دعوةُ الأمّة إلى حُسن الإقتداء

دعوةُ الأمّة إلى حُسن الإقتداء

25/11/2011

دعوةُ الأمّة إلى حُسن الإقتداء

شَمَّ النبيُّ تربةَ كربلاء، وقبَّلها، وقلَّبها، واستودَعها أمّ سَلَمة
       دعوةُ الأمّة إلى حُسن الإقتداء

---- صاحب «مكاتيب الرّسول» الشيخ علي الأحمدي قدّس سرّه ----

* شيعةُ أهل البيت عليهم السلام (الإماميّة) يتّبعون في أقوالهم وأعمالهم سنّة نبيّهم وسيرة أئمّتهم عليهم السلام، علماً منهم بأنّهم عليهم السلام أحد الثّقلين اللّذين تركهما رسول الله صلى الله عليه وآله، لا يفترقان أبداً حتى يرِدا الحوض، فيحترمون ما يحترمه النّبيّ صلّى الله عليه وآله، وعترتُه.
 * يرى الشّيعي الإمامي أنَّ الله تعالى اهتمَّ بهذه التّربة الشّريفة أشدّ اهتمام، واحترمَها أجلّ احترام، حيث أرسل رُسُلاً من الملائكة فجاؤوا إلى النبيِّ صلّى الله عليه وآله، بقبضةٍ منها، فمن أجل ذلك يحترمها (الشيعيّ) ويأخذها.
 
 * استفاض في المصادر الإسلاميّة شيعيّةً وسنيّةً أنّ جبرائيل عليه السلام لمّا نزل على رسول الله صلّى الله عليه وآله، بخبر قتل الحسين عليه السلام، أتى بقبضةٍ من تربةِ مَصْرعِه (أي مكان استشهاده) صلوات الله عليه، وكذا غيرُ جبرائيل عليه السلام من الملائكة -كملَك القَطْر-أيضاً لمّا جاء إلى الرسول صلّى الله عليه وآله بهذا الخبر المؤلم، أتى إليه بقبضةٍ من تربة كربلاء.
وإن شئتَ الوقوف على هذه المكرُمة (اتّباع الإمامية ما ورد عن الرسول وأهل البيت) فعليك –لا على سبيل الحصر- بمراجعة المصادر الآتية:
البحار: ج 44، ص 229، عن أمالي الشيخ الطوسي رحمه الله؛ وكامل الزيارة لابن قولويه و ج 1 ص 118 / 127 / 135، عن الأمالي؛ والكامل والمصباح والمعجم الكبير للطبراني: ص 144 / 145؛ وذخائر العقبى: ص 174؛ وسِيَر أعلام النبلاء: ج 3، ص 194 / 195؛ وكنز العمّال: ج 13، ص 111 / 112 / 108؛ وتلخيص المستدرك للذهبي: ج 4، ص 176 / 398؛ والخصائص للسيوطي: ج 2، ص 125؛ والمناقب للمغازلي: ص 314؛ ومنتخب كنز العمّال: ج 5، ص 110 / 111؛ ومفتاح النجاة: ص 135 / 134؛ ووسيلة المآل: ص 182؛ والعقد الفريد: ج 2، ص 219؛ وميزان الاعتدال: ج 1، ص 8؛ وتاريخ الرّقة: ص 75؛ والفصول المهمة لابن الصبّاغ: ص 154؛ ونور الأبصار: ص 116؛ ومجمع الزوائد للهيثمي: ج 9، ص 188 / 189 / 191؛ والغنية لطالبي طريق الحق: ج 2، ص 56؛ ومقتل الحسين للخوارزمي: ج 1، ص 159 / 158؛ والنهاية لابن الأثير: ج 6، ص 230؛ والصواعق المحرقة: ص 191 / 190؛ والينابيع: ص 318 / 319؛ ومسند أحمد: ج 6، ص 294؛ وتاريخ الإسلام للذهبي: ج 3، ص 10؛ وطرح التثريب: ج 1، ص 41؛ وأخبار الحبائك للسيوطي: ص 44؛ والمطالب العالية والمستدرك للحاكم: ج 3، ص 176؛ والبداية والنهاية: ج 6، ص 230؛ وأخبار الدُّول: ص 107؛ والفتح الكبير للنَّبهاني: ج 1، ص 22؛ وتاريخ الإسلام للدمشقي: ج 3، ص 11 ؛ ".." والبيان للعلامة الخوئي: ص 561 عن أبي يعلى في مسنده، وابن أبي شيبة وسعيد عن منصور في سننه عن مسند علي؛ والطبراني في الكبير عن أم سلمة، ولم نأت بألفاظها لطولها وخروجها عن شرط الرسالة، فمن أراد فليُراجع المصادر المذكورة أو هامش (إحقاق الحق).

* يرى الشيعي الإمامي أنّ تربةً أهداها الجليل إلى رسوله الأقدس صلّى الله عليه وآله هديّة غالية، عالية ثمينة، جديرة بأن يحترمها ويكرِّمها اتِّباعاً لِسنّة الله تعالى.
 ويرى الشّيعي أنّ الرسول صلّى الله عليه وآله عندما تسلَّمها من جبرائيل عليه السلام، قبَّلها فيُقبِّلها.
قالت أمّ سلمة أمّ المؤمنين رضي الله عنها: «ثمّ اضطجع -رسول الله صلّى الله عليه وآله-  فاستيقظ وفي يده تربة حمراء يُقبِّلها، فقلت: ما هذه التّربة يا رسول الله؟ قال: أخبرني جبرائيل أنّ ابني هذا -يعني الحسين عليه السلام- يُقتَل بأرض العراق، فقلتُ لجبرائيل: أرِني تربة الأرض التي يُقتل بها، فهذه تربتها».

* فالشّيعة يقبِّلونها عملاً بسنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله  في التّربة الشّريفة في تقبيلها وتكريمها، كما أنّهم يدّخرونها ويحتفظون بها تأسّياً برسول الله صلّى الله عليه وآله حيث يرون أنّه صلّى الله عليه وآله يجعلها في قارورة، ويُعطيها أمّ سلمة ويأمرها بحفظها قائلاً: «هذه التّربة التي يُقتل عليها -يعني الحسين عليه السلام- ضَعِيها عندك، فإذا صارت دماً فقد قُتل حبيبي -الحسين عليه السلام-».

* ويرى الشّيعة أنّ الرسول صلّى الله عليه وآله يشمّ التّربة كما يشمّ الرّياحين العطِرة والمسك الطيّب، فيعتقدون أنّ شمَّها قبل أن يُهراق فيها دمُ الحبيب ابن الحبيب إنّما هو لِعطور معنويّة وعلاقات ربانيّة وعناية إلهيّة بالنسبة إليها؛ إمّا في نفسها، أو لِما مضى عليها، أو لِما يأتي في مستقبلها.
إنَّ فِعْل الرسول صلّى الله عليه وآله في تعامله مع تربة كربلاء، يُوجد لكلّ مسلم حالةً خاصّةً تجاهها. سمِّها أنت بما شئت من العناوين. لعلّه صلّى الله عليه وآله كان يشمُّ منها ما يأتي عليها من الحوادث المؤلمة على أهل البيت عليهم السلام من إهراق دمائهم، ونَهْب خِيَامِهم، وضرْب متونهم، وأسْرهم. لعلّه كان يشمّ منها ما يأتي عليها من اختلاف أولياء الله إليها، وسكونهم، وعبادتهم، ومناجاتهم، وبكائهم فيها. ولعلَّ.. ولعلّ..
وعندما شمَّها رسول الله صلّى الله عليه وآله لم يملك عينيه أنْ فاضتا.
قال أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب عليه السلام: «دخلتُ على النبيّ صلّى الله عليه وآله  ذات يومٍ وعيناه تفيضان، قلتُ: يا نبيَّ الله، أغْضبَك أحد؟ ما شأنُ عينيك تفيضان؟! قال: بل قام عندي جبرائيل قبلُ فحدَّثني أنّ الحسين يُقتل بشطِّ الفرات. فقال: هل أُشِمُّك من تربتِه؟ قلت: نعم، فمَدَّ يده فقبض قبضةً من تراب فأعطانيها، فلم أملك عينيَّ أن فاضتا».

 فالشيعة يقبِّلونها كما قبَّلها النبي الكريم صلّى الله عليه وآله، ويَشُمُّونها كما شمَّها، كأغلى العطور وأثْمنها، ويدِّخرونها كما ادَّخرها، ويسكبون عليها الدموع كما سكب عليها دمعَه اقتفاءً لأثره صلّى الله عليه وآله، واتّباعاً لسنّة الله وسنّة رسوله، ولكلّ مسلم في رسول الله صلّى الله عليه وآله أسوةٌ حسنة. واهاً لها من تربة سكب عليها رسول الله صلّى الله عليه وآله دمعه قبل أن يُهراق فيها دمُ مهجته وحبيبه.

عندما نزل عليٌّ أمير المؤمنين عليه السلام في كربلاء، في مسيره إلى صِفّين، وقف هناك ونظر إلى مصارع أهله وذرِّيَّتِه وشيعته ومسفك دماء مهجته وثمرة قلبه، وأخذ من تربتها وشمَّها قائلاً : «واهاً لكِ أيّتها التربة، ليُحشَرنَّ منك أقوامٌ يدخلون الجنّة بغير حساب»، وقال: «طوبى لكِ من تربةٍ عليك تهراق دماءُ الأحبة».

وفي بعض تلكم الأحاديث أنّ الرسول صلّى الله عليه وآله  لمّا شمَّها وأهرق عليها دمعَه الساكب قال: «طوبى لكِ من تربة»، وفي بعضها: «وهو يفوح كالمسك» و«كانت تربة حمراء طيّبة الريح».

أضِف إلى ذلك كلّه ما ورد عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام -في النصوص الصحيحة الكثيرة- من الإهتمام بهذه التّربة الطيّبة الزاكية في التبرّك بها في تحنيك الأطفال، وتقبيلِها ووضْعِها على العين، وإمرارها على سائر الجسد للاستشفاء والتداوي بها. وفي حديثٍ عن أمّ أيمن عن النبي صلّى الله عليه وآله في بيان فضل تربة الحسين عليه السلام: «هي أطهرُ بقاع الأرض، وأعظمها حرمة، وإنّها لَمِن بطحاء الجنّة».
يتّضح أنّ تفضيل الشيعة السجود على التّربة الحسينيّة على سائر ما يصحّ السجود عليه، إنّما هو لاحترام ما احترمه الله تعالى وتكريم ما أكرمه، وهو التزامٌ بما سنّه الله سبحانه ورسوله، لِما نُقل عن أهل البيت عليهم السلام من تعظيمها وتكريمها والسّجود عليها وأخذ السُّبحة منها.


تبرُّك الأمّة عبر الأجيال بآثار النبيّ وتربة الحمزة

في (وفاء الوفاء: ج 1، ص 69، عن نزهة الناظرين للبرزنجي: ص 116، ط مصر، في البحث عن حرمة المدينة وحُكم إخراج ترابها) قال:
«ويجب على مَن أخرج شيئاً من ذلك (يعني تراب المدينة) ردّه إلى محلّه، ولا يزول عصيانه إلّا بذلك ما دام قادراًعليه. نعم، استثنوا من ذلك ما دعت الحاجةُ إليه للسفر كآنيةٍ من تراب الحرم، وما يُتداوى به منه، كَتُراب مصرع حمزة رضي الله عنه للصُّداع، وتربة صهيب رضي الله عنه لإطباق السَّلف والخلف على نقل ذلك».
 فإذا كانوا يتبرّكون بآثار رسول الله صلى الله عليه وآله وأقربائه، فيكون التَّبرُّك في السّجود وغيره بتربة قبر الحسين عليه السلام، من أوضح الواضحات عندهم.
وقد رُوي أنّه قد دُفِن حمزة في أُحد وكان يُسمّى سيّد الشهداء، وصاروا يسجدون على تربته. (أنظر: مقدمة كتاب مكاتيب الرسول)
ورُوي أيضاً «أنّ فاطمة عليها السلام، بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله  كانت مسبحتُها من خيوط صوف مفتَّل معقود عليه عدد التكبيرات، وكانت تُديرها بيدها تكبِّر وتسبِّح حتى قُتل حمزة بن عبد المطلب فاستعملت تربته واستعملت التسابيح فاستعملها الناس، فلمّا قُتل الحسين عليه السلام، عدل بالأمر إليه فاستعملوا تربته لِما فيها من الفضل والمزيّة».
فهل يُظنُّ بمسلمٍ يتبرّك بشعر الرسول صلّى الله عليه وآله، وظِفره وسؤره وفضل وضوئه وسريره وكأسه ونعله ومسّه ومسحه وأصحابه الذين بايعوه وأقربائه -هل يُظنّ به- أن لا يتبرّك بالحسين عليه السلام، ودمه وتربتِه الطاهرة. حاشا ثمّ حاشا.
والنتيجة: إنَّ فضل السّجود على تربة قبر الحسين عليه السلام، يستند إلى رواياتٍ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، واردة بطُرق أهل البيت عليهم السلام، ولِما سنَّه رسول الله صلّى الله عليه وآله، وقرَّره، ولِما اتّضح من التَّبرُّك برسول الله صلى الله عليه وآله، وآثاره من تراب قبره، ولباسه وكلّ شيءٍ ينتمي إليه وإلى ذويه.

(الشيخ علي الأحمدي، السجود على الأرض، ص 140)


اخبار مرتبطة

  أنا قتيلُ هذا الغربِ المُتوحِّش

أنا قتيلُ هذا الغربِ المُتوحِّش

  القلب والحظوظ الدنيويّة

القلب والحظوظ الدنيويّة

  دورياات

دورياات

26/11/2011

دورياات

نفحات