سببُ ازديادِ حُبِّ الدّنيا

سببُ ازديادِ حُبِّ الدّنيا

منذ 3 أيام

سببُ ازديادِ حُبِّ الدّنيا

سببُ ازديادِ حُبِّ الدّنيا
إعلم أنَّ الإنسان حيث أنّه وليدُ عالم الطبيعة هذا، وأمُّه هي هذه الدُّنيا، وهو من أولاد هذا المحيط، فإنَّ حبّ هذه الدّنيا مغروسٌ في قلبه مِن أوَّل نشوئه ونُموِّه، وكلَّما كبُر، نَمَت هذه المحبّة في قلبه، وهي تزداد بواسطة هذه القوى الشَّهَوِيَّة وآلات اللّذة التي مَنَّ اللهُ بها عليه لِحفظ الشخص والنَّوع، كما يزداد تعلُّقه بها يوماً بعد يوم. ".."
وإذا اعتقد بحسب برهان الحكماء أو إخبار الأنبياء صلوات الله عليهم بعالم الآخرة وكيفيّاته وحياته وكمالاته، فإنّ قلبه مع ذلك لا علمَ له بشيءٍ من هذا الإعتقاد، ولم يَقبله، فضلاً عن أن يصل إلى مقام الإطمئنان به، لذلك فإنَّ حبَّه لهذا العالم يزدادُ كثيراً.
وأيضاً، حيث أنَّ الإنسان -فطرةً- يحبُّ البقاء ويتنفَّر من الفناء والزوال ويَحيد عنهما، ويظنّ أنّ الموت فناء، بالرّغم من أنَّ عقله يصدِّق بأنَّ هذا العالم دار الفناء ومَمَرّ، وذلك العالَم هو الباقي والسّرمَديّ، إلَّا أنَّ العمدة هو وصولُ (ذلك) إلى القلب، بل العمدة مرتبةُ كمال ذلك الذي هو الإطمئنان، كما طلبَ حضرةُ إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام من الحقِّ تعالى. [إشارة إلى قوله تعالى: ﴿..قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي..﴾ البقرة:260].
إذاً، حيث أنّ القلوب إمّا أنّها ليس فيها إيمان بالآخرة -كقلوبنا نحن رغم تصديقنا العقلي- أو أنّها لم تصل في الإيمان بالآخرة إلى مرتبة الإطمئنان، فإنّها تلقائيّاً مُحِبّة للبقاء في هذا العالم، وتهرب من الموت والخروج من هذه النشأة.
ولو أنَّ القلوب اطّلعت على أنَّ عالَم الدُّنيا هذا هو أحقرُ العوالِم، ودار الفناء والزّوال والتصرُّم والتغيُّر، وعالمُ الهلاك والنّقص، وأنَّ العوالم الأخرى بعد الموت كلٌّ منها باقٍ وأَبَدِيّ، ودار الكمال والثبات والحياة والبهجة والسرور، لَأحبَّت تلك العوالم فطريّاً، وأَعرضت عن هذا العالم.
ولو أنَّها ترقَّت عن هذا المقام ووصلت إلى مقام الشُّهود والوجدان، ورأت الصورة الباطنيّة لهذا العالم وللعلاقة به، والصورة الباطنيّة لذلك العالم والعلاقة به، فإنَّ هذا العالم يصبح بالنسبة إليها صعباً ومُنغّصاً وتنفر منه، وتشتاق إلى الخلاص من هذا السجن المُظلم، ومن غلّ الزّمان والتصرُّم وزنجيرهما.
وقد أُشير في كلمات الأولياء إلى هذا المعنى، يقول حضرة مَولى الموالي: «واللهِ لَابنُ أبي طالب آنسُ بالموتِ من الطفل بثَدي أُمِّه»، لأنَّ ذلك المولى صلوات الله عليه شاهدَ حقيقةَ هذا العالم بعين الولاية. ".."
ولولا وجود مصالح، لمَا توقّفت نفوسُهم [الأنبياء والأولياء] الطاهرةُ لحظةً في حبْسِ الطبيعة المُظلم هذا.

اخبار مرتبطة

  آلُ محمّد صلّى الله عليه وآله  بين الحُبِّ والنّصب

آلُ محمّد صلّى الله عليه وآله بين الحُبِّ والنّصب

  دوريات

دوريات

منذ 3 أيام

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات