بسملة

بسملة

02/08/2013

ترشيدُ أداء مناسك الحجّ


ترشيدُ أداء مناسك الحجّ

 

الشيخ حسين كوراني

لكَي نحجّ كما أمرَ اللهُ تعالى وبلّغَ النّبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله، ولكي نشاركَ الحُجّاج في ثوابهم -وإنْ لم نحجّ- ينبغي تضافرُ الجهود في مجالَين:

* تظهير ثقافة الحجّ كما هي في النّصّ المعصوم.

* ترشيد أداء المناسك.

ويتفاعل المجالان إلى أبعد الحدود. بمقدار ما نتواصل مع ثقافة الحجّ الأصيلة نزدادُ إصراراً على تحسين أدائنا المناسك وترشيدها.

وبمقدار ما نؤدّي المناسك بصوَرٍ أفضل ندرك عمقَ الحاجة إلى تَتبّع النّصوص حول الحجّ وتفاصيله ومركزيّة ثقافته في رحلة العمر نحو البقاء بطاعة الله تعالى والخلود.

***

في المجال الأوّل: تظهير ثقافة الحجّ، نحن أمام أربع ملاحظات:

الأولى: أنّ فرز البشريّة الإلهيّ قائمٌ على أساس الحجّ. النّاس فريقان: مَن إذا استطاعَ حجّ، والكافرون.

الثّانية: أنّ طلبَ التّوفيق للحجّ حاضرٌ بقوّة في شهر رمضان كلّه وليالي قَدْرِه بالخصوص، وإذا لاحظنا أنّ رجب وشعبان مقدّمتان لشهر رمضان ندرك حضور الحجّ -ولو كَهَدف- فيهما أيضاً بالإضافة إلى شهر القدر وليلتِه.

الثّالثة: أنّ أشهر الحجّ ثلاثة، شوّال وذو القعدة، والعَشر العظيمة جدّاً من ذي الحجّة.

الرّابعة: أنّ باستطاعة مَن لا يحجّ أن يشارك الحُجّاج في ثوابهم، وهو بابٌ كبير جدّاً، يستدعي التّأمّل في الفرق بين تعبيرَين وَردا في أدعية الحجّ: «وَلا تُخْلِنِي مِنْ تِلْكَ المَواقِفِ الكَرِيِمَةِ وَالمَشاهِدِ الشَّرِيفَةِ، وَزِيارَةِ قَبْرِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِه»، وتعبير: «أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الحَرامِ المَبْرُورِ حَجُّهُم، المَشْكُورِ سَعْيُهُم، المَغْفُورِ ذُنُوبُهُم، المُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئاتُهُمْ».

***

يتفرّع على هذه الملاحظات المحوريّة ما يلي:

1- أن تكون الفترة الخاصّة بتَظهير ثقافة الحجّ، جزءاً من وقت النّشاط الدَّعوي في شهر رمضان، وكلَّ أشهر الحجّ.

2- أن ينطلق التّخطيط لتظهير هذه الثّقافة في خطَّين: ما يحتاجه مَن يوفّق لأداء المناسك، وما ينبغي لمَن يريد أن يشارك الحجّاج في ثوابهم، وإنْ لم يحجّ، أي كلّ المؤمنين الذين لا يُوَفَّقون للحجّ.

سنجد أنّنا أمام فتحِ بابٍ كبيرٍ من أبواب الجنّة نغفلُ عنه غالباً، من شأنه أن يجعل جميعَ المؤمنين -الذين لم يُرزقوا الحجّ- ممّن يُكتَب لهم الحجّ من خلال مشاركة الحَجيج -المستحبّة المؤكّدة- في أعمال العَشر الأولى وبعض المناسك ولو من بُعد.

من مفردات هذه المشاركة -مثلاً- هذا المشهد العباديّ العالميّ، عندما يكون الحَجيج في «عرفة» وتكون الأمّة كلّها في المساجد وغيرها تدعو بدعاء عرفة.

***

* في المجال الثّاني: ترشيد أداء المناسك:

تكثر الملاحظات وتتعدّد الآراء، لذلك سيتمّ التّركيز هنا على الأُسس وأهمِّ الملاحظات، خصوصاً تلك المغَيّبة عن دائرة الاهتمام أو التّداول على نطاقٍ واسع.

** تنقسم محاور ترشيد أداء المناسك إلى عدّة أقسام:

* مهمّة الأنظمة في الدّيار المقدّسة وفي بلاد الحُجّاج، وليست محلّ البحث هنا.

* مهمّة المرجعيّات الدّينيّة المحليّة.

* مهمّة المبلّغين.

* مهمّة حَمَلات الحجّ.

* مهمّة الحُجّاج أنفسهم.

ومع التّقدير لما بُذل من جهود في جميع هذه المحاور، لا بدّ من تسجيل الحاجة الشّديدة إلى تأطير هذه الجهود -في كلّ بلد- في مؤسّسة تكون مهمَّتها على مدار السّنة ترشيد أداء المناسك، حتّى لا يبقى هذا الهدف أكبر من الوقت المحدّد له.

بديهيٌّ أنّ المراد بالمؤسّسة ما يحفظ التنوّع والتّعدّد ويؤمّن «نَظْمَ الأمر» وفق القناعة الدينيّة لكلّ حاجّ بمرجعيّته الشّرعيّة التي يأخذ عنها مناسَكه وما يرتبط بأدائها الشّرعيّ المُبرئ للذّمّة.

إذا استَثنينا الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، لا نجد -في ما أعلم- بلداً إسلاميّاً يُولي التّخطيط للحجّ على مدار السّنة عبر «منظّمة الحجّ والزّيارة» أهميّةً تتناسب مع ما تقدّم.

يشكّل إنشاء مؤسّسة مماثلة في كلّ بلد مَدخلاً للعناية بكلّ ثقافة الحجّ والبدء بتظهيرها، وسنجد أنّ أداء المناسك يتطوّر بفوارق قياسيّة جدّاً، لأنّ الجميع -في العموم- مخلصون يريدون أداء المناسك كما بلّغ سيّدُ النّبيّين صلّى الله عليه وآله.

بذلك يُمكن أن نَخرج من دوّامة التّساؤلات والإشكالات، والإشكاليّات التي تزداد في كلّ عام، لأنّ هذه الجهة - المؤسَّسة ستدرسُها وتقدّم الحلول في ضوء «ثقافة الحجّ».

***

تبقى ضرورة الإضاءة على ثلاثة خطوط رئيسة ينبغي التوفّر على العناية الخاصّة بها إلى أن تُتاح مَأسسة هذه العناية:

الأوّل: الإسراع في تَدارك التّضييع المُستَهجَن لليلة العيد في«مُزدَلفة – جَمْع - المَشعر الحرام»، بتأمين الظّروف المناسبة التي تُتيح للحاجّ التّعامل مع هذه اللّيلة -على الأقلّ- ببعض ما يتناسب مع عظيم موقعها من عملية الحجّ.

الثّاني: العناية بشيءٍ من الآداب المعنويّة للحجّ، والبُعد التّاريخي - النّبوي للأماكن التي ينزل بها الحجّاج أو يمرّون، إلى جانب مزيد العناية بالأحكام الشّرعيّة لأداء المناسك عبر زيادة أعداد المبلّغين و«المُعرِّفين» في كلّ «حَملة».

الثّالث: ماذا بعد الحجّ؟ هل تنقطع علاقةُ المبلّغين والحملات بالحُجّاج، فتضيع أجواء مودّة فريدة هي من خصائص الرِّفقة في سفر الحجّ، أم نخطّط للإفادة منها ليَبقى مسارُ ثقافة الحجّ حاضراً، وتظهر آثارُه في السّلوك الفرديّ وفي الأُسَر وسائر الدّوائر التي يتحرّك فيها الحاجّ.

***

اخبار مرتبطة

  أيُّها العزيز

أيُّها العزيز

  دوريّات

دوريّات

05/08/2013

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات