أعلام

أعلام

10/05/2013

الفقيهُ المتكلّم، الشّيخ محمّد بن أبي جمهور الأحسائيّ


 

الفقيهُ المتكلّم، الشّيخ محمّد بن أبي جمهور الأحسائيّ
جامعٌ بين المَعقول  والمَنقول
ـــــ إعداد: أكرم زيدان ـــــ



* هو الشّيخ أبو جعفر محمّد بن عليّ، المعروف بـ «ابن أبي جمهور الأحسائيّ»، من أجلّاء علماء الإماميّة. كان فقيهاً مجتهداً، وراويةً شهيراً، كما كان فيلسوفاً كبيراً وأديباً وشاعراً.
* له أكثر من ثلاثين مصنّفاً في الفقه، والأصول، والكلام، والحكمة، والحديث، واللغة، من أشهرها: (الأقطاب الفقهيّة)، و(المجلّي)، و(عوالي اللآلي).
* وُلد في الأحساء في الحجاز، ثمّ انتقلَ إلى النّجف الأشرف لمتابعة مسيرتِه العلميّة، ثم استقرّ بخراسان، وفيها توفّي.
* هذه التّرجمة مُقتبسة عن مقدّمة كتاب (الأقطاب الفقهيّة) للمترجَم له، وعن (مستدرك أعيان الشّيعة) للسيّد حسن الأمين.
 


هو الشّيخ محمّد، ابن الشّيخ زين الدّين عليّ، ابن الشّيخ حسام الدّين إبراهيم بن حسن بن إبراهيم بن أبي جمهور الهَجَريّ الأحسائيّ.
وُلِدَ في «الأحساء» ببلادِ الحجاز، وإليها نُسِب، في حدود سنة 840 للهجرة، يظهر ذلك من كلامِه في آخر المجلس الثّاني من مناظرةٍ مع العالَم الهَرَويّ التي جرت في «مشهد خراسان» سنة 878 للهجرة، حيث قال: «فإنّ عمري اليوم يقاربُ الأربعين سنة..».


نشأتُه

نشأَ الشّيخ محمّد بن أبي جمهور الأحسائيّ في الأحساء، وتربّى في حضن عائلةٍ مشهودٍ لها بالعلم والتّقوى، فأبوه الشّيخ عليّ كان من كبار علماء الإماميّة، وكان زاهداً عابداً، وأديباً فاضلاً. وجدّه الشّيخ إبراهيم كان من كبار المحقّقين والعلماء أيضاً، وقد ذكرهما العلماء في كُتُب التّراجم وأثنوا عليهما ثناء جميلاً.
قال الشّيخ محمّد بن أبي جمهور -صاحب التّرجمة- في الثّناء على والده وجدّه: «الشّيخ الزّاهد العابد الكامل، زين الملّة والدّين أبو الحسن عليّ ابن الشّيخ المولى الفاضل المتّقي، من بين أنسابه وأضرابه حسام الدّين إبراهيم بن ".." أبي جمهور الأحساويّ...».
وقال أيضاً: «حدّثني أبي وأستاذي الشّيخ العالم الزّاهد الوَرِع زين الدّين أبو الحسن عليّ، ابن الشّيخ العلّامة المحقّق حسّام الدّين إبراهيم بن أبي جمهور الأحساويّ».

مسيرتُه العلميّة

تلقى الشّيخ محمّد بن أبي جمهور الأحسائيّ العلوم الأوليّة في الأحساء على يد علمائها الأعلام، من بينهم والده العلّامة زين الدّين عليّ. وفي مدّة قليلة تفوّق على جمع أقرانه، ونال قَصْبَ السّبق في كثيرٍ من العلوم والفنون.
ثمّ هاجر إلى العراق وقصد عاصمة العلم والعلماء «النّجف الأشرف»، وراح يُواصل دراستَه على علمائها العظام، خصوصاً أستاذه الكبير الشّيخ عبد الكريم الفتّال.
وبعد مدّة طويلة قضاها في النّجف الأشرف للتّزوّد من العلم، عزم على حجّ بيت الله الحرام، وذلك سنة 877 للهجرة، فتوجّه إلى الحجاز عن طريق الشّام ونزل مدينة «كَرَك نوح»، وفيها التَقى بالشّيخ الجليل عليّ بن هلال الجزائريّ، وأقام عنده شهراً كاملاً مستفيداً من علومه.
وبعد أداء الحجّ والزّيارة، رجع إلى ديارِه وبقي فيها مدّةً قصيرة، ثمّ سافر إلى العراق لزيارة العتبات المقدّسة، ومن ثمّ توجّه إلى خراسان لزيارة الإمام الرّضا عليه السلام، وفي الطّريق ألّف رسالةً في أصول الدّين سمّاها «زاد المسافرين».
وفي مدينة مشهد المقدّسة تتلمذَ على يدَيه السّيّد محسن الرّضويّ القمّيّ، الّذي التَمَس منه شرحَ تلك الرّسالة، فشرحَها وسمّاها «كشف البراهين»؛ وكان ذلك سنة 878 للهجرة.
وفي هذه المدينة جرت مناظرته مع الفاضل الهَرَويّ في موضوع الإمامة.

أساتذتُه، وشيوخُه في الرّواية

في مسيرته العلميّة الرّائدة، تتلمذَ شيخنا الأحسائيّ على كبار العلماء الأجلّاء. ذكرَ أربعةً منهم في مقدّمة كتابه (العوالي)، وهم:
1- والده الشّيخ زين الدّين عليّ بن أبي جمهور الأحسائيّ.
2- السّيّد شمس الدّين محمّد بن كمال الدّين موسى الموسويّ الحسينيّ الأحسائيّ؛ والظّاهر أنّه تتلمذ عليهما في الأحساء.
3- الشّيخ حسن بن عبد الكريم الفتّال الغروي.
4- الشّيخ عليّ بن هلال الجزائريّ، قرأ عليه في بلدة (كرَك نوح) قريباً من مدينة بعلبك اللبنانيّة.
وإلى جانب أساتذته الأربعة، روى الشّيخ محمّد بن أبي جمهور عن جماعة من العلماء الأعلام، ذكرهم أيضاً في مقدّمة كتابه (العوالي)، ومنهم:
1- الشّيخ حرز الدّين الأوائليّ (الأوالي) البحرانيّ.
2- السّيّد شمس الدّين محمّد ابن السّيّد أحمد الموسويّ الحسينيّ.
3- الشّيخ عبد الله بن فتح الله بن عبد الملك الفتحان الواعظ القمّيّ القاسانيّ (القاشانيّ).


تلامذتُه والرّاوون عنه

روى عن ابن أبي جمهور الأحسائيّ جماعةٌ من العلماء، منهم:
1- تلميذُه المقرّب إليه السّيّد محسن الرّضويّ القمّيّ؛ وتاريخ الإجازة له عام 897 للهجرة.
2- الشّيخ ربيعة (أو ربيع) بن جمعة العبريّ العباديّ الجزائريّ.
3- السّيّد شرف الدّين محمود ابن السّيّد علاء الدّين الطّالقانيّ.
4- الشّيخ محمّد صالح الغرويّ الحلّيّ؛ أجازه بثلاث إجازات.
5- الشّيخ عليّ بن عبد العالي العامليّ صاحب (جامع المقاصد)، والمشتَهر بالمحقّق الكركيّ والمحقّق الثّاني.


مؤلّفاته

ترك الشّيخ ابن جمهور الأحسائيّ مؤلّفات جليلة ناهزت الأربعين، أغنى بها المكتبات الإسلاميّة؛ وقد تنوّعت موضوعاتها، وكان محورُها الفقه وأصولُه، والحديث والكلام والحكمة واللّغة، منها:
1- (أسرار الحجّ)؛ أنهاه عام 901 للهجرة، وطُبع عام 1324 للهجرة ضمن كتابه (المُجلّي) الآتي ذِكرُه.
2- (الأقطاب الفقهيّة والوظائف الدّينيّة على مذهب الإماميّة)؛ شرح فيه قواعدَ الأحكام الفقهيّة نظير قواعد الشّهيد إلّا أنّه أَوْجز منه.
3- (الأنوار المشهديّة في شرح الرّسالة البرمكيّة)؛ وهو في فقه الصّلاة اليوميّة.
4 - (بداية النّهاية)؛ في الحكمة الإشراقيّة.
5 - (التّحفة الحسينيّة)؛ في شرح (الرّسالة الألفيّة) التي ألّفها الشّهيد الأوّل في الفقه.
6- (تحفة القاصدين في معرفة اصطلاح المحدّثين).
7- (التّعليقة) على (أصول الكافي).
8- (التّعليقة) على (مَن لا يحضره الفقيه)؛ ذكره والذي سبقَه السّيّدُ المرعشيّ في مقدّمة (العوالي).
9- (الحاشيّة) على (تهذيب طريق الوصول إلى علم الأصول) للعلّامة الحلّيّ.
10- (الدّرّة المستخرجة من اللّمعة في الحكمة)؛ ورد في (الذّريعة) للعلّامة الطّهرانيّ: «لعلَّ المُراد من (اللّمعة في الحكمة) هو (اللّمعة الجوينيّة في الحكمة) تأليف ابن كمّونة المتوفّى 683 للهجرة...». وعليه يكون هذا الكتاب تلخيصاً وزبدة لكتاب (اللّمعة الجوينيّة).
11- (دُرَر اللّآلي العماديّة في الأحاديث الفقهيّة)؛ فرغ من تبييضِه عام 901 للهجرة، رتّبه على مقدّمة في أخبار التّرغيب على العبادات، وخاتمة في الأخلاقيّات، بينهما ثلاثة أقسام في أبواب الفقه كلّها.
12- (عوالي اللّآلي العزيزيّة في الأحاديث الدّينيّة)، أو (غوالي اللّآلي) -بالغين المعجمة- ألّفه في أربعة أشهر مدّة إقامته في دار السّيّد محسن الرّضويّ في مدينة مشهد، وقد شرح هذا الكتاب شرحاً وافياً السّيّد نعمة الله الموسويّ الجزائريّ وسمّى شرحه: (الجواهر الغوالي في شرح عوالي اللآلي). [انظر: «قراءة في كتاب» من هذا العدد]
13- (قبس الاقتداء -أو الاهتداء- في شرائط الإفتاء والاستفتاء)؛ ورد في (الذّريعة): «فيه مباحث الاجتهاد والتّقليد... وهو كتاب كبير مفيد».
14- (كاشفة الحال عن أحوال الاستدلال)؛ وهو في بيان طريق الاستدلال على التّكاليف الشّرعيّة وكيفيّة أخْذها من الأصول الدّينيّة، فَرَغ منه في مدينة مشهد في الثّالث من ذي القعدة عام 888 للهجرة، وهو من كُتب أصول الفقه، مرتّب على مقدّمة وخمسة فصول وخاتمة. ويعرف أيضاً بــ (رسالة في طريق الاستدلال)، أو (رسالة في لزوم العمل بأخبار الأصحاب في هذا الزّمان)، والكلّ كتابٌ واحد.
15- (المجلّي لمرآة المنجي)؛ هو شرح لكتابه (مسالك الأفهام في علم الكلام) ولحاشيته على (المسالك) المسمّاة بــ (النّور المنجي من الظّلام)، لأنّ الشّيخ الأحسائيّ كتب أوّلاً: (مسالك الأفهام)، ثمّ علّق عليه بحواشٍ سمّاها (النّور المنجي من الظّلام)، وبعد رجوعه إلى النّجف الأشرف عام 894 للهجرة ألّف كتابه (المجلّي) كشرح لــ (مسالك الأفهام) وحاشيته، وفرغ من تأليف (المجلّي) في النّجف الأشرف أواخر جمادى الثّانية عام 895 للهجرة، وطبع عام 1324 للهجرة.
16- (مجموعة المواعظ والنّصائح والحكم)، وفيه ألغاز ومراثٍ ومدائح ومراسلات شعريّة بينه وبين الشّعراء.
17- (مسالك الأفهام في علم الكلام)؛ ألّفه قبل عام 894 للهجرة، وطبع -كما تقدّم- ضمن كتاب (المجلّي) عام 1324 للهجرة.
18- (كتاب المقتل)؛ ورد في (الرّوضات): «وقد يُنسب إليه -ابن أبي جمهور- رحمه الله أيضاً كتاب في (المقتل) كبير..».
19- (مناظرة بين الغرويّ والهرويّ)، طُبع للمرّة الثّالثة سنة 1397 للهجرة، وطُبع أيضاً بعنوان (المناظرات مع العالم الهرويّ)، وهي ثلاث مناظرات جرَت بينه وبين الهرويّ في مسألة الإمامة. وقد تُرجمت هذه المناظرات إلى الفارسيّة عدّة مرّات، منها الترّجمة الكاملة المدرجة ضمن كتاب (فردوس التّواريخ) المطبوع عام 1315 للهجرة، وأدرجت التّرجمة كاملة أيضاً في (نامه دانشوران) المطبوع عام 1318 للهجرة، كما أُدرج قسم كبير منها ضمن (مجالس المؤمنين).


أقوال العلماء فيه

مَدَح ابن أبي جمهور الأحسائيّ كلُّ مَن ذكره وترجمَ له، وإن كان البعض منهم قد سجّلَ ملاحظاتٍ واستفساراتٍ على بعض آرائه وكُتُبه، ويأتي ما يكشفُ الالتباس. وإليك نماذج ممّا أثبتَه الأعلام في هذا العالم الجليل:
1- المحقّق الخوانساريّ في (الرّوضات): «هو الشّيخ الفاضلُ المحقِّق، والحَبر الكاملُ المدقِّق، خلاصةُ المتأخِّرين».
2- الحرّ العامليّ في (أمل الآمل): «كان عالماً فاضلاً راويةً، له كُتُب منها (عوالي اللّآلئ)».
3- المحدِّث النَّيسابوريّ: «مُتكلِّمٌ فقيه».
4- الشّيخ يوسف البحرانيّ في (لؤلؤة البحرين): «كان فاضلاً مجتهداً متكلِّماً».
5- العلّامة القاضي نور الله الشّوشتريّ في (مجالس المؤمنين): «صِيتُ فضائله معروفٌ ومشهورٌ بين الجمهور، وهو في عداد المجتهدين الإماميّة، وفنون كمالاته خارجةٌ عن حدِّ الإحصاء».





6- المحدِّث النّوريّ في (خاتمة المستدرك): «الشّيخُ الجليلُ، الفقيهُ العارفُ النَّبيل».
7- السّيّد حسين القزوينيّ في مقدّمات (شرح الشّرائع): «فاضلٌ جامعٌ بين المعقول والمنقول، راوية للأخبار».
8- الميرزا الأفنديّ في (رياض العلماء) عبَّرَ عنه بـ «الفقيه

الحكيم المتكلِّم المحدِّث».


9- المحدّث الشّيخ عبّاس القمّيّ في (الفوائد الرّضويّة) و(الكنى والألقاب): «عارفٌ عالمٌ حكيمٌ، متكلِّمٌ محقِّقٌ مدقِّقٌ، فاضلٌ محدِّثٌ خبيرٌ مُتبحِّرٌ ماهرٌ، صاحب كتاب (عوالي اللّآلئ)».

