الإمام الخامنئي في «مؤتمر دعم الإنتفاضة»:

الإمام الخامنئي في «مؤتمر دعم الإنتفاضة»:

23/10/2011

الإمام الخامنئي في «مؤتمر دعم الإنتفاضة»:


الإمام الخامنئي في «مؤتمر دعم الإنتفاضة»:

أميرکا مُتحيِّرة أکثر من أيِّ وقتٍ مضى


ألقى قائد الثورة الإسلاميّة سماحة آية الله العظمى السيّد عليّ الخامنئي مطلع الشهر الفائت كلمة قيِّمة في «المؤتمر الدّولي الخامس لِدَعم الإنتفاضة الفلسطينيّة».
في ما يلي مقتطفات من الكلمة التي سُجّلت كوثيقة سياسيّة صادرة عن المؤتمر المذكور.


تَتميَّز القضيّة الفلسطينيّة بِخُصوصيّة فريدة من بين کلّ الموضوعات، وثمّة خصوصيَّات منقطعة النَّظير في هذه القضيّة:
أوّلاً: أنْ يُغتصَب بلدٌ مسلم مِن شعبه، ويُعطى لِأجانب  کَوَّنوا مجتمعاً مزيَّفًا وغير متجانس.
ثانياً: أنَّ هذا الحدث جرى بواسطة المذابح.
ثالثاً: أنَّ قبلة المسلمين الأُولى والکثير من المراکز الدِّينيّة المقدَّسة في هذا البلد، مهدَّدة بالهدم والإمتهان والزَّوال.
رابعاً: أنَّ هذه الحکومة والمجتمع المزيَّفَين مارسا [دوماً] دور القاعدة العسکريّة والأمنيّة والسياسيّة للحکومات الإستکباريّة. خامساً: أنَّ الصّهيونيّة التي تُعَدّ خطراً أخلاقيّاً وسياسيّاً واقتصاديّاً کبيراً على المجتمع البشري، استخدَمَت [الأراضي المحتلّة] نقطة إنطلاق لتوسيع نفوذها وهيمنتها في العالم، [والغرب قد استَخْدَم الصّهيونيّة] کَالخنجر في خاصرةَ الأمّة الإسلاميّة.

الصّحوة الإسلاميّة الرّاهنة

وقد أُضيفَت اليوم نقطة أساسيّة أخرى إلى تلك النّقاط، أَلَا وهي نهضة الصَّحوة الإسلاميّة التي عمّت کلّ المنطقة، [و] استمدَّت جانباً مهمّاً من طاقتها وحماسها من قضيّة فلسطين.
الظُّلم والعسف المُتصاعد الذي يمارسه الکيان الصّهيوني ومواکبة بعض الحکَّام المُستبدِّين الفاسدين المُرتزَقة لِأمريکا لهذا العسف من جهة، وانبعاث المقاومة الفلسطينيّة واللّبنانيّة المُستميتة، والإنتصارات المعجزة للشَّباب المؤمن في حربَي الـ 33 يوماً في لبنان والـ 22 يوماً في غزّة من جهة أخرى، هي من جملة العوامل المهمَّة التي هيَّجَت المحيط الهادئ ظاهريّاً لدى شعوب مصر وتونس وليبيا وباقي بلدان المنطقة.
إنَّها لحقيقة أنَّ الکيان الصّهيوني الذي يدَّعي بأنّه لا يُقهر، تلقَّى في حرب غير متکافئة في لبنان هزيمة قاسية مُذلَّة، وبعد ذلك اختَبَر سَيْفَه الکَليل مرّة أخرى أمام المقاومة الفولاذيّة المظلومة لغزّة، وذاق طَعْم الإخفاق. هذه أمور يجب أخذها بعين الجدّ في تحليل الأوضاع الحاليّة للمنطقة، وقياس صحّة أيّ قرار يُتَّخَذ على ضوئها.

مفتاح الفتوحات والنّجاحات

لقد أعلن إمامنا [الخميني] الجليل أنَّ أحد أهداف هذه الثّورة [الإسلاميّة في إيران] تحرير الأرض الفلسطينيّة واستئصال غدَّة «إسرائيل» السَّرطانيّة. الأمواج القويّة لهذه الثّورة التي عمَّت العالم کلّه في ذلك الحين، حَمَلَت معها أينما ذَهَبَت هذه الرَّسالة: «يجب تحرير فلسطين».
المشاکل المُتتابعة والکبيرة التي فرضها أعداء الثَّورة على نظام الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، وإحداها حرب الأعوام الثَّمانية التي شَنَّها نظام صدّام حسين بِتَحريض مِن أميرکا وبريطانيا ودعم الأنظمة العربيّة الرَّجعيّة، لم تَستطِع هي الأخرى سَلْب الجمهوريّة الإسلاميّة مُحَفِّزات الدِّفاع عن فلسطين.
وهکذا تمّ ضخّ دماء جديدة في عروق فلسطين، وانبثقت الجماعات الفلسطينيّة المُجاهِدة الإسلاميّة، وفَتَحت المقاومة في لبنان جبهة قويّة جديدة أمام العدوّ وحُمَاته. واعتَمَدَت فلسطين، بدل الإستناد إلى الحکومات العربيّة ومن دون مدّ اليد للأوساط العالميّة من قبيل منظمة الأُمم المتّحدة -وهي شريکة إجرام الحکومات الإستکباريّة- إعتَمَدَت على نفسها وعلى شبابها وعلى إيمانها الإسلامي العميق، وعلى رجالها ونسائها المُضحِّين.
هذا هو مفتاح کلّ الفتوحات والنّجاحات.
تَقَدَّم هذا السِّياق وتصاعد خلال العقود الثّلاثة الأخيرة يوماً بعد يوم. وکانت الهزيمة الذَّليلة للکيان الصّهيوني في لبنان عام 2006، والأخفاق الفاضح الذي مُنِيَ به ذلك الجيش المُتَشَدِّق في غزّة سنة 2008.
لقد کان صمود غزَّة على الرّغم من المحاصرة المُطلقة نصراً إلهيّاً. وسقوط النِّظام الخائن الفاسد لِحُسني مبارك نصراً إلهيّاً، وظُهور موجة الصَّحوة الإسلاميّة القويّة في المنطقة نصراً إلهيّاً، وسقوط أستار النِّفاق والزَّيْف عن وجوه أميرکا وبريطانيا وفرنسا، والکراهية المُتصاعدة لِشُعوب المنطقة لهم کانت نصرة إلهيّة. والمشکلات المتتابعة والعصيَّة على الحصر للکيان الصّهيوني، ابتداءً من المشکلات السِّياسيّة والإقتصاديّة والإجتماعيّة الدّاخليّة، إلى عزلته العالميّة والکراهية العامّة له حتّى في الجامعات الأوروبيّة، کلّها مِن مَظاهر النّصرة الإلهيّة.

خطوات حلّ القضيّة الفلسطينيّة

الکيان الصهيوني اليوم مکروه وضعيف ومعزول أکثر من أيِّ وقت آخر، وحامِيَته الرئيسيّة أميرکا مُبْتلاة مُتحيِّرة أکثر من أيِّ وقت آخر. الصَّفحة الکُلِّيّة والإجماليّة لفلسطين طوال نيّف وستّين عاماً الماضية أمام أنظارنا حاليّاً. ينبغي تنظيم المستقبل بالنَّظر لهذا الماضي واستلهام الدُّروس منه.
ينبغي قبل کلّ شيء إيضاح نقطتَين:
الأولى: إنَّ دعوتنا هي تحرير فلسطين وليس تحرير جزء من فلسطين. أيّ مشروع يريد تقسيم فلسطين مرفوض بالمرّة. مشروع الدَّولتين الذي أَلبسوا عليه لباس الشّرعيّة «الإعتراف بحکومة فلسطين کَعضو في منظّمة الأمم المتّحدة» ليس سوى الإستسلام لإرادة الصَّهاينة، أي «الإعتراف للدّولة الصّهيونية بالأرض الفلسطينيّة».
أيّ مشروع عمليَّاتي يجب أن يکون على أساس مبدأ: «کلّ فلسطين لِکُلّ الشّعب الفلسطيني». فلسطين هي فلسطين «من النَّهر إلى البحر»، وليس أقلّ من ذلك حتّى بمقدار شِبْرٍ.
الثّانية: من أجل الوصول إلى هذا الهدف السّامي لا بُدَّ من العمل وليس الکلام، ولا بُدَّ من الجدّ وليس المُمارَسات الإستعراضيّة، ولا بُدَّ من الصَّبر والتَّدبير لا السُّلوکيّات المُتلوِّنة غير الصَّبورة.
يُمکن لِکُلِّ واحدة من الحکومات والشُّعوب المسلمة والجماعات المقاوِمة في فلسطين ولبنان وباقي البلدان أن تعرف نصيبها ودَوْرها من هذا الجهاد العام، وأن تَملأ بإذن الله جدول المقاومة.
مشروع الجمهوريّة الإسلاميّة لِحَلِّ قضيّة فلسطين مشروعٌ واضح ومنطقي ومُطابِق لِلعُرْف السِّياسي المقبول لدى الرّأي العامّ العالمي، وقد سَبَق أن عُرِض بالتفصيل. إنَّنا لا نقترح الحرب الکلاسيکيّة لجيوش البلدان الإسلاميّة، ولا رَمْي اليهود المهاجرين في البحر، ولا طبعاً تحکيم منظَّمة الأُمم المتَّحدة وسائر المُنظَّمات الدّولية. إنَّنا نقترح إجراء استفتاء للشّعب الفلسطيني. مِن حقّ الشّعب الفلسطيني کأيِّ شعب آخر أن يُقرِّر مصيره ويختار النِّظام الذي يَحکم بلاده. يُشارك کلُّ الفلسطينيِّين الأصليِّين مِن مسلمين ومسيحيِّين ويهود -وليس المُهاجِرون الأجانب- أينما کانوا، في داخل فلسطين أو في المخيَّمات أو في أيّ مکان آخر، في استفتاء عامّ ومنضَبِط، ويُحدِّدوا النّظام المستقبلي لِفلسطين.
وبعد أن يستقرّ ذلك النّظام والحکومة المنبثقة عنه، سوف يُقَرَّر أمر المهاجرين غير الفلسطينيِّين الذين انتقلوا إلى هذا البلد خلال الأعوام الماضية.
الرُّکن الأهمّ لِدَعم الشَّعب الفلسطيني هو قطع الدَّعم عن العدوِّ الغاصِب، وهذا هو الواجب الکبير الذي يَقع على عاتِق الحکومات الإسلاميّة. [إنّ] دليل صدق الحکومات المسلمة في مناصرتها للشَّعب الفلسطيني هو قطع علاقاتها السِّياسيّة والإقتصاديّة الجليّة والخفيّة مع ذلك الکيان. الحکومات التي تَستضيف سفارات الصَّهاينة أو مکاتبهم الإقتصاديّة، لا تستطيع أن تدَّعي الدِّفاع عن فلسطين.

خطوط أوباما الحمراء ستَتَحطّم

وفي هذا الخضمّ، من الجدير بالبلدان الغربيّة أن تکون لها نظرتها الواقعيَّة. الغرب اليوم على مفترق طُرُق. إمَّا أنْ يتخلّى عن منطق القوَّة الذي استخدمه زمناً طويلاً ويَعترف بِحُقوق الشعب الفلسطيني، ولا يُواصِل أکثر من هذا إتِّباع المخطَّطات الصّهيونيّة التَّعسُّفيّة اللاإنسانيّة، وإمَّا أن يَنتظر ضربات أقسى في المستقبل غير البعيد. وهذه الضَّربات الشَّالّة ليست مجرَّد السُّقوط المُتتابع للحکومات المطيعة لهم في المنطقة الإسلاميّة، إنَّما يوم تدرك الشعوب في أوروبا وأميرکا أنَّ أغلب مشکلاتهم الإقتصاديّة والإجتماعيّة والأخلاقيّة نابعة مِن الهَيْمنة الأخطبوطيّة للصّهيونيّة الدّولية على حکوماتهم، وأنَّ ساسَتَهم يُطيعون ويُسلِّمون لِتُعَسُّف أصحاب الشَّرکات الصّهيونيّة المصَّاصة للدِّماء في أميرکا وأوروبا من أجل الحفاظ على مَصالحهم الشَّخصيّة والحزبيّة، فسوف يَخلقون لهم جحيماً لا يُمکن تَصوُّر أيّ سبيلٍ للخلاص منه.
يقول رئيس جمهوريّة أميرکا إنَّ أمن «إسرائيل» هو خطّنا الأحمر. مَن الذي رَسَم هذا الخطّ الأحمر؟ مصالح الشَّعب الأميرکي أم حاجة «أوباما» الشّخصيّة للمال ودعم الشّرکات الصّهيونيّة للحصول على کرسيِّ الرِّئاسة في الدَّورة الرِّئاسيّة الثّانية؟ إلى متى سَتَستطيعون خداع شعبکم؟ ماذا سيَفعل الشّعب الأميرکي يوم يُدرِك عن حقّ أنّکم رضيتم بالذِّلّة والتَّبعيّة والتَّمرُّغ في التُّراب أمام أرباب المال الصَّهاينة، ونَحَرْتُم مصالح شعب کبير أمام أقدامهم من أجل البقاء في السُّلطة أيّاماً أضافيّة؟
أيُّها الأخوة والأخوات الأعزَّاء، إعلموا أنَّ هذا الخطّ الأحمر لِأوباما وأمثاله سوف يَتَحطَّم على يد الشُّعوب المسلمة الثائرة. ما يُهدِّد الکيان الصّهيوني ليس صواريخ إيران أو جماعات المقاومة حتّى تنصبوا أمامه درعاً صاروخيّاً هنا وهناك. التّهديد الحقيقي والذي لا علاج له هو العزيمة الرَّاسخة للرِّجال والنِّساء والشَّباب في البلدان الإسلاميّة، الذين لم يعودوا يريدون أنْ تتحکَّم فيهم أميرکا وأوروبا وعملاؤهم. وبالطَّبع، فإنَّ تلك الصَّواريخ سوف تؤدِّي واجباتها متى ما ظهر تهديد مِن قِبَل العدوّ.
﴿فاصبر إنّ وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون﴾ الروم:60.



اخبار مرتبطة

  في توجيهات وليّ الأمر

في توجيهات وليّ الأمر

  دوريات

دوريات

23/10/2011

دوريات

  إصدارات اجنبية

إصدارات اجنبية

نفحات