«أنصار الحسين عليه السلام»

«أنصار الحسين عليه السلام»

25/12/2011

«أنصار الحسين عليه السلام»

«أنصار الحسين عليه السلام»
للشيخ محمّد مهدي شمس الدين
______ قراءة: سلام ياسين______





الكتاب: «أنصار الحسين – دراسة عن شهداء ثورة الحسين عليه السلام: الرّجال والدلالات»

المؤلّف: آية الله الشيخ محمّد مهدي شمس الدين رحمه الله

الناشر: «المؤسّسة الدولية للدراسات والنشر»، الطبعة الثالثة، بيروت 1996.

 
 


«يمثّل أنصار الحسين عليه السلام، شهداءَ كربلاء، أعلى ذروة نوعيّة في سجلّ الشهادة والشهداء في تاريخ الإسلام كلّه، لأنّهم صمّموا على نيل الشهادة التي رزقَهم اللهُ إيّاها في حالةٍ من الهزيمة للأمّة أمامَ قوى الطغيان، وهذا ما يُميّزهم عن شهداء العهدِ النبويّ، الذين صمّموا على نيل الشهادة التي رزقَهم اللهُ إيّاها، في حالةٍ من اندفاع الأمّة نحو مواجهة قوى الطغيان، وفي حالةٍ كانت الشهادة في حياة الأمّة كالنّور والهواء».
كان ذلك ممّا قدّم به العلّامة شمس الدين على كتابه (أنصار الحسين عليه السلام) في طبعته الثانية سنة 1981 م. وفي مقدّمته على الطبعة الأولى، الصادرة سنة 1974 م، يُصرّح بأنّه بدأ بكتابة بحثٍ ليكون مُلحقاً للطبعة الثالثة من كتابه (ثورة الحسين: ظروفها الإجتماعية وآثارها الإنسانية)، يقول: «ولكنّ المسائل التي كان يُثيرها [البحث عن الأنصار] كانت تستدرجُني للتوسّع فيها حتى تكوّنت هذه الفصول، التي هي أكبر من أن تكون ملحقاً لكتاب، فرأيتُ نشرها في كتاب مستقلّ».

أقسام الكتاب

يتكوّن هذا البحث – الكتاب من مقدّمة وقِسمين:
المقدّمة: عُنوِنت «مقدّمات»، وتتناول أهداف البحث ومصادرَه.
القسم الأوّل: جاء تحت عنوان: «الرّجال: كَم هم، ومَن هم؟»، وهو عن شهداء الثورة الحسينيّة، من الهاشميّين وغيرهم في كربلاء والكوفة، والتعريف بكلّ واحدٍ منهم في حدود المعلومات المُتاحة عنه، مع مُلحَقٍ أُثبِتَ فيه نصُّ الزيارة المنسوبة إلى الناحية المقدّسة، والزيارة الرجبيّة. وفصلٍ مهمّ في تحقيق حال الزيارتَين، من حيث كونهما مصدرَين لهذا البحث.
القسم الثاني: وعنوانه: «الدّلالات»، ويُراد بها ما يُستفاد من المعلومات المتعلّقة بأشخاصِ الشهداء، ووضعِ الدولة والمجتمع، وظروفِ المعركة وما سبقَها وما تلاها.

مقدّمات

في «المقدّمات»، أراد المؤلّف من فكرة الكتاب أن يدرس تأثير الثورة المباشر، من خلال شخصيّات رجالها، وانتمائهم ومواقعهم، في حياة مجتمعاتهم القبليّة ومواطنهم الجغرافيّة، معترفاً بأنّ محاولة تجميع المادّة الأساسية ذات الصِّلة، تواجه صعوباتٍ جمّة؛ تنشأ من قلّة المعلومات وتشتُّتها، وغموضها أحياناً.
وقد اعتمد المؤلّف الشيخ شمس الدين في مصادره على كُتب الرجال، التي «وإنْ وُضِعت لمعرفة حال رواة الأحاديث، إلّا أنّ أصحابها عنَوا بشهداء كربلاء، ربّما بسبب ما يتمتّعون به من مركز معنويّ كبير في الذهنيّة الاسلاميّة ".." وإلّا فلم يَرِد لأكثرهم ذكرٌ في سندِ أيّة رواية».
كذلك اعتمد المؤلّف على كُتب التاريخ، وخصوصاً الطبري، كمصادر رئيسيّة للأحداث المتّصلة بشهداء كربلاء وخصومهم.
كذلك اعتمد على كُتب «المقاتل»، المعنيّة بشكل خاصّ برواية تاريخ الثورة الحسينيّة،  والتي رأى أنّها أجدرُ بأن تكون مرجعاً  من كُتب التاريخ العام، لأنّها أحفلُ بالأحداث وتفاصيلها، ولأنّ واضعيها يعتمدون في حكايتهم لأحداثها على مصادر ذات صِلة حميمةٍ بالثورة؛ كأئمّة أهل البيت عليهم السلام، والرجال والنساء الذين رافقوا الثورة منذ بدايتها حتى نهايتها.

رجالُ الثورة

في الشطر الثاني من البحث، وعنوانه: «الرجال: كم هم؟ ومَن هم؟»، يرى المؤلّف أنّه لا سبيل إلى معرفة العدد الحقيقي لأصحاب الإمام الحسين عليه السلام الذين بقَوا معه إلى نهاية المطاف، سواءً مَن استُشهد منهم أم مَن لم يستشهد، «وذلك لأنّ المستندات المباشرة لهذه المسألة -وهي روايات شهود العيان- مختلفة في التقدير، وهي بطبيعة الحال غير مبنيّة على الإحصاء، بل مبنيّة على الرؤية البصريّة والتخمين».
وبعد عرضه لروايات مَن شارك في المعركة حول عدد الأنصار -وهي أربع روايات- ومناقشته لها، يخلُص الشيخ شمس الدين إلى تقدير أنّ أصحاب الحسين عليه السلام الذين استُشهدوا معه في كربلاء، من العرب والمَوالي، يُقاربون مئة رجل أو يبلغونها، وربّما زادوا قليلاً على المئة.
وعن هوية الشهداء؛ من ناحية أسمائهم، وقبائلهم، وبلدانهم، وأوضاعهم الاجتماعيّة، فقد وضع المؤلّف جدولَين: الأوّل أثبت فيه أسماء الشهداء الذين ورد ذِكرُهم في الزيارة المنسوبة إلى الناحية المقدّسة، باعتبارها أقدمَ وثيقة تشتملُ على ما يُفترض أنّه جميع الشهداء، مضيفاً إلى الجدول أسماءَ الشهداء الذين لم يرِد ذِكرهم في الزيارة، بل ذُكروا في أحد المصادر الأساسيّة الأخرى.
والجدول الثاني يشتمل على الأسماء التي تفرّدَ بذكرها مصدرٌ واحد من المصادر المتأخّرة -كالزيارة الرجبيّة-، ثمّ يعقد مقارنةً بين الجدولين لناحية عدد الشهداء، أو ضبط أسمائهم، أو انتمائهم، ويقول في ذلك: «وسنرى أنّ المعلومات المتاحة قليلة جدّاً، وحتّى هذا القليل لا يتيسّر الحصول عليه بسهولة، نتيجةً لإهمال المؤرّخين من جهة، ولتصحيف النُسّاخ من جهة أخرى ".."، لكنّ هذه المعلومات القليلة ستكون عظيمة القيمة إذا أحسنّا تبويبها وقراءة دلالاتِها».

الدلالات

في القسم الأخير من كتابه بعنوان «الدلالات»، سعى العلّامة شمس الدين للإضاءة على خصوصيّات شهداء كربلاء، وما يمكن أن تحمله من تفسيرات تتعلّق بأحداث الثورة.
* فبالنسبة لموقعهم الإجتماعي، لحظَ أنّ أكثر الشهداء كانوا من الرّجال ذوي الشأن في أوساطهم، مستدلّاً على ذلك بشهادة أحد الأعداء بحقّهم، وهو عمرو بن الحجّاج الزبيدي، الذي نهى فيها الجنود الأمويّين عن قتال المبارزة مع الثوّار، قائلاً لهم: «ويلكم يا حُمَقاء، مهلاً، أتدرون مَن تقاتلون؟ إنّما تقاتلون فرسانَ المصر، وأهل البصائر، وقوماً مُستَميتين». ثمّ يخلُص -مستفيداً من تلك الخصائص المذكورة في النصّ المتقدّم ونظائره- أنّ هؤلاء الشهداء يمثّلون النقيض الإجتماعي للنخبة القبليّة التقليديّة، التي كانت تُدير سياسة القبائل، وتتعامل مع النظام الأموي.
* وتحت عنوان «العرب والمَوالي»، يرجّح المؤلّف أنّ للموالي صلةً كبيرةً بالثورة لا يعكسها عددهم الضئيل في معركة كربلاء، وأنّه لو أُتيحَ للثورة أن تستمرّ أيّاماً في الكوفة قبل أن يُقضى عليها باستشهاد مسلم بن عقيل، لتكشّفَ دور الموالي بدرجة أوضح، فإنّ طبيعة الأشياء تؤدّي إلى أن يغتنم الموالي أيّة فرصةٍ سانحةٍ للخروج من وضعهم السيّء، الذي صاروا إليه بعد أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام، حيث كان بسياسته العادلة قد ساواهم بغيرهم من المسلمين.
* وتحت عنوان «عرب الشمال وعرب الجنوب»، رأى المؤلّف أنّ هناك دلالة لكون أغلبية أنصار الامام الحسين عليه السلام -من غير الهاشميّين- هم من عرب الجنوب، أي من اليمن، محتملاً أنّ ذلك يُؤشّرُ إلى أنّ الذين بايعوا مسلم بن عقيل في الكوفة كان أكثرهم من عرب الجنوب، مستدلّاً على ذلك بجملة وقائع وملاحظات، منها: تحوّلُ مسلم بن عقيل حين قدوم عبيد الله بن زياد إلى الكوفة من بيت المختار الثقفي وهو من مُضَر (عرب الشمال)، إلى منزل أحد كبار زعماء عرب الجنوب في الكوفة؛ الشهيد هانئ بن عروة المُرادي، كما يعتبر أنّ من أعظم المؤشرات دلالةً على هذا الرأي؛ اختيارُ عبيد الله بن زياد للجنود الذي أرسلهم للقبض على مسلم بن عقيل -بعد التخاذل عنه- من عرب الشمال.
* وتحت عنوان «هاشميّون، طالِبيّون وعبّاسيّون»، استوقف المؤلّفَ كونُ الهاشميّين الذين فجّروا الثورة، والذين استُشهدوا فيها هم من الطالبيّين وحدهم، ولم يكن لبني العبّاس أيُّ دور، لا بل إنّه «وبعد انتهاء الثورة لا يرِد ذكرٌ ذو أهميّة، لأحدٍ من وُلد العبّاس في التعليق على أحداث الثورة وشجْبِها»، وأنّ الثورات التي قامت ضدّ النظام الأموي بعد ذلك لم يكن فيها عبّاسيٌّ واحد.
* وعن أسباب إحجام أهل الحجاز عن نصرة الإمام عليه السلام، فيحتمل المؤلّف أنّها لم تعد تهتمّ بما يدور حولها، بعد أنْ فقدت موقعها كمركزٍ للخلافة الإسلامية، مضافاً إلى أنّ معاوية جعل نُخَبَها تغرق في الترف واللّهو.
 وأمّا البصريّون، فيردّ المؤلّف عدم استجابتهم لِرُسل الإمام، لعدم حماستهم في ثورة  سيؤدّي نجاحُها إلى تعزيز مركز الكوفة لا البصرة، إضافةً إلى أنّ جمهور القبائل البصْريّة التي اشتركت في حرب الجمل ضدّ الإمام عليّ عليه السلام لا يزال يذكر قتلاه، إضافة الى تفكير زعماء البصرة في مركزهم في الدولة والمجتمع.
* وآخر «الدّلالات» التي يبحثها الّمؤلف في كتابه هي «الدلالة السياسية لِقَطع الرؤوس»، فيرى في هذا الفعل الغريب عن الثقافة الاسلاميّة، أسبابه التي تتعدّى روحَ الثأر والانتقام –وإن كانت موجودة- إلى ترهيب الجماهير التي تفكّر بالتحرُّك لتهديد النظام الأموي، وجعل أبطال هذه المحاولة عبرةً للآخرين;


 

اخبار مرتبطة

  آلُ محمّد صلّى الله عليه وآله  بين الحُبِّ والنّصب

آلُ محمّد صلّى الله عليه وآله بين الحُبِّ والنّصب

  سببُ ازديادِ حُبِّ الدّنيا

سببُ ازديادِ حُبِّ الدّنيا

  دوريات

دوريات

25/12/2011

دوريات

نفحات