شبهاتٌ وردود

على الرّغم من عظَمة الشّيخ محمّد بن أبي جمهور الأحسائيّ، وسموّ مكانته، فقد دارت حوله بعضُ الشُّبه، ووُجِّه إليه الانتقاد، فاتُّهم بالتّصوّف المفرط، وقالوا إنّه أخباريّ، ونُسب إليه الغلوّ، وشاع عنه أنّه غير متثبّتٍ في نقل الأخبار، ومتساهِلٌ في روايتها.
وقد ردّ على هذه الاتّهامات المحدّث النّوريّ في (مستدرك الوسائل)، وآية الله السّيّد المرعشيّ النّجفيّ في مقدّمة الجزء الأوّل من كتاب (عوالي اللّآلي)، وغيرهما. وممّا قاله السيّد المرعشيّ قدّس سرّه في الرّدّ على هذه الإشكالات:
«وأما النّقود المتوجّهة إلى صاحب الكتاب فأُمور، منها: ..
* إسنادُ الغلوّ: وأنت خبيرٌ بأنّه توهُّمٌ لا اعتدادَ به، وهو مُجاب عنه نقضاً وحلّاً:
أمَّا النّقض: فليراجع إلى زُبُر الحديث، فإنَّه قلَّ ما يوجَد كتابٌ لم يُذكر فيه نُبَذٌ من هذه الأخبار المُوهِمة للغلوّ، فلو جازَ هذا الإسناد في الدِّين، لكان هذا النّقدُ متوجِّهاً إلى مؤلِّفي تلك الزُّبُر والأسفار أيضاً. فإنْ كان وجهُ الإسناد إلى ابن أبي جمهور غيرَ ما في كتاب (الغوالي)، فراجعوا إلى سائر تآليفه من (المجلّي)، و(الدُّرر العماديّة)، و(الأقطاب)، و(التّعليقة على أصول الكافي)، و(التّعليقة على الفقيه)، وغيرها من آثاره الممتعة ورَشَحات قلمه الشّريف. فما يقول المعترضون في حقِّ كُتُب بقية العلماء فليقولوا في حقِّ هذا الشّيخ كذلك.
وأمّا الحلّ: فلم أرَ في كلماته ما يُشعِر بذلك سوى نقله نادراً بعض الرّوايات الموهمة للغلوّ، أو بعض خطاباته لأمير المؤمنين وأولاده الطّاهرين بقوله: «وهم أئمّتي، قبلتي، وبهم أتوجَّه إلى الله»، وأمثال هذه الكلمات الّتي شاع الخطاب بها بين الزّعماء ومَن دونهم في كلّ قومٍ ورهطٍ وبكلِّ لسان. أفَلا ترى في المُنشآت الفارسيّة قول المنشئين "قبله گاها" ونحوها من العبائر المعمولة في المحاورات وخطابات الأبناء إلى الآباء. وصرفُ نقل الرّواية هل يدلُّ على الغلوِّ مع كَون الرّواية ذات محامل قريبة وبعيدة؟ حاشا وكلّا.
* كونه من الصُّوفيّة: نسبةُ هذه لصيقةٌ إلى الرّجل البريء ممَّا نُسِب إليه، وظُلمٌ في حقِّه. والفرق بين العرفان والتّصوّف غيرُ خفيٍّ على المحقِّقين، فحينئذٍ تلك الكلمة والنّسبة فِرْيَةٌ بلا مِرْيَة.
* نسبةُ الفلسفة إليه: وهذا غيرُ ضائرٍ أيضاً، إذ الفلسفةُ علمٌ عقليٌّ برَع فيه عدّةٌ من علماء الإسلام؛ كشيخنا المفيد، والشّريف المرتضى، والمحقِّق الطّوسيّ، والعلّامة الحلّيّ، والسّيّد الدّاماد، والفاضل السّبزواريّ، والمولى عليّ النوريّ، والمولى محمّد إسماعيل الخواجويّ الأصفهانيّ، وشيخنا البهائيّ، والسّيّد محمّد السّبزواريّ المُشتَهر بمير لوحي، جدّ الشّاب المجاهد السّيّد مجتبى الشّهير بالنّوّاب الصّفويّ، والقاضي سعيد القمّيّ، والمتألِّه السّبزواريّ، وصدر المتألِّهين الشّيرازيّ، والمحدِّث الكاشانيّ، وغيرهم الّذين جمعوا بين العلوم النّقليّة والعقليّة، وهم في أصحابنا مئاتٌ وألوف، وعلمُ كلّ شيءٍ خيرٌ من جهله. فإن كان ذلك شَيْناً، فيتوجَّه النَّقدُ إليهم أيضاً مع أنَّهم بمكانٍ شامخٍ في العلم والعمل، والزّهد والورع والتّقى، ولا يستلزمُ العلمُ بشيءٍ الاعتقادُ به وعقدُ القلب عليه، جزاهم اللهُ عن الدِّين خيراً.
* إسنادُ التّساهلِ إليه في النّقل: وهو إزراءٌ في حقِّ هذا الرّجُل العظيم، ويظهر ذلك لِمَن أجالَ البصر ودقَّق النّظر في مشيخةِ هذا الكتاب.
* كونه أخباريّاً: وهو خلافُ ما يظهر من كلماته في بعض كتُبه، كما هو غير مستورٍ على مَن رجع إلى آثاره، ويبدو له أن المؤلّف كان مذاقه متوسِّطاً بين الأصوليّة والأخباريّة.
ثمّ على فرضِ كونه أخباريّاً، فذلك غير مضرّ بحجِّيّة منقولاته بعد الاطمئنان بالصّدور كما ذكرنا، وإلّا فيتوجّه النّقد إلى عدّةٍ كثيرةٍ من أصحابنا الأعاظم كشيخنا الكلينيّ، والصّدوق،

