أعلام

أعلام

07/06/2013

الفَيْضُ الكاشانيّ

 

الفَيْضُ الكاشانيّ

عَلَمُ الفِقْهِ، وَرايَةُ الحَديثِ، وَمَنارَةُ الفَلْسَفَةِ

ـــــ إعداد: أكرم زيدان ـــــ

* المولى محمّد محسن بن مرتضى المعروف بـ «الفيض الكاشانيّ»، من أعلام العرفاء الفقهاء في القرن الهجري الحادي عشر، ومن بيتٍ حافلٍ بالعلماء والمؤلّفين.

* من مشايخ العلّامة المجلسيّ الأوّل، ومن تلامذة الشّيخ البهائيّ، وصدر المتألّهين الشّيرازي، وله عشرات المصنّفات، في الفقه، والتّفسير، والحديث، والفلسفة، والأخلاق.

* أطبق الجميع -حتّى مخالفوه- على علوِّ مكانته العلميّة. وصفه العلّامة الأميني في (الغدير) بـ «معدن العرفان، وطَوْدِ الأخلاق، وعبابِ العلوم والمعارف..».

* وُلد في كاشان، ونشأ في قمّ المقدّسة، وأمضى شطراً من حياته في شيراز وأصفهان، وتوفّي ودُفن في مسقط رأسه.

* الحوزة العلميّة المعروفة في مدينة قمّ المقدّسة باسم «المدرسة الفيضيّة» سُمّيت نسبةً إليه.

 

الولادة والأُسرة: وُلد المولى محمّد محسن «الفيض الكاشانيّ» في مدينة كاشان في الرّابع من شهر صفر عام 1007 للهجرة، ونشأ في مدينة قمّ في أسرةٍ عريقةٍ وبيتٍ حافلٍ بالعلماء والمؤلّفين، منهم والده الشّاه مرتضى، وجدّه تاج الدّين محمود، وخاله نور الدّين محمّد بن ضياء الدّين، وإخوانُه: محمّد مؤمن، وعبد الغفور، وضياء الدّين محمّد. وفي أبيه وجدّه يقول الفيض الكاشانيّ: «لم يَتَلوَّث ذَيْلُ عزّتهم بِغُبار فضول الدّنيا».

زوجتُه ابنة المولى صدر الدّين الشّيرازيّ، وأبناؤه: أبو حامد محمّد، نور الهدى، وأبو عليّ معين الدّين أحمد، ومحمّد علم الهدى. ومن بين أحفاده عددٌ من العلماء والمحدّثين والمؤلّفين.

هجرتُه في طَلب العلم

تلقّى الفيض الكاشانيّ علومَه الأوّليّة في مدينة قمّ المقدّسة، ثمّ غادرها في رحلةٍ علميّة قصدَ خلالها عدداً من الأقطار. يقول هو في ذلك: «لم أَزَل بعد هذه المصيبة [مقتل أحد أخوته على يد قطّاع الطّرق] طائفاً في البلاد، مُتفحِّصاً عن العلم والكمال، وحيث أُشير إليّ أحدٌ بأنّ عنده شيئاً من الكمال، سَعَيْتُ إليه سَحباً على الهام لا مَشياً على الأقدام، ومُستفيداً منه بقدرِ الإمكان والاستعداد..».

رَحَل عالِمُنا إلى كاشان، فتَتَلمذ على خاله نور الدّين محمّد بن ضياء الدّين، الّذي بَرَع بالتّفسير والحديث والفقه وأصول الدّين، وما تتوقّف عليه هذه العلوم من العربيّة والمنطق وغيرها.

ثمّ سافر إلى شيراز للقاء العلّامة السّيّد ماجد البحرانيّ، فتَتَلمذ على يدَيه، حتّى حَصَلَ له في علم الحلال والحرام وسائر الأحكام، ما استَغْنَى به عن التّقليد.

بعد ذلك، رجع إلى قمّ، فنَهل من علوم صدر المتألّهين الشّيرازيّ مدّة ثماني سنين، واشتغل عنده بالرّياضات الرّوحيّة والمجاهدات، حتّى حصل له، كما قال، بصيرةٌ في علم الباطن. وخلالَ إقامته في مدينة قم عمدَ إلى تجديد عمارة إحدى المدارس الدّينيّة التي يرجع تاريخُها إلى القرن السّادس، فاشتُهرت من حينه –نسبةً إليه- بـ «المدرسة الفيضيّة».

ولمَّا عَزَم أستاذُه صدر المتألّهين على التّوجُّه إلى شيراز، رافقه الفيض وأقام عنده حوالي سنتَين، واستفاد من بركات أنفاسه الطيّبة كثيراً، وتَشرَّف في الأخير بمصاهرته. ثمّ رحل بزوجته إلى كاشان وكان فيها مرجعاً مشهوراً إلى وفاته عام 1091 للهجرة/1680م، فنُسب إليها.

 وكان سافر إلى أصفهان الّتي أَضْحَت مركزاً علميّاً حافلاً بجهابذةٍ من مشاهير العلماء، مثل الشّيخ بهاء الدّين العامليّ والسّيّد الدّاماد. وكانت الدّولة الصّفويّة في إيران في أوْجِ اقتدارِها، فعاشت المناطق الدّاخليّة بأمان، على الرّغم من القلاقل والنّزاعات بين الصّفويّين والعثمانيّين وغيرهم، وبذلك تمكّن المواطنون من الإقبال على العلم والتّعليم، وصارت أصفهانُ العاصمة مقصدَ كثيرٍ من العلماء. في هذه الأجواء، عاش المولى الفيض، ودرس واشتغل بالتّأليف والتّعليم وإرشاد العوامّ والخواصّ، وتتلمذ على الشّيخ بهاء الدّين العامليّ، وأخذ منه إجازة الرّواية أيضاً.

وعن حياته في أصفهان، يقول الفيض الكاشانيّ: «...فاشتغلتُ مدّةً بعد ذلك في ظلّ القناعة بترويج الدّين قولاً وفعلاً حسب المقدور، وكنتُ بِبركةِ العلمِ والعملِ ومحبّةِ أهل البيت أزدادُ يوماً بعد يوم من استكشافِ أسرارِ كلماتِهم سلام الله عليهم، وأفوزُ بفتوحاتٍ وفُيوضاتٍ في المعارف الدّينيّة والمعارف اليقينيّة، ويُفتح لي في كلّ برهةٍ بابٌ من علمٍ، ومِن كلِّ بابٍ أبوابٌ أُخر».

وفي رحلاته في طَلَب العلم، قَصَد الفيضُ الحجاز. وتشرّف بخدمة الشّيخ حسن ابن الشّهيد الثّاني واستفاد منه، وأخذ منه إجازة الحديث أيضاً.

منهجُه في بعض العلوم

 كان الفيضُ الكاشانيّ موسوعيّاً بِما وَعَاهُ من علوم، وبِما حَوَتْهُ مؤلّفاته من تفسير وحديث وفلسفة وعرفان وغيرها، حتّى أضحى من أكبر علماء الشّيعة الإماميّة في القرن الحادي عشر الهجريّ في إيران؛ فكان فقيهاً، وأصوليّاً، ومحدّثاً، ومحقّقاً، ومدقّقاً، وإخباريّاً، ومفسّراً، وحكيماً، ومتكلّماً، وأديباً، وشاعراً باللّغتَين العربيّة والفارسيّة.

والبارز في مؤلّفات الفيض الكاشانيّ اتّخاذه مسلكاً خاصّاً في التّأليف، من ذلك على سبيل المثال:

1- منهجيّته في التّفسير: كانت له عنايةٌ بالِغةٌ بالقرآنِ الكريمِ والحديثِ، ومَسْلَكٌ خاصٌّ في التّفسير جمع فيه بين الطّريقة والشّريعة، مؤلِّفاً بين الحقائق القرآنيّة الّتي أُسِّست على أُصول الفطرة، والحِكْمة العالية الّتي تَنطبِق على نواميس الطّبيعة، وعلى العرفان الصّحيح الّذي يُلائم الفطرة والعقل، وهذا ما نلمسُه في تفسيره القرآنَ الكريم، الّذي يُعرَف بــ (الصّافي).

فقد تمثّلت منهجيَّتُه، رضوان الله تعالى عليه، في السَّير بطريقٍ مُتسلسلٍ؛ حيث يَبدأ بالعرضِ اللّغويّ، ثمّ التّعرُّض للمسائل الإعرابيّة –أحياناً- ثمّ يذكر المأثور عن أهل البيت عليهم السلام، واعتماده في ذلك -نقل المأثورات- على بعض الكُتُب من قبيل: تفسيرَي (القمّيّ) و(العيّاشيّ)، وغيرهما من الكتب التّفسيريّة الرّوائيّة، وكُتُب الأحاديث المعروفة. وله في بعض الأحيان بياناتٌ عرفانيّة، ومن أمثلة هذه البيانات ما ذَكَره، رضوان الله تعالى عليه من «قصّة هاروت وماروت»، فأشار إلى أنّهما: الرّوح والقلب، فإنّهما من العالم الرّوحانيّ أُهبطا إلى العالم الجسمانيّ لإقامة الحقّ؛ فافْتُتِنا بزهرةِ الحياة الدّنيا ووَقَعا في شبكة الشّهوة.

وفي تفسير (الصّافي)، يَمزجُ الفيض بين الرّواية والدّراية، وقد استهلّه بمقدّمةٍ شاملةٍ -حوت اثنَي عشر فصلاً- تناولت مُختلف الشّؤون القرآنيّة، وفضلَ القرآن وتلاوته وتفسيره وتأويله. يقول العلّامة آية الله محمّد هادي معرفة (توفّي عام 1427 للهجرة) في وَصْفِ هذه المقدّمة والتّفسير: «وتُعدّ هذه المقدّمة من أحسن المقدّمات التّفسيريّة، الّتي أَوْضَح فيها المؤلِّف مَواضِع أهل التّفسير في النّقل والاعتماد على الرّأي، وما يجب توفُّره لدى المفسّر من مؤهّلات ٍضروريّةٍ، ".." وهذا التّفسير على جملته من نفائس التّفاسير الجامعة لِجُلّ المرويّات عن أئمّة أهل البيت عليهم السّلام، إنْ تفسيراً أو تأويلاً».

2- مَنهجُهُ في العرفان والفلسفة: يَقومُ منهجُه في العرفان والفلسفة على مجموعةٍ من الأسُس الفكريّة، أهمُّها استِحالة التّناقض بين العقل والوَحي، وهو يُتابع في ذلك كثيراً من الفلاسفة السّابقين عليه، وعلى رأسهم صدر الدّين الشّيرازيّ، الّذي يعتقد أنّ رسالتَه تَكمُن في حلّ التّناقضات الّتي قد تظهر لبعض النّاس بين النّصوص الدّينيّة، وبين البرهان العقليّ، والكشف الشّهوديّ.

والقاعدة الثّانية من قواعد منهجه، هي الإيمان بأولويّة المصادر النّصيّة على المصادر العقليّة؛ وذلك لأنّ أنبياء الله تعالى هم أكثر دقّةً من الفلاسفة، وثانياً لأنّ العقل لا يَخوض في غير المسائل الكليّة، وثالثًا لأنّ خطاب الفلاسفة خطاب نخبويّ للخاصّة وحدهم، أمّا خطاب الأنبياء فهو خطابٌ للخاصّة والعامّة.

القاعدة الثّالثة الّتي لا بُدَّ من الإشارة إليها في هذا المجال، هي قاعدة التّلازم والعلاقة المتبادلة بين العقل والشّرع؛ يقولُ الفَيضُ في هذا المجال: «اِعلم أنّ العقل لن يَهتدي إلّا بالشّرع، والشّرع لن يتبيّن إلّا بالعقل، والعقل كَأُسٍّ، والشّرعُ كالبناء..».

 

 

من أساتذته

1- السّيد ماجد البحرانيّ، له (الرّسالة اليوسفيّة).

2- صدر الدّين الشّيرازيّ.

3- الشّيخ بهاء الدّين العامليّ.

4- المحدّث الشّيخ محمّد طاهر الشّيرازيّ القمّيّ، له (مفتاح العدالة)، و(المقالات العالية).

5- الشّيخ محمّد حفيد الشّهيد الثّاني.

6- المولى الشّيخ محمّد صالح المازندرانيّ، صاحب الشرح المعروف على (أصول الكافي).

من تلامذتِه

1- العلّامة المجلسيّ الأوّل.

2- المحدّث السّيّد نعمة الله الجزائريّ.

3- القاضي سعيد القمّيّ، له شرحٌ على (توحيد الصَّدوق)، و(الرّسائل الأربعينيّات)، وتعليقة على (الفوائد الرّضويّة).

مؤلّفاته

كَتَب الفيض الكاشانيّ، بالعربيّة والفارسيّة، في مختلف العلوم، وألَّف ما يُقارب من مائتي كتابٍ ورسالةٍ، تناوَل فيها مواضيعَ مهمّة، ودوّن فيها آراء جديرة ومعارف عالية، تسدّ ثغراتٍ كبيرةً وعديدةً في المكتبة الإسلاميّة، نذكر منها:

1- (الأحجار الشّداد، والسّيوف الحداد في إبطال جواهر الأفراد): يشتمل على عشرين دليلاً في إبطال الجزء الذي لا يتجزّأ. قال في فهرس تصانيفه: «ألّفته في عنفوان الشّباب».

2- (الأربعون حديثاً): في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام.

3- (الحقّ المبين في بيان التّفقّه بالدّين).

4- (مُعتصَم الشّيعة في أحكام الشّريعة): خرج منه كتاب الصلّاة ومقدّماتها.

5- (عين اليقين في أصول الدّين): يشتمل على خمسين مطلباً ببيانات حكميّة، وبراهين عقليّة، وأذواق كشفيّة، وشواهد فرقانيّة، وتأييدات نبويّة.

6- (ميزان القيامة): ذكر فيه تحقيق القول في كيفيّة ميزان يوم القيامة.

7- (علم اليقين في أصول الدّين).

8- (مفاتيح الشّرائع): في الفقه، يحتوي على أمّهات المسائل الفقهيّة، مع الإشارة إلى الدّلائل والأقوال التي قيلت فيها. وجديرٌ أن يُقال: «إنّ كتابَه هذا من أجمل كُتب الفقه بياناً، وأوضحها دليلاً وبرهاناً، وأفصحها عن موارد الإجماعات، وأرمزِها بالموجز من العبارات». وهناك 27 شرح وتعليقة على هذا الكتاب، أشهرها شرح وتعليقة مستقلّين للوحيد البهبهاني قدّس سرّه.

9- (منهاج النّجاة): في بيان العلم الذي طلبُه فريضةٌ على كلّ مسلم.

10- (أبواب الجنان): في وجوب الجُمعة وآدابها، وفضل الجماعة وآدابها.

11- (المحجّة البيضاء): أصل هذا المؤلَّف هو (إحياء علوم الدّين) لأبي حامد الغزاليّ المتوفّى عام 505 للهجرة، هذّبه المولى الفيض الكاشانيّ وجرّده ممّا يخالف مذهب أهل البيت عليهم السّلام، وأيّد مطالبَه الحقّة بأخبار وروايات أئمّة أهل بيت الرّسالة عليهم السّلام.

فالغزاليّ -مع تضلّعه بالعلوم- اقتَحَم مزاعمَ أحْرَجَتْه مآزقُها، كان منها ما أشار إليه الأمينيّ في كتابه (الغدير)، وممّا قاله: «ومَن أمعن النّظر في كثير من أبحاث "إحياء علوم الدّين" يعطي الحقّ لشيخنا "الفيض" في حذفه منه أبواباً وكُتباً وفصولاً برمّتها، وصفحهِ عنها، وتهذيب الكتاب منها..»، إلى أن قال: «أمّا تهذيبُه "المحجّة البيضاء" وما أدراك ما المحجّة البيضاء! فقد وافق الاسمُ المسّمى، وهو كتابٌ مكتنزٌ بالفوائد، ممتلئٌ بالنّوادر والكلام اللّطيف، مفعَمٌ برقيق المعاني وسديدِ القول..».

12- (كتاب النّخبة): يشتمل على خلاصة أبواب الفقه.

13- (كتاب الكلمات المكنونة): في علوم أهل المعرفة وأقوالهم.

14- (سفينة النّجاة): في أنَّ مأخذ الأحكام الشّرعيّة ليس إلّا مُحكَمات الكتاب والسّنّة.

15- (منتخَب الأوراد): يشتمل على الأذكار والدّعوات في اليوم واللّيلة والأسبوع والسّنة.

16- (الشّهاب الثّاقب): في تحقيق عينيّة وجوب صلاة الجمعة في زمن الغَيبة.

17- (الوافي): خمسة عشر جزءاً؛ جمع فيه الكُتب الأربعة مع شرح أحاديثها المشْكلة.

18- (الصّافي) في تفسير القرآن، مرّ الكلام عنه.

19- (الشّافي): منتَخب من (الوافي)، في جزأين: جزء في العقائد والأخلاق، وجزء في الشّرائع والأحكام.

20- (المعارف): ملخّص كتاب (علم اليقين) ولُبابه.

21- (كتاب النّوادر): في جميع الأحاديث غير مذكورة في الكُتب الأربعة.

22- (كتاب التّطهير): نخبة من (النّخبة) لبيان علم الأخلاق.

23- (الحقائق في أسرار الدِّين): ملخّص كتاب المحجّة ولُبابه.

 

أقوال العلماء في حقّه

* ذكرَه تلميذُُه السّيّد نعمة الله الجزائريّ في بعض كُتبه، والشّيخ يوسف البحرانيّ في (لؤلؤة البحرين)، والشّيخ عبّاس القمّيّ في (الكُنى والألقاب)، وذكرَه غيرُهم، فمجّدوه وأشادوا به. وأثنى عليه جَمْعٌ كبيرٌ من الفقهاء والمحدّثين والمؤرّخين، كاشِفين عن فضله ومكانَتِه. وهذا لا يتّفق لكلّ عالمٍ، إلاّ إذا ذاع شأنه العلميّ الرّفيع.

* يقول الحرّ العامليّ في (أمَل الآمِل): «كان فاضلاً عالماً ماهراً حكيماً متكلّماً محدّثاً فقيهاً محقّقاً شاعراً أديباً، حسَنَ التّصنيف».

* وذكره السّيّد محمّد شفيع الحسينيّ في (الرّوضة البهيّة) قائلاً إنّه «صرف عمره الشّريف في ترويج الآثار المرويّة، والعلوم الإلهيّة، وكلماتُه في كلّ بابٍ في غاية التّهذيب والمتانة، وله مصنّفات كثيرة».

* وأشاد به الميرزا حسين النّوريّ في خاتمة (مستدرك الوسائل)، فقال: «من مشايخ العلّامة المجلسيّ، العالم الفاضل المتبحّر، المحدّث العارف الحكيم».

 * وقال عنه الأردبيليّ في كتابه (جامع الرّواة): «المحقّق المدقّق، جليل القدر، عظيم الشّأن، رفيع المنزلة، فاضلٌ أديب».

* وقال الخوانساريّ في (روضات الجنّات): «وأمرُه في الفضل والفَهم والنَّبالة في الفروع والأُصول، والإحاطة بمراتب المعقول والمنقول، وكثرة التّأليف والتّصنيف، مع جودة التّعبير والتّرصيف، أشهر مِن أن يَخفى».

* وقال العلّامة الأمينيّ في (موسوعة الغدير): «المحقّق الفيض، عَلَمُ الفقه، ورايةُ الحديث، ومَنارُ الفلسفة، ومعدنُ العرفان، وطَوْد الأخلاق، وعباب العلوم والمعارف، ذلك الفذّ الذي قلّ ما أَنْتَجَ الدّهر بمثيلِه، وعقمتْ الأيّام عن أن تأتي بَِمُشبهه».

في المقابل، حملَ عليه جماعةٌ من العلماء المعاصرين له والمتأخّرين عنه، ونسبوا إليه –اشتباهاً منهم في فهم مفاصد كلامه- أشياء لم يَقُلها. منهم: الفاضل المحدّث المقدّس المولى محمّد طاهر القمّي، صاحب كتاب (حجّة الإسلام) وغيره. لكنّه رجع في أواخر عمره عن اعتقاد السّوء في حقّه، فخرجَ من قمّ المباركة إلى بلدة كاشان للاعتراف عنده بالخلاف والاعتذار لديه بحُسن الانصاف، ماشياً على قدمَيه تمامَ ما وقعَ بين البلدين من المسافة، إلى أن وصل إلى بابِ داره، فنادى: «يا محسن، قد أتاكَ المُسيء»، فخرجَ إليه مولانا الفيض الكاشانيّ وجعلا يتصافحان ويتعانقان ويستحلُّ كلٌّ منهما من صاحبِه، ثم رجع من فوره إلى بلده، وقال: «لم أُرِد من هذه الحركة إلّا هَضْمَ النّفس، وتَدَارُكَ الذَّنب، وطلبَ رضوان الله العزيز الوهّاب».

والعجيب أنّ الذين ذَكروه بالسّوء كانوا يعظّمونه علماً ويبجّلونه فضلاً حينما كانوا يشنّعون عليه، ولم يمضِ إلّا زمنٌ قليلٌ حتّى أقرّ أكثر مخالفيه بوفور فضلِه وعلمِه وتقدّمه على مَن سواه على الإطلاق، فأقبلوا عليه واحداً بعد واحد وتلقّوا آثاره بالقبول، حتّى آلَ الأمرُ إلى أن أكبّوا عليها لِفَهمِ معانيها، وعلى البحث والتّحقيق والتّفتيش في مرادِها، فكَتبوا عليها حواشي وشروحاً كثيرة.

وفاته

توفِّي العلّامة الفيض الكاشانيّ قدّس سرّه عام 1091 للهجرة، وهو ابن أربع وثمانين سنة، وكانت وفاتُه في كاشان، فدُفن فيها، وشُيِّدت فوق قبره قبّة، وبُني مرقده الّذي ما يزال موضعاً لزيارة المؤمنين وإجلالهم وترحّمهم.

اخبار مرتبطة

  أيُّها العزيز

أيُّها العزيز

  دوريات

دوريات

07/06/2013

دوريات

نفحات