الجهاد الأكبر. -8- الإسراء والمعراج

الجهاد الأكبر. -8- الإسراء والمعراج

منذ يومين

ليهنك أيها العزيز دخول ساجة الجهاد الأكبر من أوسع باب، فضلاً عن اللجوء - كمن ترك الأصغرمنا - إلى تَسَوُّرِ المحراب. والسؤال - في أجواء البعثة والإسراء والمعراج - هل إلى عروج - بحسبنا - من سبيل؟ كيف يمكن الوصول إلى ساحة ا

ليهنك أيها العزيز دخول ساجة الجهاد الأكبر من أوسع باب، فضلاً عن اللجوء - كمن ترك الأصغرمنا - إلى تَسَوُّرِ المحراب. والسؤال - في أجواء البعثة والإسراء والمعراج - هل إلى عروج - بحسبنا - من سبيل؟ كيف يمكن الوصول إلى ساحة المصطفى الحبيب ومكارم أخلاقه المحمدية؟ وفي الجواب: ثمة منازل مفصلية من دخل مدارها، وعرف صراطها والمسار، وصل. * الأولى: معرفة عظمة الحبيب المصطفى، وعلامتها الإقرار بالعجز عن معرفته.


السلام على السادة المجاهدين ورحمة الله وبركاته.

أيها العزيز المجاهد:

حدد لك المصطفى الحبيب أولوية الجهاد الأكبر وربط بينه وبين الجهاد الأصغر في دلالات أيسرها أن الذين يحق لهم أن يتحدثوا عن الجهاد الأكبربامتياز، هم أهل الجهاد الأصغر.

من لم يوفق للأصغر فهل أنجز شيئاً وبقي عليه مابعده، هل أنجز الأصغر وبقي الأكبر؟

أصل التقابل في التسمية بين وصفي الصغر والكبر، كافٍ في الإلفات إلى فرادة هذا الترابط .

أولسنا نقرأ ونسمع أو نحفظ ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام" أن النبي صلى الله عليه واله بعث بسرية فلما رجعوا قال : مرحبا بقوم قضوا الجهاد الاصغر وبقي الجهاد الاكبر، قيل : يا رسول الله وما الجهاد الاكبر ؟ قال : جهاد النفس .[1]

والروايات في الباب كثير جداً، منها " أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله رأى بعض أصحابه منصرفا من بعث كان بعثه فيه، وقد انصرف بشعثه وغبار سفره وسلاحه عليه يريد منزله، فقال صلى الله عليه وآله " انصرف من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر " فقيل له : أو جهاد فوق الجهاد بالسيف ؟ قال : " نعم ، جهاد المرء نفسه[2]

ليهنك أيها العزيز دخول ساجة الجهاد الأكبر من أوسع باب، فضلاً عن اللجوء - كمن ترك الأصغرمنا - إلى تَسَوُّرِ المحراب.

والسؤال - في أجواء البعثة والإسراء والمعراج - هل إلى عروج - بحسبنا - من سبيل؟

كيف يمكن الوصول إلى ساحة المصطفى الحبيب ومكارم أخلاقه المحمدية؟

وفي الجواب: ثمة منازل مفصلية من دخل مدارها، وعرف صراطها والمسار، وصل.

* الأولى: معرفة عظمة الحبيب المصطفى، وعلامتها الإقرار بالعجز عن معرفته.

" ياعلي، ماعرف الله إلا أنا وأنت، ولاعرفني إلا الله وأنت، ولا عرفك إلا الله وأنا "[3]

ولاتذهبن بنا الظنون، فنخال أن سقف العظمة المحمدية عند سدرة المنتهى، حيث لم يستطع جبريل عليه السلام المضي قُدماً، وقال: ولو دنوتُ أنملة لاحترقت "[4]

وهل نعرف ماقبلها، لنعرف ماسدرة المنتهى، وما بعدها؟!

ونحن نوقن بالمزيدات له من ربه، ونردد باستمرار اللهم ارفع درجته.

"السلام عليك يا حجة الله على الاولين والآخرين، (..)تسليم عارف بحقك، معترفٍ بالتقصير في قيامه بواجبك، غيرِ منكر ما انتهى إليه من فضلك، موقنٍ بالمزيدات من ربك".[5]

* الثانية: وزاد أرواحنا - أيها العزيز: - والقوت في هذه الرحلة حب المصطفى.

* الثالثة: والجناحان في العروج إلى غايتنا الأدنى من أدنى مستهل سفح العظمة المحمدية: ذكر الموت والصلاة أول الوقت.

* الرابعة: والهدف من الرحلة، وغاية المضمار، كمال حب الله تعالى والفناء فيه عز وجل.

* الخامسة: ومن فصل بين حب الله تعالى وحب رسوله جوهر الحقيقة المحمدية، فقد ضل ضلالاً بعيدا:

" ألله نور السماوات والأرض " والمصطفى الحبيب مظهر هذا النور الإلهي.

الشمس مظهر النور المادي، والحبيب مظهر النور المادي والمعنوي، ولولاه ما أضاءت الشمس.

لولا الشمس ما رأينا الأشياء والأشخاص، ولولا المصطفى لما رأينا الحقيقة.

شاء الله تعالى ذلك، وقدّر، ولولا مشيئته ما كان كون.

طاعته صلى الله عليه وآله، طاعة الله سبحانه: من يطع الرسول فقد أطاع الله".

وحبه حبه، وعلامة الحب بمظهريه، اتباع المصطفى الحبيب: " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"!

برسول الله- بإذن الله تعالى- وجدنا، وبه نعقل مانعقل و نسمع ونحس ونبصر.

بهدي نوره الإلهي نسير، وهو الصراط، وبه إلى الله المصير.

وهل يُعقل ذكر للموت وهو تذكر وبصيرة إلا بالنور الإلهي بمظهره: الحقيقة المحمدية؟ والصلاة معراج المؤمن وهي أولَ وقتها من كل شخص أفضل معراج ممكن بالنسبة إلى ذلك الشخص، فكيف يمكن العروج إلى حيث نبدأ رحلة الإقتداء برسول الله من دون حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟

في الإسراء والمعراج شُرّعت الصلاة، وكان حديث المصطفى مع ملَك الموت، وفيه تأكيد على ذكر الموت.

ليكن حبنا لرسول الله كحب سعد بن الربيع فقد قال صلى الله عليه وآله: " لا يؤمن أحد حتى أكون أحب إليه من نفسه وتكون عترتي أحب إليه من عترته".[6]

أصيب سعد بن الربيع باثني عشر طعنة رمحٍ، كل طعنة منها جافته، أي بلغت جوفه، ومع ذلك لم تهدّ قواه إلا شائعة في أحد قالت: قُتل محمد!

نسي سعد كل جراحاته البليغة تلك، ولم يشغله إلا خبر الفجيعة برسول الله!

وعندما أرسل المصطفى من يبحث عنه ويناديه، لم يستجب للنداء، ولم ينبس ببنت شفة. " يا سعد. ياسعد" ولا جواب. وهل بعد رسول الله عنده من سعد وغير سعد؟!

أضاف المنادي: رسول الله يدعوك!

علم سعد بأن رسول الله حي!! "انتعش كما ينتعش الفرخ، ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله لحَيّ ؟ قلت : إي والله إنه لحيّ، وقد أخبرني أنه رأى حولك اثنى عشر رمحاً فقال: ألحمد لله، صدق رسول الله صلى الله عليه وآله، قد طعنت اثنى عشر طعنة كلها قد جافتني، أبلغ قومي الانصار السلام وقل لهم : والله ما لكم عند الله عذر إن تشوك رسول الله صلى الله عليه وآله شوكة وفيكم عين تطرف، ثم تنفس فخرج منه مثل دم الجزور ، وقد كان احتقن في جوفه، وقضى نحبه رحمه الله . ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبرته فقال : " رحم الله سعدا نصرنا حيا و أوصى بنا ميتا".[7]

رضوان الله تعالى عليه، ورزقنا مجاورته.

هذا سعدُ المدرسة والنهج، وهذا حبه لله تعالى، الذي لا حبيب على نحو الإستقلال سواه وإنما أحب سعدُ المصطفى لأنه رسوله عز وجل وتقدّست أسماؤه.

فلنتلمّس في ذكرى المبعث الشريف والإسراء والمعراج في قلوبنا مدى حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ولنبحث في حنايا القلب عن مدى ذكرنا للقاء، وهل نريده مخضباً بدم الشهادة والحياة الطيبة؟

وأصلاً: هل نذكر الموت، وكثيراً ما أوصانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك؟

وكيف هو احتفاؤنا بالصلاة قبل قدومها لنعانق العبادة أول وقتها، أو ليست قرة عين الحبيب؟

ذكر الموت والصلاة الجناحان لبدء الرحلة! رحلة الإقتداء بالحبيب المصطفى سيد الرسل والخلق أجمعين، وحجة الله تعالى على الأولين والآخرين.

أما الإسراء بحسبنا والعروج، فمن طارحلَّق، وأسري به وعرج.

وعلى الله قصد السبيل.

والحمد لله رب العـالمين.


--------------------------------------------------------------------------------
[1] الكافي - الشيخ الكليني ج 5 ص 12
[2] فقه الرضا- علي بن بابويه ص 380
[3] السيد هاشم البحراني، مدينة المعاجز2/439، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وقريباً منه: المجلسي، البحار39/84.
[4] المحدث الجليل إبن شهراشوب، مناقب آل أبي طالب1/155
[5] السيد ابن طاوس، إقبال الأعمال3/124. من زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله من بُعد.
[6] الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد11/8 وانظر: البحار، 27/112 باختلاف يسير.
[7] جاء في بحار الأنوار،للعلامة المجلسي ج 20 ص 62 مايلي:
فلما سكن القتال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من له علم بسعد بن الربيع ؟ فقال رجل : أنا أطلبه ، فأشار رسول الله صلى الله عليه وآله إلى موضع فقال : اطلبه هناك فإني قد رأيته في ذلك الموضع قد شرعت حوله اثنا عشر رمحاً، قال فأتيت ذلك الموضع فإذا هو صريع بين القتلى، فقلت : يا سعد فلم يجبني، ثم قلت يا سعد فلم يجبني فقلت : يا سعد إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد سأل عنك، فرفع رأسه فانتعش كما ينتعش الفرخ، ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله لحَيّ ؟ قلت : إي والله إنه لحي ، وقد أخبرني أنه رأى حولك اثنى عشر رمحاً فقال: ألحمد لله، صدق رسول الله صلى الله عليه وآله، قد طعنت اثنى عشر طعنة كلها قد جافتني، أبلغ قومي الانصار السلام وقل لهم : والله ما لكم عند الله عذر إن تشوك رسول الله صلى الله عليه وآله شوكة وفيكم عين تطرف ، ثم تنفس فخرج منه مثل دم الجزور ، وقد كان احتقن في جوفه ، وقضى نحبه رحمه الله . ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبرته فقال : " رحم الله سعدا نصرنا حيا و أوصى بنا ميتا". وانظر:الطبري، تاريخه2/207 وهو مستفيض في المصادر باختلاف لايضر بالمعنى.

اخبار مرتبطة

نفحات