قراءة في كتاب

قراءة في كتاب

05/09/2013

(منازل الآخرة)

(منازل الآخرة)

رسالة عمليّة للموت، وما بعدَه من منازل

ـــــ قراءة: سلام ياسين ـــــ


الكتاب: منازل الآخرة - حول الموت.. وعالم ما بعد الموت

المؤلّف: المحدّث الجليل الشّيخ عبّاس القمّيّ رحمه الله.

التّرجمة: الشّيخ حسين كوراني.

النّاشر: دار التعارف للمطبوعات، بيروت 1410 للهجرة

يدور كتاب (منازل الآخرة) للمحدّث الشّيخ عبّاس القمّيّ حول الموت، وعالم ما بعد الموت، وهو –أي الموت- من الحقائق الكبرى التي يتغاضى عنها عموم النّاس، ويغفل عنها حتّى الكثير من المتديّنين، لذا كان من الضروريّ التذكير بها دوماً.

كتب الشّيخ حسين كوراني في مقدّمة الكتاب:

«وكتاب (منازل الآخرة) ليس من الكُتب التي تُقرأ مرّةً واحدةً فتُترك، كما أنّه ليس من المصادر التي يرجع إليها الباحث بين الحين والآخر فحسب، بل هو ".." رسالةٌ عمليّةٌ للآخرة، ينبغي أن يُطبّق كلُّ واحدٍ منّا ما ورد فيه، فيأخذ مثلاً: ما يهوّن سكرات الموت، ويعمل على تطبيق ذلك والالتزام به؛ بهدف أن يشمله اللُّطفُ الإلهيّ، فتَهون عليه سكرات الموت.. وهكذا في سائر المنازل والمحطّات. إنّه كتابٌ جديرٌ بأن يكون أنيسَ المؤمن الدائم، يستريح إليه كلّما هدّه التّركاض، وأثقَلَت كواهلَه منعطفاتُ الطّريق ووَعثاء السفر، وهزّه الشّوق والحنين إلى جوار الله تعالى في الحياة الباقية».

يقع الكتاب بين دفّتي مقدّمة وخاتمة، موزّعاً على تسعة فصول فيها من الشّواهد القرآنيّة والأحاديث الشّريفة والقصص الواقعيّة ما يكشف الحُجُب، فتتراءى لنا القيامة بصوَرها الحقيقيّة بدءاً من أوّل منازلها، وهو الموت، إلى الخلود في الجنّة أو في النّار.

في المقدّمة يقول المؤلّف المحدّث القمّيّ: «يحكم العقل والنّقل بإنّ الشّخص الذي نوى سفراً، يجب عليه أن يهيّء لسفره الزّاد بالمقدار الذي يحتاج إليه في في ذلك السّفر... ثمّ يسافر»، مفتتحاً بهذا الكلام الإشارة إلى صعوبة منازل الآخرة وشدّتها...

وفصول الكتاب كالآتي:

الفصل الأوّل: المنزل الأوّل، هو الموت، وفيه عقَبتان:

الأولى: سكرات الموت وشدّة نزع الرّوح؛ ثمّ يعرض المؤلّف ما يهوّن سكرات الموت، منها: صِلة الرّحِم وبرّ الوالدين، وإكساء المؤمن، وإطعامه، وقراءة سورتَي يس والصّافات (عند المحتضر)، وقراءة كلمة الفرج (لا إله إلّا اللهُ الحليمُ الكريم... إلخ)، وصوم آخر يوم من رجب، وصوم 24 يوماً منه، وصلاة اللّيلة السّابعة عشر منه، وقراءة كلّ يوم عشراً: (أعْدَدْتُ لِكُلِّ هَولٍ لا إلهَ إِلاّ الله، وَلِكُلِّ هَمٍّ وَغَمٍّ ما شاء الله، وَلِكُلِّ نِعْمَةٍ الحَمْدُ لله، وَلِكُلِّ رَخاءٍ الشُّكْرُ لله، وَلِكُلِّ أُعْجوبَةٍ سُبْحانَ الله، وَلِكُلِّ ذَنْبٍ أسْتَغْفِرُ الله، وَلِكُلِّ مُصيبَةٍ إنّا لله وَإنّا إلَيهِ راجِعونَ، وَلِكُلِّ ضيقٍ حَسْبيَ الله، وَلِكُلِّ قَضاءٍ وَقَدَرٍ تَوَكَّلْتُ عَلى الله، وَلِكُلِّ عَدوٍّ اعْتَصَمْتُ بِالله، وَلِكُلِّ طاعَةٍ وَمَعْصيةٍ لا حَولَ وَلا قوةَ إِلاّ بِالله العَليّ العَظيم). والمداومة على هذا الذّكر: (يا أسمعَ السّامعين، ويا أبصرَ النّاظرين، ويا أسرعَ الحاسبين ويا أحكمَ الحاكمين)؛ والمداومة على قراءة سورة الزّلزلة.

العقبة الثّانية: العديلة عند الموت، أي العدول إلى الباطل عن الحقّ بفعل وساوس الشّيطان عند الموت، ولردّ هذا يجب استحضار الإيمان بأدلّته، والأصول الخمسة ببراهينها القطعيّة بإخلاص، ويقول بعد استحضار عقائده الصّحيحة: (أللّهُمَّ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ إِنِّي أَوْدَعْتُكَ يَقِينِي هذا وَثَباتَ دِينِي، وَأَنْتَ خَيْرُ مُسْتَوْدَعٍ، وَقَدْ أَمَرْتَنا بِحِفْظِ الوَدائِعِ فَرُدَّهُ عَلَيَّ وَقْتَ حُضُورِ مَوْتِي).

وقراءة المرويّ عن الإمام الصّادق عليه السّلام بعد كلّ فريضة: (رَضِيتُ بِالله رَبّاً، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ نَبِيّاً، وَبِالإسْلامِ دِيناً، وَبِالقُرْآنِ كِتاباً وَبِالكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِعَلِيٍّ وَليّاً وإِماماً، وَبِالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، وَعَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمُوسى بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَالحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ صَلَواتُ الله عَلَيْهِمْ أَئِمَّةً. اللّهُمَّ إِنِّي رَضِيتُ بِهِمْ أَئِمَّةً فَارْضِنِي لَهُمْ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

والمواظبة على أوقات الصّلوات الواجبة.. وعدم بذْل نِعَم الله في معاصيه، وعدم الاغترار بحلم الله؛ وإكرام كلّ من يذكر أهل البيت، عليهم السّلام، ويحبّهم.

وأيضاً قراءة الدّعاء الحادي عشر من الصّحيفة السّجّاديّة : (يا من ذِكرُه شرفٌ للذّاكرين..)؛ وقراءة دعاء التّمجيد المذكور في (الكافي) وفي (الباقيات الصّالحات) الملحق بـ (مفاتيح الجنان) بعد أدعية السّاعات؛ والمواظبة على هذا الذّكر: ﴿رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ﴾ آل عمران:8؛ والمواظبة على تسبيح الزّهراء عليها السّلام؛ والتّختّم بعقيق نُقِشَ عليه: (محمّدٌ نبيّ الله وعليٌّ وليّ الله)؛ وقراءة سورة (المؤمنون) كلّ جمعة؛ وقول، بعد صلاتي الصّبح والمغرب، البسملة ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم سبع مرّات.. وصلاة ثمان ركعات ليلة الثّاني والعشرين من رجب؛ وأربع ركعات ليلة السّادس من شعبان.

الفصّل الثّاني: المنزل الثّاني: القبر. ولهذا المنزل عقبات كثيرة ومحطّات مرعبة، ولتخفيف هول القبر: عليكم بالصّدقة، وصلاة الوحشة ليلة الدّفن المذكورة في كتب الأدعية والأذكار. ومن الأمور النّافعة لوحشة القبر: إتمام الرّكوع، وقول كل يوم مائة مرّة: (لا إله إلّا الله الملِكُ الحقّ المُبين)؛ وقراءة سورة (يس) قبل النّوم، وصلاة ليلة الرّغائب في رجب؛ وصوم اثنَي عشر يوماً من شعبان؛ وعيادة المريض.

الفصل الثّالث: البرزخ. وهو القبر منذ حين موت الإنسان إلى يوم القيامة؛ يذكر المؤلّف ما يساعد الميت في تلك المنزلة من صدقة وصلاة وصوم وحجّ وبرّ ودعاء؛ ثمّ يذكر قصصاً مؤثّرة حول تأثير تلك الأعمال في مصير الميت.

الفصل الرّابع: القيامة. هولها عظيم، فيذكر المؤلّف ما جاء من الأخبار بحقّها، ثمّ يذكر ما يُنجي من أهوالها، منها: قراءة سورة يوسف كلّ يوم أو كلّ ليلة؛ وسورتَي الدّخان والعصر في الفرائض والنّوافل؛ وسورة الأحقاف كلّ ليلة جمعة أو يومها؛ وإجلال ذي الشّيبة المسلم؛ والموت في طريق مكّة أو في الحرَمين؛ واجتناب الفاحشة والشّهوة الحرام؛ وكَظْم الغيظ؛ ومعرفة ولاية أهل البيت عليهم السّلام؛ وإغاثة الملهوف.

الفصل الخامس: الخروج من القبر. وهو ساعة شديدة على الإنسان، ولا سيّما على الشّاك في فضل أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، وعلى مَن منع حقّ الله في ماله، ومَن مشى في نميمة، ومن ملأ عينَه من امرأة حراماً، ومن شرب الخمر. ثمّ يذكر المؤلّف ما ينجي من أهوال يوم القيامة، منها: تشييع الجنائز، وتنفيس كُربة المؤمن، وإدخال السّرور عليه، وكسوته، وقراءة هذا الذّكر ألف مرّة في شعبان: (لا إِلهَ إِلّا اللهُ وَلا نَعبُدُ إِلّا إِياهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ)؛ وقراءة دعاء الجوشن الكبير أوّل شهر رمضان.

الفصل السّادس: الميزان. يقول المؤلّف إنّه لا يوجد عمل أنفع لثقل الميزان من الصّلاة على النّبيّ وآله، ومن حُسن الخلق؛ ثمّ يعرض أخباراً وقصصاً حول هذَين العنوانَين.

الفصل السّابع: الحساب. يذكر المحدّث القمّيّ عدّة أخبار من طرق أهل البيت عليهم السلام، حول يوم الحساب، منها قول النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «لا تزولُ قَدَما عبدٍ يوم القيامة حتّى يُسأَل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين كسبه وفيما أنفقه، وعن حبّنا أهل البيت». ثمّ يذكر بعض الحكايات حول ذلك.

الفصل الثّامن: صحائف الأعمال. فالموقف الذي تعرض فيه تلك الصّحائف يوم القيامة، أحد المواقف المهولة؛ فعن الإمام الصّادق عليه السّلام قال: «إذا كان يوم القيامة دُفع إلى الإنسان كتابُه، ثم قيل له: اقرأ ".." قلت [الرّاوي]: فيعرف ما فيه؟ فقال: إنّ الله يُذكِّره، فما من لحظةٍ ولا كلمةٍ ولا نقْلِ قدمٍ ولا شيءٍ فعلَه إلّا ذكرَه، كأنّه فعلَه تلك السّاعة فلذلك قالوا: ﴿...يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا..﴾ الكهف: 49. ومن منجيات ذلك الموقف: زيارة الإمام الرّضا عليه السلام. ثمّ يذكر المؤلّف سهولة حساب المؤمنين، وصعوبة حساب الكافرين، ويذكر الرّوايات التي تحدّثت عن عتق الرّقاب في شهر رمضان.

الفصل التّاسع: الصّراط. وهو أحد منازل الآخرة المهولة، فيشرح المؤلّف معنى الصّراط وأهواله، ثمّ يذكر ما يسهّل الجواز عليه، منها صلاة اللّيلة الأولى من رجب، وصوم ستّة أيّام منه، وصلاة ليلة التّاسع والعشرين من شعبان، وزيارة الإمام الرّضا عليه السّلام.

الخاتمة: حول عذاب جهنّم. يذكر المؤلّف فيها صعوبة عذاب جهنّم، وعدّة قصص من قصص الخائفين، وأمثلة لتنبيه المؤمنين.

وإلى ذلك، فالكتاب يحمل أُسلوباً شيّقاً جميلاً ممتعاً، ومؤثّراً في الرّوح والقلب والضّمير والنّفْس، فيخرج منه القارىء على حالٍ أخرى من التّقوى والبصيرة والحَذر والخشية والزّهد والنّورانيّة والهداية، والشّوق إلى العبادات والطّاعات، والمَيل إلى الأخلاق وحُسن المعاشرة، والرّغبة في كلِّ خير، والامتعاض من كلّ شرّ.

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريّات

دوريّات

05/09/2013

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات