بسملة

بسملة

13/11/2012

شيعةُ آلِ أبي سفيان


شيعةُ آلِ أبي سفيان

الشيخ حسين كوراني

«.. فكونوا أحراراً في دنياكم هذه، وارجعوا إلى أحسابكم إنْ كنتم عرباً كما تزعمون».
الإمام الحسين عليه السلام

حصار «غزّة» وحصار «البحرين» وما يجري في «سوريا» و«اليمن» وغيرهما، لا ينافي أنّ المرحلة بدريّةٌ بامتياز، وأنّ المستقبلَ مشرِقٌ ﴿وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُون﴾.
تتعاظمُ «روح كربلاء» في الأمّة، فتُواصل هجرتها إلى رسول الله مع الحسين بوتيرةٍ مرتفعةٍ متسارعة، ثابتةِ الخُطى واليقين.
«ولّى زمنُ الهزائم» وهذا العصر «عصر الإنتصارات» كما قال سماحة السيّد نصر الله.
عشيّة اجتياح «الحلفاء» لهذه المنطقة كان رهانهم على يهود الدّاخل «اليزيديّين» ليواصلوا بهم حصارَ «روح كربلاء» في الأمّة، ليتمكّن اليهود -يهود الخارج- من استلاب قدس الأمّة وفلسطينها.
في سياق هذا الرّهان كانت مجازر دير ياسين وغيرها من الفجائع التي أدّت إلى ضياع فلسطين. وفي هذا السّياق كانت الغارات التي شُنّت آنذاك على «كربلاء»، وكان الإمعانُ في التّكفير والقتل والنّهب والتّنكيل من وادي جهنّم ما نشهدُه من حصار غزّة والبحرين.
واليوم، يُحرِّض حلفاءُ الأمس يهودَ الخارج على التّمادي في إقامة «الجُدُر»، و«المستوطنات» ومحاولات هدْم الأقصى واستمرار مذابحهم للشّعب الفلسطيني بالسُّم، والحصار، والأَسْر، إلى جانب القتل وسيْل الدّم العَرِم. ويحرِّض حلفاءُ الأمس «يهودَ الدّاخل» على التّكفير والقتل والغارة على «كربلاء» و«روح كربلاء».
عندما ندركُ أنّ «اليزيديّين» ليسوا سُنَّةً ولا شيعة، نفهم معنى أنّ الأمّة بخير، وأنّ هذا العصر هو عصر الإنتصارات.
***

وصفَ الإمامُ الحسين الذين تحزّبوا لقتالِه بأنّهم «شيعة آل أبي سفيان». خاطبَهم وقد نشب القتالُ واحتدَم: «ويلَكم يا شيعةَ آل أبي سفيان، إنْ لم يكن لكم دينٌ وكنتم لا تخافون يومَ المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه، وارجعوا إلى أحسابِكم إنْ كنتم عرباً كما تزعمون».
بحسب المصادر المعتبرَة، ومنها (المعارف) لابن قتيبة «الأموي» كان فيهم -وفي من خَلْفَهم- اليهودي «عمارة بن عقبة بن أبي مُعَيْط» وغيره هم كُثُر، والنّصراني «السِّيْر جون» «سرجون» والد يوحنّا الدّمشقي، و«حجّار بن أبجُر» وغيرهما، والمتظاهرون بالإسلام وهم الأغلب.
وكان مع الحسين المسلمون الحقيقيّون. منهم مَن كان يُعرَف بالتَّسنُّن والعثمانيّة: «الشهيد زُهَيْر بن القَيْن»، وغيره. والتحقَ بهم بعضُ النّصارى كالشّهيد «وَهَب» وغيرُه.
***

