الملف

الملف

08/02/2013

بشائرُ الأنبياء بِنَبيِّنا صلّى الله عليه وآله

﴿يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ والإِنْجِيلِ﴾
بشائرُ الأنبياء بِنَبيِّنا صلّى الله عليه وآله
ـــــ العلّامة الشيخ محمّد جواد مغنيّة رحمه الله ـــــ


لماذا لا يتضمّن المتداوَلُ من أسفار العهدَين القديم والجديد، بشارةَ الأنبياء السابقين بنبوّةِ رسولِ الله صلّى الله عليه آله، على الرّغم من تصريح القرآن الكريم بذلك في غير موضع؟
يُجيب عن هذا التّساؤل، العلّامة الشيخ محمّد جواد مغنيّة رضوان الله عليه في الجزء السابع من (تفسير الكاشف) عند تفسيره للآية السّادسة من سورة الصفّ المباركة.

[قال الله تعالى]: ﴿وإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ ومُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ..﴾ الصف:6، يعني محمّداً صلّى الله عليه وآله.
* وفي آية ثانية: ﴿..النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ والإِنْجِيلِ..﴾ الأعراف: 157. * وفي ثالثة: ﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ البقرة:146.
أعلنَ القرآنُ الكريم، وأصرَّ على أنّ التّوراةَ التي أُنْزِلَت على موسى عليه السلام، والإنجيلَ الذي أُنْزِلَ على عيسى عليه السلام قد بشَّرا بنبوّةِ محمّدٍ صلّى الله عليه وآله، وجابَه بهذا الحقيقة علماءَ اليهودِ والنّصارى، وتحدّاهم أن يُكذِّبوا، وما ذَكَرَ التّاريخُ أنّ أحداً منهم كذَّبَ وأنكر، بل أثبتَ أنّ المُنصفينَ منهم اعترَفوا وأسلَموا، كعبدِ الله بن سلام وغيره، مع العلم أنّهم كانوا ينصِبونَ العداءَ لرسول الله صلّى الله عليه وآله، ويبحثون جاهدين عن زَلَّةٍ يُدينونَه بها.

تحريفُ التّوراة والإنجيل

وتسأل: بماذا يجيبُ المسلمُ إذا قال له يهوديٌّ أو نصرانيّ: لقد نصَّ قرآنُكم على أنّ التّوراةَ والإنجيلَ بشّرا بنبوّةِ محمّدٍ صلّى الله عليه وآله، مع أنّه لا أَثَرَ لهذه البشارة في ما لدينا من نسَخ التّوراة والإنجيل؟
الجواب: إذا سألَ هذا السؤالَ يهوديٌّ أو نصرانيّ، فَلِلمُسلم أن يقولَ له: لقد أجابَ عن سؤالِك هذا علماءُ اليهود والنّصارى أنفسُهم، حيث اعترفوا صراحةً بأنّ التّوراةَ الأصليّةَ التي نزلتْ على موسى عليه السلام قد فُقدت، وبعدَ سنينَ طوال ادّعى مَن ادّعى بأنّه يحفظُها عن ظَهْرِ قلب، وكتبَ دعواه هذه، ثمّ قالَ لها كوني توراةَ موسى فكانت. والشّيءُ نفسُه حدثَ للإنجيلِ الأصيلِ الذي أُنزل على عيسى عليه السلام. ومن الطّريف أنّ إنجيلَ السيّد المسيح عليه السلام قد أَوْلَدَ -بعد أنْ فُقِدَ- عشراتِ الأناجيل، حتّى تجاوزَ عددُها الخمسين. وفي سنة 325م اجتمعَ رؤساءُ النّصارى، وأقرّوا أربعةَ أناجيل، مع أنّ عيسى عليه السلام نزلَ عليه إنجيلٌ واحدٌ فقط لا غير، باتّفاقِ النّصارى، فما الذي جعلَ الواحدَ أربعة؟ ولو أقرّوا ثلاثةَ أناجيل، لَقُلنا: لكلِّ أقنومٍ إنجيل.
ولا شيءَ أدلُّ على أنّ هذه الأناجيل من رجال الكنيسة، لا من المسيح، أنّها تحدّثت عن صلبِه ودفنِه وخروجِه من القبر، وصعودِه إلى السّماء، واختتامِ حياتِه على الأرض، فهل نزلَ عليه الوحيُ بعدَ أن صُلِبَ ودُفِن؟ وإذا أمكنَ ذلك، فهل من الممكن في حُكمِ العقلِ والواقع أن ينزلَ عليه الوحي الذي دُوِّنَ في الإنجيل بعد أن صعدَ إلى السّماء، واختتم حياتَه على الأرض؟
سؤالٌ ثانٍ: وأين نجدُ هذا الاعترافَ من علماء اليهود والنّصارى؟
الجواب: في العديد من كُتُبهم العربيّة والأجنبيّة، فَمن الكُتب العربيّة (قاموس الكتاب المقدّس) الذي اشتركَ في وضعه سبعة وعشرون عالماً، فلقد جاء في مادة «يوشيا» من هذا الكتاب ما نصُّه بالحرف: «ممّا لا شكّ فيه أنّ معظم الأسفار المقدّسة أُتلف أو فُقد في عصر الارتداد عن الله والاضطهاد».

لا شيءَ أدلُّ على أنّ هذه الأناجيل من رجال الكنيسة،
لا من المسيح، أنّها تحدّثت عن صلبِه ودفنِه، فهل من الممكن
أن ينزلَ عليه الوحي بعد أن اختتم حياتَه على الأرض؟

وفي مادة «أسفار»: «هناك رأيٌ يقول: إنّ الذي أضفَى صفةَ القانون على أسفارِ العهد القديم هم كتّابُ الأسفار أنفسُهم ".." ورأيٌ آخر يقول: هم الكتّابُ المَقودون -أي المؤيّدون- بالرُّوح القُدُس، ومعهم قادة الدِّين من اليهود والمسيحيّين الذين قبلوا هذه الأسفار بإرشادِ الرّوح القُدُس أيضاً». وهذا اعترافٌ لا يقبلُ الشّكَّ بأنَّ الأسفار الأصليّة فُقدت، وأنّ جماعةً قد كتبوا ما كتبوا أسفاراً، وأضفوا عليها صفةَ القداسة من عند أنفسِهم على قول، وبتأييدِ الرّوحِ القُدُس على قولٍ آخر. وسواء أخَذنا بالقولِ الأوّل أم الثّاني فالنتيجةُ واحدة، وهي الاعترافُ القاطعُ بأنّ الأسفار الموجودة الآن ما هي بأسفارِ موسى وعيسى الأصليّة، لأنّ هذه قد فُقدت، وحلَّ محلَّها أسفارٌ جديدةٌ كَتَبَها الذين زعموا القداسةَ لأنفسِهم، أو زعمَها لهم قومٌ آخرون، وكلُّهم مؤيّدون بالرّوح القُدُس. والرّوحُ القُدُس عندهم هو روحُ الله الأقنومُ الثّالث، وسُمِّيَ اللهُ روحاً لأنّه مُبدِعُ الحياة، وقُدُساً لأنّ من عملِه تقديسَ قلب المؤمن على حدِّ تعبيرِهم.
وقد وضعَ علماءُ الإسلام عشراتِ الكُتب للدّلالة على تحريف التّوراة والإنجيل، منها كتاب (إظهار الحقّ) للشّيخ رحمة الله الهنديّ، وفيه مائة شاهد على تحريف التّوراة والإنجيل لفظاً ومعنًى، أشار إلى هذا الكتاب صاحبُ (تفسير المنار) عند تفسير الآية 46 من سورة النّساء.
ومن هذه الكتب (الرّحلة المدرسيّة) للشيخ جواد البلاغي، وكتاب (محمّد رسول الله في بشارات الأنبياء) لمحمّد عبد الغفّار، وكتاب (محمّدٌ رسول، هكذا بشّرت الأناجيل) لبشري زخاري ميخائيل، وآخرُ كتاب قرأته في هذا الموضوع: (البشارات والمقارنات) للشّيخ محمد الصّادقي الطّهراني. صدر حديثاً، وهو متخَمٌ بالشّواهد القاطعة من كُتُب اليهود والنّصارى على تحريفِ التّوراة والأناجيل المتداولَة الآن.
***


[قولُه تعالى]: ﴿..فَلَمَّا جَاءَهُمْ..﴾ الصف:6 -أي جاءَ عيسى عليه السلام بني إسرائيل- ﴿..بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ الصف:6. لم يكتفِ اليهود بقولِهم عن السيّد المسيح عليه السلام: إنّه ساحر، حتّى قالوا: هو ابنُ النّجّار، كما جاء في إنجيل متّى، (إصحاح 13، آية 55)؛ وإنجيل مرقس، (إصحاح 6، آية 3).
ينصّ الإنجيل على أنّ اليهودَ قذفوا السيّدة العذراء بالزّنا. ومع هذا نرى الكثيرَ من النّصارى يتحالفون مع الصهيونيّة عدوّةِ الأديان والإنسانيّة بخاصّة المسيحيّة، يتحالفُ الكثير منهم مع الصّهاينة ضدَّ الإسلام وأهل القرآن الذي يقول: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ..﴾ المائدة:75. وإنْ دلَّ هذا التّحالفُ على شيء، فإنّما يدلُّ على أنّ المسيحيّةَ عندَ أنصار «إسرائيل» هي مجرّدُ شعارٍ لمآربَ أخرى، وأنّ دينَهم وضميرَهم هو الاستيلاءُ والاعتداءُ تماماً كالصّهاينة.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

08/02/2013

دوريات

نفحات