صاحب الأمر

صاحب الأمر

15/09/2012

في محراب الانتظار

في محراب الانتظار
التّواصل وحُسن العاقبة
ـــــ إعداد: «شعائر» ـــــ

أُولى شرائط الانتظار الحقيقي، هي معرفة الموالي لإمام زمانِه المنتظَر عليه السلام ويليها:
*المواظبة على تمتين دعائم هذه المعرفة وإيفائها حقّها.
*مبايعة إمام الزّمان قلباً وقولاً وعملاً.
*الدّعاء الدّائم بأن يُختَم للمنتظِر بِحُسن العاقبة.

قال الشيخ المفيد قدّس سرّه في (المقنعة): «يجب على كلِّ مكلف أن يعرف إمام زمانه، ويعتقد إمامتَه وفرضَ طاعتِه، وأنَّه أفضل أهل عصره وسيِّد قومه، وأنَّهم في العصمة والكمال كالأنبياء عليهم السلام، ويَعتقد أنَّ كلَّ رسولٍ لله تعالى فهو نبيٌّ إمام، وليس كلُّ إمامٍ نبيّاً ولا رسولاً، وأنَّ الأئمّة بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله حُجَج الله تعالى وأولياؤه وخاصّة أصفياء الله، أوَّلهم وسيِّدهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ".." عليه أفضل السَّلام، وبعده الحسن والحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ بن الحسين، ثمّ جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسى، ثمّ محمّد بن عليّ بن موسى، ثمّ عليّ بن محمّد بن عليّ، ثمّ الحسن بن عليّ بن محمد، ثمّ الحجّة القائم بالحقِّ ابن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى عليهم السلام. لا إمامة لأحد بعد النّبيّ صلى الله عليه وآله غيرهم، ولا يستحقُّها سواهم، وأنّهم الحجّة على كافّة الأنام كالأنبياء عليهم السلام، وأنّهم أفضل خلق الله بعد نبيِّه عليه وآله السّلام، والشُّهداء على رعاياهم يوم القيامة كما أنَّ الأنبياء عليهم السلام شهداء الله على أُمَمهم، وأنَّ بمعرفتهم وولايتهم تُقبَل الأعمال، وبعداوتهم والجهل بهم يستحقُّ النّار».
(المصدر، باب ما يجب في اعتقاد الإمامة: ص 32، مؤسسة النشر الإسلامي)
هذا والأحاديث الدّالّة على وجوب معرفة المؤمن لإمام زمانه، ومبايعته له، تكاد تخرج عن حدّ الحصر؛ منها ما رواه الشّيخ الطّوسي قدس سره في (الرسائل العشر) وغيرها عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات مِيتة جاهليّة»، وأيضاً ما رواه في (المبسوط) عنه صلّى الله عليه وآله: «مَن خَلع يده من طاعة الإمام، جاء يوم القيامة لا حجَّة له عند الله، ومَن مات وليس في عنقه بَيْعة، فقد مات مِيتة جاهليّة»، وهذان الحديثان ونظائرهما من المتواتِرات في مصنّفات الحديث للصَّدوق والمفيد والكُليني والطُّوسي وغيرهم، كما يُستدلّ بهما في الأبحاث الفقهيّة، حتّى عُدّ هذا الأمر من الأصول العقائديّة التي لا يصحّ إيمان المسلم من دونه.
وفي (الغَيبة) لمحمّد بن إبراهيم النّعماني، عن الإمام الصّادق عليه السلام: «ألَا أخبركم بما لا يَقبل اللهُ عزَّ وجلَّ من العباد عملاً إلَّا به؟ فقلت [الرّاوي]: بلى، فقال: شهادة أنْ لا إلهَ إلَّا الله، وأنَّ محمّداً عبدُه، والإقرار بما أَمَر الله، والولاية لنا، والبراءة من أعدائنا -يعني الأئمّة خاصّة- والتّسليم لهم، والوَرَع والاجتهاد والطّمأنينة، والانتظار للقائم عليه السلام..».
(المصدر: ص 207، مهر؛ وانظر: الكافي للكليني، كتاب الإيمان والكفر، باب دعائم الإسلام، ح 13)

ثوابُ المنتظِرين

يتَّضح من رواية (الغَيبة) المتقدّمة أنَّ انتظار ظهور الإمام المهديّ صلوات الله عليه بمنزلة الإقرار بالشّهادتَين، وبه تتمّ الولاية لآل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله. وأمّا الثّواب المترتِّب على الصّبر على غَيْبة القائم عجّل الله تعالى فرجه، فيُحدّثنا عنه الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السلام، في رواية طويلة عن أبي خالد الكابلي أوردها الشيخ الصّدوق في (كمال الدّين)، جاء في آخرها: «..ثمّ تمتد الغيبة بوليّ الله عزَّ وجلَّ الثاني عشر من أوصياء رسول الله صلّى الله عليه وآله والأئمّة بعده. يا أبا خالد، إنَّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته والمنتظِرين لظهوره أفضل من أهل كلّ زمان، لأنَّ الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغَيْبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجَعَلهم في ذلك الزَّمان بمنزلة المجاهدين بين يدَي رسول الله صلى الله عليه وآله بالسَّيف، أولئك المخلِصون حقّاً وشيعتنا صدقاً، والدُّعاة إلى دين الله عزَّ وجلَّ سرّاً وجهراً».


كيفيّة الانتظار

كما تحثّ الرّوايات والأخبار على وجوب الانتظار، وتوضِّح مِن ثَمّ الثّواب المذخور للمنتظِرين، فإنّها تُبيّن سُبُل الانتظار الحقّ، وتُفصح عن مصاديقه. وبالتّمعُّن في النُّصوص الشّريفة الواردة في هذا الباب، يُمكن القول إنّ الانتظار المحمود يتحقّق -بعد معرفة الإمام والبيعة له وترقُّب ظهوره- بالصّبر عن المحارم والصّبر على الواجبات، أي بالامتناع عن المعاصي وبملازمة الطّاعات؛ ومن هنا يظهر اتّحاد مفهومَي الانتظار والجهاد الأكبر إلى حدٍّ بعيد.
عن الإمام الصّادق عليه السلام: «..إنَّ لنا دولة يَجيء اللهُ بها إذا شاء، ثمَّ قال: مَن سَرَّه أن يكون من أصحاب القائم فلينتظِر وليعمل بالوَرَع ومحاسن الأخلاق وهو منتظِر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر مَن أَدركه، فجِدّوا وانتظِروا، هنيئاً لكم أيَّتها العصابة المرحومة».
والرّوايةُ صريحةٌ في الحثّ على الجدّ والورع والعمل بمحاسن الأخلاق، وأنّها مجتمعةً مقدّمة للانتظار وترقُّب الخروج. (الغَيبة: ص 207)

أللّهمّ لا تجعَلني من المُعارين

في (الكافي) للكليني، عن الإمام الكاظم عليه السلام قولُه لبعض أصحابه: «أكثِر من أن تقول: أللّهمّ لا تجعلني من المُعارين، ولا تُخرجني من حدّ التقصير».
والمقصود بـ «المُعار» هو الذي أُعير الدِّين، أو كان الدِّين عنده وديعةً غير مستقرّ، كما في قوله تعالى: ﴿وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة، فمستقر ومستودع..﴾ الأنعام:98. وهذا الإنسان «المُعار» يُسلَب الإيمان بالامتحانات والابتلاءات الرّبّانيّة التي لا يَصبر عليها، لِضعف عقيدته وهشاشتِها، ولكونه مذَبذَباً لم يلجأ إلى ركنٍ وثيق، فهو لا يقينَ له.
رُوي عن الإمام الصّادق عليه السلام: «مع القائم عليه السلام من العرب شيءٌ يسير، فقيل له: إنَّ مَنْ يَصِف هذا الأمر منهم لَكثير! قال: لا بدّ للناس من أن يُمَحَّصوا ويُمَيَّزوا ويُغَربَلوا، وسيَخرج من الغربال خلقٌ كثير». (أنظر: الكافي، كتاب الحجّة، باب التمحيص والامتحان، ح 2)
في المقابل، هناك فئة من النّاس ظاهرُها مغايرٌ للحقّ، لكنّها لن تتوانى عن الإذعان له واللّحاق بِرَكب أهله متى أُتيحَ لها كشفُ الغشاوة عن أعيُنِها.
عن الإمام الصّادق عليه السلام: «إذا خَرج القائم عليه السلام خَرج من هذا الأمر مَن كان يُرى أنَّه من أهله، ودخل فيه شبِهُ عَبَدَة الشّمس والقمر». (الغَيبة: ص 332)

عند الظّهور

تحدّثنا الرّوايات عن بعض التّفاصيل المرتبطة بزمن الظّهور المبارك وما بعده، وما يكون من أمر الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف، وأمر أنصاره، وما يجري في العالَم من أحداث.
من ذلك، ما رُوي عن الإمام زين العابدين عليه السلام: «إذا قام قائمنا أَذهبَ اللهُ عن شيعتنا العاهة، وجعل قلوبَهم كَزُبُر الحديد، وجعل قوّة الرّجل منهم قوّة أربعين رجلاً، ويكونون حكَّام الأرض وسنامها». والسّنام من الأرض هو المرتفع، والمراد أنّ الرّفعة وعلوّ المنزلة تكون بعد قيام القائم عليه السلام لِشيعة أهل البيت عليهم السلام.
(الصدوق، الخصال: ص 541، جماعة المدرّسين)
وعن الإمام الباقر عليه السلام: «يَقوم القائم بأمرٍ جديد، وكتابٍ جديد، وقضاءٍ جديد، على العرب شديد، ليس شأنه إلَّا السَّيف، لا يَستتيب أحداً، ولا تأخذه في الله لَوْمة لائم». (الغَيبة: ص 238)
وبديهيٌّ أنّ المقصود بـ «كتاب جديد» أنّه صلوات الله عليه يُفسّر كتاب الله تعالى ويؤوِّل آياته على وجهها الصّحيح واليقيني، غير الوجه الظَّنّي الذي يقول به المفسّرون -من غير المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام- للقرآن الكريم، فهو تُرجمان كتاب الله تعالى كما في زيارة آل يس، وسليلُ «تراجمة الوَحْي»، كما في الزّيارة الجامعة.
وأمّا قوله عليه السلام: «ليس شأنه إلَّا السَّيف، لا يَستتيب أحداً»، فلأنّ الحجَّة البالغة تكون قد قامَت على الخَلْق عند ظهور الإمام المهدي صلوات الله عليه، فلا يخالفه إلَّا مُعاند أو مُستكبِر.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ أسبوع

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات