أحسن الحديث

أحسن الحديث

07/04/2019

موجز في تفسير سورة النَّصر

 

موجز في تفسير سورة النَّصر

زوال الموانع من طريق دخول الناس في الإسلام

ـــــــــــــــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــــــــــــــ

* السورة العاشرة بعد المائة في ترتيب سوَر المُصحف الشريف، آياتها ثلاث، وهي مدنيّة، قيل إنّها آخر سورة تامّة نزلت من القرآن.

جاء في النبويّ الشريف: «من قرأها فكأنّما شهد مع محمّدٍ صلّى الله عليه وآله وسلّم فتح مكّة».

* سُمّيت بـ«النّصر» لقوله تعالى في الآية الأولى منها بعد البسملة: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾.

 

﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾

في رحاب السورة

هذه الآيات القصار في ألفاظها العميقة في محتواها تتضمّن مسائل دقيقة كثيرة، نشير إلى أبرزها استناداً إلى ما جاء في (تفسير الأمثل) للمرجع الديني الشيخ ناصر مكارم الشيرازي:

1- في الآية الأولى أضيف «النّصر» إلى الله تعالى ﴿نصر الله﴾، وفي كثير من المواضع القرآنية نجد نسبة النصر إليه عزّ وجلّ، كما في قوله: (..أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) البقرة:214، وقوله: (..وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ..) آل عمران:126.

ما يعني أنّ النصر في أيّ حال لا يكون إلا بإرادة الله تعالى، نعم، لا بدّ من إعداد القوة للغلبة على العدو، لكنّ الإنسان الموحِّد يؤمن أنّ النصر من عند الله وحده، ولذلك لا يغترّ بالنصر، بل يتّجه إلى شكر الله وحمده .

2- في هذه السورة دار الحديث عن نصرة الله، ثمّ عن الفتح والانتصار، وبعدها عن اتّساع رقعة الإسلام ودخول الناس في دين الله زرافات ووحداناً، وبين هذه الثلاثة ارتباط علّة ومعلول. فبنصر الله يتحقّق الفتح، وبالفتح تُزال الموانع من الطريق ويدخل الناس في دين الله أفواجاً.

بعد هذه المراحل الثلاث -التي يشكّل كلّ منها نعمة كبرى- تحلّ المرحلة الرابعة وهي مرحلة الشكر والحمد .

3- الفتح هنا مذكور بشكل مطلق، والقرائن تشير أنّه فتح مكّة الذي كان له ذلك الصدى الواسع المذكور في الآية، فقد شكّل صفحة جديدة في تاريخ الإسلام، لأنّ مركز الشرك قد تلاشى بهذا الفتح، انهدمت الأصنام، وتبدّدت آمال المشركين، وأزيلت السدود والموانع من طريق إيمان الناس بالإسلام .

4- في نهاية السورة يأمر الله سبحانه نبيّه -بل كلّ المؤمنين- بأمور ثلاثة ليجسّد آلاء الشكر، وليتّخذ الموقف الإيماني المناسب من النصر الإلهي، وهي: «التسبيح» و«الحمد»، و«الاستغفار». التسبيح تنزيه الله من كلّ عيب ونقص، والحمد لوصف الله بالصفات الكمالية، والاستغفار مقابل تقصير العبد .

هذا الانتصار الكبير أدّى إلى تطهير الساحة من أفكار الشرك، وإلى تجلّي جمال الله وكماله أكثر من ذي قبل، وإلى اهتداء من ضلّ الطريق إلى الله .

هذا الفتح العظيم أدّى إلى أن لا يظنّ فردٌ بأنّ الله يترك أنصاره وحدهم، ولذلك جاء أمر التسبيح لتنزيهه من هذا النقص، وإلى أن يعلم المؤمنون بأنّ وعده الحقّ موصوف بهذا الكمال، وإلى أن يعترف العباد بنقصهم أمام عظمة الله .

أضف إلى ما سبق، إنّ الإنسان -عند النصر- قد تظهر عليه ردود فعل سلبية فيقع في الغرور والتعالي، أو يتّخذ موقف الانتقام وتصفية الحسابات الشخصية، وهذه الأوامر الثلاثة تعلّمه أن يكون في لحظات النصر الحسّاسة ذاكراً لصفات جلال الله وجماله، وأن يرى كلّ شيء منه سبحانه، ويتّجه إلى الاستغفار كي يزول عنه غرور الغفلة ويبتعد عن الانتقام .

ثواب تلاوتها

عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «من قرأ (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) في نافلة أو فريضة نصرَه الله على جميع أعدائه، وجاء يوم القيامة ومعه كتاب ينطق، قد أخرجه الله من جوف قبره، فيه أمان من جسر جهنم، ومن النار، ومن زفير جهنم، فلا يمر على شيء يوم القيامة إلّا بشّره وأخبره بكلّ خير حتّى يدخل الجنة، ويفتح له في الدنيا من أسباب الخير ما لم يتمنّ ولم يخطر على قلبه».

 

فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير

نزلت (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) بمنى في حجّة الوداع، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «نُعيت إلى نفسي»، فجاء إلى مسجد الخيف، فجمع الناس ثمّ قال: «نصَر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها وبلّغها من لم يسمعها، فرُبّ حامل فقه فليس بفقيه، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغلّ عليهن قلب امرء مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأئمّة المسلمين، واللزوم لجماعتهم، فإنّ دعوتهم محيطة من ورائهم. أيّها الناس: إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا ولن تزلّوا؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنّه قد نبّأني اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض..».

(تفسير علي بن إبراهيم القمّي)

 

شُعب الخيرات

..ارجعوا مغفوراً لكم

* عن الإمام الباقر عليه السلام: «مَن زارَ قبرَ الحسين عليه السّلام، في النّصف من شعبان غُفِرَتْ له ذنوبُه، ولم تُكتَب عليه سيّئةٌ في سَنتِه حتّى يحولَ عليه الحَول..».

* وعن الإمام الصادق عليه السلام: «إذا كان النّصفُ من شعبان نادى منادٍ من الأُفُق الأعلى: زائري الحُسين، ارجعوا مغفوراً لكم، ثوابُكم على ربِّكم ومحمّدٍ نبيِّكم».

(الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص 830)

 

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

09/04/2019

الموعود

  عربية

عربية

09/04/2019

عربية

نفحات