قراءة في كتاب

قراءة في كتاب

منذ 5 أيام

قراءة في كتاب «لواعج الأشجان» للسيد الامين قدس سرّه

«لواعج الأشجان»
في مقتل الإمام الحسين عليه السلام
___________قراءة: سلام ياسين__________


الكتاب: لواعج الأشجان في مقتل الإمام الحسين عليه السلام
المؤلّف: السيد محسن الأمين قدّس سرّه
(1284- 1371هـ)
تحقيق: السيد منذر الحكيم

واحد من سلسلة كتب ألّفها المرحوم السيد محسن الأمين صاحب (أعيان الشيعة) في إطار اهتمامه بإحياء أمر أهل البيت عليهم السلام، وخصوصاً أمر نهضة سيّد الشهداء عليه السلام، وقد ذكر في مقدّمة الكتاب توصيفه له، فقال: «..إنّي جامع في هذا الكتاب المسمّى بـ(لواعج الأشجان) خبر مقتل الإمام أبي عبدالله الحسين عليه السلام سيّد الشهداء، وخامس أصحاب العبا، وأحد ريحانتي الرسول المصطفى، وشبلَي الإمام المرتضى، وقرّتي عين البتول الزهراء، وما يرتبط بذلك من أمور شتّى، على وجه لا يخلّ إيجازه عند ذوي النهى، ولا يملّ إطنابه من استمع أو تلا، قضاء لحقّ المودّة في القربى، وتعرّضاً لمثوبته تعالى في الدار الأُخرى، وشفاعة رسوله وأوليائه في يوم الجزا، آخذاً ذلك من الكتب الموثوق بها والروايات المعتمد عليها بين العلما».

عمل المحقّق
حقّق الكتاب سماحة السيد منذر الحكيم الذي رأى في تقديمه أنّ الكلام عن مقتل سيّد الشهداء عليه السلام وإحياء ذكراه في وسام الشهادة الغالي إسهاماً في نهضته، واستنزالاً لعطاءاتها المباركة، واستنهاضاَ للضمائر الحرّة والعقول الواعية، والقلوب المستعدّة للاستهداء بنور الحسين عليه السلام. وممّا جاء في مقدّمة التحقيق: «ومن هذا المنطلق، نقف على ما كتبه السيّد محسن الأمين العاملي قدّس سرّه في كتابه (لواعج الأشجان في مقتل الحسين عليه السلام)، لِنجده قد جمع في هذه الصحائف القيّمة بين الإعتدال، والدقّة، والإستيعاب، والإبتعاد عن الغلوّ والتقصير فيما جمعه من أخبار موثوقة. وقد استخرجناها من مصادرها، ووثّقناها بشكل يبرز للباحث والقارئ خصائص المؤلّف المنهجيّة في هذا التراث القيّم».
وعن عمله في تحقيق نسخة الكتاب يقول: «وقد راجعنا أهمّ النسخ المطبوعة في عصر المؤلّف، كما راجعنا ما كتبه في (أعيان الشيعة) الذي أشرفنا على تحقيقه أيضاً في خمسة أجزاء، وطبع في دار التعارف باسم المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام، وهو موسوعة خاصّة بتاريخ وسيرة أهل البيت عليهم السلام».
وقد تُرجم الكتاب إلى اللغة الفارسية، بواسطة الأستاذ عبّاس الجلالي.

دواعي تأليف الكتاب
أورد المحقّق بعضاً من ترجمة المؤلّف التي كتبها بقلمه، وفيها ما يرتبط بسكناه في دمشق، وسعيه لإصلاح ما رآه «علّة العلل» في واقع المؤمنين هناك، ومن ذلك مجالس العزاء. فقد جاء في كلام السيّد الأمين: «أمّا الأمر الثالث، وهو إصلاح إقامة العزاء لسيّد الشهداء عليه السلام، فكان فيه خلل من عدّة جهات، منها ما يتلوه الذاكرون من الأخبار المكذوبة والأغلاط الشائنة، وبعض الأعمال التي تجري في المجالس. وبعض الذاكرين يزيد عبارات وجُملاً محزنة ليهيج بها السامعين ".." فجهدتُ في تنزيه هذه الذكرى المباركة عن مثل ذلك، ونهيت القرّاء عن قراءة مثلها، وألّفت كتاب (لواعج الأشجان في مقتل الحسين عليه السلام) وانتقيتُه من الكتب المعتمدة، ورتّبته بأحسن ترتيب، وأردفته بكتاب (أصدق الأخبار في قصّة الأخذ بالثار)، وبكتاب (الدرّ النضيد في مراثي السبط الشهيد)، وبالنعي للشيخ محمّد بن نصار، وطبعته فراج ذلك رواجاً تامّاً. ورأينا أنّ تدريب القرّاء على قراءة الصحيح لا يتمّ إلّا بوضع كتاب، فألّفنا كتاب (المجالس السنيّة في مناقب ومصائب النبيّ والعترة النبويّة) في خمسة أجزاء..».

محتوى الكتاب
يقول المؤلّف في مقدّمته على الكتاب: «ورتّبته على مقدّمة، وثلاثة مقاصد، وخاتمة». ففي المقدّمة ذكر موجزاً من سيرة سيّد الشهداء عليه السلام من حين الولادة، مردفاً إيّاه بجملة من فضائله عليه السلام. وتحت عنوان (من أدب الحسين) ذكر له خطبة وبعض الأشعار المنسوبة له سلام الله عليه.
وفي المقصد الأوّل ذكر أحداثاً متقدّمة على واقعة الطفّ، ابتداء من وصول خبر وفاة معاوية إلى المدينة، وطلب يزيد البيعة من الإمام عليه السلام، مروراً بأحداث الكوفة ومقتل مسلم وهانئ رحمهما الله، وصولاً إلى نزول الركب الحسيني في كربلاء.
أمّا المقصد الثاني، فضمّنه وقائع الأيّام من الثالث من محرّم إلى حين استشهاد الإمام سلام الله عليه.
والمقصد الثالث جعله للأمور المتأخّرة على قتل الإمام عليه السلام، ممّا جاء بُعيد الواقعة في ساحة كربلاء، إلى دخول موكب السبي الكوفة ثمّ الشام، رجوعاً إلى مدينة جدّهم النبيّ صلّى الله عليه وآله.
وممّا أورده المؤلّف من مشاهد السبي: «وأمّا يزيد، فإنّه لمّا وصله كتاب ابن زياد أجابه عليه يأمره بحمل رأس الحسين عليه السلام ورؤوس من قُتل معه، وحمْل أثقاله ونسائه وعياله. فأرسل ابن زياد الرؤوس مع زجر بن قيس، وأنفذ معه أبا بردة بن عوف الأزدي، وطارق بن أبي ظبيان في جماعة من أهل الكوفة إلى يزيد، ثمّ أمر ابن زياد بنساء الحسين عليه السلام وصبيانه فجُهّزوا، وأمر بعليّ بن الحسين عليهما السلام فغُل بغلّ إلى عنقه، وفي رواية، في يديه ورقبته، ثمّ سرّح بهم في أثر الرؤوس مع محفر بن ثعلبة العائذي وشمر بن ذي الجوشن، وحملهم على الأقتاب، وساروا بهم كما يُسار بسبايا الكفّار، فانطلقوا بهم حتى لحقوا بالقوم الذين معهم الرؤوس..».
ومن نقْله لما رواه الصحابي سهل بن سعد الذي كان في الشام يوم دخول الأسارى: «فبينا أنا كذلك، حتى رأيتُ الرايات يتلو بعضها بعضاً، فإذا نحن بفارس بيده لواء منزوع السنان، عليه رأس من أشبه الناس وجهاً برسول الله صلّى الله عليه وآله، فإذا من ورائه نسوة على جِمال بغير وطاء، فدنوت من أوّلهن فقلت: يا جارية من أنت؟ فقالت: أنا سكينة بنت الحسين. فقلت لها: ألك حاجة إليّ فأنا سهل بن سعد، ممّن رأى جدّك وسمعتُ حديثه. قالت: يا سهل! قل لصاحب هذا الرأس أن يقدّم الرأس أمامنا حتى يشتغل الناس بالنظر إليه ولا ينظروا إلى حُرم رسول الله صلّى الله عليه وآله. قال سهل: فدنوتُ من صاحب الرأس فقلت له: هل لك أن تقضي لي حاجتي وتأخذ منّي أربعمائة دينار؟ قال: ما هي؟ قلت: تُقدّم الرأس أمام الحُرم. ففعل ذلك، ودفعت إليه ما وعدته».
وقد دار في مجلس يزيد كلام بينه وبين الإمام السجاد عليه السلام، نقل منه السيّد الأمين: «قال عليّ بن الحسين عليه السلام: يا ابن معاوية وهند وصخر، لم تزل النبوّة والإمرة لآبائي وأجدادي من قبل أن تولد، ولقد كان جدّي عليّ بن أبي طالب في يوم بدر وأحد والأحزاب في يده راية رسول الله صلّى الله عليه وآله، وأبوك وجدّك في أيديهما رايات الكفّار. ثمّ قال عليّ بن الحسين: ويلك يا يزيد! إنّك لو تدري ماذا صنعتَ وما الذي ارتكبت من أبي وأهل بيتي، وأخي وعمومتي، إذاً لهربتَ في الجبال، وافترشت الرماد، ودعوت بالويل والثبور، أن يكون رأس أبي الحسين بن فاطمة وعليّ منصوباً على باب مدينتكم، وهو وديعة رسول الله صلّى الله عليه وآله فيكم، فأبشر بالخزي والندامة إذا اجتمع الناس ليوم القيامة».
أمّا خاتمة الكتاب، فضمّنها المؤلّف فصلين: الأوّل في مدفن الرأس الشريف، والثاني في سبب خروج الحسين عليه السلام إلى الكوفة. وذيّل الكتاب بقوله: «الحمد الذي وفّق لجمع هذا الكتاب المميِّز بين القشر واللُباب، الحاوي من شوارد الأخبار ما لم يُجمع مثلُه في كتاب، مع مراعاة الحدّ الوسط بين الإيجاز والإطناب، والقارىء المنصف يعلم امتيازه عن غيره ممّا صُنّف في هذا الباب. فأسأله تعالى أن يكون وسيلة لشفاعة الحسين، وجدّه، وأبيه عليهم السلام في يوم الحساب، وأمناً من العقاب، وزيادة في الثواب.

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  إصدارات

إصدارات

منذ 5 أيام

دوريات

نفحات