لم يكن توصيف الإمام الحسين عليه السلام تطييفاً، بل كان فرزاً بحسب المنطلقات والأهداف. بحسب الإنتماء الحقيقي لكلٍّ من الطّرَفين والمعسكرَين.
أبرزُ خصائص «شيعة آل أبي سفيان» هي سماتُ أبي سفيان وخصائصه: المادّية وعبادةُ الأصنام. المصلحيّة. الغرائزيّة البهيميّة. مصادرةُ الكرامات وسفكُ الدّماء.
أبرزُ خصائص «شيعة أهل البيت»: التّوحيد. المبدئيّة. حاكميّة العقل. حفْظُ الكرامات وصونُ الدّماء ولو بخوضِ اللُّجج.
تتّسع مروحةُ عنوان «شيعة أهل البيت» لتشملَ كلَّ سُنِّي، لأن السُّنِّيَّ محبٌّ لأهل البيت عليهم السلام، وتشملُ كلَّ مَن كان من النّصارى في خطِّ «مَن عرفَ الحقّ» ممّن استثناهم القرآنُ الكريم ومدحَهم.
محالٌ أنْ تتّسعَ هذه المروحة لتشملَ الناصبيَّ واليهوديّ. النّواصبُ يزيديّون، سفيانيّون، وهم جمهورُ ﴿الَّذِين أَشْرَكُوا﴾ كما يعرِّفُهم اللهُ تعالى للأجيال:
﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ المائدة:82-83.
***
يطلُّ العامُ الهجري، والأمّة ماضيةٌ قدُماً -في مواصلة هجرتِها إلى رسول الله، في خطى الإمام الحسين المحمّديّة- تُسْبِغ عليها روحُ كربلاء فيضَ اليقين وتَواتُرَ الإنتصارات والفتوح، في آفاقٍ فريدةٍ من الوحدة على أساس التّوحيد، وصراطِه المستقيم: القرآن الكريم، والنبيّ العظيم. والمودّة في القربى.
آفاق وحدة الأمّة هذه -بخلاف ما يتصوّر كثيرون- هي التي تتجلّى في عظيم تفاعل الأمّة مع أيّ نصرٍ على اليهود.
لولا هذه الرّوح المتوثّبة الواحدة في الأمّة لما احتضَنت المقاومة والمقاومين، ولَما تحقَّقَ فتْحُ تمّوز، وفتحُ غزّة، ولما اجتُثّت جذورُ الشّجرة الخبيثة «إسرائيلهم» فإذا زوالُها مسألةُ وقتٍ لا غير. لولا الرُّوح الواحدة في الأمّة لما كان «الهِرَقل» الأميركي على مشارف «وداعاً سورية» المعاصرة. ولما اضطُرّت أميركا إلى رفع اليد عن الحكّام النواطير.
***
مَن يغرق في التّفاصيل، لا يُمكنه أن يرى صورةَ الواقع الباسم للأمّة وانتصاراتها. ولا سبحات أنوار الغدِ الواعد المشرق. لا يُمكنه أن يفقهَ أنّ الدّنيا اليوم غيرها بالأمس القريب.
ليست الإساءات المتتالية إلى رسول الله، إلّا دليل أنّ الكفرَ بتشعّباته، قد ضاقَ ذَرْعاً بانتصارات أمّة هذا الرّسول العظيم.
سرُّ هذه الإنتصارات، روحُ «حسينٌ منّي وأنا من حسين». «روحُ كربلاء» التي تتعاظم في الأمّة بمقدار ما يتعاظمُ فيها حبُّ الحسين لمحمّديَّته، وفرادة تجلِّي التَّوحيد.
تحتجبُ هذه الرّؤية الصُّراح عن الغارق في التّفاصيل الذي لا يفصل بين الأمّة وبين النّواصب اليزيديّين المتماهين مع اليهود في استهداف قداسة رسول الله وعزِّ الأمّة و«روح كربلاء».
مع اليهود، يقف يهودُ الأمّة ﴿الّذِيْنَ أَشْرَكُوا﴾. ويقفُ بعضُ المسيحيِّين مع الأمّة في مواجهة اليهود، وشيعةِ آل أبي سفيان.
كذلك كان الإصطفاف في كربلاء، وفي بدرِها من قبل، وما يزال، ويظلُّ كذلك في كلِّ كربلاء بدريّة.
***

اخبار مرتبطة

   أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

15/11/2012

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات