شعر

شعر

11/05/2020

بفقدِك أُثكلتْ شِرعةُ أحمدٍ

بفقدِك أُثكلتْ شِرعةُ أحمدٍ

مرثية السيد صالح القزويني في الإمام الجواد عليه السلام

 

السيّد صالح بن السيّد مهدي القزويني (1257 – 1304 هـ). ينتهي نسبه إلى زيد الشهيد بن الإمام زين العابدين عليه السلام، وآل القزويني من أجلّاء البيوت العلمية. درس العلوم الدينية، حتّى صار من العلماء المعروفين في النجف الأشرف.

قال عنه السيّد محسن الأمين قدّس سرّه، في (أعيان الشيعة): «كان عالماً فاضلاً جليلاً رئيساً مهيباً، جامعاً لأشتات الفضائل والمكارم... شاعر أهل البيت وصاحب القصائد الطويلة في مدائحهم ومناقبهم ومراثيهم جميعاً».

توفّي سنة 1874م* ودفن بالنجف الأشرف. رثاه السيّد حيدر الحلّي بقصيدة يقول فيها:

وما خلتُ منكَ الداءَ يبلغُ ما أرى  *  لأنّكَ للدّهرِ الدواءُ المجرّبُ

له دواوين شعرية عدّة، أشهرها «الدّرر الغَروية في أئمّة البَريّة»، ومنه هذه القصيدة في رثاء الإمام أبي جعفر محمّد بن عليّ الجواد عليه السلام، ومطلعها:

سَلِ الدارَ عن ساكنِها أين يَمّموا  * فهل أنْجَدوا يومَ استقلّوا وأَتْهَموا

تبقى الإشارة إلى أنّ الابيات المدرجة مختارات من القصيدة، وقد ضمّنها السيد القزويني رحمه الله بيانَ الكرامات الصادرة عن الإمام صلوات الله عليه، والمثبتة في المصنّفات المعتبرة.

«شعائر»

 

ومِنْ يثربَ استدعى الجوادَ ومُذ أتى

له غِيلةً بين البرايا معظِّمُ

وكم لك يا ابنَ المصطفى بانَ مُعجِزٌ

به كلُّ أنفٍ من أعادِيك مُرغَمُ

أسرَّ امتحاناً صيدَ بازٍ بكفّهِ

فأخبرْتَه عمّا يُسِرُّ ويَكتُمُ

وأذعنَ لمّا اجتازَ في النهجِ قبلَ أن

يَشاهدَه فانصاعَ وهو مُسَلِّمُ

وأرشى العِدى يحيى بنُ أكثم خُفيةً

وظنّوا بما يأتِيه أنّك تُفحَمُ

فأخجلتَ يحيى في الجوابِ مبيّناً

عن الصَيدِ يُرديه امرؤٌ وهو مُحْرِمُ

وأنتَ أجبتَ السَّائلين مَسائلاً

ثلاثينَ ألفاً عالمٌ لا تُعلّمُ

وغاظ بني العباسِ تعظيمُ رجْسِهم

لشأنِكَ إجلالاً وأنت المعظَّمُ

وكم أبرموا أمراً فكادوا فكِدْتَهم

بنقضِكَ ما كادوكَ فيه وأبْرَموا

وصاهَرَك المأمونُ لمّا بدَتْ له

معاجزُك اللّاتي بها الناسُ سلّموا

ونصّ الرضا أنّ الجوادَ خليفتي

عليكمُ بأمرِ اللهِ يقضي ويَحكُمُ

هو ابنُ ثلاثٍ كلّم الناسَ هادياً

كما كانَ في المهدِ المسيحُ يُكلِّمُ

سَلوه يُجِبْكم وانظروا ختْمَ كَتْفِه

ففي كتَفه ختمُ الإمامةِ يُختمُ

وسِرتَ إلى كوفانَ والبيتِ عائداً

إلى الشّامِ لَمْحَ الطّرْفِ واللّيلُ مظلِمُ

رمَوا بالتنبّي عابداً صَحِبْتَه

مذِيعاً لذاك السِّترِ والسرُّ يُكتَمُ

وفي السجنِ ألقَوه وقد أحدَقوا به

فأخرجْتَهُ منهم كأنّهم عَمُوا

وعن سَيْر حمّادٍ نهيتَ فما انتهى

فأغرقَه وادٍ من السّيل مُفْعَمُ

وما كفَّ ذو (العُثنون) لمّا انتهرتَه

فَشُلّ نكالاً منه كفٌّ ومِعْصمُ

ويومَ أسرَّ الهاشميّ أوامَه

استبانَ له بالغيبِ أنّك تعلَمُ

ويومَ عليك الشَّاهدانِ نَجو ما

قد افتريا بالرجْفَ أعداك أُرْغمُوا

وقال أَلِمَّنِي الجمّالَ منك ولم يكنْ

أبو هاشمٍ في أمرِه يتكلّمُ

وليلاً أبو الصّلتِ استغاثَ بسِجنه

فأخرجْتَه والسجنُ بالجُندِ مُفْعَمُ

وفي مَهدِك الأعمى بَصيراً أَعدْتَهُ

فخرَّ على رِجليْكَ يبكي وَيَلْثِمُ

لِعافٍ أحلْتَ التُربَ تِبراً تكرّماً

وفضلاً وأنت الفضلُ المتكرّمُ

أقرّ لك الزيديّ بالسّحرِ إنّما

وِلاكَ من الباري عليه مُحَتّمُ

وصَرْفكَ شكَّ ابنِ الوليدِ ورَدّكَ

الدّراهمَ إعجازٌ له والتَبسُّمُ

وأنتَ أمرتَ المَيْتَ أن يُعلِمَ ابنَه

بأموالِه في النّومِ إذ ليسَ يَعلمُ

ولمّا استَحى يَحيى فأخفى سؤالَه

أمرتَ العصا في سُؤله تتكلّمُ

وسؤالُك إيّاه فما حُكمُ قَينةٍ

تَحِلُّ مِراراً في النّهار وتُحرَمُ

فلم يستطعْ يحيى جواباً ولم يُطِقْ

كلاماً ولو أنّ البرايا لَهُ فمُ

أَسَرَّ ابنُ سهلٍ منك يسألُ كِسوةً

فجُدتَ ولم يسألْ وهذا التكرُّمُ

وكم أبكمٍ أعمَى أصمّ شفَيْتَه

فما بالُ أقوامٍ على الخُلْفِ صَمَّموا

زَهَتْ بوضوءٍ منك أغصانُ سِدرةٍ

وقد أطعمتْ في الحالِ ما ليسَ يُطعمُ

ويومَ طويتَ الأرضَ من يثربٍ إلى

أبيكَ بطوسٍ والمدامِعُ تُسجمُ

ووافيتَه ملقًى يجودُ بنفسِه

يجرَعُ كاساتِ الرّدى وهي عَلقمُ

فضَمّكَ شوقاً باكياً حين جئتَه

إلى صدرِه الزاكي ودمْعُكُما دَمُ

ومِن أمْرهِ لمّا فرغتَ بيومِه

رجَعتَ وقد أعلمتَ ما ليس يُعلمُ

فطوسٌ لكم والكَرخُ شجْواً وكربلا

وكوفانُ تبكي والبقيعُ وزمزَمُ

وكم قد تعطّفْتم عليهم تَرحُّماً

فلم يعطِفوا يوماً عليكم ويَرحموا

وكم مأتمٍ حزناً عليه أقمتَه

تَميدُ له رضوى ويَلوي يَلَمْلَمُ

معاجزُ لو أنّ البرايا ترومُها

عِداداً لَكلّتْ كيف تُحصى فتَنتَظِمُ

ولم تُحصَ لو أنّ البحارَ مِدادُها

وأقلامُها الأشجارُ والخَلقُ تَرقُمُ

أقمتَ وقوّمتَ الهدى بعدَ سادةٍ

أقاموا الهدَى من بعدِ زَيغٍ وقوَّموا

فلا رَبِحتْ آلُ الطليقِ تجارةً

ولا بَرِحتْ هوناً تُسامُ وتُرغَمُ

فما منْكم قدْ حرّمَ اللهُ حلّلوا

وما لكُم قد حلّلَ اللهُ حرّموا

وجَدُّهم لو كانَ أوصى بقتلِهمْ

إليكم لَما زِدتُم على ما فَعَلتُمُ

فَصَمْتُم من الدّين الحنيفيّ حبلَهُ

وعُروتَه الوثقى التي ليسَ تُفصَمُ

وقد مهّدَ المأمونُ ثمّ محمّدٌ

لِمعتَصمٍ تَمهيدَ مَن قد تَقدّموا

وسَمّتْهُ «أُمُّ الفضلِ» عن أمْرِ عَمِّها

فويلٌ لها من جَدِّه يومَ تَقدِمُ

فيا لَقصيرِ العُمرِ طالَ لِموتِه

على الدّين والدنيا البُكا والتألّمُ

مضيتَ فلا قلبُ المكارمِ هاجعٌ

عليكَ ولا طَرْفُ المعالي مُهوِّمُ

 

اخبار مرتبطة

  تاريخ و بلدان

تاريخ و بلدان

  حكم و لغة

حكم و لغة

نفحات