وصاحب (قرب الإسناد) [الحِميري القمّيّ] و(الأشعثيّات [الجعفريّات])، و[مؤلّفي] (البحار [المجلسيّ]) و(الوسائل [الحر العامليّ]) و(الوافي [الفيض الكاشانيّ]) و(الحدائق [المحقّق البحرانيّ]) وغيرهم.
فإنَّه لا فرق بيننا وبين الأخباريّة إلّا في أمورٍ قليلة ".." ومَن رامَ الوقوفَ على تلك الفروق، فليُراجع إلى كتاب (الحقّ المبين في الفرق بين المجتهدين والأخباريّين) لشيخنا العلّامة الأكبر الشّيخ جعفر صاحب (كشف الغطاء).
* كونه غير متثبِّت وغير ضابط: ولعمري إنّه إسنادُ شيءٍ إلى مَن هو بريءٌ ممّا نُسب إليه، فمن أين ثَبت كونه غير ضابط، وها هي كُتبه ورَشَحات قلمه السّيّال الجوّال، فليراجع حتّى يظهرَ الحقّ».
وفاته

توفّي الشّيخ محمّد بن أبي جمهور الأحسائيّ في العشر الأولى من القرن العاشر الهجريّ، أشار إلى ذلك في (الذّريعة) حيث قال: «ابن أبي جمهور الشّيبانيّ الأحسائيّ المتوفّى أوائل القرن العاشر». وقال الزّركليّ في (الأعلام) إنّه توفّي حدود سنة 880 للهجرة. وكان له من العمر قرابة سبعين عاماً.
والظّاهر أنَّ وفاتَه رحمه الله كانت في مدينة مشهد بخراسان لأنّها المقرّ الأخير لِسُكناه. ولم يُعلم له قبر، كما لم ينصّ أحدٌ ممّن ترجم له على تاريخ وفاته، غير أنّه كان حيّاً سنة 901 هجريّة، حيث فرَغ من بعض كُتُبه في هذا التّاريخ، ولم يُعهَد له بعد التّاريخ أيُّ كتابٍ أو خطٍّ أو إجازة، ومعلومٌ أنّه لو بقي كثيراً بعد تلك السّنة، لألّفَ وكَتَب، ولَذكره المؤرّخون، لأنّ مثله لا يُهمَل.


اخبار مرتبطة

نفحات