أحسن الحديث

أحسن الحديث

26/01/2014

سورةُ «الأحقاف»


موجز في التّفسير

سورةُ «الأحقاف»

ـــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــ

* السُّورة السّادسة والأربعون في ترتيب سُوَر المُصحف الشّريف، نزلتْ بعد سورة «الجاثية».

* آياتُها خمسٌ وثلاثون، وهي مكّيّة، وفي الرّوايات أنّ مَن قرأها كلَّ ليلةٍ أو كلّ جُمعة «..لم يُصِبْهُ اللهُ عزّ وجلّ برَوعةٍ في الحياة الدّنيا، وآمَنَه من فزع يوم القيامة..».

* سُمِّيتْ بـ «الأحقاف» لقوله عزّ وجلّ ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ..﴾ في الآية الحادية والعشرين منها.

 

في (معجم البلدان) لياقوت الحمويّ: «الأحقاف، جمعُ حِقْفٍ من الرّمل. والعرب تسمّي الرّملَ المُعوَجّ حِقافاً وأحقافاً، واحقوقفَ الهلالُ والرّملُ إذا اعوجّ ".." والأحقاف المذكور في الكتاب العزيز وادٍ بين عُمان وأرض مَهَرة [في اليمن]».

هدف السّورة

«تفسير الميزان»: هدفُ السّورة هو إنذارُ المشركين - الرّادّين للدّعوة إلى الإيمان بالله تعالى ورسوله - بالمعاد، بما فيه من أليمِ العذاب لمُنكريه، المُعرضين عنه، ولذلك تَفتتِحُ الكلامَ بإثبات المعاد: ﴿مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ.. الآية:3، ثمّ يعود إليه عودةً بعد عودةٍ، كقوله: ﴿وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً.. الآية:6، وقوله: ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ.. الآية:17، وقوله: ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا.. الآية:20، وقوله: ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ.. الآية:34، وقوله في مختَتم السّورة: ﴿..كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ.. الآية:35. وفيها [السّورة] احتجاجٌ على الوحدانيّة والنّبوّة، وإشارةٌ إلى هلاك قوم هُود، وهلاك القُرى الّتي حول مكّة وإنذارهم بذلك، وإنباءٌ عن حضورِ نَفَرٍ من الجنّ عند النّبيّ صلّى الله عليه وآله، واستماعِهم القرآن، وإيمانِهم به، ورجوعِهم إلى قومهم مُنذِرين لهم.

مُحتوى السُّورة

«تفسير الأمثل»: هذه السّورة من السّوَر المكّيّة، ولمّا كان زمانُ نزولها وظروفُه زمانَ مواجهة الشّرك، والدّعوة إلى التّوحيد والمعاد، ومسائل الإسلام الأساسيّة، فإنّها تتحدّث حول هذه الأمور، وتدور حول هذه المحاوِر. ويمكن القولُ باختصارٍ إنّ هذه السّورة تُتابعُ الأهدافَ التّالية:

1 - بيانُ عَظَمة القرآن الكريم.

2 - محاربةُ كلّ أنواع الشّرك والوَثنيّة بشكلٍ قاطعٍ.

3 - توجيهُ النّاس إلى مسألة المعاد، ومحكمة العدل الإلهيّ.

4 - إنذارُ المشركين والمجرمين من خلال بيان جانبٍ من قصّة قوم عاد، الّذين كانوا يسكنون أرض «الأحقاف»، ومنها أُخذ اسمُ هذه السّورة.

5 - الإشارة إلى سعة دعوة نبيّ الإسلام صلّى الله عليه وآله، وكونها عامّةً تتخطّى حتّى حدود البشر، أي أنّها تشملُ طائفةَ الجنِّ أيضاً.

6 - ترغيبُ المؤمنين وترهيبُ الكافرين وإنذارهم، وإيجادُ دوافع الخوف والرّجاء [في النّفوس].

7 - دعوةُ نبيّ الإسلام صلّى الله عليه وآله إلى التّحلّي بالصّبر والاستقامة إلى أبعد الحدود، والاقتداء بسيرة الأنبياء الماضين.

 

 

فضلُها وثوابُ تلاوتها

«تفسير مجمع البيان»: عن النّبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله: «مَن قَرأَ سُورةَ الأحقاف أُعطِيَ من الأجرِ بِعَددِ كلِّ رَمْلٍ في الدّنيا عشرَ حسناتٍ، ومُحِيَ عنه عَشرُ سيّئاتٍ، ورُفِعُ له عشرُ درجات».

وعن الإمام الصّادق عليه السّلام: «مَن قَرَأَ كلَّ ليلةٍ، أو كلّ جمعةٍ، سورةَ الأحقاف، لم يُصبْه اللهُ عزّ وجلّ بِرَوْعةٍ في الحَياةِ الدّنيا، وآمَنَه مِن فَزَعِ يَومِ القِيامةِ إنْ شاءَ اللهُ تعالى».

تفسيرُ آياتٍ منها

بعد ذكر الآية الكريمة، نوردُ ما رُويَ من الحديث الشّريف في تفسيرها، نقلاً عن (تفسير نور الثّقلين) للمحدّث الشّيخ عبد عليّ الحويزيّ رضوان الله تعالى عليه.

قوله تعالى: ﴿..اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ الأحقاف:4.

عن الإمام الباقر عليه السّلام: «عَنَى بالكتابِ التّوراةَ والإنجيلَ، و﴿.. أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ.. فإنّما عَنَى بذلك عِلْمَ أَوْصياءِ الأنبياء».

قوله تعالى: ﴿..حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ.. الأحقاف: 15.

عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «إذا بلغَ العبدُ ثلاثاً وثلاثينَ سنةً فقد بَلَغَ أشُدّه، وإذا بَلَغَ أربعينَ سنةً فقد بَلَغَ مُنتهاه، فإذا طعَن في إحدى وأَرْبَعين فهو في النُّقصانِ، ويَنبَغي لِصاحبِ الخَمسين أنْ يكونَ كَمَنْ كانَ في النَّزْعِ».

قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا.. الأحقاف:20.

عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، أنّه دخل على أهل الصُّفّة [أهل الصّفّة كانوا قوماً فقراء أقاموا بمسجد رسول الله، فإذا أتت النّبيّ صلّى الله عليه وآله صدقة بعث بها إليهم، وإذا أتته هديّة أشركهم فيها، وكانوا في صفّة، أي مظلّة، يأوون إليها في المسجد] وهم يرقعون ثيابهم بالأَدَم [جلد مدبوغ]، ما يجدون لها رِقاعاً، فقال: «أنتُم اليومَ خيرٌ، أم يومَ يغدو أحدُكم في حُلّةٍ ويَروحُ في أُخرى؟ ويُغدى عليه بجَفنةٍ ويُراحُ عليه بأُخرى، ويُستر بيتُه كما تُسترُ الكعبة؟ قالوا: نحن يومئذٍ خير، قال صلّى الله عليه وآله: بل أنتم اليومَ خَير».

قوله تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ الأحقاف:29.

عن أمير المؤمنين عليه السّلام: «إنَّ الشَّياطينَ سُخِّرَتْ لِسُليمانَ وهي مُقِيمَةٌ على كُفرِها، وقد سُخِّرَت لِنُبُوّةِ محمّدٍ صلّى الله عليه وآله الشّياطينُ بالإيمانِ، فأقبلَ إليهِ مِنَ الجِنِّ التّسعةُ من أشرافهم ".." فاعتَذَرُوا بأنّهم ظنّوا كما ظَنَنْتُم أنْ لنْ يَبْعثَ اللهُ أحداً، ولقَدْ أقْبَلَ إليهِ أحَدٌ وسبعون ألفاً منهم، فبَايَعُوه على الصَّوْمِ، والصَّلاةِ، والزَّكاةِ، والحَجِّ، والجِهادِ، ونُصْحِ المسلمين، فاعْتَذَروا بِأنَّهُم قَالُوا على اللهِ شَطَطاً، وهذا أفضلُ ممّا أُعطِيَ سليمان، فسُبحانَ مَنْ سَخَّرَها لِنُبُوّةِ محمّدٍ صلّى الله عليه وآله بعدَ أنْ كانَت تَتَمرّدُ وتَزعمُ أنَّ للهِ وَلَداً، فَلَقَد شَمَلَ مَبْعَثُه مِن الجِنِّ والإنْسِ ما لا يُحْصى».

قوله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ.. الأحقاف:35.

* الإمام الصّادق عليه السّلام: «سَادَةُ النَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِينَ خَمْسَةٌ، وهُمْ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، وعَلَيْهِمْ دَارَتِ الرَّحَى: نُوحٌ وإِبْرَاهِيمُ ومُوسَى وعِيسَى ومُحَمَّدٌ صَلَّى الله عَلَيْه وآلِه، وعَلَى جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ».

** وعنه عليه السّلام: «إنَّ اللهَ فضّلَ أُولي العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ على الأنْبِياءِ بالعِلْمِ، وأوْرَثَنا عِلْمَهُم وفَضَّلَنَا عَليهِم فِي عِلْمِهِم، وعلَّمَ رَسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وآله ما لا يَعْلَمُون، وعِلْمُنا علمُ رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وآلِه..».

*** عن الإمام الرّضا عليه السّلام: «إنَّما سُمِّيَ أُولُو العَزْمِ أُولِي العَزْمِِ لأنّهُم كانُوا أصحابَ العَزايم والشَّرايِع ".." فهؤلاء الخَمسةُ [نُوحٌ وإِبْرَاهِيمُ ومُوسَى وعِيسَى ومُحَمَّدٌ صَلَّى الله عَلَيْه وآلِه] أُولو العَزْمِ، وهُم أفضلُ الأنبياء والرُّسُل، وشَريعةُ مُحمّدٍ صلّى الله عليه وآله لا تُنسَخُ إلى يومِ القيامةِ، ولا نبيَّ بعدَه إلى يوم القيامة، فمَنِ ادَّعَى بَعدَه نبيّاً، أو أَتَى بعد القرآنِ بِكتابٍ، فدَمُهُ مُباحٌ لكلِّ مَن سَمِعَ ذلكَ منهُ».

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

26/01/2014

دوريات

  كتب أجنبيّة

كتب أجنبيّة

نفحات