام الله تعالى عليها، التي تحلّ في الثالث عشر من جُمادى الأولى (على الرواية بأنّها توفّيت بعد رحيل النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم بخمسة وسبعين يوماً)، نخصّص ملفّ هذا العدد لجوانب من سيرتها ومنزلتها، عليها السلام.

جميع المقالات الواردة في الملفّ مختصرة عن فصول كتاب (في محراب فاطمة عليها السلام) لسماحة الشيخ حسين كوراني، وهي -في الأصل- دروسٌ ألقاها سماحته في «مصلّى السيدة زينب عليها السلام» في دمشق، بين عامَي 1417 و1419 الهجريّين، ضمن سلسلة أسبوعية، حملت عنوان «أساسيّات في الفكر والسلوك».

تدور المقالات حول محور أساس، هو التأكيد، مع الاستدلال على المقام السامي الذي حازته الصدّيقة الكبرى عليها السلام، بشهادة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. وفي المقابل بيان خطورة الفهم الذي يؤدّي -عن قصد أو غير قصد- إلى التقليل من مكامن العظَمة في شخصيتها عليها السلام، أو التهوين من بشاعة ما جرى عليها من ظُلم، هو في الحقيقة ظُلم للرسالة ولإنجازات الأنبياء عليهم السلام.

في مقالات الملفّ:

* حلٌّ لإشكالية تعارض الحديث عن ظلامة الزهراء عليها السلام وإدانة خصومها، مع مبدأ الوحدة الإسلامية، بأنْ لا تعارض بين الأمرَين ما دام الحديث عن ظُلامتها ضمن ضوابط البحث العلميّ تبرئةً للذمّة، وأنْ لا وحدة حقيقية إلا التي تقوم على حقائق الدّين وثوابته، و«المودّة في القُربى»، من عناوينها الأبرز.

* عظَمة الزهراء عليها السلام من عظَمة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فهي بَضعةٌ منه وروحُه التي بين جنبَيه. وجوهر هذه العظمة العبودية والطاعة المطلقة لله عزّ وجلّ.

* مصحف فاطمة عليها السلام من دلائل العظَمة الفاطمية المحمّدية، وكلام للإمام الخمينيّ عن أن نزول جَبرئيل على الصدّيقة الكبرى يكشف عن مقام خاصّ، لم يبلغه إلا الطبقة العليا من الأنبياء عليهم السلام.

* خطبتها عليها السلام في المسجد النبويّ صرخة هادرة في وجه الانقلابيّين؛ طلّاب السلطة لأجل الدنياـ وما قامت به عليها السلام، لم يتَسنَّ لأمير المؤمنين عليه السلام القيام به في تلك الظروف.

* كُنية «أمّ أبيها» تحمل من الدلالات ما يؤكّد عظيم المرتبة الفاطمية، ويجعلها عليها السلام في مقام القبلة التي ينبغي التوجّه إليها في الطريق إلى الله تعالى.

* وقوف عند العوامل التي تَحول دون التأدّب بآداب ولايتها عليها السلام، ومن أخطرها انتشار الجهل بخطورة موقفها وأهميّته، بعد رحيل رسول الله صلّى الله عليه وآله.

 

كلاهما من صميم الدين

مظلوميّة الزهراء عليها السلام والوحدة الإسلامية

 

قد يتبادر إلى الأذهان السؤال التالي: نحن نعيش في مرحلة حسّاسة من عمر الإسلام، فقد «برز الإيمان كلّه إلى الكفر كلّه»، ودماء الشهداء تغلي، وهذه أصداؤها تتردّد في أرجاء العالم الإسلامي، ونحن مدعوّون إلى توحيد الكلمة في مواجهة الغارة الأمريكية والصهيونية على أمّتنا، فكيف توفّقون بين الحديث عن ظلامة الزهراء عليها السلام، وبين الحديث عن وحدة الأمّة ووحدة الكلمة، ألا ينافي الوحدة إدانة خصوم الزهراء عليها السلام؟

والجواب على هذا السؤال: نحن نقف أمام أمرين، كلٌّ منهما دينٌ لا يمكننا إلّا أن نتعامل معه ونحرص عليه.

الأمر الأول: إظهار الإسلام المحمّديّ، والحفاظ على هويّة الإسلام الأصيل.

الأمر الثاني: وحدة الصفّ، وحفظ قوّة الإسلام والمسلمين في مواجهة الأعداء.

وكِلا الأصلَين دينٌ لا نتعاطى معه على أساس أنّه شعار للاستهلاك. عندما ندعو إلى وحدة الكلمة نعني ما نقول، وعندما نتحدّث عن ظلامة الزهراء عليها السلام لا نرى في ذلك تنافياً مع الدعوة الصادقة إلى توحيد كلمة المسلمين في معترك الصراع ضدّ العدوّ الأمريكيّ والصهيونيّ.

ذلك أنَّ معرفة الزهراء عليها السلام، هي معرفة الإسلام المحمّديّ الأصيل، بل لا أبالغ أبداً إذا قلت إنَّ الزهراء عليها السلام هي الإسلام.

الوحدة لا تلغي الفوارق

الأمر الذي لا بُدَّ من إيضاحه، هو أنَّ لكلٍّ من الفريقين الشيعي والسنّي أن يتحدّث في دائرته الخاصّة بما يعتقده حقّاً بينه وبين الله تعالى. يعزّز كلّ فريقٍ قناعته، يربّي جمهوره على ما يعتقد أنّه الدين، إلّا أنّ خصوصيات الوحدة الإسلامية، يجب أن تُلحظ، لا سيّما في الدائرة العامّة.

لا تعني الوحدة إلغاء الفوارق الموجودة أصلاً، وإنّما تعني أن لا نسمح لهذه الفوارق أن تمزّقنا فننشغل بالصراع في ما بيننا ونغفل عن الصراع مع الأعداء، يمكن أن نجمّد الصراع، ولكنّ الحوار والبحث والتحقيق ومحاولة التعرُّف على الإسلام المحمّديّ الأصيل؛ كلٌّ من وجهة نظره أمرٌ آخر.

وينبغي التنبّه جيّداً إلى أنّ تثبيت معادلة أنّ الوحدة تساوي المداراة -التي هي بالنفاق أشبه- والامتناع عن البحث في ما نشعر بضرورة البحث فيه يشكّل خطراً كبيراً على المعتقَد، وعلى الوحدة معاً.

تزييف الحقائق يمسّ بالوحدة الإسلامية

هناك محظوران متصوّران عادةً في هذا المجال، أيّ حديث عن الصِّديقة الكبرى عليها السلام ينبغي أن يُدخلهما في حسابه، أوافق عليهما، ولكنّي أختلف مع البعض في طريقة تفادي المحظور الثاني.

المحظور الأوّل الذي يجب أن يبنى عليه الحديث عن الصِّديقة الكبرى عليها السلام هو الحذر من أي مسّ بقدسيّتها عليها السلام. لا يجوز على الإطلاق لأيّ حديث عنها عليها السلام أن يقلّل من شأنها، أن يقلّل من قدسيّتها. لا يجوز أن تُمس سلباً شخصيتها عليها السلام، سواءً بالتقليل من القدسية أو المكانة أو بالتقليل من ظلامتها.

ليكن واضحاً أنّ البحث في ظلامة الصِّديقة عليها السلام، لا يمكن له إلّا أن يكون بحثاً في غاية الأهمّية والقداسة، فهو إمّا أن يكون بحثاً عقائدياً، وإمّا أن يلامس البحث العقائدي.

المحظور الثاني الذي يُطرح وأختلف مع البعض في طريقة تفاديه، هو أن لا يمسّ الحديث عن الصِّديقة الكبرى عليها السلام وحدة المسلمين. أوافق عليه من حيث المبدأ، ذلك أنّ وحدة المسلمين دينٌ وليست شعاراً سياسياً شكلياً، نحن ندين الله عزّ وجلّ، نعتقد بيننا وبينه سبحانه وتعالى بوجوب حفظ وحدة المسلمين. إلّا أنّ الذي يمسُّ بوحدة المسلمين بالدرجة الأولى هو تزييف الحقائق وخصوصاً المرتبط منها بالصِّديقة الكبرى، وبأمير المؤمنين عليهما السلام. كلّ ما يقلّل من شأن الصِّديقة الكبرى عليها السلام يهدّد وحدة المسلمين ويضرّ بها. مرفوض كلياً ومُدان أن يقال: إنّ الحديث عن ظلم الصِّديقة هو ضرب لوحدة المسلمين. إنّ المسّ بقدسية الصِّديقة الكبرى هو الذي يضرب وحدة المسلمين المبنيّة على أُسس الاعتصام بحبل الله ورضاه عزّ وجلّ، والصِّديقة عليها السلام في صُلب هذه الحقيقة، في لبِّ حبل الله والاعتقاد به عزَّ وجلّ، وحبّه ورضاه سبحانه.

لا نحمّل مَن يختلف معنا تبعة ظلامتها عليها السلام

من منطلق الحرص على وحدة المسلمين ينبغي أن نفرّق بين أمرين:

الأمر الأول: البحث العلمي بهدف الكشف عن الحقيقة.

الأمر الثاني: أن تُحمَّل تبعة هذه الأمور للذين يختلفون معنا في الرأي، وهذا أمر آخر لا معنى له ولا مبرّر، ولسنا بصدده. كلّ ما نريده، هو أن نستوضح الحقيقة من دون أن ننطلق من مسبقات، وإنّما لله وفي سبيل الله، قربةً إليه عزّ وجلّ، اتّباعاً للمصطفى الحبيب صلّى الله عليه وآله، فحبّنا لرسول الله صلّى الله عليه وآله يدفعنا لأن نعرف حقيقة ما جرى بعده على الصِّديقة الكبرى عليها السلام، هذا الأمر لا علاقة له بأنَّ البحث هنا يؤدّي إلى التعصّب الأعمى ضدّ سائر المسلمين. فهذا شيءٌ وذاك شيءٌ آخر، نحن لا نحمل التعصّب الأعمى ضدّ إخواننا المسلمين السنّة على الإطلاق، ونفرّق جيداً بين النواصب الذين يُبغضون أهل البيت وبين غيرهم، ونحكم على النواصب، تبعاً لفقهاء المسلمين جميعاً، بأنّهم رجس وكفّار ولا مجال للتواصل معهم، أمّا المسلم السنّي الذي يحبّ الزهراء عليها السلام، ويحبّ أمير المؤمنين، والحسنَين، يحبّ أهل البيت عليهم السلام، فهو الذي نُصرُّ على الوحدة معه، إلّا أنّ الوحدة مع أخيك لا تمنعك من التحقيق في أمرٍ تختلف معه حوله، الوحدة مع شريك لا تمنعك أن تبحث وتحقّق في شأن تمتين أواصر هذه الشراكة وتقوية ركائزها، وأنت مصرّ على الوحدة والشراكة. نحن نصرّ على الوحدة الإسلامية ونبذل الدّمَ من أجل تحقيقها.

الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه، هو رائد الوحدة الإسلامية، وهو الذي أطلق نداءها، ومع ذلك فإنّه يتعاطى مع هذه الحقائق الثابتة حول الصّدّيقة الكبرى عليها السلام، ويصرّ عليها. نحن لا نريد أن تُبنى الوحدة على المجاملات والعواطف والشكليّات، لأنها من الدِّين في الصّميم، ولذلك ينبغي أن تُبنى على الحقائق.

 

نورٌ من نور الله وشَجَنةٌ من رسوله

مكامن العظمة في شخصيّة الزهراء عليها السلام

كم سمعنا الحديث النبويّ الشريف: «فاطمة بَضعةٌ منّي»؟ هل حاولنا الوصول إلى عمق دلالة هذا الحديث؟ هل تنبّهنا إلى أن من معانيه أنّك عندما تقول: «فاطمة» فقد قلتَ: «رسول الله»؟ أي أنّ فاطمة هي رسول الله، نفسُ رسول الله صلّى الله عليه وآله.

عندما نريد أن نستوضح الصورة بعض الشيء، دعونا نتّفق على سرّ العظمة في الشخص. بِمَ يصبح الشخص عظيماً؟ كلنا نعرف أنّ المقاييس والمعايير التي نصنعها نحن باطلة، فمن النداءات الإلهية في يوم القيامة: «أيّها الناس أنصِتوا، فقد أنصَتُّ لكم زمناً طويلاً، وضعتُ نسَباً وهو التّقوى، ووضعتم أنساباً»!

نحن نصنع معايير لسرّ العظمة، وليس «المعيار» في الحقيقة إلّا القُرب من الله عزّ وجلّ، وطاعته سبحانه.

بعبارة ثانية: عندما يطيع الإنسان اللهَ، فهو عاقل، وعندما يعصي فقد خرج عن دائرة العقل بهذا المقدار. ومَن لا تَعرف سيرتُه إلّا الطاعة الأتمّ لله عزّ وجلّ، فهو العاقل الأتمّ، أقربُ الناس إلى الله والمتمحّض في طاعته سبحانه. وعندما يقترب الإنسان قليلاً من الله عزّ وجلّ، لا بدّ وأن تظهر نتائج هذا القُرب، كلّنا نسمع أو نقرأ الحديث القدسيّ: «عبدي أطِعني تكن مثلي. تقول للشيء: كُنْ، فيكون».

ورسول الله صلّى الله عليه وآله، لشدّة قربه من الله عزّ وجلّ وصل إلى مقامٍ لا يُمكننا أن نتصوّر كُنهه. الإنسان العاديّ إذا أطاع الله عزّ وجلّ، فبمقدار طاعته يقترب، فإذا وصل إلى مرحلة مميّزة من الطاعة تصدر عنه أمور من الغرائب. وما أكثر العلماء الأجلّاء من أصحاب الكرامات الذين كانوا لقُربهم من الله عزّ وجلّ يقومون بمثل هذه الأمور. وما هو المحور؟ إنّه القرب من الله عزّ وجلّ.

هل هناك بين الخلق جميعاً أقرب إلى الله عزّ وجلّ من المصطفى الحبيب؟ إذاً، ما هي نتائج هذا القرب؟ بعضُ نتائجه:

* ﴿..وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللهَ رَمَى..﴾. [الأنفال:17]

* يدُ رسول الله يعبَّر عنها بيد الله تعالى: ﴿..يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ..﴾. [الفتح:10]

* نُطقُ رسول الله وحيٌ منه تبارك وتعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾. [النجم:3-4]

تقول لنا هذه الحقائق ونظائرها: إنّ المصطفى الحبيب صلّى الله عليه وآله، هو مَظهَر قدرة الله تعالى، مظهَرُ علم الله تعالى، مظهَر حِلم الله تعالى، مظهَر كرم الله تعالى، والزهراء روحُ المصطفى التي بين جنبيَه.. بَضعةٌ منه.. شَجَنةٌ منه.

ينبغي، إذاً، أن نبحث عن عظَمة فاطمة عليها صلوات الرحمن، في صميم عظَمة رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إنَّ اللهَ لَيَرضى لِرضى فاطمة..»، ألم نسمع جميعاً هذا الحديث؟

يقف عنده أحد كبار العلماء فيقول ما خلاصته: «لو كان الحديث هكذا: إنّ فاطمة لترضى لرضى الله وتغضب لغضبه، لكان يدلّ على درجة عظيمة للزهراء، ولكنّه بصيغته الحالية يدلّ على درجة أعظم بكثير».

وبالتأمّل في نصوص الإمام الخميني، نكتشف أنّ كثيراً ممّا نعرفه ونتداوله لا علاقة له بشخصية الزهراء صلوات الله وسلامه عليها. يقول الإمام في (صحيفة نور): «إنّها -أي الزهراء- موجودٌ ملكوتيّ ظهرَ في العالم في صورة إنسان، بل هي موجود إلهيّ جبروتيّ ظهر في صورة امرأة. جميع الهُويّات الكمالية المتصوَّرة في إنسان موجودة فيها. وفيها عليها السلام، جميعُ خصائص الأنبياء».

يضيف: «لو كانت رجلاً لكانت نبيّاً. لو كانت رجلاً لكانت مكانَ رسول الله صلّى الله عليه وآله. التجلّيات الملكوتية، التجلّيات الإلهية، التجليات الجبروتية، التجليات المُلكية والناسوتية، كلّها، مجتمعة في هذا الوجود».

حتى إذا لم نفهم كلّ دلالات كلمات الإمام الخميني، فهي تكشف عن أنّ اللّغة التي نتحدث بها عن الزهراء عليها السلام، ينبغي أن تكون لغة مميّزة.

وعندما نريد أن نتعرّف إلى بعض خصائصها، مثل «نور الزهراء»، ونحاول أن نكوّن فكرة عمّا في الروايات عن نور الزهراء -بعد الحديث عن العظَمة- ماذا نجد؟

حيثما وجدتَ الحديث عن النور في القرآن الكريم أو في الروايات، تجد حديثاً عن الزهراء. ما هو سرّ هذه العلاقة بين الزهراء والنور الإلهيّ؟ نجد في الروايات ما ينبغي أن يكون هو المصبّ لاستلهام هذه الحقيقة، ولا يمكن الوصول إلى كُنه الحقيقة مباشرة على الأقل، إلّا أنّ هناك أموراً واضحة. مثلاً: هل كانت الزهراء نوراً قبل أن يخلق الله الخلق؟ ومَن يشكّ في ذلك من بين كلّ علمائنا الأعلام!؟ لنتأمل مجاميعهم في الحديث، لنتأمل كتبَهم. سنجد أنّ هذا الأمر من المسلّمات، لا مجال للنقاش فيه أبداً.

أذكر هنا كمثال: في (روضة المتّقين)، يصرّح المجلسيّ الأول، كما يصرّح كذلك الشيخ الصدوق بصّحة أحاديث تضمّنت أنّ نور الزهراء عليها السلام، كان قبل أن يخلق الله عزّ وجلّ الخَلق بآلاف الأعوام.

يكفي أن نقف عند الروايات التي وردت عن المصطفى الحبيب صلّى الله عليه وآله، في حديثه حول نور الزهراء: «نورُ فاطمة مِن نورنا»، «نورُنا ونورُ فاطمة واحد».

أذكر هنا حديثاً عن الإمام الصادق عليه السلام، وقد سُئل: لم سُمّيتْ فاطمة الزهراء زهراء؟

فقال: «لأنَّ الله عزَّ وجلَّ خلَقَها من نورَ عظَمته، فلمّا أشرَقَتْ أضاءَتِ السّماواتُ والأرضُ بِنورِها، وغَشيت أبصارُ الملائكة، وخرَّ الملائكةُ للهِ ساجدين، وقالوا: إلهَنا وسيّدنا.. ما هذا النور؟

فأوحى الله إليهم: هذا نورٌ مِن نوري، وأَسكنتُه في سمائي، خَلقتُه من عظَمتي، أُخرِجُه مِن صلبِ نبيٍّ من أنبيائي أُفضّلُه على جميع الأنبياء، وأُخرِجُ من ذلكَ النّور أئمّةً يقومون بأمري.. يَهدون إلى حقّي، وأَجعلُهم خلفاء في أرضي بعد انقضاءِ وَحيي».

إذاً، فالزهراء عليها السلام، مصدر نور الأئمّة الأحد عشر على الأقلّ.. إن شئتَ.. كما يُفهم من ظاهر هذه الرواية.

 

«مصحف فاطمة عليها السلام»

أجَلُّ فضائل الصدّيقة الزهراء عليها السلام

عندما نستعرض الخصوصيات التي تفتح لنا آفاقاً في محاولة رفع مستوى معرفتنا بالزهراء عليها السلام، لنرفعَ بذلك مستوى تديُّننا، لا يمكن أبداً إلّا أن نقف عند الحديث عن «مصحف فاطمة».

طال الكلام وكثُر حول مصحف الزهراء. البعض يتّهموننا بأنّنا نعتبره مصحفاً بديلاً عن القرآن الكريم، والعياذ بالله! ورواياتنا صريحة في أنّ مصحف الزهراء ليس فيه حرفٌ من القرآن الكريم. هو شيءٌ آخر. لربّما نجد تشكيكاً من بعض أوساطنا في «مصحف فاطمة»، أو في أهمّيته، أو في بعض خصوصياته. التكليف الشرعي أيّها الأحبة -بعيداً عن أيّ مزايدة- يقتضينا أن نقف عند هذه الأمور. يُصاب الإنسان بالفجيعة عندما يقابل بين حديث علمائنا الأعلام عن «مصحف فاطمة»، وبين ما نسمعه.

نجد أنّ الإمام الخمينيّ رضوان الله تعالى عليه، يفتخر في وصيّته بأمور: من جملتها «مصحف فاطمة»، فما معنى ذلك؟ إنّ هذا يكشف عن مكانة عظيمة للصحيفة الفاطمية كما يسمّيها الإمام، يقول رضوان الله عليه:

«نحن نفخر أنّ لنا مناجاة الأئمّة الشعبانية، ودعاء عرَفة للحسين بن عليّ عليهما السلام، والصحيفة السجادية زَبور آل محمّد هذا، والصحيفة الفاطمية، ذلك الكتاب المُلهَم من قِبل الله تعالى للزهراء المَرْضِيّة».

في مكان آخر يتحدّث الإمام عن «مصحف فاطمة عليها السلام»، حديث الأمر المفروغ منه، يقول ما خلاصته:

«عندما كان جبرئيل عليه السلام، ينزل على الزهراء عليها السلام، ويحدّثها بما يجري على ذريّتها من بعدها.. أليس من المحتمل أنّه حدّثها عن الجمهورية الإسلامية في إيران؟».

وحول بعض تفاصيل نزول جبرئيل عليه السلام على مولاتنا الزهراء عليها السلام، أترك الحديث هنا أيضاً للإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه، حيث بيّن في كتاب (صحيفه نور:19/278 – 279) هذه الخصوصيات بما لا مزيد عليه، يقول عليه الرحمة والرضوان:

«أنا بالنسبة إلى حضرة الصدّيقة سلام الله عليها، أرى نفسي قاصراً حتى عن ذكرها، إلّا أنني أكتفى برواية فقط وردت في (الكافي) الشريف، ونُقلت بسندٍ معتبَر..». (لاحظ.. في كتاب الكافي والسند معتبر) وهي: «سُئل الإمام الصادق عليه السلام، عن مصحف فاطمة، فقال:

(إنّ فاطمةَ عليها السلام، مَكَثتْ بعدَ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، خمسةً وسبعينَ يوماً، وكان دخلَها حزنٌ شديد على أبيها، وكان جبرئيلُ عليه السلام، يأتيها فيُحسِنُ عزاءَها على أبيها، ويُطيّب نفسها، ويُخبِرُها عن أبيها ومكانِه، ويُخبِرُها بما يكون بعدها في ذرّيّتِها، وكان عليٌّ عليه السلام يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة)».

يضيف الإمام الخميني رضوان الله عليه:

«ولا أظنّ أنّ مثل هذا قد ورد حول غير الطبقة الأولى من الأنبياء العِظام. طيلة خمسة وسبعين يوماً، كان جبرئيل يتردّد إليها، ويذكر المسائل التي ستقع في المستقبل لذريّتها، وكان الأمير عليه السلام أيضاً يكتب ذلك. كان الأمير كاتب الوحي، كما كان كاتب الوحي لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم»، ثمّ يضيف الإمام: «طبعاً ذلك الوحي، بمعنى التشريع، كان قد تمّ..».

الوحي المقصود هنا ليس بمعنى الوحي القرآني أو تشريع الأحكام.. إنّما هو وحيٌ من نوع آخر. وأوّل سؤال يرِدُ هنا: وهل هناك وحي من نوع آخر؟ هل يُوحَى إلى غير رسول الله؟

والجواب: أوَلسنا مسلمين؟ ألم نقرأ القرآن الكريم؟ ألا نجد في القرآن: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَى..﴾ ، ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ..﴾؟! [القصص:7؛ الأنفال:12]، وحديث الوحي في القرآن يشمل حتى النحل. إذاً، يمكن أن يكون وحي من غير نوع الوحي القرآني.

ثمّ يصل الإمام إلى مجيء جبرئيل إلى الزهراء عليها السلام، فيقول:

«مسألة مجيء جبرئيل إلى شخص ليست مسألة عادية. لا تتصوّر أنّ جبرئيل يأتي إلى أيّ شخص، أو أنّ من الممكن أن يأتي، إنّ هذا بحاجة إلى تناسب بين روح ذلك الشخص الذي يأتي جبرئيل إليه، وبين مقام جبرئيل الذي هو الروح الأعظم».

ثمّ يقول:

«هذا التناسب كان قائماً بين جبرئيل الروح الأعظم والدرجة الأولى من الأنبياء؛ كرسول الله صلّى الله عليه وآله، وموسى وعيسى وإبراهيم عليهم السلام، وأمثالهم».

يضيف رضوان الله عليه: «إنّني أعتبر هذه الفضيلة للزهراء عليها السلام، على الرغم من عظمة كلّ فضائلها الأخرى -أعتبرها- أعلى فضائلها، حيث لم يتحقّق مثلها لغير الأنبياء، بل لم يتحقّق مثلها لجميع الأنبياء، وإنّما للطبقة العليا منهم، ولأعظم الأولياء الذين هم في رتبتهم، ولم تتحقّق لشخصٍ آخر. وهذه من الفضائل المختصّة بالصدّيقة سلام الله عليها».

إيّانا أن نظلم أنفسا بإنزال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأهل البيت عليهم السلام، في غير مرتبتهم التي رتّبهم الله فيها، فإنّنا آنذاك لا يمكن أن نصل إلى التديّن الحقيقي.

أساسٌ لا بد من الوقوف عنده في طريق التديُّن، هو معرفة الزهراء والعلاقة بالزهراء. حبّ الزهراء هو الذي ينبغي أن يكون محور حركة القلب، ولا يمكن أن يحبّ الإنسان الزهراء حبّاً حقيقياً إذا كانت الحجب تحول بينه وبينها. من هذه الحجب التصورات الخاطئة. ولا يمكن أيضاً أن يحبّ الإنسان الزهراء عليها السلام، إلّا إذا خفق قلبه بحبّ العبادة. يقول الإمام الحسن عليه السلام:

«..رأيتُها تصلّي طيلة الليل وتدعو حتى انفَجَر عمودُ الصّبحِ، وما سمعتُها تدعو لِنفسِها.. سألتُها في ذلك، فقالت: يا بُنيّ.. الجار ثمّ الدار».

ومَن أنا حتّى أتحدّث عن عبادة الزهراء عليها السلام؟ ولا يمكن أن يتعرّف الإنسان على الزهراء إذا لم يخفق قلبه بحب الجهاد، فالزهراء أمّ المجاهدين.. أمّ الشهداء.. أمّ الأسرى..

 

 

الخطبة الفاطميّة في المسجد النبويّ

وثيقة إلهية في إدانة الانقلاب على الأعقاب

 

قال تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ﴾. [آل عمران:144]

في جوّ الانقلاب على الأعقاب، انشغل أكثر المسلمين عن تجهيز رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، والصلاة عليه، ودفنه، وهو أعظم خلق الله تعالى على الإطلاق.. ولا يوازي فقده والفجيعة به.. فقدٌ ولا فجيعة..

وبماذا انشغلوا؟ اشرأبّت الأعناق للزعامة والرئاسة. انشغلوا بالدنيا التي طالما حذّرهم منها المصطفى الحبيب صلّى الله عليه وآله وسلّم. ولم يبقَ في الصراط المستقيم إلّا ثلّة وقفت مع عليٍّ عليه السلام.

في جوّ الانقلاب على الأعقاب هذا.. كانت الوثيقة الكبرى.. الخطبة الفاطمية..

ولكي ندخل إلى بعض تفاصيل هذا الجوّ، وترتسم أمامنا بعض ملامحه، أنقل نصّاً عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، يحدّثنا عن أسباب الانقلاب على الأعقاب وبعض أخطر نتائجه. ينقل ابن أبي الحديد في (شرح النهج) ما يلي:

«قال له (لعليٍّ عليه السلام) قائل: يا أميرَ المؤمنين، أرأيتَ لو كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ترك ولداً ذكراً قد بلغ الحلم وآنسَ القومُ منه الرُّشْد، أكانت العرب تسلّم إليه أمرها؟

قال: لا، بل كانت تقتلُه إن لم يفعل ما فعلتُ. إنّ العربَ كَرِهَتْ أمرَ محمّدٍ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وحسَدته على ما آتاه اللهُ من فضلِه، واستطالتْ أيّامه حتى قَذَفَتْ زوجتَه، ونفَّرتْ به ناقتَه، مع عظيم إحسانِه إليها (العرب) وجسيمِ مِنَنِه عندها. وأجمَعَت مذْ كان حيّاً على صَرفِ الأمرِ عن أهلِ بيتِه بعدَ موتِه، ولولا أنّ قريشاً جعلتِ اسمَه ذريعةً إلى الرئاسة، وسُلَّماً إلى العزّ والإمْرة، لمَا عبَدتِ اللهَ بعدَ موتِه يوماً واحداً، ولارتَدّتْ في حافرتِها...».

ويدلّنا هذا النصّ، بوضوح، على بعيد غور الانقلاب على الأعقاب. وهو ما يكشف أنّ جميع التناقضات القبلية والعشائرية في بيئة ممعِنة في الروح القبلية، قد تفجّر خزينها فجأة، فالتهمت نيرانها الإيمانَ المدَّعى، ولم يسلم من ذلك غير «الشاكرين» نعمةَ الإسلام والإيمان، والثبات في خطّ القرآن الكريم.

أمرٌ واحد، كان بالإمكان اعتماده والقيام به لمحاصرة هذه النار المضطرمة، فلا يكون بوسعها التهام إلّا مَن يصرّ على إلقاء نفسه في أتونها.

هذا الأمر هو أن تتصدّى شخصية مميّزة تحظى باحترام الجميع، ليست طرفاً متّهماً، أو يسهل توجيه التهمة إليه -ولو من دون مبرّر-  في مجال الطّمع بالرئاسة، فتفصحَ عن مكنون سريرة مَن لا ينطق عن الهوى، وتسجّل رأيه الصريح الواضح، وتطلق صرخته المدوية الهادرة في وجه الانقلاب على الأعقاب.

ولم يكن لهذا الموقف الإلهيّ، إلّا فاطمة عليها صلوات الرحمن.

إنّها بالإضافة إلى كل مقوّمات عظَمتها ومكانتها لدى الأمّة -رغم هذا الانقلاب على الأعقاب- ابنة المصطفى الحبيب الوحيدة. هي المعزَّاة به، وهي الذكرى، والأمانة، والوديعة.

وما دام الأمر كذلك، فإنّ باستطاعتها تسجيل الموقف الإلهيّ التاريخيّ حيث ترى ذلك مناسباً.

وعلى الآخرين أن يحذروا، ويتّخذوا ما بوسعهم من احتياطات، لا سيّما وأنّ الوضع لم يكن قد استقرّ بعد. فعشرة أيامٍ لا تكفي لإخراج الانقلابيّين من ذُعرهم، مهما بدت عناصر السيطرة على الوضع متوفّرة، ومهما كان ميزان القوى لصالحهم.

ولو أنّ عليّاً عليه السلام، جرّد سيفه «ذا الفقار» في مثل هذا الجوّ، لأمكنَه بكلّ تأكيد أن يُحرز نصراً دنيوياً، أيسره تسجيل موقف معارض بلون الدم، إلّا أنّه خارج سياق كلّ مواقفه الجهادية الحمراء التي كانت لصالح الرسالة. أمّا هذا فعلى حسابها، لأنّ الردة المستبطنة ستُحرَجُ فتَخرُج. والقوى العظمى، آنذاك، تتلهّف لمثل هذه الفرصة، كان على «ذي الفقار» أن يبقى في الغمد، وعلى صاحبه أن يصبر على الاستضعاف، ليبقى نور الرسالة في مرمى البصيرة.

وحيث إنّ بقاء الإسلام وحفْظ الذكر بأمر الله تعالى هو الهدف، فلم يكن ثمّة من مناص إلا الصبر على هذه «الطَّخْيَة العمياء».

وما استدعى صبْرَ عليٍّ عليه السلام، استدعى تصدّي الزهراء عليها السلام. فالقاسم المشترك بقاءُ نور الإسلام بحيث يمكن الاهتداء به إليه. فالموقفان وجهان لحقيقة إلهيّة محمّدية واحدة. بل هما موقفٌ واحد، كما لا يخفى.

في ضوء ما تقدّم، أصبح باستطاعتنا استنتاج بعض دلالات توجّه الصِّدّيقة الكبرى إلى المسجد النبويّ، لنراها بكلّ وضوح كما يلي:

1) أركان الانقلاب على الأعقاب مُحرَجون، فلا هم يستطيعون منع ذلك، ولا هم مطمئنّون إلى الإمساك بالوضع، وبالتالي إلى ما تؤول إليه الأمور.

2) الناس عموماً مَشدودون إلى هذا التطوّر النوعيّ، فقد خمدتْ له الأنفاس، وسكنت الأجراس، يتابعونه بمنتهى الاهتمام واللّهفة.

3) أعلن الانقلابيّون حالة التأهّب القصوى، واتّخذوا كلّ الإجراءات الممكنة، وجميع الاحتياطات المتصوَّرة تحسبّاً لكلّ طارئ. ولم يغب عن البال للحظة أن هذا الموقف قد يكون جزءاً من خطة متكاملة تبدأ بتهيئة المناخ عبر تأليب الجمهور، ولا يعرَف أين تنتهي.

4) المحور في ذلك كلّه، والذي يشكّل الهاجس الأكبر لأركان الانقلاب بشكل خاصّ، ماذا يمكن أن تقول فاطمة عن عليّ عليهما السلام، وهو قُطب الرحى؟ وما أدراك ما عليّ، وما أدراك ما فاطمة؟

وسيّان.. أقصُرت مدة هذه الدلالات أم طالت.. سيّان.. أكان انتشرَ خبر توجّه الصِّدّيقة الكبرى إلى المسجد وخطبتها فيه، قبل يوم مثلاً أو أكثر أو أقل.. فإنّ الفرقَ، على فرض طول المدة، أنّ فَتْكَ هذه العوامل في النفوس كان أشدّ ضراوة. وأما على فرض قِصر المدة، فإنّ الصاعقة لا يحول دون تأثيرها الصاعق، أنّ زمنَها لحظة..

في هذا الجو.. كان الموقف الإلهيّ..

ومن التّيه العقائديّ والضلال المبين في الصميم، أن نُسهم في طمس معالم كلّ هذه الدلالات، ونشترك في إنزال أهل بيت العصمة في غير مراتبهم التي رتّبهم الله فيها، فنعبث بكلّ هذه العظَمة ونحشرها تحت عنوان «عقاريّ» هو «فدَك»، في حين أن الخطبة لا تتضمّن، ولو مرّة واحدة، كلمة فدَك.

تبدأ بقولها عليها السلام: «أفي دين الله يا فلان..»، وهو استهلالٌ يكشف أنّها تحدَّثت عن ذلك باعتباره من أبرز ما يُفقد الانقلاب على الأعقاب مشروعيّته. فإنّ الجهل بدين الله تعالى، أو الجرأة عليه، لا يتركان عذراً لمعتذِر. ولدى التدقيق تجد أنّ كلّ حديثها عليها السلام، عن الإرث إنما هو بهذه اللّغة.

إنّ علينا أن نفسّر «فدَكاً» حيث نجد التصريحَ بها، ونفسّر ما يرتبط بها حيث لا نجد المصطلح، بالخلافة واستمرار الإسلام وخطّ النبوّة، لا العكس.

ربما استدعتْ حراجة الظرف أن يبادر الانقلابيّون على الأعقاب إلى جعل «فدَك» عنواناً لكلّ ما يُمكن أن يصدر عن الزهراء عليها السلام. وربّما استدعت هذه الحراجة نفسها أن تكون «فدك» أو الإرث عمومًا بالنسبة للصِّدّيقة الكبرى المدخلَ والمنطلَق، إلّا أن هذا لا يعني، على الإطلاق، أن يُدرج هذا الموقف الفاطميّ العظيم في سياق الخلاف على قِطعة من أرض خيبر أو الحجاز!

 

«فاطمة أمّ أبيها»

قراءة في المعاني والدلالات

دعونا نتأمّل هذا الحديث النبويّ: «فاطمة أمّ أبيها»، بحسب المعطيات الظاهرية، من دون أن نغوص في الأعماق.

في البداية لفظ «أُمّ» هنا مطلق. لم يُقيَّد بقيد. لم يقل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «فاطمة أمّ أبيها في الحنان والعطف»، أو غير ذلك من القيود التي تجعل المعنى خاصاً.

وأبوها الذي هي أمّه.. مَن هو؟ إنّه سيّد الرّسْل خيرُ خلق الله تعالى. وهي بناءً لهذه التكنية أمّه!

ثمّ مَن هو المتحدّث الذي صدرت منه هذه الكنية، وهذا لحاظ آخر، وإن بدا لأوّل وهْلة أنه نفس ما سبقه.

المتحدّث هو مَن قال الله تعالى فيه: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾، فكلامه صلّى الله عليه وآله وسلّم،كالقرآن. ومَن كان كذلك، فحديث العطف والحنان لمجرّد العطف والحنان بعيدٌ عن ساحته، لأنّه حديثٌ هوًى وحبٍّ شخصيّ.

عندما نميل بجموح إلى تفسير «أمّ أبيها» بمجرّد العطف والحنان، فنحن نتحدّث عن عاطفة أبوِية، في مقابل عاطفة منحته ابنته إيّاها حين كان بأمسّ الحاجة إليها! وهكذا نُبعد الحديث عن آفاق قدسية الصِّديقة الكبرى عليها صلوات الرحمن، في حين أنّ حديث المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلّم، عن «أمّ أبيها».. لا يمكن إلَّا أن يكون من منطلق آخر هو منطلق ﴿..وَحْيٌ يُوحَى﴾ وليس منطلق الهوى، والعياذ بالله تعالى.

إذا لاحظنا هذه الخصوصيات:

فالمعنى الأول: أنّ فاطمة عليها السلام، أمّ خيرِ خلق الله تعالى في جميع المجالات مطلقاً من دون أي قيد، إلّا ما خرج بالدليل العقلي «اللّبّي» أو النقلي.

المعنى الثاني: الذي يتولّد من هذا المعنى ويتّضح في ضوئه هو التالي: كما أنّ فِعل الولد وتَرْكَه يجب أن يدورا مدار رضى أمّه وغضبِها، وذلك حقّها الأبرز عليه، فإنّ فعْلَ المصطفى الحبيب وترْكه صلّى الله عليه وآله وسلّم، يدوران مدارَ رضى الصدّيقة الكبرى وغضبها.

ومهلاً.. لا تعجلْ بالردّ وإن استغربتَ. وبادِر إلى رفع الاستغراب، فوراً، بتذكّر حديثٍ آخَر لمَن لا ينطق عن الهوى، حيث يقول: «إنّ اللهَ لَيرضى لِرضى فاطمة، ويغضبُ لغضبها».

فأيّهما أشدّ استغراباً، إنْ كانَ بقيَ من الاستغراب عينٌ أو أثر؟

معنى ذلك: أنّ حديثَي «فاطمة أمّ أبيها»، و«إنّ الله لَيرضى لِرضى فاطمة..» من مشكاة واحدة، ومؤدّاهما بلحاظ هذا المعنى -الثاني- واحد. ولا ينافي ذلك على الإطلاق أنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم، أفضل منها ومن جميع النبيّين والأئمّة عليهم صلوات الرحمن. كما لا ينافي وجوب طاعتها له؛ لأنّ الله تعالى لَيرضى لرضاه صلّى الله عليه وآله وسلّم، ويغضبُ لغضبه.

المعنى الثالث: الذي ينبغي أن ننتبه إليه -ونحن نتدرّج في ذكر المعاني- كما يلي:

دعنا نقف لنقارن بين كُنيتين: كُنية «أمّ المؤمنين»، وكنية «أمّ أبيها»، أيّهما أعظم؟مصطلح أمّ المؤمنين الثرى، أو أمّ أبيها الثرياّ.. وأين«أمّ المؤمنين» من «أمّ أبيها»؟

أمّ المؤمنين كنية عظيمة: ﴿..وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ..﴾ [الأحزاب:6]، إلّا أّن هذه الكنية بنصّ القرآن الكريم لا تنطبق على أحدٍ إلَّا بشرط المحافظة على مقتضياتها. فاللّواتي حافظنَ منهنّ، فكنيتُهنّ عظيمة، أمّا اللواتي لم يحافِظْنَ عليها فلا يصحّ إطلاقها عليهنّ، وأمّا الشرط فهو ﴿..إِنِ اتَّقَيْتُنَّ..﴾. [الأحزاب:32]

عندما نفكّر بهذه المقارنة تتّضح لنا حقائق كثيرة، وقد تنبَّهَ إليها متتبّعٌ باحث، هو العلامة الشيخ الرحماني الهمداني في كتابه القيّم والموسوعيّ (فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلّم). يقول: «إنّ الله عزَّ وجلَّ لمّا شرّفَ وكرّم أزواجَ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، صِرْنَ في معرض أن يخطر ببالهنَّ أنهنَّ أفضلُ النساء، ومن أجل أن لا يتصوّرنَ ذلك بما يستتبعه من أنهنَّ والعياذ بالله تعالى أفضل من بضعة المصطفى الحبيب، فإنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم، قال: (فاطمة أمّ أبيها). إذا كنتنّ أمهات المسلمين، ففاطمة أمّ رسول الله». وهذه لفتة مهمّة جداً.

المعنى الرابع: حول «فاطمة أمّ أبيها» وهو أعمق من المعاني المتقدّمة وأشمل. وخلاصة هذا المعنى أنّ خصائص الولد تكون عادةً في الأم، بل إنّ جميع خصائص الولد موجودة في الأم.

وبناءً على هذا يكون المعنى: إنّ جميع خصائص المصطفى الحبيب صلّى الله عليه وآله وسلّم، موجودة في الصِّديقة الكبرى عليها صلوات الرحمن، بحيث لو أنّك تأمّلتَ جميع الناس لما وجدت شخصاً يمكنه أن يكون بموقع الأم التي هي الأصل لجميع خصائص رسول الله، غير الزهراء عليها السلام.

بعبارة ثانية، إذا أردت أن تعرف أشبه الناس برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فإنّها فاطمة. بل أدقّ من ذلك، إذا أردت أن تعرف أنّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، هو أشبه بمَن من جميع الخلق، فهو أشبه بفاطمة. «فاطمة أمّ أبيها».

المعنى الخامس: وهذا المعنى ذكره أيضاً الشيخ الرحماني. يقول: «ويُمكن أن يراد بهذه التسمية، التكنية، معنى أدقّ وأعمق، وهو أن أمَّ كلّ شيء أصلُه ومجتمعه (أي مكان تجمّعه) كما صرَّح به أهل اللّغة، كأمّ القوم، وأمّ الكتاب. فعليه: يُمكن أن يقال إنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم، أراد (من هذه التكنية) أنّ فاطمة عليها السلام، هي أصلُ شجرة الرسالة، وعنصرُ النبوّة، كما قال الباقر عليه السلام: (الشّجرةُ الطيّبةُ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وفَرعها عليٌّ عليه السلام، وعُنصر الشجرة فاطمة عليها السلام، وثمَرتُها أولادها، وأغصانها وأوراقها، شِيعتُها)...».

ثمّ يضيف الشيخ الرحماني: «وكما أنّه لولا العنصر لَيبست الشجرة وذهبتْ نضرتُها، فكذلك لولا فاطمة عليها السلام، لما اخضرّت شجرةُ الإسلام، فإنّ الشجرة تسمو وتنمو بتغذّيها من أصلها».

المعنى السادس: يستنتج بوضوح من كلام للمحقّق الجليل السيّد المصطفوي في كتابه الفريد (التحقيق في كلمات القرآن الكريم)، حيث يقول: «والذي يقوى في النفس أنّ الأصل الواحد في هذه المادة (أم) هو القصد المخصوص، أي القصد مع التوجّه».

ثم يقول في معنى كلمة الأمّ: «الأمّ ما يكون مورداً للقصد والتوجّه، فإنّ الأمّ يُتوَجَّه إليها توجّهاً خاصاً».

وبناءً على هذا، يُصبح معنى «فاطمة أمّ أبيها»: فاطمة قِبلةُ أبيها، فاطمة كعبةُ أبيها، فاطمة مقصدُ أبيها الذي يتوجّه إليه ويهتمّ به ويُعنى به عنايةً خاصّة، كما ينبغي أن يكون الاهتمام بالقِبلة والكعبة.

 

التشكيك والاستغراب

أخطر الحُجب دون التمسُّك بولاية الزهراء عليها السلام

 

ما هي الصورة في ذهني وذهنك عن الصِّديقة الكبرى عليها صلوات الرحمن؟

هل يخشع القلب في محراب عظَمة الصِّديقة الكبرى، فيفقه بعض دلالات أنّها من المعدن المحمّديّ والحقيقة المحمّدية صلّى الله عليه وآله وسلّم، من دون أن تدخل الأبوّة والبنوّة -على عظَمتها- في الحساب؟

وأنّها من حيث الموقع و«الدور» في حِفظ دين الله تعالى، وهو خطّ العقل والإنسانية السواء، تضاهي الأنبياء والأولياء، على أقل تقدير، بل تفوق أكثرهم؟

لتوضيح بعض الخصوصيات التي تضعنا في بداية الطريق، لنصل -إنْ سلكناه- إلى التدرّج في التعرّف على مكامن العظَمة الفاطمية المستمَدّة من التبتّل، وهو الانقطاع إلى الله تعالى، يجدر الوقوف على عتبة قرّة عين المصطفى الحبيب، نُحفي بابها السؤال ونستخبره الحال.

والهدف، بالتحديد، أن ندرك أيّ منحدَرٍ صعبٍ ننحدر، حين تكون الصورة الذهنية المتحكّمة بآداب ولايتنا للزهراء عليها السلام، أوهى من بيت العنكبوت، تتلخّص في أنّنا أمام مثقّفة مؤمنة صابرة، منحتْ أباها العطف والحنان، ورضِيَت بعليٍّ -رغم فقره- وارتجلت خطبة تُعجز البلغاء، وتكشف عن مدى الحضور والوعي المميّزَين!.

إنّ هذه الصورة المشوّشة المغلوطة، نتيجة طبيعية لعوامل تضافرت لتوصلنا إلى هذا المنحدر، ويمكن تلخيص هذه العوامل بالتالي:

أ) الإعراض التامّ أو النسبيّ عن الروايات «الغَيبيّة» حول عظَمتها عليها السلام، كروايات النّور، وروايات التزويج بأمر الله تعالى، وحفْل الزفاف في السماء، وكراماتها: من قبيل «الجفنة»، و«التّمر بلا نوى»، وغير ذلك.

ب) الوقوع في أسْر ربط العظَمة بالموقع «الدنيويّ» وإن كان دينيّاً. أي بموقع السلطة الظاهرية، حتى إذا كانت ناتجة باستحقاق عن سلطة إلهية باطنية، الأمر الذي يتحكّم -ولو عبر اللاوعي- بالصورة الذهنية التي ترتسم عن الشخص، فيتراءى لنا خطأً أنّ الصِّدّيقة عليها السلام، لا تأتي في مرتبة المعصومين الأنبياء والأئمّة الذين أحلّهم اللهُ تعالى هذا الموقع، بما له من سلطة ظاهرية، بقطع النظر عن القدرة على إعمالها وعدمه.

ومن الواضح أنّ الموقع الإلهيّ لا يرتبط بالسلطة الظاهرية بالفعل أو بالقوّة؛ فقد كان نبيّ الله موسى -على نبيّنا وآله وعليه الصلاة والسلام- نبيّاً، وأمَره اللهُ تعالى أن يتتلمذ على يد عبدٍ صالح آتاه الله تعالى من لدنه علماً، ولم يكن نبيّاً، أو لم تثبت نبوّته.

بناءً على هذا، فإنّ كون الصدّيقة الكبرى عليها السلام، معصومة من المعصومين الأربعة عشر، وعدم كونها إماماً أو نبيّاً، لا ينبغي أن يوحي، للوعي فينا أو اللاوعي، بظلال سلبية تترك أثرها في الصورة التي ترتسم في الذهن لتشكّل مفتاح العلاقة بها، ورمز آداب الولاية تجاهها.

ج) تحكّم الرواسب الجاهلية والعادات والتقاليد حول النظرة إلى المرأة في دائرة الوعي واللاوعي، والثاني أكثر شيوعاً، ممّا يحُول دون تبلور ثقافة إسلامية حقيقية تعترف للمرأة بجدارة تبوُّء أسمى المراتب الإيمانية. فالإسلام يخاطب الإنسان؛ لا فرق في ذلك بين المرأة والرجل، واختلاف الوظيفة لا يعني إطلاقاً اختلاف المنزلة الإيمانية التي يمكن الوصول إليها. وعلى هذا الأساس، فإنّ مصطلح «سيّدة نساء العالمين» يزخر عندما نطلقه -عادة- بهذه الرواسب، الأمر الذي يقصر بنا عن التفاعل مع آفاق دلالته الرحيبة. ولا شكّ أنّ هذا العامل يتفاعل تلقائياً مع سابقه، فيزداد اللّبس ويشتدّ الإبهام.

د) انتشار خَلل إنزال المعصومين في غير مرتبتهم التي رتّبهم الله تعالى فيها، ليصل الأمر في التعاطي مع المعصوم إلى حدّ وكأنّه «عالِم بامتياز»، وهو ما يترك أثره البعيد على النظرة إلى الصدّيقة الكبرى ومعرفتها عليها السلام؛ فإذا كانت النظرة إلى المعصوم الرجل هي هذه، فكيف هي، إذاً، بالنسبة إلى المرأة المعصومة، في ظلّ الرواسب المشار إليها.

هـ) انتشار الجهل بعظَمة موقفها الإلهيّ النبويّ بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وبَعيد آثاره المركزية والجذرية في حفظ الإسلام واستمراره، مع إمكان التمييز بوضوح بين الإسلام المحمّديّ الأصيل، والإسلام المُفتَرى. ومن مظاهر انتشار هذا الجهل:

1) الإصرار على تسمية خطبتها في المسجد النبويّ، بـ«الخطبة الفدَكِيّة»، وكأنّ الدافع في الخطبة «عقاريّ»! ولئنْ كانت التقية تبرّر ذلك سابقاً، فما هو مبرّره الآن؟

2) تجنّب الحديث عن ظلامتها عليها السلام، إمّا بحجّة أنّ هذه الأبحاث تاريخية ولم تعد مُلِحَّة، أو من منطلق التشكيك، أو انسياقاً مع فهم خاطئ لمفهوم الوحدة الإسلامية، أو تحت تأثير ذلك كلّه. علماً بأنّ ما يرتبط بحركة المعصوم في التبليغ لا يُمكن إلَّا أن يكون في متن الاهتمام، فكيف يعقل أن تكون ناقة صالح ناقة الله تعالى، ولا يكون بابُ فاطمة بابَ الله عزّ وجلّ؟ وبهذا يظهر مدى التجنّي المتمثّل في التشكيك.

وهذا العامل -انتشار الجهل بعظَمة موقفها بعد وفاة المصطفى الحبيب صلّى الله عليه وآله وسلّم- هو الأخطر من بين كلّ الحُجب التي تحول دون القيام بواجب آداب ولاية الصدّيقة الكبرى عليها السلام.

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  إصدارات

إصدارات

منذ 3 أيام

إصدارات

نفحات