الملف

الملف

02/11/2013

من هو أُبيّ بن كعب؟

 

من هو أُبيّ بن كعب؟

سمّاه الرّسول «سيِّد الأنصار» فلم يمُت أُبيّ حتّى قالوا: «سيِّد المسلمين»

 

من أبرز القرائن الدّاخليّة في تقييم هذا الحديث معرفة «أبيّ بن كعب» الذي ينقل الإمام الحسين عليه السّلام أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله قد حدّثه بهذا الحديث المركزيّ المستقبليّ، وللتّعريف به كانت هذه الوقفة مع ترجمته رضوان الله تعالى عليه.

إنّه الصّحابيّ الجليل «سيّد المسلمين» «وأقرأ الصّحابة» كما اشتهر بين الصّحابة،  من «حملة أسرار» النّبيّ صلّى الله عليه وآله في فضائل أهل البيت عليهم السّلام، في عداد سلمان وأبي ذرّ والمقداد وعمّار بن ياسر وسياقهم.

ولمعرفة مقام هذا الصّحابيّ المتميّز «أبَيّ بن كعب» ينبغي التّنبّه لأمرين:

الأوّل: أنّ أشدّ ألوان الأذى لرسول الله صلّى الله عليه وآله من «قريش»- بعد عجزها عن القضاء على الإسلام في المهد- كان في العمل على  منع أهل البيت عليهم السّلام من قيادة أمور الأمّة بعد وفاة النّبيّ صلّى الله عليه وآله.

الثّاني: أنّ النّبيّ صلّى الله عليّ وآله أمضى عمره الشّريف يعمل في خطّين: تثبيت توحيد الله تعالى وعبادته سبحانه، وتثبيت المبدأ الذي يضمن استمرار رسالة التّوحيد من بعده صلّى الله عليه وآله، وهو مبدأ ولاية أهل البيت عليهم السّلام الذي ركّز عليه القرآن الكريم  باعتباره أصلاً يتوقّف عليه إسلام المسلم وإيمان المؤمن، لتأتي الخطط النّبويّة الإعجازيّة في سياقه وتوكيداً لهذا الأصل القرآنيّ «المودّة في القربى».

وقد بذل صلّى الله عليه وآله  غاية الجهد في تثبيت هذا المبدأ والأصل وذلك في خطين: عامٍّ مع  عموم المسلمين وبشتّى المناسبات وفي جميع المراحل والمنعطفات، وخاصٍّ مع صحابة محدّدين يعرف النّبيّ الأعظم بما آتاه الله تعالى ثباتهم  واستقامتهم من بعده صلّى الله عليه وآله،  ولذلك كان صلّى الله عليه وآله يحملهم رسائله إلى الأجيال بما يضمن سلامة العقيدة والشّريعة.

في هذا الخطّ الخاصّ – بل الخاصّ جدّاً- يقع هذا الحديث النّبويّ الشّريف مع الصّحابيّ المشهود له بالسّبق بين أقرانه من الصّحابة. ذلكم ما يتجلّى بكل وضوح من خلال نظرة متأنّيةٍ في سيرته من خلال تراجمه الوفيرة جدّاً في أمّهات المصادر، وأختار منها ما يلي:

1-       قال الإمام كاشف الغطاء في (أصل الشّيعة  ص 23): أبيّ بن كعب: ابن قيس بن عبيد بن زيد بن النّجّار، الصّحابيّ الجليل. كان سيّد القراء، وكاتباً للوحي. شهد بدراً والعقبة وبايع رسول الله صلّى الله عليه وآله، ممدوحاً ومثنى عليه عند أصحابنا، وكان رحمه الله تعالى من المخلصين الموالين لأهل البيت عليهم السّلام، وقيل: كان من الاثني عشر الذين أنكروا على أبي بكر تقدّمه وجلوسه في مجلس رسول الله صلّى الله عليه وآله. توفّي في زمن عمر أو عثمان بالمدينة المنوّرة على ما قيل..».

2-                 وقال السّيّد الأمين في (أعيان الشّيعة) ج 2 ص 455:

 كُنيته: في الاستيعاب والاصابة وتاريخ ابن عساكر: أنّه يكنى أبا المنذر وأبا الطّفيل ويدلّ على تكنيته بأبي المنذر وأبي الطّفيل ما رواه ابن عبد البرّ في الاستيعاب:

أ‌-        بسنده إلى أبي موسى قال جاء أُبيّ بن كعب إلى عمر ".."  فقال: يا ابن الخطّاب، فقال: عمر يا أبا الطّفيل.

ب‌-       وبسنده عن أُبي قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يا أبا المنذر أي آية معك في كتاب الله تعالى أعظم؟ فقلت: الله لا إله إلّا هو الحيّ القيوم فضرب صدري وقال ليهنك العلم أبا المنذر..».

3-       اقوال العلماء فيه : ذكره الشّيخ الطّوسيّ في رجاله في أصحاب الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلم وقال شهد العقبة مع السّبعين وكان يكتب الوحي آخى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بينه وبين سعد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل، وشهد بدراً والعقبة الثّانية وبايع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيها.

وذكره العلّامة في القسم الأوّل من الخلاصة. وفي تعليقه البهبهاني على «منهج المقال»: في المجالس ما يظهر منه جلالته وأخلاصه لأهل البيت عليهم السّلام. والظّاهر ان مراده بالمجالس «مجالس المؤمنين» ففيها ما تعريبه: في (الكامل البهائي) أنّ أُبَيَّ بن كعب قال: مررت عشية يوم السقيفة بحلقة الأنصار فسألوني من اين اتيت قلت من عند أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فقالوا على أيّ حالٍ تركتهم قلت ما يكون حال قوم لم يزل بيتهم محط قدم جبرائيل ومنزل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم الى اليوم وقد زال ذلك عنهم اليوم وخرج حكمهم من ايديهم ثمّ بكى أُبَيّ وبكى الحاضرون. قال السّيّد الأمين: زيارته لأهل البيت في ذلك الوقت، واجتماعه معهم وعدم اجتماعه مع الناس، وتوجُّعه لهم أكبر دليلٍ على إخلاصه في حبّهم.

تابعَ السّيّد الأمين: وفي (الدّرجات الرفيعة): ".."  كان يسمّى سيِّد القرّاء"..". وفي «الاستيعاب»:

1-       شهد اُبَيّ العقبة الثّانية وبايع النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم فيها، ثمّ شهد بدراً وكان أحد فقهاء الصّحابة واقرأهم لكتاب الله عزّ وجلّ. روي عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم أَقْرَأُ أمّتي أُبَيّ، "..".  

2-       وروى بسنده عن أُبَيّ قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أُمِرْتُ أن أقرأ عليك القرآن. قلت: يا رسول الله سمّاني لك ربّك؟ فقال: نعم، فقرأ عليّ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون بالتّاء جميعاً.

3-        وروى فيه بسنده أنّه صلّى الله عليه وآله وسلم دعا أُبَيّاً فقال: «إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك» قال الله سمّاني لك؟ قال: نعم فجعل أُبَيّ يبكي.

4-        وبسنده أنّه لما نزلت ﴿لم يكن الذين كفرواالبيّنة:1 قال جبرائيل للنّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم: إنّ ربّك يأمرك أن تُقرئها أُبَيّاً. قال أُبَيّ: أوَذُكِرْتُ ثمّ يا رسول الله؟ قال: نعم، فبكى أُبَيّ.

5-        قال (في الإستيعاب): وروينا عن عمر من وجوه أنّه قال أقضانا عليّ، وأَقرؤنا أُبَيّ، وإنّا لنترك أشياء من قراءة أُبَيّ.

6-        قال: وكان أُبيّ بن كعب ممن كتب لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الوحي قبل زيد بن ثابت ومعه أيضاً.

7-            ثمّ قال: ذكر محمّد بن سعد عن الواقديّ عن أشياخه: أوّل من كتب لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم مَقْدمَه المدينة أُبَيُّ بن كعب، وهو أوّل من كتب في آخر الكتاب وكتب فلان. إلى أن قال (في الإستيعاب): «وكان الكاتب لعهوده إذا عهد وصلحه إذا صالح عليّ بن أبي طالب ".."».

أضاف السّيّد الأمين في (الأعيان): وفي (تهذيب التهذيب، في ترجمة أبيّ بن كعب):  سيّد القرّاء ".." سمّاه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم «سيِّد الأنصار» فلم يمت حتّى قالوا: «سيِّد المسلمين».

«ترجمة أُبَيّ بن كعب- مركز المصطفى صلّى الله عليه وآله- مكتبة أهل البيت عليهم السّلام»

 

***

يتّضح ممّا تقدّم إجماع العلماء - الذين ترجموا لهذا الصّحابيّ الجليل بل «الظّاهرة»-  على جلالة قدره، وأنّه من خواصّ أصحاب سيّد النّبيّين، وهذا بدوره يؤكّد ما مرّ عن رسائل إلى الأجيال حمّلها النّبيّ لبعض خواصّ الخواصّ من أصحابه صلّى الله عليه وآله وسلم. ومنها هذا الحديث الشّريف.

 

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

04/11/2013

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات