مصطلحات

مصطلحات

09/07/2013

خلاصةُ جميع العلوم


المَوسُوعة

خلاصةُ جميع العلوم

ـــــ حافظ الجماليّ * ـــــ


الموسوعة (Encyclopedia) كلمة من أصل يونانيّ هي (Enkyklios Paideia)، وتعني: «التّعليم الّذي يَشملُ المعارفَ كلَّها».

وتُعرَّف اليوم بأنّها المؤلَّف الّذي يَعرضُ مختلَف فروعِ المعرفة البشريّة، أو المؤلَّف الّذي يَتضمَّن كلَّ مطلبٍ من مطالبِ ثقافاتِ الأُمم ومقوِّمات حضارتِها، مُرتَّباً حَسَب حروف الهجاء، أو وِفْقَ منهجٍ يتَّصلُ بالبُحوث. وتُوصَفُ مثل هذه الموسوعات بأنَّها عامّة، لِتمييزِها من المَوسوعات المُتخصِّصة الّتي تبحثُ في حيِّزْ معرفيٍّ مُحدَّد، أو في مجموعةِ حقولٍ معرفيّةٍ مُتقارِبة. ولم تأخذ الكلمةُ اليونانيّة هذا المعنى الحاليّ إلَّا في أواخر القرن السّابع عشر.

وتختلفُ الموسوعاتُ عن المُعجماتِ في انتقاءِ الموضوعات وطريقة عَرْضها. فغايةُ المُعجمات شرحُ معاني كلمة «لغة»، أو «علم»، أو غير ذلك، من دونِ إهمالِ أيّ مُفرَدة، في حين تَجمعُ الموسوعةُ المعارفَ في عددٍ مُحدَّدٍ من الموضوعات، وتَعرضُها على نحوٍ مُفصّل؛ فتُقدِّم أفكاراً ومعارف تعليميّة عامّة. وغالباً ما تَذكرُ تاريخاً للموضوع، وتوضيحاً لعِلَله، وتبياناً لِعلاقتِه بالموضوعات المُتشابهة؛ على أن تكون المعلوماتُ حديثةً ذات أسلوبٍ واضحٍ وسهلِ التّناول.

ولا يَقتصِر ظهورُ الموسوعات في هذا العصر على شكلِ مُجلَّداتٍ مطبوعةٍ فحَسب، بل إنَّ معظمَها يُسجَّل في أقراصٍ مدمجة (C.D)؛ كما يُخصَّص لها موقعٌ على الشّبكة العالميّة «الإنترنت» بغيةَ تَسهيل الرُّجوع إليها.

وقد كان اختيارُ كلمة عربيّة تُقابل الكلمة الأجنبيّة «encyclopedia» مَوضعَ جدلٍ طويلٍ. فقد وَضعَ بطرس البستانيّ في البدء اسماً مفرداً هو «كوثر» حينما أصدر معجمَه العربيّ «الجامعُ لكلّ علمٍ ومَطلبٍ»، ثمّ استعاض عنها في عام 1876 باسمٍ مُركّب من كلمتين هو «دائرة معارف». وفي عام 1907 أَطلقَ عليها فريد وجدي «كنـز العلوم واللّغة»، لكنّه عاد سنة 1923م إلى تسمية «دائرة معارف»؛ فقال: «دائرة معارف القرن العشرين». واقتَرحَ اللّغويّ الأب أنستاس الكرمليّ كلمة «مَعْلَمَة»؛ أي «وعاء العلم». ورأى إلياس القدسيّ، عضو «المجمع العلميّ العربيّ» في دمشق (مجمع اللّغة العربيّة اليوم)، أنَّ كلمة «النّون» هي الّتي تَفِي بالغرض مُستدلّاً على ذلك بأنّ أحد معاني كلمة «النّون» هو خلاصة جميع العلوم. وأمّا كلمة «مَوسوعة» فقد وَضَعها اللّغوي إبراهيم اليازجيّ.

وفي ما يتَّصلُ بالموسوعات العربيّة، فإنَّ كثيرين يعدُّون أبا نصر محمّد بن محمّد الفارابيّ في كتابه «إحصاء العلوم والتّعريف بأغراضها» موسوعيّاً بالمفهوم الحاليّ. وقد تُرجِم كتابُه هذا إلى اللّاتينيّة عدّة مرّاتٍ تحت أسماء مختلفة منها «حديقة العلوم». كما أنَّ أبا عبد الله محمّد بن أحمد بن يوسف الخوارزميّ -الّذي اتّخذ كلمة «علم» لا للدّلالة على العلوم الدّينيّة فحسب، بل للمعارف جميعها- كان موسوعيّاً في كتابه «مفاتيح العلوم» رتَّبه في مقالتَين؛ ذَكَرَ في الأولى: الكتابة، والنَّحو، والشّعر، والعَروض، والفقه، والتّاريخ، والجغرافيا، وفي الثّانية: الطّبّ، وعلم العدد، والهندسة، والفَلَك، والموسيقى، والمَنطق، والفلسفة، وعلم الحِيَل (الميكانيك)، والكيمياء.

وفي أوروبا، فقد صَدَر قبل القرن الثّامن عشر العديدُ من التّصانيف الّتي يَرى بعضُ العلماء فيها صِفة الموسوعة. لكنَّ الأمرَ المؤكَّد أنّ كتاب «السّيكلوبيديا» Cyclopaedia الّذي طُبع عام 1728 باللّغة الإنكليزيّة لمؤلِّفه إفرايم تشيمبرز Ephraim Chambers، هو أوَّل مؤلَّفٍ أَسبغَ على الكلمة اليونانيّة معناها الحاليّ؛ إذ انتقل فيه من العرض اللَّاهوتيّ أو الفلسفيّ إلى عرضٍ تعليميٍّ منهجيٍّ مفيدٍ. وقد قسّم هذا الكتاب إلى 47 فصلاً بحث فيه صاحبُه مختلفَ مناهجِ الفِكر، وأُعيدَ طبعُه ثماني مرّات، وتُرجِم إلى الإيطاليّة والفرنسيّة والألمانيّة.

وجاءت بعده «الموسوعة الفرنسيّة» Encyclopédie أو «مُعجم العلوم والفنون والمِهَن» لديدرو Diderot ودآلمبير d’Alembert، الّتي ظّهر جزؤها الأوّل عام 1751م وجزؤها الأخير عام 1772م، وقد أَوْحَت بها «موسوعة تشيمبرز». اشتَرَك في تحرير هذه الموسوعة نحو 150 أديباً وفيلسوفاً وعالماً؛ منهم ڤولتير Voltaire، وروسو Rousseau، ومونتسكيو Montesquieu، وظهرت بسبعة عشر جزءاً وثمانية عشر ملحقاً. وظلّت تُعدُّ أشهر موسوعةٍ حتّى مطلع القرن العشرين لاقتران اسماء المشاركين في تأليفها بتهيئة الأفكار لقيام «الثّورة الفرنسيّة»، وهم الّذين أُطلِقَ عليهم في المجتمعات الفكريّة اسم: «الموسوعيّين» Les Encyclopédistes.

________________________________

* نقلاً عن (الموسوعة العربيّة)

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

09/07/2013

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات