سورة مريم

سورة مريم

منذ 3 أيام

سورة مريم

سورة مريم
________ من دروس «المركز الإسلامي» _________

السُّورة التّاسعة عشرة في ترتيب سوَر المصحف الشَّريف، آياتها ثمانٍ وتسعون، وهي مكيّة. تشهد مضامينها بذلك، وسُمّيت بسورة «مريم» لورود جانب من قصّتها عليها السلام فيها، إضافةً إلى ذكر جملة من قصص ومواقف لِأنبياءَ عِظام، على نبيّنا وآله وعليهم جميعاً الصّلاة والسّلام.
 
ما ورد في هذه السورة من قصّة مريم، هو المرتبط بِحملها المُعجز بنبيّ الله عيسى عليهما السلام، بعد أن كانت قد اعتزلت أهلها للعبادة، والمرتبط بحكاية وضْعها المحفوفة بالكرامات الخاصّة، وتكلُّم عيسى في المهد ليُبرّئ ساحتها أمام قومها من بني إسرائيل.

هدف السُّورة


«تفسير الميزان»: هدف السُّورة على ما يُنبئ عنه قوله تعالى في آخرها: ﴿فإنّما يسّرناه بلسانك لتبشّر به المتّقين وتنذر به قوماً لدّاً﴾ مريم:97، هو التبشير والإنذار، غير أنّه ساق الكلام في ذلك سوقاً بديعاً، فأشار أوّلاً إلى قصّة زكريا ويحيى، وقصّة مريم وعيسى، وقصّة إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وقصّة موسى وهارون، وقصّة إسماعيل، وقصّة إدريس، وما خصّهم به من نعمة الولاية، كالنّبوّة، والصِّدق، والإخلاص، ثمّ ذكر أنّ هؤلاء الذين أَنعم عليهم كان المعروف من حالهم الخضوع والخشوع لربّهم، لكنّ أخلافهم [مَن جاء بعدهم] أعرضوا عن ذلك، وأهملوا أمر التَّوجُّه إلى ربّهم، واتّبعوا الشَّهوات فسوف يَلقَوْن غيّاً، ويضلّ عنهم الرُّشد إلّا أن يتوب منهم تائب ويرجع إلى ربّه، فإنّه يلحق بأهل النّعمة.
ثمَّ ذكر نبذة من هفوات أهل الغيّ وضلالاتهم، كَنَفْي المعاد، ونسبة الولد إلى الله تعالى، وعبادة الأصنام، وذكر ما يلحقهم بذلك من النّكال والعذاب.
فالسُّورة تقسِّم النّاس إلى ثلاث طوائف: الذين أَنعم الله عليهم من النّبيِّين وأهل الإجتباء والهدى، وأهل الغيّ، والذين تابوا وآمنوا وعملوا صالحاً، وهم مُلحقون بأهل النِّعمة والرُّشد، ثمَّ تذكر ثواب التَّائبين المُسترشِدين وعذاب الغاوين، وهم قُرناء الشَّياطين وأولياؤهم.

ثواب قراءتها


«تفسير نور الثقلين»: عن الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله: «مَن قرأها أُعطي من الأجر بعدد مَن صدّق بزكريّا وكذّب به، ويحيى، ومريم، وموسى، وعيسى، وهارون، وإبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، وإسماعيل عشر حسنات، وبِعدد مَن ادّعى لله ولداً، وبعدد مَن لم يدّعِ ولداً».

* عن الإمام الصادق عليه السلام: «مَن أدمن قراءة سورة مريم لم يمُت حتّى يصيبه ما يُغنيه في نفسه وماله وولده، وكان في الآخرة مِن أصحاب عيسى بن مريم عليهما السلام، وأُعطي من الأجر مثل مُلْك سليمان بن داود في الدُّنيا».

خلاصة السُّورة


«تفسير الأمثل»: لهذه السُّورة من جهة المحتوى عدّة أقسام مهمّة:
1 - يشكِّل القسم الذي يتحدّث عن قصص زكريّا ومريم والمسيح عليهم السلام، ويحيى وإبراهيم أبي الأنبياء عليهما السلام ، وولده إسماعيل، وإدريس وبعض آخر من كبار أنبياء الله، الجزء الأهمّ في هذه السورة.
2 - الجزء الثّاني من هذه السُّورة -والذي يأتي بعد القسم الأوّل من حيث الأهمّية- عبارة عن المسائل المرتبطة بالقيامة، وكيفيّة البعث، ومصير المجرمين، وثواب المتّقين، وأمثال ذلك.
3 - القسم الثّالث، وهو المواعظ والنَّصائح التي تُكمِّل -في الواقع- الأقسام السَّابقة.
4 - وأخيراً، فإنّ آخر قسم عبارة عن الإشارات المرتبطة بالقرآن، ونفي الولد عن الله سبحانه، ومسألة الشفاعة، وتشكّل بمجموعها برنامجاً تربويّاً مؤثّراً من أجل دفع النُّفوس الإنسانيّة إلى الإيمان والطهارة والتَّقوى.

تفسيرُ آياتٍ منها


«تفسير نور الثَّقلين»: قوله تعالى: ﴿كهيعص﴾ مريم:1، الإمام الحجّة عليه السلام: «كان زكريّا إذا ذكر محمّداً وعليّاً وفاطمة والحسن [عليهم السلام] سَرَى عنه همّه وانجلى كَرْبه، وإذا ذَكر الحسين عليه السلام خَنَقته العَبْرة ووَقعَت عليه البَهْرة [تتابعُ النَّفَس وانقطاعه] فقال يوماً: إلهي ما بالي إذا ذكرتُ أربعاً منهم عليهم السلام تسلّيْتُ بأسمائهم من همومي، وإذا ذكرتُ الحسين عليه السلام تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فأنبَأَه تبارك وتعالى عن قصّته، فقال: كهيعص. فالكاف اسم كربلاء، والهاء هلاك العترة، والياء يزيد لعنه الله وهو ظالم الحسين، والعين عطشه، والصَّاد صبره، فلمّا سمع بذلك زكريا عليه السلام لم يُفارِق مسجده ثلاثة أيّام، ومنع فيها النَّاس من الدُّخول عليه، وأقبل على البكاء والنَّحيب، وكانت ندبته: إلهي أَتفْجَعُ خير خلقك بولده؟ أتُنْزِل بلوى هذه الرَّزيَّة بفنائه؟ أتُلْبِس عليّاً وفاطمة ثياب هذه المصيبة؟ إلهي أتحلّ كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟ ثمَّ كان يقول: إلهي ارزقني ولداً تقرّ به عيني عند الكبر، واجعله وارثاً ووصيّاً، واجعل محلّه منّي محلّ الحسين عليه السلام، فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبّه ثمّ أفجعني به كما تفجع محمّداً حبيبك صلّى الله عليه وآله بولده. فرزقه الله يحيى عليه السلام وفَجَعه به، وكان حمْلُ يحيى ستّة أشهر، وحمل الحسين عليه السلام كذلك».

* الإمام الصادق عليه السلام: «﴿كهيعص﴾ معناه: أنا الكافي، الهادي، الوليّ العالم، الصّادق الوعد».

* قوله تعالى: ﴿..وآتيناه الحكم صبياً﴾ مريم:12، الإمام الجواد عليه السلام: «إنّ الله احتجّ في الإمامة بمثل ما احتجّ به في النبوّة فقال: ﴿وآتيناه الحكم صبيّاً﴾، [وقال] ﴿ولمّا بلغَ أشُدّه..﴾، ﴿..وبلغ أربعين سنة..﴾، فقد يجوز أن يُؤتى الحكمة وهو صبي، ويجوز أن يُؤتى الحكمة وهو ابن أربعين سنة».

* قوله تعالى: ﴿وحناناً من لدنّا..﴾ مريم:13، الإمام الصادق عليه السلام: «إنّه كان يحيى إذا قال في دعائه: يا ربّ، يا الله. ناداه الله من السماء: لبّيك يا يحيى سلْ حاجتك».

* قوله تعالى: ﴿وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيّاً﴾ مريم:15، الإمام الرضا عليه السلام: «إنّ أوحش ما يكون هذا الخَلْق في ثلاثة مواطن: يوم يولد ويخرج من بطن أمّه فيَرى الدنيا، ويوم يموت فيُعاين الآخرة وأهلها، ويوم يُبعث فيرى أحكاماً لم يرَها في دار الدُّنيا. وقد سلّم الله عزَّ وجلَّ على يحيى في هذه الثّلاثة المواطن وآمنَ روعتَه فقال: ﴿وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيّاً﴾ مريم:15. وقد سلّم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال: ﴿والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيّاً﴾ مريم:33».

* قوله تعالى: ﴿فحملته فانتبذت به مكاناً قصيّاً﴾ مريم:22، الإمام السجّاد عليه السلام: «خرجَتْ من دمشق حتّى أَتَت كربلاء، فوَضَعت في موضع قبر الحسين عليه السلام، ثمَّ رجعت من ليلتها».

* قوله تعالى: ﴿..يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسياً منسيّاً﴾ مريم:23، الإمام الصادق عليه السلام: «لأنّها لم ترَ في قومها رشيداً ذا فراسة ينزّهها من السوء».

* قوله تعالى: ﴿وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر..﴾ مريم:39، عنه عليه السلام: «يوم الحسرة، يوم يُؤتى بالموت فيُذبح». [فإذا ذُبِح الموت، خُلِّد الكافر في النّار]

* قوله تعالى: ﴿ أَوَلا يذكر الإنسان أنّا خلقناه من قبلُ ولم يكُ شيئاً﴾ مريم:67، عنه عليه السلام: «لا مقدّراً ولا مكوّناً». وعنه عليه السلام أيضاً: «لم يكن شيئاً في كتاب ولا علم».

* قوله تعالى: ﴿ وإن منكم إلّا واردها.. ﴾ مريم:71، رسول الله صلّى الله عليه وآله: «يَرِدُ النّاسُ النّارَ ثمَّ يصدرون بأعمالهم، فأوَّلُهم كَلَمْعِ البَرق، ثمّ كَمَرِّ الرّيح، ثمّ كَحُضْرِ الفرس [شدّة عَدْوه]، ثمّ كالرّاكب، ثمّ كَشَدِّ الرِّجل، ثمّ كَمَشْيَة».

وعن الإمام الصّادق عليه السلام للرّاوي: «أمَا تسمع الرجل يقول: وَرَدْنا بني فلان؟ فهو الورود ولم يدخله».
قوله تعالى: ﴿واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزّاً * كلّا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدّاً﴾ مريم:81-82، عنه عليه السلام: «..يكون هؤلاء الذين اتَّخذوهم آلهة من دون الله ضدّاً يوم القيامة، ويتبرّؤون منهم ومن عبادتهم إلى يوم القيامة». ثم قال عليه السلام: «ليس العبادة هي السُّجود ولا الرُّكوع، وإنّما هي طاعة الرِّجال. من أطاع مخلوقاً في معصية الخالق فقد عَبَدَه».

* قوله تعالى: ﴿لا يملكون الشفاعة إلّا من اتّخذ عند الرحمن عهداً﴾ مريم:87، رسول الله صلّى الله عليه وآله لأصحابه: «أَيَعجز أحدكم أن يتّخذ عند كلّ صباح ومساءٍ عند الله عهداً؟ قالوا: وكيف ذاك؟ قال صلّى الله عليه وآله: يقول: أللّهمَّ فاطِرَ السَّماواتِ والأرض، عالِمَ الغَيْبِ والشَّهادة، إنّي أعهد إليك بأنّي أشهدُ أن لا إله إلّا أنتَ وحدَك لا شريكَ لك، وأنّ محمّداً عبدُكَ ورسولُكَ، وأنّك إن تَكِلْني إلى نفسي تُقرّبني مِن الشِّرّ وتُباعدني مِن الخير، وإنّي لا أثق إلّا بِرحمتِك، فاجعلْ لي عندك عهداً توفّينيه يومَ القيامة، إنّك لا تُخلِفُ الميعاد..».

وعن الإمام عليه السلام: «إلّا مَن أُذِنَ له بولاية أمير المؤمنين والأئمّة من بعده صلوات الله عليه وعليهم، فهو العهدُ عند الله».

اخبار مرتبطة

  أنا قتيلُ هذا الغربِ المُتوحِّش

أنا قتيلُ هذا الغربِ المُتوحِّش

  القلب والحظوظ الدنيويّة

القلب والحظوظ الدنيويّة

  دورياات

دورياات

منذ 3 أيام

دورياات

نفحات