صاحب الأمر

صاحب الأمر

04/11/2013

وهكذا يكون سبيل القائم عليه السَّلام


 

وهكذا يكون سبيل القائم عليه السَّلام

له عَلَمٌ، إذا حان وقتُ خروجِه.. انتَشر

_____الشّيخ الصّدوق قدّس سرّه_____

 

«..وإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ ركَّب في صلْبِ الحسن [العسكريّ] نطفةً مباركةً زكيّةً طيّبةً طاهرةً مطهَّرةً، يَرضى بها كلُّ مؤمنٍ ممّن أَخَذ اللهُ عزَّ وجلَّ ميثاقَه في الولاية، ويَكفُر بها كلُّ جاحدٍ..». رسول الله صلّى اللهُ عليه وآله

ما يلي، مقتطفٌ من كتاب (كمال الدّين وتمام النّعمة) للشّيخ الصّدوق قدّس سرّه، يوجز وجه الشّبه بين أحوال نبيَّي الله تعالى يوشع بن نون وداود، على نبيّنا وآله وعليهما السّلام، وبين ظروف ظهور القائم المهديّ عجّل الله تعالى فرجه، إذا حان وقت خروجه.

 

إنَّ يوشع بن نون عليه السّلام قام بالأمر بعد موسى عليه السّلام صابراً من الطّواغيت على اللّأواء والضّرّاء وجهد البلاء، حتّى مضى منهم ثلاث طواغيت، فقوِيَ بعدهم أمرُه، فخرَجَ عليه رجلان من مُنافِقِي قوم موسى عليه السَّلام بصفراء بنت شعيب، امرأة موسى عليه السَّلام، في مائة ألف رجل. فقاتلوا يوشع بن نون عليه السَّلام، فقَتَلهُم وقتلَ منهم مقتلةً عظيمةً وهَزم الباقين بإذن الله تعالى ذكرُه، وأَسَرَ صفراء بنت شعيب، وقال لها: «قد عفوتُ عنك في الدُّنيا إلى أن ألقى نبيَّ الله موسى عليه السَّلام، فأشكو إليه ما لقيتُ منكِ ومن قومِك». فقالت صفراء: «واويلاه، والله لو أُبيحت ليَ الجنّة لاستَحيَيتُ أن أرى فيها رسولَ الله وقد هتكتُ حجابَه، وخرجتُ على وصيِّه بعده».

فاستتر الأئمّةُ بعد يوشع بن نون إلى زمان داود عليه السَّلام أربعمائة سنة، وكانوا أحد عشر، وكان قوم كلّ واحدٍ منهم يختلفون إليه في وقته ويأخذون عنه معالم دينهم حتّى انتهى الأمرُ إلى آخرهم، فغاب عنهم ثمّ ظهر (لهم) فبشَّرَهُم بداود عليه السّلام، وأخبرهم أنَّ داود عليه السَّلام هو الّذي يُطهِّر الأرض من جالوت وجنوده، ويكون فَرَجُهم في ظهوره، فكانوا ينتظرونه.

فلمّا كان زمان داود عليه السَّلام، كان له أربعة إخوة ولهم أبٌ شيخٌ كبير، وكان داود عليه السَّلام من بينهم حامل الذّكر وكان أصغر إخوته، لا يعلمون أنَّه داود النّبيّ المنتظَر الّذي يطهِّر الأرض من جالوت وجنوده، وكانت الشّيعة يعلمون أنّه قد وُلِد وبَلَغ أشُدّه، وكانوا يرونه ويشاهدونه ولا يعلمون أنّه هو.

فخرج داود عليه السَّلام وإخوتُه وأبوهم لمّا فصل طالوت بالجنود وتخلّف عنهم داود، وقال: ما يصنع بي في هذا الوجه، فاستهانَ به إخوتُه وأبوه. وأقام في غنمِ أبيه يرعاها فاشتدّ الحرب وأصاب النّاس جهد، فرجع أبوه وقال لداود: احمل إلى إخوتك طعاماً يتقوُّون به على العدوّ، وكان عليه السَّلام رجلاً قصيراً قليل الشّعر طاهرَ القلب، أخلاقُه نقيّة. فخرج والقومُ متقاربون بعضهم من بعضٍ قد رجع كلُّ واحدٍ منهم إلى مركزه، فمرَّ داود عليه السَّلام على حجرٍ، فقال الحجر له بنداءٍ رفيعٍ: يا داود خذني فاقتل بي جالوت، فإنّي إنّما خُلِقْتُ لقتله. فأخذَهُ ووَضعَهُ في مِخلاته الّتي كانت تكون فيها حجارته الّتي كان يرمي بها غَنَمَه، فلمّا دخل العسكر سمعهم يعظِّمون أمرَ جالوت، فقال لهم: ما تعظِّمون من أمره، فوالله لئن عاينتُه لأقتلنَّه، فتحدَّثوا بخبره حتّى أُدخل على طالوت فقال له: يا فتى، ما عندك من القوّة وما جرَّبْتَ من نفسك؟ قال: قد كان الأسد يعدو على الشّاة من غَنَمي فأدركُه فآخذ برأسه وأفكّ لحيَيه عنها فآخذها مِن فيه، وكان اللهُ تبارك وتعالى أوْحى إلى طالوت أنّه لا يقتل جالوت إلَّا مَن لَبس درعَكَ فمَلَأَها. فدعا بِدرعِه، فلبسها داود عليه السَّلام فاستَوَت عليه، فَراعَ ذلك طالوتَ ومَن حَضَرهُ مِن بني إسرائيل، فقال: عسى الله أنْ يقتلَ به جالوت، فلمّا أصبحوا والتَقى النّاس، قال داود عليه السّلام: أرُوني جالوت، فلمّا رآه أخذ الحجرَ فرماه به، فصكّ به بين عينَيه فدَمَغَه وتنكّس عن دابّته، فقال النّاس: قتلَ داودُ جالوت، وملَّكه النّاس حتّى لم يكن يُسمع لِطالوت ذِكْر، واجتمَعَت عليه بنو إسرائيل وأنزل اللهُ تبارك وتعالى عليه الزَّبور، وعلَّمَه صنعةَ الحديد فليَّنَه له وأمرَ الجبالَ والطَّيرَ أن تُسبِّح معه، وأعطاه صوتاً لم يُسمع بمثله حُسْناً، وأعطاهُ قوّةً في العبادة. وأقام في بني إسرائيل نبيّاً.

 

وهكذا يكون سبيل القائم عليه السَّلام؛ له عَلَمٌ إذا حان وقتُ خروجه انتشر ذلك العَلَمُ من نفسه، وأَنْطَقَهُ اللهُ عزَّ وجلَّ فناداه: اُخرج يا وليّ الله فاقتل أعداء الله، وله سيفٌ مُغْمَد، إذا حان وقتُ خروجِه اقتُلِعَ ذلك السّيف مِن غمدِه وأَنطَقَه اللهُ عزَّ وجلَّ، فناداه السّيف: اخرج يا وليَّ الله فلا يحلّ لك أن تقعد عن أعداء الله، فيخرج عليه السَّلام، ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم ويقيم حدود الله ويحكم بحكم الله عزَّ وجلَّ.

 

حدّثني بذلك أبو الحسن أحمد بن ثابت الدّواليبيّ بمدينة السّلام، عن محمّد بن الفضل النّحويّ، عن محمّد بن عليّ بن عبد الصّمد الكوفيّ، عن عليّ بن عاصم، عن محمّد بن عليّ ابن موسى، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن عليّ عليهم السّلام، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، في آخر حديث طويل - قد أخرجتُه في هذا الكتاب في باب ما رُوي عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله من النّصّ على القائم عليه السَّلام، وأنّه الثّاني عشر من الأئمّة عليهم السَّلام.

(الشّيخ الصَّدوق- كمال الدين وتمام النّعمة ص154)

***

* والحديث الطّويل الّذي ذكره الشّيخ الصَّدوق في آخر كلامه هنا، هو ما ورد ص 246 من (كمال الدّين) وأوّله:

- حدَّثنا أبو الحسن أحمد بن ثابت الدّواليبيّ بمدينة السّلام، قال: حدَّثنا محمّد بن الفضل النّحويّ، قال: حدّثنا محمّد بن عليّ بن عبد الصّمد الكوفيّ قال: حدّثنا علي بن عاصم، عن محمّد بن عليّ بن موسى، عن أبيه عليّ بن موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ عليهما السلام، قال: «دخلتُ على رسول الله صلّى الله عليه وآله وعنده أُبَي بن كعب، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: مرحباً بك يا أبا عبد الله، يا زين السّماوات والأرض، فقال له أُبَي: وكيف يكون يا رسول الله زَيْنَ السّماوات والأرض أحدٌ غيرُك؟ فقال له: يا أُبَي، والّذي بعثني بالحقِّ نبيّاً، إنَّ الحسين بن عليّ في السّماء أكبر منه في الأرض، فإنّه مكتوبٌ عن يمين العرش مصباحٌ هادٍ وسفينةُ نجاةٍ وإمامٌ غيرُ وَهِنٍ وعزٌّ وفخرٌ ".." ثمّ ساق الحديث عن الأئمّة من ذريّة الحسين عليهم السّلام ".."  إلى أن قال صلّى اللهُ عليه وآله:

وإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ ركَّب في صلْبِ الحسن [الإمام العسكريّ عليه السّلام] نطفةً مباركةً زكيّةً طيّبةً طاهرةً مطهَّرةً، يَرضى بها كلُّ مؤمنٍ ممّن أَخَذ اللهُ عزَّ وجلَّ ميثاقَه في الولاية، ويَكفُر بها كلُّ جاحدٍ، فهو إمامٌ تقيٌّ نقيٌّ بارٌّ مرضيٌّ هادٍ مهديّ، أوّلُ العدل وآخره، يصدق اللهَ عزَّ وجلَّ ويُصدقه اللهُ في قوله، يخرجُ من تهامة حتّى تظهر الدَّلائل والعلامات. وله بالطّالقان كنوزٌ لا ذهب ولا فضّة، إلَّا خيول مطهّمة، ورجال مسوّمة، يَجمعُ اللهُ عزَّ وجلَّ له من أقاصي البلاد على عددِ أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وصنائعهم وكلامهم وكناهم، كرّارون، مُجِدُّون في طاعته، فقال له أُبَي: وما دلائله وعلاماته يا رسول الله؟ قال: له عَلَمٌ إذا حان وقتُ خروجِه انتَشَر ذلك العلمُ من نفسِه وأنطَقَهُ اللهُ تبارك وتعالى، فناداهُ العلمُ: اخرُج يا وليَّ الله فاقتُل أعداءَ الله، وله رايتان وعلامتان وله سيفٌ مُغْمَد، فإذا حان وقتُ خروجِه اقتلع ذلك السَّيف من غمده، وأنطَقَه اللهُ عزَّ وجلَّ، فناداه السَّيف: اخرُج يا وليَّ الله، فلا يَحِلّ لك أن تقعدَ عن أعداء الله؛ فيخرج ويقتل أعداء الله حيث ثَقفَهُم ويقيم حدود الله ويحكم بِحكمِ الله.

يخرجُ وجبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وشعيب وصالح على مقدِّمه، فسوف تذكرون ما أقول لكم وأفوِّضُ أمري إلى الله عزَّ وجلَّ ولو بعد حين. يا أُبَي طوبى لِمَن لَقِيَه، وطوبى لمَن أحبَّهُ، وطوبى لِمَن قال به، يُنجيهم اللهُ من الهَلَكة بالإقرار به وبرسول الله وبجميع الأئمَّة يفتح لهم الجنّة، مَثَلُهُم في الأرض كَمَثَل المِسْكِ يسطعُ ريحُه فلا يتغيَّر أبداً، ومَثَلُهم في السَّماء كَمَثلِ القمرِ المنير الّذي لا يُطفأ نورُه أبداً ".."». [اُنظر تمام الحديث في «الملفّ» من هذا العدد].

(كمال الدّين وتمام النّعمة، ص 246)

 

 

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

04/11/2013

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات