موقف

موقف

05/08/2013

في جواز التّوسّل بالأنبياء والأولياء


«أتوجَّهُ إليكَ بِنَبِيِّكَ مُحمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحمةِ»

في جواز التّوسُّل بالأنبياء والأولياء

ـــــ الشّيخ جميل صدقي الزّهاويّ ـــــ

 

في كتابه (الفجر الصّادق) الذي خصّصه للرّدّ على الوهّابيّة، يسرد الشّيخ جميل صدقي (ت: 1354 للهجرة) أستاذ الفلسفة الإسلاميّة بالمدرسة الملكيّة في الآستانة، جملةً من الأدلّة على جواز التّوسّل بالأنبياء والأولياء، أحياءً وأمواتاً. وإليك، بعضَ ما قاله.

 

روى التّرمذيّ والنّسائي والبيهقيّ والطّبرانيّ بإسنادٍ صحيحٍ عن عثمان بن حنيف “..”: أنَّ رجلاً ضريراً أتى النّبيَّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فقال: ادعُ اللهَ أنْ يُعافيَني، فقال صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: «إنْ شِئْتَ دَعَوْتُ، وإنْ شِئْتَ صَبَرْتَ وهو خيرٌ»، قال: فادْعُهُ، فأمَرَهُ أنْ يتوضّأَ ويُحسِنَ وُضوءَه ويدعوَ بهذا الدُّعاء: «أللّهُمَّ إنِّي أسألُكَ وأتوجَّهُ إليكَ بِنَبِيِّكَ مُحمَّدٍ نَبِيّ الرَّحمةِ، يا مُحمَّدُ إنِّي أتَوَجَّهُ بِكَ إلى ربِّي في حاجَتي لِتُقْضَى، أللّهُمَّ شَفِّعْهُ فيَّ»، فعادَ وقد أبصر.

وخرَّج هذا الحديث البخاريّ أيضاً في (تاريخه)، وابن ماجة، والحاكم في (المستدرك) بإسنادٍ صحيحٍ، وذكره الجلال السّيوطيّ في (الجامع) الكبير والصغير؛ فقد أمرَ النّبيُّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم الرَّجلَ الضَّرير أنْ يناديَه ويَتَوسَّلَ به إلى الله في قضاء حاجته.

قد تقول الوهّابيّة إنّ هذا إنَّما كان في حياة النّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، فليس يدلُّ على جواز التّوسُّل به بعد موته، فنُجيب أنَّ الدُّعاء هذا قد استَعمَله الصَّحابةُ والتّابعون أيضاً بعد وفاتِه صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لقضاء حوائجهم. يدلُّ عليه ما رواه الطّبرانيّ والبيهقيّ أنَّ رجلاً كان يَختلفُ إلى عثمان “..” زَمن خلافته في حاجةٍ، ولم يَكُن يَنظر في حاجتِه، فشكَى الرَّجلُ ذلك لعثمان بن حنيف، فقال له: ائْتِ المَيضأة فتوضَّأ، ثمَّ ائتِ المسجد فَصَلِّ ثمَّ قُلْ: أللّهُمَّ إنِّي أسألُكَ وأتوجَّهُ إليكَ بِنَبِيِّنا مُحمَّدٍ نَبِيّ الرَّحمةِ، يا مُحمَّدُ إنِّي أتَوَجَّهُ بِكَ إلى ربِّكَ في حاجَتي لِتُقْضَى»، وتذكر حاجَتَك.

فانطَلَق الرَّجلُ فصَنَعَ ذلك، ثمّ أتى باب عثمان “..” فجاءه البوَّاب وأخذ بيده وأدخلَه على عثمان، فأجلَسَه معه، وقال: اذْكُر حاجَتَك، فذَكَر حاجتَه فقضاها، ثمّ قال له: ما كانَ لكَ من حاجةٍ فاذكُرها. فلمّا خرجَ الرَّجلُ من عنده لقيَ ابنَ حنيف، فقال له: جزاكَ اللهُ خيراً، ما كان يَنظر في حاجتي حتّى كلَّمتَهُ لي، فقال ابن حنيف: واللهِ ما كلَّمتُه، ولكن شَهدْتُ رسولَ الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم وقد أتاه ضريرٌ فشكى إليه ذهابَ بَصره.. الحديث.

فهذا توسُّلٌ ونداءٌ بعد وفاته صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، على أنّ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام حيٌّ في قبره، فليست درجتهُ دون درجة الشّهداء الّذين صرَّح اللهُ تعالى بأنَّهم ﴿..أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِم يُرْزَقُون﴾ آل عمران:169.

ومنها ما رواه البيهقيّ، وابن أبي شيبة بإسنادٍ صحيحٍ أنَّ النّاس أصابَهم قحطٌ في خلافة عمر “..” فجاء بلال بن الحرث ".." إلى قبرِ النّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، وقال: يا رسول الله، اِسْتَسْقِ لأمَّتك فإنّهم هلكوا، فأتاه رسولُ الله في المنام وأخبره أنَّهم يُسقَون.

واستدلالُنا هذا ليس بالرّؤيا للنّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، فإنَّ رؤياه، وإنْ كانت حقّاً، لا تَثبت بها الأحكام لإمكان اشتباه الكلام على الرّائي، وإنّما الاستدلالُ بفعل أحد أصحابه صلّى الله عليه [وآله] وسلّم في اليقظة وهو بلال بن الحرث؛ فإنّه أتى قبرّ النّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم وناداه وطلب منه أن يستسقي لأمَّته.

ومنها ما ذُكر في (صحيح) البخاريّ من رواية أنس بن مالك “..” من استسقاء عمر بن الخطّاب “..” في زمن خلافته بالعبّاس عمّ النّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، لمّا اشتدّ القحطُ عام الرّمادة فَسُقوا.

وفي (المواهب اللّدنيّة) للعلّامة القسطلانيّ أنّ عمر “..” لمّا استَسْقى بالعبّاس رضي الله عنه، قال: يا أيُّها النّاس، إنَّ رسولَ الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم كان يرى للعبّاس ما يرى الولد للوالد، فاقتَدُوا به في عمِّه العباس واتَّخذوه وسيلةً إلى الله تعالى.

اخبار مرتبطة

  أيُّها العزيز

أيُّها العزيز

  دوريّات

دوريّات

05/08/2013

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات