الملف

الملف

09/07/2013

وما أدراكَ ما ليلةُ القدر


 وما أدراكَ ما ليلةُ القدر

 

اقرأ في الملف

استهلال --------------------------- أبشِروا عِبادي

ليلةُ القدر: الرّوايات المعتبَرة، وأبرزُ الخصائص --- المجلسيُّ الأوّل

كيف نعرفها، وهل يُمكن رؤيتُها؟ ------------ الملكي التّبريزيّ

مراتبُ القضاء والقَدَر----------------الإمام الخمينيّ قدّس سرّه

ليلةُ صاحب الأمر-------------------الشيخ حسين كوراني

 

 

استهلال

 عن أبي عبد الله (الإمام الصّادق) عليه السلام أنّ ليلةَ الثّالث والعشرين من شهر رمضان هي ليلةُ الجُهَنِيّ، فيها يُفْرَقُ كلُّ أمرٍ حَكيم، وفيها تُثْبَتُ البَلايا والمَنايا، والآجالُ والأرزاقُ والقضايا، وجميعُ ما يُحدِثُ اللهُ عزّ وجلّ فيها إلى مثلِها من الحَوْل، فَطُوبى لِعَبْدٍ أحياها راكعاً وساجداً، ومثَّلَ خطاياه بين عينيَه ويبكي عليها، فإذا فعلَ ذلك رجوتُ أن لا يخيبَ إنْ شاءَ الله.

قال عليه السلام: ويأمرُ اللهُ ملَكاً ينادي في كلِّ يومٍ من شهر رمضان في الهواء: أبشِروا عبادي، فقد وهبتُ لَكم ذنوبَكم السّالفة، وشفَّعتُ بعضَكم في بعضٍ في ليلةِ القَدْر، إلَّا مَن أفطرَ على مُسْكِرٍ أو حَقَدَ على أخيه المسلم.

 


ليلةُ القدر

الرّوايات المعتبَرة، ومراتبُ التّقدير

ـــــ المجلسيّ الأوّل رحمه الله ـــــ

 

في كتابه الموسوعيّ (روضة المتّقين في شرح مَن لا يحضره الفقيه: ج 3/ ص 430-434)، تحدّث المجلسيّ الأوّل والد (صاحب البحار) عن بعض خصائص ليلة القدر مع التّصريح بدرجة اعتبار الرّوايات، وقد اختارت «شعائر» هذا النَّصّ لأهميّته في تعريف المؤمن بمضامينَ أراد المعصوم تأكيدَها.

تجدر الإشارة إلى أنّ العناوين الفرعيّة قد تمّت إضافتها، للتّوضيح.

 

لكلّ ليلة علاقةٌ بالتّقدير:

* رُوي في الموثّق كالصّحيح عن زرارة، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «التّقدير في اللّيلة تسع عشرة، والإبرام في ليلة إحدى وعشرين، والإمضاء في ليلة ثلاث وعشرين».

* في (الحديث) القويّ، عن إسحاق بن عمّار قال: سمعته يقول، وناسٌ يسألونه، يقولون: الأرزاق تقسَم ليلة النّصف من شعبان؟

فقال: لا والله، ما ذلك إلّا في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين. فإنّ في ليلة تسع عشرة يلتقي الجَمعان، وفي ليلة إحدى وعشرين يُفرَقُ كلُّ أمرٍ حكيم، وفي ليلة ثلاث وعشرين يُمضي ما أراد الله عزّ وجلّ من ذلك، وهي ليلة القدر التي قال الله عزّ وجلّ: ﴿..خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ القدر:3.

قال (الرّاوي): قلتُ: فما معنى قوله: يلتقي الجَمعان؟ قال: يجمعُ الله فيهما ما أرادَ تقديمَه وتأخيرَه وإرادتَه وقضاءَه.

قال (الرّاوي): قلتُ: فما معنى قوله: يُمضيه في ثلاث وعشرين؟ قال: إنّه يفرقُه (لا يفوته) في ليلة إحدى وعشرين (إمضاءَه)، ويكون له فيه البَداء، فإذا كانت ليلة ثلاث وعشرين أمضاه فيكون من المحتوم الذي لا يبدو له فيه تبارك وتعالى.

 

قال المجلسيّ الأوّل: الظّاهر أنّ المراد من التّقدير الذي يكون في اللّيلة الأولى تقديرُ البلايا والنِّعَم التي استحقّها العبدُ بسبب أعمالٍ عملَها، ولكنّه مشروطٌ بأنّه لا يَعمل ما به يستحقّ الزّيادة والنّقصان منهما، فإنْ عمل إلى اللّيلة الثّانية ما يستحقّ به تغيير ما قُدّر قَبلُ، غُيِّر، وإن لم يفعل يُحكم بالمقدَّر عليه ويصير بالأعمال استحقاقٌ لهما (أي الزّيادة والنّقصان) أكثر، ولكن إنْ عملَ إلى الثّالثة ما به يستحقّ المحوَ والإثبات يمحو ويثبت بالاستحقاق أو التّفضل وإلّا فيُبرم، ويحكم عليه جزماً بما قدّر له وقلّما يغيّر ما أبرم، ولكن لو فعلَ من الدّعاء والخَيرات والصِّلات فَللّه تعالى فيه المشيّة [المَشِيَّة مخفّف المشيئة] بالتّغيير تفضّلاً منه تعالى.

كما روي في الأخبار المتواترة معنًى عن الصّادقين عليهم صلوات الله أجمعين أنّ الدّعاء يردّ البلاء وقد أُبرم إبراماً، وكذلك في غيره من صِلة الرّحم والصّدقة، وغيرهما، وما ورد في خبر إسحاق (إنّه لا يبدو له فيه تبارك وتعالى) (فالظّاهر) أنّ المراد به نفيُه غالباً، جمعاً بين الأخبار، أو المراد به ما أخبر به أنبياؤه ورسلُه، فإنّه من المحتوم الذي لا بَداء فيه.

كما روى الكلينيّ في الصّحيح (على الظّاهر) عن الفضيل بن يسار، قال: سمعتُ أبا جعفر عليه السلام يقول: «العلمُ علمان، فَعلمٌ عندَ الله مخزونٌ لم يُطلِع عليه أحداً من خلقِه، وعلمٌ علّمَه ملائكتَه ورُسلَه، فما علّمه ملائكتَه ورُسلَه فإنّه سيكون، لا يكذّب نفسَه ولا ملائكتَه ولا رُسلَه، وعلمٌ عندَه مخزون، يقدّم منه ما يشاء ويؤخّر منه ما يشاء ويُثبت ما يشاء»، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.

 

التّقدير واقع على القضاء بالإمضاء

وروى الكلينيّ والصّدوق، عن معلّى بن محمّد، قال: سُئل العالم عليه السلام: كيف علمُ الله؟

«قال: عَلِمَ، وشاءَ، وأرادَ، وقدّرَ، وقضى، وأمضى، فأمضى ما قَضى، وقضى ما قدّر، وقدّر ما أراد -فبعلمِه كانت المشيّة، ولمشيّته كانت الإرادة، وبإرادته كان التّقدير، وبتقديره كان القضاء، وبقضائه كان الإمضاء، والعلمُ متقدّم، والمشيّةُ ثانية، والإرادةُ ثالثة، والتّقديرُ واقعٌ على القضاء بالإمضاء، فَللّه تبارك وتعالى البَداء في ما علمَ متى شاء، وفي ما أراد لتقدير الأشياء- فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بَداء. فالعلمُ بالمعلوم قبل كَونه، والمشيّةُ في المنشأ قبل عينِه، والإرادةُ في المراد قبلَ قيامِه، والتّقديرُ لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عياناً وَوقتاً

[وفي (التّوحيد) للصّدوق: وقياماً بدله، أي بدل: ووقتاً]، والقضاءُ بالإمضاء هو المُبرَم من المفعولات ذواتِ الأجسام المدرَكاتِ بالحواسّ من ذي لَونٍ وريحٍ ووَزنٍ وكَيْلٍ وما دبَّ ودرَجَ من إنسٍ وجنٍّ وطَيْرٍ وسِباع وغير ذلك ممّا يدرك بالحواسّ فَللّهِ تبارك وتعالى فيه البَداء ممّا لا عينَ له، فإذا وقعَ العينُ المفهومُ المُدرَك فلا بداء، واللهُ يفعلُ ما يشاء.

فَبِالعلمِ عَلِم الأشياء قبل كَونها، وبالمشيّة عرفَ صفاتها وحدودَها وإنشاءَها قبل إظهارها، وبالإرادة ميّز أنفسَها في ألوانها وصفاتها، وبالتّقدير قدّر أقواتَها وعرف أوّلها وآخرَها، وبالقضاء أبانَ للنّاس أماكنَها ودلَّهم عليها، وبالإمضاء شرحَ عِللَها وأبانَ أمرَها، وذلك تقديرُ العزيز العليم». فتدبّر في هذا الخبر فإنّه شرحٌ لأخبار كثيرة في هذا الباب.

والحاصل من الأخبار المتقدّمة أنّ لكلّ ليلة من اللّيالي الثّلاث شرفاً عظيماً وقدراً جليلاً، وإن كانت ليلةُ القدر مخفيّةً فيها.

 

لو رُفِعَتْ لَرُفِعَ القرآن

 

قال الشّيخ الصّدوق: «وسأل رجلٌ الصّادق عليه السلام فقال: أخبرني عن ليلة القدر كانت أو تكون في كلّ عام؟ فقال: لو رُفعت ليلةُ القدر لَرُفِع القرآن».

 

وعلّق المجلسيُّ الأوّل بقوله:

1- «وسأل رجلٌ الصّادق عليه السلام»: رواه الكلينيّ قويّاً عن يعقوب، قال: سمعتُ رجلاً يسأل أبا عبد الله عليه السلام. ردٌّ على مَن قال من العامّة إنّها كانت في زمن رسول الله صلّى الله عليه وآله حسْب.

2- وقوله عليه السلام: «لو رُفِعت ليلةُ القدر لرُفع القرآن»: الظّاهر أنّ المراد أنّها تَلزم القرآن وهي باقية مع بقاء القرآن، فإذا ارتفع القرآنُ بعد شهادة صاحب الأمر عليه السلام ارتفعت ليلةُ القدر يومئذٍ لأنّ فائدتَها نزولُ الملائكة والرّوح على المعصوم، (أو) المعنى “..” لأنّه قال تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها﴾، وظاهرُه الدّوام.

قال الشّيخ الصّدوق: «وسأل حمران أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ..﴾ الدّخان:3، قال: هي ليلةُ القدر، وهي في كلّ سنة في شهر رمضان في العَشر الأواخر، ولم ينزل القرآن إلّا في ليلة القدر، قال الله عزّ وجلّ: "﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ الدّخان:4، قال: يقدّر في ليلة القدر كلّ شيءٍ يكون في تلك السّنة إلى مثلها من قابل من خيرٍ أو شرّ، أو طاعةٍ أو معصية، أو مولودٍ أو أجَلٍ أو رزق، فما قُدِّر في تلك اللّيلة وقُضي فهو المحتوم ولله عزّ وجلّ فيه المشيئة. قال: قلتُ له: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، أيّ شيءٍ عَنى بذلك؟ فقال: العملُ الصّالح في ليلة القدر، ولولا ما يضاعفُ الله تبارك وتعالى للمؤمنين ما بَلغوا، ولكنّ الله عزّ وجلّ يضاعفُ لهم الحسنات».

 

وعلَّق المجلسيّ الأوّل بقوله:

 

1- «وسأل حمران»: لم يذكر الصّدوق طريقَه إليه، والظّاهر أنّ جميع هذه الأخبار مأخوذة من (الكافي)، ورواه الكلينيّ عنه في الحَسن كالصّحيح.

2- أنّه سألَ «أبا جعفر [الإمام الباقر] عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ﴾ أي القرآن ﴿فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ﴾ أي مقرونة بزيادة الخير الدّنيويّ والأُخرويّ. والمراد بالشّرّ المصائب والمِحن، وبتقدير المعصية تخلية المكلّف ونفسه بأعماله القبيحة.

 3- «ولو لا ما يضاعف»: أي بتفضّله سبحانه، يضاعف اللهُ أعمالَهم حتّى يصير ليلةً كثلاثين ألف ليلة، وأفضل منها.

 

قال الشّيخ الصّدوق: «وسُئل الصّادق عليه السلام: كيف تكون ليلة القدر خيراً من ألف شهر؟ قال: العملُ الصّالحُ فيها خيرٌ من العمل في ألف شهرٍ ليس فيها ليلةُ القدر».

 

وعلق المجلسيّ الأوّل قائلاً:

«وسُئل الصّادق عليه السلام»: رواه الكلينيّ في الحَسن كالصّحيح عنه عليه السلام، والغرض من السّؤال أنّه إذا كان ليلة خيراً من ألف شهر، وفي ألف شهرٍ يكون ليلة القدر ثلاثاً وثمانين، فيلزم تفضيل الشّيء على نفسه وعلى غيره، فأجاب عليه السلام بأنّ المراد أنّها خيرٌ من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، كألف شهر مُلكِ بني أميّة، فإنّه سلب عنهم اللّيلة وثوابَها، أو خيرٌ من ألف شهرٍ مع قطْع النّظر عن لياليها، كما قيلَ في نيّة المؤمن خيرٌ من عمله، وغيره.

***

قال الشّيخ الصّدوق: «وروى عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزلتِ التّوراةُ في ستٍّ مَضينَ من شهر رمضان، ونزلَ الإنجيل في اثنَى عشرة مَضتْ من شهر رمضان، ونزلَ الزَّبور في ليلة ثمان عشرة من شهر رمضان، ونزل القرآن [الفرقان] في ليلة القدر».

وقال المجلسيّ الأوّل:

1- «وروى عليّ بن أبي حمزة»: في الموثّق، ورواه الكلينيّ أيضاً عنه.

2- «عن أبي بصير (إلى قوله) في ستّ»: أي في ستّ ليالٍ، ولهذا أنّثَها مع قوله «مضينَ» كما قال تعالى: (سبع ليال) ".." ».

 

علامة ليلة القدر؟

 

قال الشّيخ الصّدوق: «ورُوي عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (الباقر أو الصّادق) عليهما السلام، قال: سألتُه عن علامة ليلة القدر؟ فقال: علامتُها أن تطيبَ ريحُها، وإنْ كانت في بَرْدٍ دفِئَتْ، وإن كانت في حرٍّ بردَتْ وطابتْ».

 

وقال المجلسيّ الأوّل حول هذه الرّواية:

1- «وروى العلاء»: في الصّحيح كالكلينيّ.

2- «عن محمّد بن مسلم (إلى قوله) ريحها»: إمّا معنًى كما يسمعُها مشامُّ العارفين، وإمّا صورةً بأنْ لا تكون مؤذيةً وتُسَرُّ النّفسُ منها.

3- «وإن كانت في بردٍ» مثلَ أيّام الشّتاء «دفئَتْ» أي سَخنتْ.

***

قال الشّيخ الصّدوق: «وسُئل عليه السلام عن ليلة القدر فقال: تنزّل فيها الملائكةُ والكَتبةُ إلى السّماء الدّنيا فيكتبون ما يكون في أمر السّنةِ وما يُصيب العباد، وأمرٌ عنده عزّ وجلّ موقوفٌ له، فيه المشيئة، فيقدّمُ منه ما يشاء ويؤخّرُ منه ما يشاء، ويمحو ويُثبت وعندَه أمّ الكتاب».

 

وقال المجلسيّ الأوّل حول ذلك:

1- «وسُئل»: وفي الكافي: (قال) -أي محمّد بن مسلم- وسُئل.

2- «عن ليلة القدر فقال إلخ»: ولا يُنافيه ما رُوي متواتراً أنّه تنزل الملائكةُ والرّوحُ فيها إلى إمام الوقت، بأنْ يكون نزولُهم أوّلاً إلى السّماء الدّنيا ثمَّ إلى الإمام، أو ينزل طائفةٌ إلى الإمام وطائفةٌ إلى السّماء الدّنيا، أو طائفةٌ إلى السّماء الدّنيا والباقون إلى الإمام.

 

 

أيّ ليلةٍ هي، وإحياؤها، والعملُ فيها

 

قال الشّيخ الصّدوق: «ورُوي عن عليّ بن أبي حمزة، قال: كنتُ عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له أبو بصير: جُعلت فداك، اللّيلة التي يُرجى فيها ما يُرجى أيّ ليلة هي؟

فقال: في ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين، قال: فإن لم أقْوَ على كلتَيهما، فقال: ما أيسرَ ليلتَين في ما تطلب، قال: فقلتُ: ربّما رأينا الهلالَ عندنا وجاءَنا مَن يُخبرنا بخلاف ذلك في أرضٍ أخرى؟ فقال: ما أيسر أربعَ ليالٍ في ما تطلب فيها، قلتُ: جُعلت فداك، ليلة ثلاث وعشرين ليلة الجُهَنيّ؟ قال: إنّ ذلك لَيُقال، قلت: جُعلت فداك، إنّ سليمان بن خالد روى أنّ في تسع عشرة يُكتَب وَفدُ الحاجّ، فقال: يا أبا محمّد، وفدُ الحاجّ يُكتَب في ليلة القدر والمَنايا والبلايا والأرزاق وما يكون إلى مثلِها في قابل، فاطلبها في إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، وصلِّ في كلّ واحدة منهما مائة ركعة، وأَحْيهما إن استطعت إلى النّور واغتسل فيهما، قال: قلتُ: فإنْ لم أقدِر على ذلك وأنا قائم؟ قال: فَصَلِّ وأنت جالس، قلت: فإنْ لم أستطع؟ قال: فعَلى فراشك، قلت: فإنْ لم أستَطع؟ فقال: لا عليكَ أن تكتحلَ أوّل اللّيل بشيءٍ من النّوم، إنّ أبواب السّماء تُفتَح في شهر رمضان وتُصفَّد الشّياطين وتُقبَلُ الأعمال -أعمال المؤمنين- نِعْمَ الشّهر شهرُ رمضان، كان يُسمَّى على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله المَرزوق».

 

قال المجلسيّ الأوّل:

1- «ورُوي عن عليّ بن أبي حمزة»: في الموثّق، ورواه الشّيخ أيضاً عنه، ورواه الكلينيّ عن أبي حمزة الثُّماليّ “..”.

2- «اللّيلة التي يُرجى فيها ما يُرجى»: من الثّواب والتّقديرات الحَسَنة ودفْع البلايا والآفات بالمَحو والإثبات “..”.

3- «ما أيسرَ أربعَ ليالٍ في ما تطلب فيها»: فتُحييها حتّى يحصل العلمُ بإحياء ليلة القدر في ضمنِها، ويُفهم منه استحبابُ رعاية الاحتياط مهما أمكنَ في تحصيل الواقع.

4- «قال إنّ ذلك ليُقال»: أبهَمها عليه السلام لئلّا يحصل له العلم أو الظّنّ المتاخم له، للحكمة التي لله سبحانه في إخفائها، ثمَّ سعى في تحصيل العلم منه عليه السلام بوجهٍ آخر.

5- «قلت (إلى قوله) وفد الحاجّ»: والحال أنّهم يُكتبون في ليلة القدر، فأبهمَها عليه السلام أيضاً.

6- «إلى النّور»: أي إلى الصّبح.

7- «قلت فإن لم أستطع»: بأن يكون شاقّاً عليَّ. «قال فعَلى فراشك»: مضطجعاً أو مستلقياً. «قلتُ: فإنْ لم أستَطع» إحياءَ تمامِها، «فقال: لا (بأس) عليك أن تكتحلَ أوّل اللّيل»، أي تنام قليلاً بمنزلة اكتحالِ شيءٍ قليلٍ من النّوم.

8- «تُصفَّد»: من صَفَدَ وأصفدَ وصفّدَ، أي تُشَدّ وتُوثَق. «المرزوق»: أي المرزوق فيه، (أو) له، (أو) للأعمّ بالأرزاق الصّوريّة والمعنويّة.

 

التّأكيد على ليلة ثلاثٍ وعشرين

 

الشّيخ الصّدوق: «وروى محمّد بن حمران، عن سفيان بن السّمط، قال: قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام: اللّيالي التي يُرجى فيها من شهر رمضان؟ فقال: تسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين. قلتُ: فإن أخَذَتْ إنساناً الفترةُ أو علّة، ما المعتمَد عليه من ذلك؟ فقال: ثلاث وعشرين».

المجلسيّ الأوّل:

1- «وروى محمّد بن حمران»: في القَويّ.

2- « عن سفيان بن السّمط (إلى قوله) الفترة»: الضّعف [أي الفترة معناها الضَّعف]، ويُشعِر بكونها في ليلة ثلاث وعشرين.

 

ليلة الجُهنيّ (عبد الله بن أنيس الأنصاريّ)

 

الشّيخ الصّدوق: «وفي رواية عبد الله بن بكير، عن زُرارة، عن أحدهما عليهما السلام، قال: سألتُه عن اللّيالي التي يُستحبّ فيها الغسلُ في شهر رمضان؟ فقال: ليلة تسع عشرة، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين. وقال: ليلةُ ثلاث وعشرين هي ليلةُ الجُهَنِيّ (رجلٌ من قبيلة جُهَيْنَة) وحديثُه أنّه قال لرسول الله صلّى الله عليه وآله: إنّ منزلي ناءٍ (بعيدٌ) عن المدينة (المنوّرة) فَمُرْني بلَيلةٍ أَدخل فيها، فأمَرَه بليلة ثلاث وعشرين.

قال مصنّفُ هذا الكتاب: واسمُ الجُهَنِيّ عبدُ الله بنُ أنيس الأنصاريّ».

المجلسيّ الأوّل:

1- «وفي رواية عبد الله بن بكير»: في الموثّق كالصّحيح، ورواه الشّيخ عنه، عن زرارة، عن أحدهما عليهما السلام.

2- «ناء»: أي بعيد، وهو كالسّابق في الإشعار، وروى الكلينيّ في الصّحيح، عن حسّان بن مهران، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألتُه عن ليلة القدر فقال: «التَمِسْها في ليلة إحدى وعشرين أو ليلة ثلاث وعشرين». وعن الفضيل بن يسار، قال: «كان أبو جعفر عليه السلام إذا كان ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين أخذ في الدّعاء حتّى يزولَ اللّيل، فإذا زالَ اللّيلُ صلّى». إلى غير ذلك من الأخبار.

***

 

الغُسل في اللّيالي المخصوصة

«روى الشّيخ في الصّحيح عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام، قال: الغسلُ في سبعةَ عشر موطناً: ليلة سبع عشرة من شهر رمضان وهي ليلة التَقى الجَمعان، وليلة تسع عشرة وفيها يكتَب الوفدُ وفد السَّنَة، وليلة إحدى وعشرين وهي اللّيلة التي أُصيب فيها أوصياءُ الأنبياء عليهم السّلام، وفيها رُفع عيسى بنُ مريم عليه السّلام، وُقبض موسى عليه السّلام، وليلة ثلاث وعشرين يُرجى فيها ليلة القدر..».

(المجلسيّ الأوّل، روضة المتقين)

 

 

 

ليلةُ القدر

كيف نعرفُها، وهل يُمكن رؤيتُها؟

ـــــ الملكيّ التّبريزيّ (صاحب المراقبات) ـــــ

 

 

 * من أهمّ الدّعاء في شهر رمضان أن يُكثر الإنسان الدّعاء لكي يوفَّق للعبادة في ليلة القدر وليلة الفطر، من أوّل الشّهر إلى وقت حضورهما.

*من لم يَجد في نفسه اهتماماً لدَرك ليلة القدر والعبادة فيها وفي ليلة الفطر ويوم العيد بهذا المقدار القليل أيضاً فهو مريضُ الإيمان، فليُعالج إيمانَه.

 (الملَكيّ التّبريزيّ- المراقبات)

 

 

إنّ من أهمّ الدّعاء في شهر رمضان أن يُكثر الإنسان الدّعاء لكي يوفَّق للعبادة في ليلة القدر وليلة الفطر، من أوّل الشّهر إلى وقت حضورهما، فإنْ صدقَ في الدّعاء لا يردّ الكريمُ تعالى دعاءَه، ويفوز بهذا الأمر العظيم الذي يليق للمؤمن بالقرآن الكريم أن يرتاض سنةً كاملةً بالإحياء والعبادات لتحصيل الاطمئنان بالحصول عليه. كيفَ والقرآنُ صريحٌ في أنّ ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر، وألف شهر تزيد على ثمانين سنة، فمن عملَ سنة واستفاد أجر ثمانين سنة فهو من الرّابحين الفائزين، فكيف إذا كان المطلوب منه هو الاهتمام بالدّعاء لتحصيله طيلة أقلّ من شهر.

إجمالاً، مَن لم يجد في نفسه اهتماماً لدرك ليلة القدر بهذا المقدار القليل أيضاً فهو مريضُ الإيمان، فليُعالج إيمانَه.

ونظيرُ الاهتمام بليلة القدر، لزومُ الاهتمام بليلة الفطر ويومه لأنّه رُوي عن الإمام السّجّاد عليه السلام أنّه كان يقول: «ليس ذلك بدون اللّيلة» يعني ليلة القدر، وذَوو الهِمَم العالية كانت همّتُهم أن يُكشف لهم في هذه اللّيلة عمّا تنزّل من السّماء إلى الأرض من الملائكة والتّقديرات "..".

كيف نعرف ليلةَ القدر

رُوي للوصول إلى معرفتِها: قراءةُ سورة الدّخان في كلّ ليلة مائة مرّة إلى ليلة الجُهَنيّ، وفي رواية: قراءة سورة القدر ألف مرّة بدلها إلى هذه اللّيلة.

ورُوى لدرك فضيلة ليلة القدر في (الإقبال) رواية وهي وإنْ لم يثبت اعتبارُها إلّا أنّها من أجلِ عظَمة أمرها ينبغي أن يعمل بها رجاءً لصحّتها وثبوتها في الواقع، وهي ما رواه عن ابن عبّاس أنّه قال:

«يا رسول الله صلّى الله عليك وسلّم، طوبى لِمَن رأى ليلة القدر! فقال له: يا ابنَ العبّاس، أُعلِّمك صلاةً إذا صلّيتها رأيتَ بها ليلة القدر، كلّ ليلة عشرين مرّة وأفضل.

فقال: علِّمني -صلّى الله عليك- فقال له:

تصلّي أربع ركعات في تسليمةٍ واحدةٍ، ويكون من بعد العشاء الأولى، وتكون قبل الوتر، في كلّ ركعة (فاتحة الكتاب) مرّة، و(الجُحد) [قل يا أيّها الكافرون] ثلاث مرّات، و(التّوحيد) ثلاث مرّات، وإذا سلَّمت تقول: ثلاث عشرة مرّة: أستغفرُ الله.

فَوَحَقِّ مَن بعثَني نبيّاً، مَن صلّى هذه الصّلاة وسبَّح في آخرِها ثلاث عشرة مرة، واستغفَر الله، فإنّه يرى ليلة القدر كما صلّى بهذه الصّلاة، ويوم القيامة يُشفَّع في سبعمائة ألف من أُمّتي، وغفر الله له ولوالدَيه إن شاء الله».

أقول: لم يُعلم المراد من الرّواية صريحاً، ويمكن أن يكون المراد حصولُه من الثّواب ما يعادل أفضل من لذّة رؤية ليلة القدر عشرين مرّة ، نظير ما رُوي أنّ ثواب تسبيحة خيرٌ من مُلك سليمان، فلا يبقى استبعاد، وأمّا إن كان المراد أنّ ثواب هذه الصّلاة أفضل من ثواب القدر وأزيد من ثواب عبادة ليلة القدر عشرين مرّة كما فهمَه صاحب الكتاب الذي نقل عنه السّيّد قدّس سرّه هذه الرّواية، فهو مستبعَد.

 

ما معنى رؤية ليلة القدر؟

 قلت: رؤيةُ ليلة القدر، كما أشرنا إليه سابقاً، عبارةٌ عن كشف ما يفتح فيها من نزول الأمر إلى الأرض، كما يكشَف لإمام العصر عليه السلام في هذه اللّيلة.

وإن أردتَ لهذا الإجمال توضيحاً ما، فاعلَم أنّ لله تعالى بين عالمَي الأرواح والأجسام عالَماً يُسمّى عالَم المثال والبرزخ، وهو عالَمٌ بين العالمَين ليس مضيّقاً مظلماً مثل عالم الأجسام، ولا واسعاً نَيّراً مثل عالم الأرواح، لأنّ عالم الأرواح مجرّدٌ عن كَدَر المادّة وضِيق الصّورة والمقدار، وعالَم الأجسام مقيّدٌ بالمادّة والصّورة، وعالَم المثال مجرّدٌ عن المادّة ومقيّدٌ بالصّورة والمقدار، وهو مشتملٌ على عوالمَ كثيرة، وكلُّ موجودٍ في عالَم الأجسام له صوَرٌ مختلفةٌ في هذه العوالم المثاليّة غير هذه الصّورة التي في عالم الأجسام، وكلّ ما في هذا العالَم إنّما يوجَد بعد وجوده في العالمَين الأوّلَين بنحو وجودٍ يليقُ بهما، بل كلُّ موجودٍ في عالَم المثال إنّما ينزلُ إليه من خزائن الله التي أشار إليها سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ..﴾ الحجر:21، وكلُّ جسمٍ وجسمانيٍّ في هذا العالَم إنّما ينزل إليه من عالَم المثال بتوسُّط ملائكة الله.

والذي يدلُّ عليه الأخبارُ أنّ أحكام كلِّ سَنةٍ من تقديرِ أرزاقِ موجودات هذا العالَم وآجالها، ينزلُ إلى الأرض في ليلة القدر، وينكشفُ ذلك لمَن هو خليفةُ الله في الأرض في هذه اللّيلة، ويسمّى انكشافُ نزول الأمر-بتوسّط الملائكة له عليه السلام- رؤية ليلة القدر، ولذّةُ هذا الكشف ومشاهدةُ نزول الأمر والملائكة إنّما يعرفُهما أهلُهما، ولعلّ ذلك من قبيل ما أُرِيَ لإبراهيم الخليل من ملكوت السّماوات والأرض.

ولكلّ إنسانٍ نصيبٌ كاملٌ من هذه العوالم مخصوصٌ به، وأغلبُ النّاس غافلون عن عوالمِهم المثاليّة، وغافلون عن غفلتِهم أيضاً، وكذلك عن عوالمِهم الرّوحانيّة إلّا مَن منَّ اللهُ عليه بمعرفة النّفس، ومعرفةِ عالَم المثال في طريق معرفة النّفس، لأنّ حقيقة النّفس من عالم الأرواح، فمَن كُشف له حجابُ المادّة عن وجه روحِه ونفْسِه، ورأى نفسَه مجرّدةً عنها في عالَم المثال يسهلُ له الانتقالُ إلى حقيقة روحِه المجرّدة عن الصّورة أيضاً، وهذه المعرفة للنّفس هي المرادُ من قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «مَن عرفَ نفسَه فقد عرفَ ربَّه»، ووَجهُ ارتباط معرفة النّفس بمعرفة الرّبّ لا يعرفُه إلّا مَن وُفِّقَ لهذه المعرفة، وهذا المقدارُ من البيان كافٍ في ما نحن بصددِه من تعريف ما يزولُ به الإنكارُ والاستبعاد، لدَركِ حقيقة ليلة القدر للعاملين العابدين، لأجل تحصيل الشّوق اللّازمِ للوصول.

 (المراقبات، ص 174 – 176، بتصرّف)  

 

 

مَعنى ليلة القدر

مراتبُ القضاء والقَدَر

ـــــ الإمام الخمينيّ قدّس سرّه ـــــ

 

في بيان ليلة القدر: وفيه مباحث كثيرة ومعارف لا تُعدّ، قد بحث عنها العلماء الأعلام رضوان الله عليهم على حسب مشاربهم ومسالكهم، ونحن نبيّن في هذه الأوراق بعضاً منها بطريق الإشارة، ونشير إلى مطالب أُخَر لم يذكروها، وذلك في ضمن أمور:

الأوّل: في وجه تسمية ليلة القدر:

قد اختلف العلماءُ فيه، فبعضُهم على أنّ ليلة القدر حيث إنّها صاحبة شَرف ومنزلة وقد نزلَ فيها القرآن صاحبُ القدر بتوسّط ملَكٍ صاحبِ القدر على رسولٍ صاحبِ القدر لأمّةٍ صاحبةِ القدر، فلهذا سُمِّيَت بليلة القدر.

وقال بعضُهم: إنّ تسميتَها ليلة القدر لأجل تقدير الأمور والآجال وأرزاق النّاس في تلك اللّيلة.

وقال آخرون: لأنّ الأرض تَضيقُ بواسطة كَثرة الملائكة فسُمِّيت ليلة القَدر، وهذا من قبيل: ﴿..وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ..﴾ الطّلاق:7، وهذه كلمات قيلَت في المقام، وفي كلٍّ من تلك الوجوه تحقيقاتٌ لا تخلو الإشارة إليها إجمالاً من الفائدة.

أمّا المطلب الأوّل : وهو كَونُها بمعنى صاحبة المنزلة والقَدر:

فاعلم أنّ في هذا المقام كلاماً، وهو أنّ مطلَق الزّمان والمكان الذي بعضٌ منه شريف، وبعضٌ غير شريف، وبعضٌ سَعيد وبعضٌ نَحس، فهل هذا من نفس ذات الزّمان ومن تشخُّصاته الذّاتيّة، وهكذا في المكان، أو أنّه بواسطةِ وقوعِ الوقائع وحصولِ الأمور الشّريفة والخَسيسة يكون -الزّمان أو المكان- صاحبَ تلك المزيّة بالعَرَض، وهذا وإنْ لم يكن مَبحثاً مهمّاً وشريفاً والبحثُ في أطرافه ليس له كثيرُ فائدة، ولكن نأتي بذكرٍ منه بطريق الاختصار.

إنّ وجه ترجيح الاحتمال الأوّل هو أنّ ظاهر الأخبار والآيات التي أثبتتْ للزّمان والمكان شرافةً أو نحوسة، إنّها صفةُ نفس الزّمان والمكان، لا أنّها صفةٌ للحال المتعلّق، وحيث إنّه لا مانعَ عقليّاً فيَتعيّن حملُها على ظاهرها.

ووجهُ ترجيح الاحتمال الثّاني أنّ حقيقةَ كلٍّ من الزّمان والمكان حقيقةٌ واحدة، بل شخصيّةُ كلٍّ منهما أيضاً شخصيّةٌ واحدة، فَلهذه الجهة لا يُمكن أن يكون شخصٌ واحدٌ متجزيّاً ومختلفاً في الحُكم. فبناءً على هذا، فلا بدّ أن يُحمَل ما ورد في شرفهما أو نحوستِهما على الوقائع والقضايا الحاصلة فيهما، وهذا الوجهُ ليس برهانيّاً "..".

وأمّا وجه ترجيح الاحتمال الأوّل فليس أيضاً وجهاً صحيحاً مُرضياً "..".

فبناءً على هذا، فَكِلا الوجهَين محتمَل، ولكنّ الثّاني أرجحُ في النّظر. فبناءً عليه، أنّ ليلة القدر صارت صاحبةَ قَدْرٍ لأنّها ليلةُ وصال النّبيّ الخاتَم، وليلةُ وصول العاشق الحقيقيّ إلى محبوبِه، وقد عُلم في المباحث السّابقة [من كتاب الآداب المعنويّة] أنّ تنزُّلَ الملائكة ونزولَ الوحي يكونُ بعدَ حصول الفناء والقُرب الحقيقيّ.

ويُستفاد من الأخبار الكثيرة والآيات الشّريفة أيضاً أنّ شرفَ الأزمنة والأمكنة ونحوستَها بسببِ الوقائع فيها، وهذا يُعلم بمراجعتها، وإنْ كان يُستفاد من بعضِها الشّرفُ الذّاتيُّ أيضاً.

أمّا الاحتمالُ الآخر: وهو أنّها تُسمّى بليلة القَدر لتقدير أمور أيّام السّنة فيها، فاعلم أنّ حقيقةَ القضاء والقَدَر وكيفيّتها ومراتبَ ظهورِها من أَجَلِّ العلوم الإلهيّة وأشرفِها، وقد نُهِيَ عامّةُ النّاس عن الغَور في أطرافِها، لأنّه يُوجب الحَيرة والضّلالة لكمال دقّتِها ولطافتِها، ولهذا لا بدّ أن تُعدّ هذه الحقيقة من أسرار الشّريعة وودائعِ النّبوّة ويُصرَف النّظر عن البحث الدّقيق في أطرافِها، ونحن نشيرُ إلى مبحثٍ منه يناسبُ هذا المقام.

وهو أنّ تقدير الأمور مع أنّها كانت في علم الحقّ تعالى في أَزَل الآزال، وليس من الأمور التّدريجيّة بالنّسبة إلى مقام العِلم الرّبوبيّ المنزَّه، فما معنى التّقدير في كلّ سنة في ليلةٍ معيّنة؟

 

اعلم أنّ للقضاء والقدَر مراتب تتفاوت أحكامُها على حسب تلك المراتب:

المرتبة الأوّلى من تلك المراتب عبارة عن الحقائق التي تتقدّر وتتحدّد في حضرة العلم بالتّجلّي بالفيض الأقدس تبعاً لظهور الأسماء والصّفات، وبعدَه تُقدَّر وتُحكَم في الأقلام العالية والألواح العالية على حسب الظّهور بالتّجلي الفعليّ، ولا تقع التّغيرات والتّبديلات في هذه المراتب، والقضاءُ الحَتْمُ الذي لا يُبدَّل هو الحقائق المجرّدة الواقعة في حضرات ".." النّشأة العلميّة والنّازلة في الأقلام والألواح المجرّدة، ثمّ تظهر الحقائق بالصّوَر البرزخيّة والمثاليّة في الألواح الأُخَرَ والعالم الأنزَل وهو عالم الخَيال المنفَصل وخيال الكلّ الذي يُقال له عالَم المُثل المعلّقة، على طريقة حكماء الإشراق.

وفي هذا العالم يُمكن وقوعُ التّغيرات والاختلافات، بل هي واقعة، ثمّ يكون التّقديرات والتّحديدات بتوسُّط الملائكة المُوكَلين بعالَم الطّبيعة، وفي لوح القدَر هذا، تغييراتٌ دائميّةٌ وتبديلاتٌ أبديّة، بل هو نفسُه الصّورة السّيّالة والحقيقة المتصرّمة والمتدرّجة، والحقائقُ في هذا اللّوح قابلةٌ للشّدّة والضَّعف، والحركات قابلةٌ للسّرعة والبطءِ والزّيادةِ والنّقيصة، ومع ذلك فالوُجهة التي تَلي الله والوُجهة الغيبيّة لهذه الأشياء التي هي جهةُ التّدلّي بالحقّ، وصورة ظهور الفيض المنبَسط والظّلّ الممَدود وحقيقة العلم الفعليّ للحقّ لا مجالَ فيها للتّغيير والتّبديل بوجه.

وبالجملة، فجميعُ التّغيّرات والتّبدّلات وزيادةُ الآجال وتقديرُ الأرزاق تقعُ عندَ الحكماء في لوح القدَر العلميّ وهو عالَم المثال، وعند الكاتب تقعُ في لوح القدَر العينيّ الذي هو محلُّ نفس التّقديرات على أيدي الملائكة المُوكَلين بها، فبناءً على هذا، فلا مانعَ من أن تقعَ التّغيّرات والتّبديلات في عالَم الطَّبع في ليلة القدر بما أنّه ليلةُ التّوجُّه التّامّ للوليّ الكامل، وليلةُ ظهور سَلْطَنَتِه الملكوتيّة بتوسُّطِ النّفس الشّريفة للوليّ الكامل وإمام كلِّ عصرٍ وقُطبِ كلّ زمان، وهو اليوم حضرةُ بقيّة الله في الأرَضين سيّدنا ومولانا وإمامنا وهادينا الحجّة بن الحسن أرواحنا لمقدَمه الفداء، فما أراد عليه السّلام من جزئيّات الطّبيعة يُبطئ حركتَه، وما أراد سرعتَه يُسرِّعُه، وما أراد من رزقٍ يُوسِعُه وما أرادَ يُضيّقه، وهذه الإرادةُ إرادةُ الحقّ وظلُّ الإرادة الأزليّة وشعاعُها وتابعةٌ للأوامر الإلهيّة، كما أنّ ملائكةَ الله أيضاً لا يتصرّفون من عند أنفسهم. وتصرّفاتُ جميعِهم بل تصرُّفات جميع ذرّات الوجود تصرُّفٌ إلهيّ، وهي من تلك اللّطيفة الغَيبيّة الإلهيّة: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ..﴾ هود:112.

وأمّا ما ذُكِرَ من الاحتمال في وجه تسمية ليلة القدر من أنّ الأرض تضيقُ بواسطة الملائكة ولهذا سُمِّيَتْ ليلةَ القدر، فهذا الوجهُ وإنْ كان بعيداً، وإنْ كان القائلُ به أعجوبة الزّمان الخليل بن أحمد رضوان الله عليه، ولكن ما يُمكن أن يقعَ مورداً للبَحث هو أنّ ملائكة الله ليست من سنخِ عالَم الطّبيعة والمادّة، فما معنى ضيقِ الأرض بهم؟

فاعلم أنّه قد وردَ نظيرُ هذا المطلب في الرّوايات الشّريفة مثل قضيّة تَشييع سعد بن معاذ رضي الله عنه: (في الكافي: صَلـّى رسولُ الله صلّى الله عليه وآله على سَعد بن مَعاذ مع تسعين ألف مَلَك، فيهم جبرائيل.. الحديث)، ومثل بَسْط الملائكة أجنحتَهم لطالب العلم، فهذا إمّا من باب تَمَثُّل الملائكة بالصّوَر المثاليّة وتنزُّلها من عالَم الغيب إلى عالم المثال وتَضييق ملكوت الأرض، أو من باب تمثُّلهم المُلكيّ في مُلك الأرض، وإن كانت الأبصارُ الطّبيعيّةُ الحيوانيّةُ لا تراها. وبالجملة التّضييقُ بلحاظ التَّمثُّلات المثاليّة أو المُلكيّة.

(الآداب المعنويّة للصّلاة)

 

 

 

شَدّ المِئْزَر

روى سماعة، في الموثق، عن أبي بصير، كما في (الكافي) عن أبي عبد الله عليه السلام:

«كان رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا دخلَ العَشرُ الأواخر شَدَّ المِئْزَر، واجتنبَ النّساء، وأحيا اللّيلَ، وتفرّغَ للعبادة».

«شدّ المِئْزَر»: كناية عن الجدّ والاجتهاد في العبادة، أو عن اجتنابِ النّساء، أو عنهما معاً..

 

(روضة المتّقين، المجلسيّ الأوّل)

 

 

 

ليلةُ صاحب الأمر

﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ القدر:4

 ـــــ الشّيخ حسين كوراني ـــــ

 

* من غرائب الغفلة، أنّنا نعرفُ أنّ ليلة القدر ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ القدر:4، ونعرفُ أنّ إمامَ زماننا بل إمامَ كلِّ زمانٍ يُطلَق عليه اسمُ «صاحب الأمر» ولا نربط بين المعلومتَين اللّتَين هما وجهان لحقيقةٍ واحدة، فالأمرُ الذي ينزلُ هو نفسُه الأمر الذي يُعتبَر إمامُ الزّمان صاحبَه بإذن الله تعالى. والرّواياتُ المصرّحةُ بذلك كثيرة..

* في هذا السّياق اختارت «شعائر» مقطعاً من حديث ليلة القدر عام 1425 هجريّة في «المركز الإسلاميّ» في بيروت، للشّيخ حسين كوراني.

 

قال السّيّد ابن طاوس في (الإقبال): «عن الصّالحين عليهم السلام: وكَرِّر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان قائماً وقاعداً وعلى كلِّ حال، والشّهرَ كلَّه، وكيفَ أمكنَك، ومتى حضرَك في دهرك، تقولُ بعدَ تمجيدِ الله تعالى والصّلاة على النّبيّ وآله عليهم السّلام:

أللّهُمّ كُنْ لِوَلِيِّكَ، القائِمِ بِأمرِكَ، الحُجَّةِ ".." ابْنِ الحَسَنِ المَهْدِيّ، عَلَيهِ وَعَلَى آبائِهِ أفضَلُ الصَّلَاةِ والسَّلامِ، فِي هذِهِ السَّاعَةِ وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ، وَلِيَّاً وَحافِظاً وَقَائِداً، وَنَاصِراً وَدَلِيلاً وَمُؤَيِّداً، حَتّى تُسْكِنَهُ أرْضَكَ طَوْعاً، وَتُمَتِّعَهُ فِيها طَويلاً وَعَريضاً، وَتَجْعَلَهُ وَذُرِّيَتَهُ مِنَ الأئِمَّةِ الوارِثينَ. أللَّهُمَّ انْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ، وَاجْعَلِ النَّصْرَ مِنْكَ لَهُ وَعَلَى يَدِهِ، وَالفَتحَ عَلى وَجْهِهِ، وَلا تُوَجِّهِ الأمرَ إلَى غَيْرِهِ. أللَّهُمَّ أظْهِرْ بِهِ دِينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيّكَ، حَتَّى لا يَسْتَخْفِيَ بِشَيءٍ مِنَ الحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ.

أللَّهُمَّ إنّي أرْغَبُ إِلَيكَ فِي دَولَةٍ كَرِيمةٍ تُعِزُّ بِهَا الإسلامَ وأهلَهُ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَأهلَهُ، وَتَجْعَلُنا فِيها مِنَ الدُّعَاةِ إلى طَاعَتِكَ، وَالقَادَةِ إلَى سَبِيلِكَ، وَآتِنا فِي الدُّنيا حَسَنةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، واجْمَعْ لَنَا خَيرَ الدَّارَيْنِ، واقْضِ عَنّا جَمِيعَ مَا تُحِبُّ فِيهِما، وَاجْعَلْ لَنَا فِي ذلِكَ الخِيَرَةَ بِرَحمَتِكَ وَمَنِّكَ فِي عَافِيةٍ، آمينَ رَبَّ العَالَمِينَ، زِدْنا مِن فَضْلِكَ وَيَدِكَ المَلْأى، فَإنَّ كُلَّ مُعْطٍ يَنقُصُ مِنْ مُلْكِهِ، وَعَطَاؤُكَ يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ».

                                              ***                                

الحقيقةُ الصّراحُ التي يجبُ عقدُ القلبِ عليها أنّ شهرَ رمضان هو شهرُ القرآن الكريم، وليلةَ القدر ليلةُ نزول القرآن، وليلةُ حاكميّة الرّحمن، ولذلك فهي ليلةُ رسول الله صلّى الله عليه وآله بما هو سيّدُ الرُّسُل والمُهيمنُ على كلِّ ما جاؤوا به، وصاحبُ الأمر ورائدُ مشروع هداية البشريّة إلى الحقّ وإنقاذِها من براثن الجَهل والشِّرك، وبما هو، صلّى الله عليه وآله، مركزُ كلِّ أمرٍ نزلَ من الله تعالى وينزلُ من بدء الخَلق إلى ما بعدَ الجنّة ونعيمِها من رضوان الله تعالى، وبعدَ النّار وجحيمِها من عذاب الله تعالى للمُستحقِّين.

وحيث إنّ المصطفى صلّى الله عليه وآله قطبُ رَحى ذلك كلِّه، فلَيلةُ القدر ليلتُه وليلةُ وصيِّه الذي هو استمرارُه صلّى الله عليه وآله.

** ومن غرائب الغَفلة، أنّنا نعرفُ أنّ ليلةَ القدر ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ القدر:4، ونعرفُ أنّ إمام زماننا بل إمامَ كلِّ زمانٍ يُطلَقُ عليه اسمُ «صاحب الأمر» ولا نربط بين المعلومتَين اللّتين هما وجهان لحقيقةٍ واحدة، فالأمرُ الذي ينزل هو نفسه الأمرُ الذي يُعتبَر إمام الزّمان صاحبَه بإذن الله تعالى. والرّوايات المصرّحة بذلك كثيرةٌ منها:

1- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «ليسَ شيءٌ يخرجُ من عند الله عزّ وجلّ حتّى يبدأَ برسولِ الله صلّى الله عليه وآله، ثمّ بعليٍّ عليه السّلام، ثم بواحدٍ واحد، لِكَيلا يكونَ آخرُنا أعلمَ من أوّلِنا».

2- [قال الرّاوي]: سألتُ أبا عبد الله عليه السلام فقلتُ له: سمعتُك وأنتَ تقول غير مرّة: «لَولا أنّا نزدادُ لَأَنْفَدْنا»، فقال: «أمّا الحلالُ والحرامُ فقد أنزلَ اللهُ على نبيِّه صلّى الله عليه وآله بكمالِه وما يُزادُ الإمام في حلالٍ ولا حَرام»، قلتُ له: فما هذه الزّيادة؟ فقال: «في سائر الأشياء سوى الحلالِ والحرام»، قلت: تَزدادون شيئاً يَخفى على رسول الله صلّى الله عليه وآله ولا يعلمُه؟ فقال: «لا، إنّما يخرجُ العِلمُ من عند الله، فيأتي به المَلَكُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله، فيقول: يا محمّد، ربُّك يأمرُك بكذا وكذا، فيقول: انطَلقْ به إلى عليِّ، فيأتي به عليّاً عليه السّلام فيقول: انطلقْ به إلى الحَسَن، فلا يزالُ هكذا ينطلقُ به إلى واحدٍ بعدَ واحدٍ حتّى يخرجَ إلينا، ومحالٌ أن يعلمَ الإمامُ شيئاً لم يَعلمْهُ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله، والإمامُ من قبلِه».

 

3- عن أبي جعفر [الإمام الباقر] عليه السلام: «إنّما يأتي الأمرُ من الله في ليالي القَدر إلى النّبيّ صلّى الله عليه وآله، وإلى الأوصياء عليهمُ السّلام: افعَل كذا وكذا».

وقد عقَّبَ السّيّدُ ابنُ طاوس على هذه الرّوايات بقوله: «واعلم أنّ إلقاءَ هذه الأسرار في السَّنةِ إلى وليّ الأمر ما هو من الوَحي، لأنّ الوحيَ انقطعَ بوفاة النّبيّ صلّى الله عليه وآله، إنّما هو بوَجهٍ من وجوه التّعريف يعرفُه مَن يُلقى إليه صلوات الله عليه، وقد قال جلَّ جلالُه: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ..﴾ المائدة:111، وقال تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى..﴾ القصص:7، وقال جلَّ جلالُه: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ..﴾ النحل:68، ولكلٍّ منها تأويلٌ غير الوَحي النّبويّ».

***

يتّضح أنّ ليلةَ القدر هي ليلةُ صاحب الأمر الذي نصَّ عليه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله، وإليه ينزلُ الأمرُ الذي قد قُضِيَ وأُمْضِيَ من الله تعالى.

والرّواياتُ كذلك صريحةٌ في الحثِّ على إدراكِ هذه الحقيقة بالتّفصيل، لذلك فهي لا تكتفي بالعموميّات المتقدّمة رغمَ وضوحِها، بل تريدُنا أن نعرفَ أنّ المحور في «سورة القدر» و«ليلةِ القدر» و«الأمرِ الحكيم» و«الأمرِ الذي ينزل» هو «صاحبُ الأمر».

* عن داود بن فَرقد قال:

«سألتُه [الصّادق أو الكاظم عليهما السلام] عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾ القدر:1-2. قال: ينزلُ فيها ما يكونُ من السّنةِ من موتٍ أو مولود.

قلتُ له: إلى مَن؟ فقال: إلى مَن عسى أن يكون: إنّ النّاسَ في تلك اللّيلة في صلاةٍ ودُعاءٍ ومَسألة، وصاحبُ هذا الأمر في شُغلِ تَنَزُّلِ الملائكة إليه بأمورِ السَّنةِ من غروبِ الشّمسِ إلى طلوعِها من كلِّ أمر. [سلامٌ] هي له إلى أن يطلعَ الفَجر».

* عن أبي عبد الله (الإمام الصّادق) عليه السلام قال:

«إنّ ليلةَ القدر يُكتَب ما يكون منها في السّنة إلى مثلِها من خيرٍ أو شرّ، أو موتٍ أو حياةٍ أو مَطَر. ويُكتب فيها وفدُ الحاجّ. ثمّ يُفضي ذلك إلى أهلِ الأرض. فقلتُ [الرّاوي]: إلى مَن من أهلِ الأرض؟ فقال: إلى مَن ترى؟».

 

* عن الإمام الباقر عليه السلام: قال السّائل: فهل يعلمُ الاوصياءُ ما لم يعلمِ الانبياء؟ قال: «لا، وكيف يعلمُ وصيٌّ غيرَ علمِ ما أُوْصِيَ إليه؟»، قال السّائل: فهل يَسَعُنا أن نقول: إنّ أحداً من الأوصياء يعلمُ ما لا يعلمُ الآخر؟ قال: «لا، لم يَمُتْ نبيٌّ إلّا وعلمُه في جوفِ وصيِّه، وإنّما تنزّلُ الملائكةُ والرّوحُ في ليلةِ القَدر بالحُكم الذي يَحكمُ به بينَ العباد». قال السّائل: وما كانوا علموا ذلك الحكم؟ قال: «بَلى قد عَلِموه، ولكنّهم لا يستطيعون إمضاءَ شيءٍ منه حتّى يُؤمَروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السّنةِ المُقبلة». قال السّائل: يا أبا جعفر، لا أستطيعُ إنكارَ هذا. قال أبو جعفر عليه السلام: «مَن أنكرَه فليسَ منّا».

 

الغُسْلُ قبلَ المَغيب

رَوى زرارة والفضيل في الصّحيح، ورَواه الكلينيّ في الحَسن كالصّحيح، عن أبي جعفر [الإمام الباقر] عليه السلام، قال: «الغُسْلُ في شهر رمضان عندَ وُجوبِ الشّمسِ قُبَيْلَه،          ثمّ يُصلّي ويُفطِر». أي قبلَ سقوط الشّمس وغروبِها بقليل.   

       «ثمَّ يُصلّي»: أي بعدَ الغروب.

            «ويُفطِر»: ويدلُّ على استحبابِ تقديم الصّلاة.

 (المجلسيّ الأوّل، روضة المتّقين)

 

 

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

09/07/2013

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات