مصطلحات

مصطلحات

03/12/2013

جُنود النّفس النّاطقة


جُنود  النّفس النّاطقة

-----السّيّد جعفر سجّادي-----

 

تعريفٌ بمصطلَحي (الجنود)، والمتفرّع عليه (جنود العقل) نقلاً عن كتاب (قاموس المصطلحات الفلسفيّة عند صدر المتألّهين) للسّيّد جعفر سجّادي، أوردناه حرفيّاً عن ترجمته العربيّة (من الفارسيّة) لمعهد المعارف الحكميّة في بيروت. 

 

المقصود من الجنود هي القوى المادّيّة؛ حيث جاء: ﴿..وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ..المدّثّر:31، ولها وجودٌ في القلوب والأرواح والعوالم الأخرى بحيث لا يَعلمُ عددَها إلَّا اللهُ. يعتقد صدر المتألِّهين بأنَّ للنّفس النّاطقة -أي القلب- جنوداً، فللقلب نوعان من الجُنْد: النَّوع الأوّل الّذي يمكن رؤيته بالعين، ونوعٌ آخَر لا يمكنُ رؤيته بالعين.

أمّا الجنود المرئيّة، فهي الأعضاء والجوارح، وغير المرئيّة عبارة عن القوى والحواسّ الّتي تخدم جميعها القلب وتكون مُسخَّرةً له؛ بحيث يتصرّف القلبُ بها كيف يشاء، ولا يمكنها ترْك أوامره. ".."

جنودُ العقل

إنَّ الجنود الّتي يستعملها القلب للوصول إلى المطلوب كثيرة، بعضها يمكن رؤيتُها بالعين، وبعضها الآخر غير ممكن، وبشكلٍ عامٍّ فإنَّ جنود النّفس النّاطقة كثيرة.

قال بعضُ أهل العرفان إشارة إلى معنى قوله تعالى ﴿..وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ..المدّثّر:31: إنَّ للهِ تعالى في القلوب والأرواح وغيرها من العوالم جنوداً مُجنَّدةً لا يعرفُ حقيقتَها وتفصيلَ عددِها إلَّا هو، ونحن الآن نشير إلى بعض جنود القلب -يعني النّفس النّاطقة- وهو الّذي يتعلّق بغرضِنا، وله جُندان: جُندٌ يرى بالإبصار، وهي الأعضاء والجوارح، وجُندٌ لا يرى إلَّا بالبصائر وهي القوى والحواسّ، جميعها خادمةٌ للقلبِ ومُسَخَّرةٌ له، وهو المتصرِّف فيها، وقد خُلقت مجبولةً على طاعة القلب، لا تستطيع له خلافاً ولا عليه تحرُّجاً، فإذا أَمَرَ العينَ للانفتاح انفتَحت، وإذا أمر الرِّجلَ للحركةِ تحرَّكت، وإذا أمر اللّسانَ بالكلامِ وجزَمَ الحكمَ به تكلَّم، وكذا سائر الأعضاء.

وتَسخُّر الأعضاءِ والحواسِّ للقلب يُشبِه، من وجهٍ، تَسخّر الملائكةِ لله تعالى، فإنَّهم جُبِلُوا على الطّاعة لا يستطيعون له خلافاً، ولا يعصون اللهَ ما أَمَرَهُم ويفعلون ما يؤمَرون، وإنَّما افتَقَرَ القلبُ إلى هذه الجنود من حيث افتقاره إلى المركب والزَّاد لِسفره الّذي لأجله خُلِق، وهذا السَّفر إلى الله وقَطْع المنازل إلى لقائه، فلأجله جُبِلَت القلوب، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِالذّاريات:56، وإنَّما مَركبُه البدنُ، وزادُه العلمُ، وإنّما الأسبابُ الموصلة الّتي توصله إلى الزّاد وتُمكِّنُه من التّزوُّد والعمل الصَّالح، فافتقر أوَّلاً إلى تعهُّد البدن وحفظِه من الآفات بأنْ يجلبَ إليه ما يوافقه من الغذاء وغيره، وبأنْ يَدفعَ عنه ما يُنافيه ويُهلِكه...

اِعلم.. أنَّ أشرف البِقاع هو قلبُ المؤمن، فلا تَجد دياراً طيِّبة، ولا بساتينً عامرة، ولا رياضاً ناضرة، إلَّا وقلبُ المؤمن أشرفُ منها، بل قلبُ المؤمنِ كالمرآةِ في الصَّفاء والنّوريّة، بل فوق المرآة لأنَّ المرآة إن اعتَرضَ عليها حجابٌ لم يُرَ فيها شيءٌ، وقلبُ المؤمن لا تحجبه السّماواتُ السّبع والكرسيُّ والعرش، كما قال الله تعالى: ﴿..إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ..فاطر:10، بل القلب مع جميع هذه الحُجُب يطالع جمال الرّبوبيّة ويُحيط عِلماً بالصّفات الصّمديّة، ولأنّه بيّن الله كما في قوله: يا داود فرّغ بيتي لعبادتك؛ أنا عند المنكسرة قلوبهم. وممّا يدل على أنّ قلبَ المؤمن أشرفُ البقاع وجوه:

الأوّل: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله قال: «القبر روضة من رياض الجنّة»، وما ذاك إلّا أنّه صار منزلَ قلبِ عبدٍ صالحٍ؛ فإذا كان القلبُ سريراً لمعرفة الله، وعرضاً لإلهيّته، وَجَب أن يكون أشرف وأرفع.

الثّاني: أنّ الله تعالى يقول: «يا عبدي، قلبُك بستاني وجنَّتي بستانك، فلمّا لمْ تبخَل عليَّ بِبستانِك، بل أنزَلْتَ معرفتي فيه، فكيف أَبخلُ ببستاني؟».

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

05/12/2013

دوريات

نفحات