إنّي مهاجرٌ إلى ربّي

إنّي مهاجرٌ إلى ربّي

منذ 5 أيام

إنّي مهاجرٌ إلى ربّي

إنّي مهاجرٌ إلى ربّي
مِن توجيهات الشّيخ النّراقي للحُجّاج

ـــــــــــــــ إعداد: مازن حمّوديـــــــــــــــ 


يؤكِّد الفقيه العارف الشَّيخ محمّد مهدي النّراقي قدّس سرّه على جملةٍ من الأمور التي يَجدر بالمؤمن الإلتزام بها متى عزمَ على تلبية الأذان بالحجّ إلى بيت الله الحرام، وهي: تجريدُ النيّة لله، والتَّوبةُ إليه، وانصرافُ الهمّ له تعالى، وتعظيمُ قدر الكعبة المعظّمة، والتزوُّد بالحلال، وتحسين الخُلُق، واجتناب الزِّينة.
ما يلي، وقفة مع شرحه قدّس سرّه لهذه العناوين السَّبعة، كما ورد في كتابه (جامع السَّعادات).

ينبغي للحاجّ، عند توجُّهه إلى الحجّ، مراعاة أمور:

 الأوّل: أن يجرِّد نيّته لله، بحيث لا يَشوبها شيء من الأغراض الدُّنيويّة، ولا يكون باعثُه على التَّوجُّه إلى الحجّ إلَّا امتثالُ أمر الله ونَيْل ثوابه، والإستخلاص من عذابه، فليَحذر كلّ الحذر أن يكون له باعثٌ آخَر، مَكنون في بعض زوايا قلبه كالرِّياء، أو قَصْد التّجارة أو شغل آخَر، فإنّ كلّ ذلك يُخرِج العمل من الإخلاص، ويَحجبه عن الفائدة، وتَرَتُّب الثَّواب الموعود.

 الثّاني: أنْ يَتوب إلى الله تعالى توبةً خالصة، ويَردّ المَظالِم، ويَقطع علاقة قلبه عن الإلتفات إلى ما وراءه، لِيَكون متوجِّهاً إلى الله بوجه قلبه، ويقدِّر أنّه لا يعود، ولْيَكتب وصيَّته لِأهله وأولاده، ويتهيّأ لِسفر الآخرة، فهو المُستقَرّ وإليه المصير.

 الثّالث: أن يعظِّم في نفسه قدر البيت وقدر ربِّ البيت، ويعلم أنّه ترك الأهل والأوطان، وفارق الأحبَّة والبلدان، للعَزْم على أمرٍ رفيعٍ شأنُه، خطيرٍ أمرُه: أعني زيارة بيت الله الذي جُعِل مثابةً للنَّاس، فَسَفره هذا لا يُضاهي أسفار الدُّنيا. فَلْيُحضِر في قلبه ماذا يريد، وأين يتوجَّه، وزيارة مَن يَقصُد، وأنّه مُتوجِّه إلى زيارة ملك الملوك. (وَ) لْيُحضر في قلبه عِظَم السَّفر، وعَظَمة البيت، وجلالة ربِّ البيت، ويَخرُج معظِّماً لها، ناوياً إنْ لم يَصِل وأَدرَكَتْه المنيّة في الطريق لَقِيَ الله وافداً إليه بِمُقتضى وعده.
 

الرّابع: أن ".." يكون الهمّ مجرَّداً لله تعالى، والقلب مطمئنّاً مُنصرفاً إلى ذِكر الله عزّ وجلّ وتعظيم شعائره، متذكِّراً عند كلِّ حركةٍ وسكون أمراً أُخرويّاً يناسبُه.

 الخامس: أن يكون زادُه حلالاً، ويُوسِع فيه ويُطيِّبه، ولا يغتمّ ببذله وإنفاقه، ".." إذْ إنفاق المال في طريق الحجّ نَفَقةٌ في سبيل الله، والدِّرهم منه بسبعمائة درهم، ".." نعم ينبغي أن يكون الإنفاق على الإقتصاد مِن دون تقتير ولا إسراف، وينبغي -أيضاً- أن يكون طيِّبَ النَّفْس في ما أصابه مِن خسران، لأنَّ ذلك من دلائل قبول حجّه "..".

السَّادس: أنْ يَحسُن خُلُقه، ويَطيب كلامُه، ويكثر تواضعُه، ويَجتَنِب سوء الخُلُق والغِلْظة في الكلام، والرَّفث والفُسوق والجِدال. والرَّفث إسمٌ جامع لِكُلِّ فُحْشٍ ولَغْوٍ وخنى، والفُسوق إسمٌ جامعٌ لِكلِّ خروجٍ عن طاعة الله تعالى، والجِدال هو المبالغة في الخُصومة والمُماراة بِما يورِث الضَّغائن ".." ويناقض حُسْن الخُلُق. قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «الحجُّ المبرور ليس له جزاء إلَّا الجنَّة، فقيل: يا رسول الله، ما برّ الحجّ؟ قال: طِيبُ الكلام وإطعام الطَّعام». فلا ينبغي أن يكون كثير الإعتراض على رفيقه وجمَّاله [السَّائق]، وعلى غيرهما من أصحابه، بل يُليِّن جانبه، ويُخفِض جناحه للسَّائرين إلى بيت الله، ويَلزم حُسْنَ الخُلُق، وليس حُسْن الخُلُق مجرّدُ كفِّ الأذى، بل احتمالُ الأذى، وقيل: سُمِّيَ السَّفر سَفراً، لأنَّه يُسفِرُ عن أخلاق الرِّجال.

 السَّابع: أنْ يكون أَشعْثَ أَغبر، غير متزيّنٍ ولا مائلٍ إلى أسباب التَّفاخر والتَّكاثر، فيُكتَب في المتكبِّرين ويَخرج عن حزب الضُّعفاء والمساكين. ويَمشي إنْ قدر خصوصاً بين المشاعر، وفي الخبر: «ما عُبِد الله بشيءٍ أفضل من المشي». وينبغي ألَّا يكون الباعثُ للمَشي تقليل النَّفقة، بل التَّعب والرِّياضة في سبيل الله، ولو كان القصد تقليل النَّفقة مع اليَسار، فالرُّكوب أفضل. وكذا الرُّكوب أفضل لِمَن ضَعُف بالمشي، وساء خُلُقه، وقَصَّر في العمل، ففي الخبر: «تركبون أحبُّ إلي، فإنَّ ذلك أقوى على الدُّعاء والعبادة». 

اخبار مرتبطة

  في توجيهات وليّ الأمر

في توجيهات وليّ الأمر

  دوريات

دوريات

منذ 5 أيام

دوريات

  إصدارات اجنبية

إصدارات اجنبية

نفحات