السُّنن المهجورة

السُّنن المهجورة

23/03/2012

العَهد، والوَفاء به


 
العَهد، والوَفاء به

_______الشيخ عباس كوراني_______



أمرَ اللهُ سبحانه وتعالى بالوفاء بالعُهود، وذمّ نقضَها ذمّاً بالغاً في كتابه المجيد. قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ الرعد:25، وقال:﴿..وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً﴾ الإسراء:34.
ما يلي، تعريفٌ بالعَهد، وبيانُ صيغتِه، وتَمتينِه بالحَلف، وكفّارة مخالفتِه.
 



العهدُ هو أن يُعطي الإنسانُ لغيره قولاً أو كتاباً أن يُعينَه على أمرٍ ما، أو أن لا يمنعَه من أمرٍ ما إلى أجلٍ مُعيّن، أو من دون أجل. وهذا يشمل أيضاً جميع المعاملات في الشّركات والمَصارف، وحتّى المعامل، ومَا يُستَورَد وما يُشترى من جميع أنواع السِّلَع والخضار والفواكه، وجميع أنواع المُشترَيات.
فإنّ كلّ معاملةٍ لم يجرِ فيها قبضٌ وإقباض، وحصل فيها اتّفاقٌ على تزويد مؤسّسة أو محلٍّ تجاريٍّ بالموادّ التي تريدُها، كلّ هذا يُعتبَر من العهود. فإنّ هذه الإتفاقيّات بين النّاس هي نوعُ إحكامٍ وإبرام، لا يُنقَضُ إلّا بنقضِ أحد الطّرفَين، أو بنقضِهما معاً.


تمتينُ العَهد بالحَلف


وربّما زِيد على أحكام العهد بالحَلف. والحَلف هو أن يُقيِّد المعاهد ما يُعطيه من العهد ويربطُه بأمرٍ عظيمٍ شأنُه يقدِّسُه ويحترمُه، كأنْ يجعل ما له من الحُرمة والعزّة رهناً يرهن به عهده، يمثّل به أنّه لو نقضَه فقد أذهب حُرمتَه، فيقول المعاهد: «واللهِ لا أخونُك»، أو «لَعَمْري لأُساعِدنّك»، أو «أُقْسِمُ لَأَنْصُرَنّك»، يمثّل به أنّه لو أخلف وعدَه ونقضَ عهدَه فقد أبطلَ حُرمةَ ربِّه، أو حرمةَ عمرِه، أو حرمةَ قَسَمِه، فلا مروءةَ له.
وربّما أُبرِمَ العهدُ والميثاقُ بالبيعة والصَّفْقَة، بأنْ يضعَ المعاهدُ يدَه في يدِ معاهدِه، يمثّل به أنّه أعطاه يدَه التي بها يفعل ما يفعل، فلا يفعل ما يكره معاهدُه، لأنّ يدَه قبضةُ يدِه.

(الطباطبائي، تفسير الميزان: ج 9، جماعة المدرّسين)


والأظهرُ انعقادُ العهدِ الواجبِ بكلّ لفظٍ صدقَ مفهومُ العهد عليه، وإنْ لم يكُن بلفظِ العهدِ ومشتقّاته، فإنّ تخصيصَه بلفظِ العهدِ خلافُ المشهور.

صيغةُ العَهد


لا ينعقدُ العهد بمجرّد النيّة، بل يحتاج إلى الصّيغة على الأقوى، وصورتُها أن يقول: «عاهدتُ الله على أن أفعل كذا»، أو «عليَّ عهدُ الله أن أفعل كذا»، هذا في العهد المطلَق، أي غير المشروط بشيء.
وأمّا العهدُ المشروط، كأنْ يقول مثلاً: «عليَّ عهدُ الله أنّي إنْ شُفيتُ من مرضي أن أتصدّق بمائة ألف ليرة».

الكفّارةُ على مخالفةِ العَهد


مخالفةُ العهد بعد انعقاده تُوجِب الكفّارة، وكفّارةُ مخالفة العهد كفّارة مَن أفطر يوماً من شهر رمضان؛ وهي إطعام ستّين مسكيناً، أو صوم شهرين مُتتابعَين، أو عتق رقبة.
جاء في رواية صحيحة عن الإمام الجواد عليه السلام، في رجلٍ عاهد الله عند الحَجر الأسود أن لا يقرب محرّماً أبداً، فلمّا رجع عاد إلى المحرّم، قال الإمام الجواد عليه السلام: «يُعتِق أو يصومُ أو يتصدّق على ستّين مسكيناً، وما تركَ من الأمر أعظم، ويستغفرُ اللهَ ويتوبُ إليه».
وهل الإستغفار والتّوبة واجبتان كما يظهر من الحديث؟ المشهورُ هو وجوبُهما، ولا أقلَّ من لزوم الإحتياط.




اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

24/03/2012

  كتب أجنبية

كتب أجنبية

نفحات