الملف

الملف

09/07/2013

ليلةُ صاحب الأمر

 

ليلةُ صاحب الأمر

﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ القدر:4

 ـــــ الشّيخ حسين كوراني ـــــ

 

* من غرائب الغفلة، أنّنا نعرفُ أنّ ليلة القدر ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ القدر:4، ونعرفُ أنّ إمامَ زماننا بل إمامَ كلِّ زمانٍ يُطلَق عليه اسمُ «صاحب الأمر» ولا نربط بين المعلومتَين اللّتَين هما وجهان لحقيقةٍ واحدة، فالأمرُ الذي ينزلُ هو نفسُه الأمر الذي يُعتبَر إمامُ الزّمان صاحبَه بإذن الله تعالى. والرّواياتُ المصرّحةُ بذلك كثيرة..

* في هذا السّياق اختارت «شعائر» مقطعاً من حديث ليلة القدر عام 1425 هجريّة في «المركز الإسلاميّ» في بيروت، للشّيخ حسين كوراني.

 

قال السّيّد ابن طاوس في (الإقبال): «عن الصّالحين عليهم السلام: وكَرِّر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان قائماً وقاعداً وعلى كلِّ حال، والشّهرَ كلَّه، وكيفَ أمكنَك، ومتى حضرَك في دهرك، تقولُ بعدَ تمجيدِ الله تعالى والصّلاة على النّبيّ وآله عليهم السّلام:

أللّهُمّ كُنْ لِوَلِيِّكَ، القائِمِ بِأمرِكَ، الحُجَّةِ ".." ابْنِ الحَسَنِ المَهْدِيّ، عَلَيهِ وَعَلَى آبائِهِ أفضَلُ الصَّلَاةِ والسَّلامِ، فِي هذِهِ السَّاعَةِ وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ، وَلِيَّاً وَحافِظاً وَقَائِداً، وَنَاصِراً وَدَلِيلاً وَمُؤَيِّداً، حَتّى تُسْكِنَهُ أرْضَكَ طَوْعاً، وَتُمَتِّعَهُ فِيها طَويلاً وَعَريضاً، وَتَجْعَلَهُ وَذُرِّيَتَهُ مِنَ الأئِمَّةِ الوارِثينَ. أللَّهُمَّ انْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ، وَاجْعَلِ النَّصْرَ مِنْكَ لَهُ وَعَلَى يَدِهِ، وَالفَتحَ عَلى وَجْهِهِ، وَلا تُوَجِّهِ الأمرَ إلَى غَيْرِهِ. أللَّهُمَّ أظْهِرْ بِهِ دِينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيّكَ، حَتَّى لا يَسْتَخْفِيَ بِشَيءٍ مِنَ الحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ.

أللَّهُمَّ إنّي أرْغَبُ إِلَيكَ فِي دَولَةٍ كَرِيمةٍ تُعِزُّ بِهَا الإسلامَ وأهلَهُ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَأهلَهُ، وَتَجْعَلُنا فِيها مِنَ الدُّعَاةِ إلى طَاعَتِكَ، وَالقَادَةِ إلَى سَبِيلِكَ، وَآتِنا فِي الدُّنيا حَسَنةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، واجْمَعْ لَنَا خَيرَ الدَّارَيْنِ، واقْضِ عَنّا جَمِيعَ مَا تُحِبُّ فِيهِما، وَاجْعَلْ لَنَا فِي ذلِكَ الخِيَرَةَ بِرَحمَتِكَ وَمَنِّكَ فِي عَافِيةٍ، آمينَ رَبَّ العَالَمِينَ، زِدْنا مِن فَضْلِكَ وَيَدِكَ المَلْأى، فَإنَّ كُلَّ مُعْطٍ يَنقُصُ مِنْ مُلْكِهِ، وَعَطَاؤُكَ يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ».

                                              ***                                

الحقيقةُ الصّراحُ التي يجبُ عقدُ القلبِ عليها أنّ شهرَ رمضان هو شهرُ القرآن الكريم، وليلةَ القدر ليلةُ نزول القرآن، وليلةُ حاكميّة الرّحمن، ولذلك فهي ليلةُ رسول الله صلّى الله عليه وآله بما هو سيّدُ الرُّسُل والمُهيمنُ على كلِّ ما جاؤوا به، وصاحبُ الأمر ورائدُ مشروع هداية البشريّة إلى الحقّ وإنقاذِها من براثن الجَهل والشِّرك، وبما هو، صلّى الله عليه وآله، مركزُ كلِّ أمرٍ نزلَ من الله تعالى وينزلُ من بدء الخَلق إلى ما بعدَ الجنّة ونعيمِها من رضوان الله تعالى، وبعدَ النّار وجحيمِها من عذاب الله تعالى للمُستحقِّين.

وحيث إنّ المصطفى صلّى الله عليه وآله قطبُ رَحى ذلك كلِّه، فلَيلةُ القدر ليلتُه وليلةُ وصيِّه الذي هو استمرارُه صلّى الله عليه وآله.

** ومن غرائب الغَفلة، أنّنا نعرفُ أنّ ليلةَ القدر ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ القدر:4، ونعرفُ أنّ إمام زماننا بل إمامَ كلِّ زمانٍ يُطلَقُ عليه اسمُ «صاحب الأمر» ولا نربط بين المعلومتَين اللّتين هما وجهان لحقيقةٍ واحدة، فالأمرُ الذي ينزل هو نفسه الأمرُ الذي يُعتبَر إمام الزّمان صاحبَه بإذن الله تعالى. والرّوايات المصرّحة بذلك كثيرةٌ منها:

1- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «ليسَ شيءٌ يخرجُ من عند الله عزّ وجلّ حتّى يبدأَ برسولِ الله صلّى الله عليه وآله، ثمّ بعليٍّ عليه السّلام، ثم بواحدٍ واحد، لِكَيلا يكونَ آخرُنا أعلمَ من أوّلِنا».

2- [قال الرّاوي]: سألتُ أبا عبد الله عليه السلام فقلتُ له: سمعتُك وأنتَ تقول غير مرّة: «لَولا أنّا نزدادُ لَأَنْفَدْنا»، فقال: «أمّا الحلالُ والحرامُ فقد أنزلَ اللهُ على نبيِّه صلّى الله عليه وآله بكمالِه وما يُزادُ الإمام في حلالٍ ولا حَرام»، قلتُ له: فما هذه الزّيادة؟ فقال: «في سائر الأشياء سوى الحلالِ والحرام»، قلت: تَزدادون شيئاً يَخفى على رسول الله صلّى الله عليه وآله ولا يعلمُه؟ فقال: «لا، إنّما يخرجُ العِلمُ من عند الله، فيأتي به المَلَكُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله، فيقول: يا محمّد، ربُّك يأمرُك بكذا وكذا، فيقول: انطَلقْ به إلى عليِّ، فيأتي به عليّاً عليه السّلام فيقول: انطلقْ به إلى الحَسَن، فلا يزالُ هكذا ينطلقُ به إلى واحدٍ بعدَ واحدٍ حتّى يخرجَ إلينا، ومحالٌ أن يعلمَ الإمامُ شيئاً لم يَعلمْهُ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله، والإمامُ من قبلِه».

 

3- عن أبي جعفر [الإمام الباقر] عليه السلام: «إنّما يأتي الأمرُ من الله في ليالي القَدر إلى النّبيّ صلّى الله عليه وآله، وإلى الأوصياء عليهمُ السّلام: افعَل كذا وكذا».

وقد عقَّبَ السّيّدُ ابنُ طاوس على هذه الرّوايات بقوله: «واعلم أنّ إلقاءَ هذه الأسرار في السَّنةِ إلى وليّ الأمر ما هو من الوَحي، لأنّ الوحيَ انقطعَ بوفاة النّبيّ صلّى الله عليه وآله، إنّما هو بوَجهٍ من وجوه التّعريف يعرفُه مَن يُلقى إليه صلوات الله عليه، وقد قال جلَّ جلالُه: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ..﴾ المائدة:111، وقال تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى..﴾ القصص:7، وقال جلَّ جلالُه: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ..﴾ النحل:68، ولكلٍّ منها تأويلٌ غير الوَحي النّبويّ».

***

يتّضح أنّ ليلةَ القدر هي ليلةُ صاحب الأمر الذي نصَّ عليه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله، وإليه ينزلُ الأمرُ الذي قد قُضِيَ وأُمْضِيَ من الله تعالى.

والرّواياتُ كذلك صريحةٌ في الحثِّ على إدراكِ هذه الحقيقة بالتّفصيل، لذلك فهي لا تكتفي بالعموميّات المتقدّمة رغمَ وضوحِها، بل تريدُنا أن نعرفَ أنّ المحور في «سورة القدر» و«ليلةِ القدر» و«الأمرِ الحكيم» و«الأمرِ الذي ينزل» هو «صاحبُ الأمر».

* عن داود بن فَرقد قال:

«سألتُه [الصّادق أو الكاظم عليهما السلام] عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾ القدر:1-2. قال: ينزلُ فيها ما يكونُ من السّنةِ من موتٍ أو مولود.

قلتُ له: إلى مَن؟ فقال: إلى مَن عسى أن يكون: إنّ النّاسَ في تلك اللّيلة في صلاةٍ ودُعاءٍ ومَسألة، وصاحبُ هذا الأمر في شُغلِ تَنَزُّلِ الملائكة إليه بأمورِ السَّنةِ من غروبِ الشّمسِ إلى طلوعِها من كلِّ أمر. [سلامٌ] هي له إلى أن يطلعَ الفَجر».

* عن أبي عبد الله (الإمام الصّادق) عليه السلام قال:

«إنّ ليلةَ القدر يُكتَب ما يكون منها في السّنة إلى مثلِها من خيرٍ أو شرّ، أو موتٍ أو حياةٍ أو مَطَر. ويُكتب فيها وفدُ الحاجّ. ثمّ يُفضي ذلك إلى أهلِ الأرض. فقلتُ [الرّاوي]: إلى مَن من أهلِ الأرض؟ فقال: إلى مَن ترى؟».

 

* عن الإمام الباقر عليه السلام: قال السّائل: فهل يعلمُ الاوصياءُ ما لم يعلمِ الانبياء؟ قال: «لا، وكيف يعلمُ وصيٌّ غيرَ علمِ ما أُوْصِيَ إليه؟»، قال السّائل: فهل يَسَعُنا أن نقول: إنّ أحداً من الأوصياء يعلمُ ما لا يعلمُ الآخر؟ قال: «لا، لم يَمُتْ نبيٌّ إلّا وعلمُه في جوفِ وصيِّه، وإنّما تنزّلُ الملائكةُ والرّوحُ في ليلةِ القَدر بالحُكم الذي يَحكمُ به بينَ العباد». قال السّائل: وما كانوا علموا ذلك الحكم؟ قال: «بَلى قد عَلِموه، ولكنّهم لا يستطيعون إمضاءَ شيءٍ منه حتّى يُؤمَروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السّنةِ المُقبلة». قال السّائل: يا أبا جعفر، لا أستطيعُ إنكارَ هذا. قال أبو جعفر عليه السلام: «مَن أنكرَه فليسَ منّا».

 

الغُسْلُ قبلَ المَغيب

رَوى زرارة والفضيل في الصّحيح، ورَواه الكلينيّ في الحَسن كالصّحيح، عن أبي جعفر [الإمام الباقر] عليه السلام، قال: «الغُسْلُ في شهر رمضان عندَ وُجوبِ الشّمسِ قُبَيْلَه،          ثمّ يُصلّي ويُفطِر». أي قبلَ سقوط الشّمس وغروبِها بقليل.   

       «ثمَّ يُصلّي»: أي بعدَ الغروب.

            «ويُفطِر»: ويدلُّ على استحبابِ تقديم الصّلاة.

 (المجلسيّ الأوّل، روضة المتّقين)

 

 

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

09/07/2013

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات