أحسن الحديث

أحسن الحديث

02/08/2013

سورة «غافر»



موجز في التّفسير

سورة «غافر»

ـــــ من دروس «المركز الإسلاميّ» ـــــ

* السُّورة الأربعون في ترتيب سُوَر المصحف الشّريف، نزلتْ بعد سورة «الزُّمَر».

* آياتُها خمسٌ وثمانون، وهي مكّيّة، وفي الرّواية عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّ مَن واظبَ على قراءتها ألزمَه اللهُ تعالى كلمة التّقوى.

* سُمِّيتْ بـ «غافر»، لقوله عزّ وجلّ في الآية الثّالثة منها: ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ..﴾.

 

تُعرف سورة «غافر» أيضاً باسم سورة «المؤمن»، لاحتوائها قصّة «حِزْقِيل»، وهو الرّجل الصّالح الذي كان من بطانة فرعون، لكنّه آمن بنبوّة موسى عليه السلام سرّاً، وقام بدور حسّاس في دفع القتل عنه، عليه السّلام، وقد ذُكر في الآيات مرّةً بقوله عزّ وجلّ: ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ..﴾ غافر:28، ومرّتَين بقوله جلّ وعلا: ﴿وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ..﴾ غافر: 30 و 38. ولم يَرِد ذكرٌ له في القرآن الكريم في غير هذه السّورة.

رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قولُه: «الصِّدِّيقون ثلاثة: حبيبُ النّجّار مؤمنُ آل ياسين الذي يقول ﴿..اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ يس:20-21، وَحِزْقيل مؤمنُ آل فرعون، وعليُّ بنُ أبي طالب، وهو أفضلُهم».

 

محتوى السّورة

«تفسير الميزان»: تتكلّم السّورة في استكبار الكافرين ومجادلتهم بالباطل ليُدحضوا به الحقّ الذي يُدعَون إليه، ولذلك نراها تذكر جدالَهم وتعود إليه عودةً بعدَ عودة ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ﴾ الآية:4، ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا..﴾ الآية:35، ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ﴾ الآية:69، فتكسر سَورة استكبارهم وجدالهم بذكر ما عاقبَ اللهُ تعالى به الماضين من الأمم المكذّبين، وما أعدّ الله لهم من العذاب المهين، بذكر طرفٍ ممّا يجري عليهم في الآخرة، وتدحض باطلَ أقاويلهم بوجوهٍ من الحُجج النّاطقة بتوحُّده تعالى في الرّبوبيّة والألوهيّة، وتأمر النّبيّ صلّى الله عليه وآله بالصّبر، وتَعِدُه والمؤمنين به بالنّصر.

«تفسير الأمثل» [بتصرّف]: السّورة مواجهة منطقيّة حادّة مع الطّواغيت والمستكبرين، كما هي نداءُ لطف ورحمة ومحبّة للمؤمنين وأهل الحقّ، ويمكن النّظر إلى محتواها في إطار الأقسام الآتية:

القسم الأوّل: يضمّ طليعة آيات السّورة التي تتحدّث عن عددٍ من أسماء الله الحسنى، خصوصاً تلك التي تبعثُ الخوف والرّجاء في القلوب، مثل قوله تعالى: ﴿غَافرِ الذّنب﴾ و﴿شَديدِ العقاب﴾.

القسم الثّاني: فيه تهديدٌ للكفّار والطّواغيت بعذاب الدّنيا الذي سبقَ أن أصاب أقواماً آخرين في ماضي التّاريخ، هذا بالإضافة إلى التعرّض لعذاب الآخرة.

القسم الثّالث: بعد أن وقفت السّورة على قصّة النبيّ موسى عليه السلام وفرعون، بدأت بالحديث -بشكل واسع- عن قصّة ذلك الرّجل المؤمن، الواعي، الشّجاع، الذي اصطُلح عليه بـ «مؤمن آل فرعون»، وكيف واجَه البطانة الفرعونيّة، وخلّص موسى عليه السلام من كيدها.

القسم الرّابع: تعود السّورة مرّة أخرى للحديث عن مشاهد القيامة، لتبعث في القلوب الغافلةِ الرّوحَ واليقظة.

القسم الخامس: تتعرّض فيه إلى قضيّتَي التوحيد والشّرك، بوصفهما عنوانيَن أساسيّيَن في وجود الإنسان وحياته، وفي ذلك تتناول جانباً من دلائل التّوحيد، بالإضافة إلى ما تقف عليه من مناقشة بعض شُبهات المشركين.

القسم السّادس: تنتهي السّورة -في محتويات القسم الأخير هذا- بدعوة رسول الله صلّى الله عليه وآله للتّحمّل والصّبر، ثمّ تختم بالتّعرّض إلى خلاصات سريعة ممّا تناولته مفصّلاً من قضايا ترتبط بالمبدأ والمعاد، وكسب العبرة من هلاك الأقوام الماضية، وما تعرّضت له من أنواع العذاب الإلهيّ في هذه الدنيا، ليكون ذلك تهديداً للمشركين. ثمّ تخلُص السّورة في خاتمتها إلى ذكر بعض النّعم الإلهيّة.

فضل السّورة، وثواب تلاوتها

* ممّا ورد في فضل السّوَر «الحواميم»، أي التي تبدأ بقوله تعالى ﴿حم﴾، ومنها «غافر»:

«بحار الأنوار»: عن زرّ بن حبيش، قال: قرأتُ القرآنَ من أوّله إلى آخره في المسجد الجامع بالكوفة على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فلمّا بلغتُ «الحواميم» قال لي أمير المؤمنين عليه السلام: قد بلغتَ عرائسَ القرآن.

«تفسير مجمع البيان»: عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «الحَواميم ريحانُ القرآن، فاحمَدوا اللهَ واشكروه بحفظِها وتلاوتِها، وإنّ العبدَ لَيقومُ يقرأُ الحواميمَ فَيخرجُ من فيه أطيبُ من المسك الأذفر والعَنبر، وإنّ الله ليَرحمُ تاليها وقارئها، ويرحمُ جيرانَه، وأصدقاءَه، ومعارفَه، وَكُلَّ حميمٍ أو قريبٍ له، وإنّه في القيامة يستغفرُ له العرشُ، والكرسيُّ، وملائكةُ الله المقرّبون».

* وممّا ورد بخصوص سورة غافر:

عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «ومَن قرأ سورة (حم المؤمن) لم يبقَ روحُ نبيّ، ولا صِدِّيق، ولا مؤمن إلّا صلّوا عليه واستَغفروا له».

وعن الإمام الباقر عليه السلام: «مَن قرأ (حم المؤمن) في كلّ ليلة غفرَ اللهُ ما تقدّمَ من ذنبِه وما تأخّر، وألزمَه كلمةَ التّقوى، وجعلَ الآخرةَ خيراً له من الدّنيا».

تفسيرُ آياتٍ منها

بعد ذكر الآية الكريمة، نوردُ ما رُويَ من الحديث الشّريف في تفسيرها نقلاً عن (تفسير نور الثّقلين) للمحدّث الشّيخ عبد علي الحويزي رضوان الله عليه.

قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا..﴾ غافر:7.

* رسول الله صلّى الله عليه وآله: «يا عليّ! الذين يحملون العرشَ ومَن حوله يُسبّحون بحَمدِ ربّهم ويستغفرون للّذين آمَنوا بولايتِنا».

قوله تعالى: ﴿قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾ غافر:11.

* الإمام الصّادق عليه السلام: «ذلكَ في الرّجعة».

قوله تعالى: ﴿..يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ﴾ غافر:15.

* الإمام الصّادق عليه السلام: «يوم التّلاق: يوم يلتقي أهل السّماء وأهل الأرض».

قوله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾ غافر:27.

* الإمام الصّادق عليه السلام: «إنّ في النّار لَناراً يتعوّذُ منها أهلُ النّار، ما خُلِقتْ إلّا لكلّ جبّار عنيد، ولكلّ شَيطانٍ مَريد، ولكلّ متكبّرٍ لا يؤمنُ بيَوم الحساب، ولكلّ ناصبِ العداوةِ لآل محمّدٍ صلوات الله عليهم».

قوله تعالى: ﴿وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ﴾ غافر:32.

* الإمام الصّادق عليه السلام: «يوم التَنَاد: يوم ينادي أهلُ النّار أهلَ الجنّة ﴿.. أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ..﴾ الأعراف:50».

قوله تعالى: ﴿فَوَقَاهُ اللهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا..﴾ غافر:45.

* الإمام الصّادق عليه السلام: «أمَا لقد سطَوا عليه وقَتلوه، ولكنْ أتدرونَ ما وقاه؟ وَقَاهُ أن يَفتنوه في دينِه».

قوله تعالى: ﴿.. قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ غافر:50.

* الإمام الصّادق عليه السلام: «إنّ أرواح الكفّار في نار جهنّم يُعرَضون عليها يقولون: ربّنا لا تُقِم لنا السّاعة، ولا تُنجز لنا ما وَعدتنا، ولا تُلحق آخرَنا بأوّلنا».

قوله تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ غافر:51.

* الإمام الصّادق عليه السلام للرّاوي: «ذلكَ واللهِ في الرّجعة، أما علمتَ أنّ أنبياء كثيرة لم يُنصروا في الدنيا وقُتلوا، وأئمّة من بَعدِهم قُتلوا ولم يُنصَروا، وذلك في الرّجعة».

قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ..﴾ غافر:60.

* الإمام الصّادق عليه السلام: «إذا أرادَ أحدُكم أن لا يسألَ ربّه تعالى شيئاً إلّا أعطاه، فَلْيَيأَس من النّاس كلِّهم، ولا يكون له رجاءٌ إلّا عند الله عزّ وجلّ، فإذا علمَ اللهُ تعالى ذلك من قلبِه لم يسألْه شيئاً إلّا أعطاه».

*** الإمام السّجّاد عليه السلام: «الذّنوبُ التي تردّ الدّعاء: سوءُ النّيّة، وخُبث السّريرة، والنّفاق مع الإخوان، وتركُ التّصديق بالإجابة، وتأخيرُ الصّلوات المفروضات حتّى تذهبَ أوقاتُها، وتركُ التقرّب إلى الله عزّ وجلّ بالبرّ والصّدقة، واستعمالُ البذاء والفُحش في القول».

اخبار مرتبطة

  أيُّها العزيز

أيُّها العزيز

  دوريّات

دوريّات

05/08/2013

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات