مرابطة

مرابطة

01/03/2014

التّكفيريّون يُعلنون الحربَ على الإسلام

 

التّكفيريّون يُعلنون الحربَ على الإسلام

مجنّدون في نظامٍ عالميٍّ لحماية الرّبا، والمادّيّة، والصّهيونيّة

ـــــ إعداد: «شعائر» ــــــ

* هذا النّصّ للمفكّر والأستاذ الجامعيّ الأميركيّ كيفين جيمس باريت، الّذي شغلَ أيضاً منصب عضو في الفريق العلميّ الحكوميّ للتّحقيق حول أحداث الحادي عشر من أيلول سنة 2001 م.

* في العام 2006 م، بدأ باريت بتدريس فصلٍ تمهيديٍّ بعنوان «الإسلام: الدّين والثّقافة»، ولاحقاً أثارت مواقفُه من أحداث الحادي عشر من أيلول ضجّةً في الولايات المتّحدة، حيث أصرّ على وجود مؤامرة داخليّة سهَّلت للمهاجمين عملهم، فنُشر اسمُه ضمن قوائم المعادين للسّاميّة.

* المقال نقلاً عن الموقع الإلكترونيّ لقناة «برس تي في»، ترجمَه إلى العربيّة محمود عسكر.

 

بالمعاملة الوحشيّة ضدّ المدنيّين وارتكاب جرائم حرب، ينتهك التّكفيريّون المتطرّفون في سورية أبسطَ مبادئ الشّريعة الّتي يدّعون أنّهم يحاربون من أجل تطبيقها.

يوم الخميس، الموافق 16 كانون الثّاني/ يناير 2014، أعلن مسؤولون في الأمم المتّحدة أنّ التّكفيريّين يقومون بتنفيذ عددٍ من الإعدامات تدخل ضمن تصنيف «جرائم حرب». وقد أعلنت وكالة «الأسوشييتيد برس» الآتي:

«أعلنَت مفوّضةُ حقوق الإنسان في الأمم المتّحدة، نافي بلاي، أنَّ مكتبها استلَم خلال الأسبوعين الماضيَين تقارير عن إعداماتٍ متوالية للمدنيّين والمقاتلين الّذين امتَنعوا عن مواصلة القتال في حلب، وإدلب، والرّقّة، على أيدي مقاتلين متطرّفين في سورية، وعلى الأخصّ على أيدي مقاتلي دولة الإسلام في الشّام والعراق المرتبطة بالقاعدة».

وبادّعائهم أنّهم يحاربون لإقامة «دولةٍ إسلاميّةٍ»، بينما يرتكبون جرائم حرب فظيعة، فإنّهم في الحقيقة يشنّون حرباً ضدّ الإسلام!

مؤخّراً، كنتُ أحاور «مايكل بارينتي»، وهو شخصٌ علمانيٌّ ناقدٌ لجميع الأديان، في برنامجي الإذاعيّ. وحينما أشرتُ إلى حقيقةٍ مفادها أنّ الإسلام أكثرُ دينٍ متسامحٍ من بين الأديان الإبراهيميّة الثّلاثة، ومقدّماً أمثلة تاريخيّة عن حماية المسلمين لتعدّد الأديان، ردّ علَيَّ «بارنتي» قائلاً: «نعم، ربّما كان هذا صحيحاً في الماضي، ولكن انظُر إلى المسلمين الآن! انظر إلى ما يقومون به في سورية»!

 حاولتُ أن أوضّح أنّ التّكفيريّين المتطرّفين في سورية لا يمثّلون العالم الإسلاميّ. ولكنّ طالما أنّ التّكفيريّين يسيئون استخدام صفة «إسلاميّ»، ويحصلون على الدّعم من العربيّة السّعوديّة، القَيِّمة على الحرمَين الشّريفَين، فأفراد من شاكلة «مايكل بارينتي» يستخدمون التّكفيريّين كأمثلةٍ على التّطرّف المزعوم في الإسلام.

ما هو الإسلام الّذي يؤيِّد نزعَ قلبِ عدوٍّ ميتٍ، وقضمَه أمام الكاميرا؟ ما هو الإسلام الّذي يسمح بتجميع النّساء وإهانتهنّ؟ ما هو الإسلام الّذي يتغاضى عن الإعدامات الجماعيّة للمدنيّين بسبب كوْنهم مسيحيّين أو مسلمين معتدلين؟

رغم أنّ الحربَ دمويّةٌ وعملٌ غير مُستساغٍ ومقبولٍ، إلَّا أنّ القادة والجنود المسلمين معروفون تاريخيّاً بفروسيّتهم وعطفهم وسيطرتهم على تصرّفاتهم. حينما دخل النّبيّ محمّد [صلّى الله عليه وآله] مكّة، وواجه أعداءه الّذين اضطهدوه هو ومؤيِّديه بشدّة، ابتعد عن الانتقام وأمر بالرّأفة. فقد كان دخولُ مكّة بمنزلة فتحٍ دون إراقة دماءٍ، لا مثيلَ له في تاريخ الحروب.

فأنموذج النّبيّ محمّد [صلّى الله عليه وآله] تحوّل إلى مصدر إلهامٍ للعديد من الأمثلة للبطولة الإسلاميّة، أو ما يسمّى بـ «الفتوّة» في التّاريخ. في الواقع، فقد كانت فتوّة المحاربين المسلمين في إسبانيا عبارة عن كياسةٍ وإنكارِ الذّات والعطف، هؤلاء الفرسان الّذين استطاعوا عن طريق تعاملهم الطّيّب وخُلُقهم الدّمث أنْ يَنتشرَ صيتُهم في أوروبا، ما ساهم في نشر البطولة والرّجولة واللّطف في قارّة أوروبا.

وعلى النّقيض، فقد كانت هند، زوجة أبي سفيان، ألدّ أعداء الإسلام، وهي الّتي قطّعت كبدَ حمزة، وأكلَت من القطع في أرض المعركة. والتّكفيريّ، آكِل لحوم البشر، الّذي أكل قلبَ جنديٍّ سوريٍّ كان يُعلن للعالم أجمع بطريقةٍ رمزيّةٍ أنّه عدوٌّ للإسلام، كما فَعلت هند في صدر الإسلام.

أغلبُ المسلمين يعلمون هذه الحقيقة. لكنّ غير المسلمين في أرجاء العالم الّذين يتابعون مثل هذه الفظاعات والأعمال الوحشيّة، ربّما يعزونها إلى الإسلام دون قصدٍ، أو إلى التّطرّف الإسلاميّ.

يَرتكبُ التكفيريّون المزيدَ والمزيدَ من الفظائع، ليس ضدّ القوّات الحكوميّة السّوريّة والمسيحيّين والمسلمين المعتدِلين فحسب، ولكن ضدّ بعضهم البعض أيضاً. وفقاً للتّقارير الخبريّة، فإنّ الاقتتال الدّاخليّ بين «داعش» والمجموعات التّكفيريّة الأخرى ومعارضي الحكومة، أدّى إلى مقتل المئات من الأفراد خلال الأسبوعَين المُنصرمَين.

اعتاد التّكفيريُون على إعدام الأشخاص الّذين لا يشاركونهم تفسيرهم المتطرّف الخاطئ عن الإسلام. هذا العمل لا يمتّ إلى الإسلام بِصِلةٍ. فعبر التّاريخ، استمتع المسلمون بحماية أتباعِ الدّيانات الأخرى.

مثالٌ يستحقّ الإشارة: حينما قرّر المسيحيّ المتعصّب القدّيس فرانسيس، الّذي يحمل اسمَه البابا الحاليّ للفاتيكان، أنْ يصبحَ شهيداً، سافر إلى أراضٍ إسلاميّةٍ كي يدعوَ إلى المسيحيّة، ويساجل ضدّ الإسلام! توقّع فرانسيس أن يقوم المسلمون بقتله، كما كان المسيحيّون سيقتلون أيّ مسلم يهاجم المسيحيّة على أراضيهم، ولكنّ لم ينجح القدّيس فرانسيس في إثارة غضب المسلمين كي يَجْنَحوا للعنف، بل على العكس دخل في حواراتٍ ونقاشاتٍ مطوّلةٍ حول الإسلام والمسيحيّة مع أحد القادة المسلمين لعدّة ليالٍ، وفي النّهاية، فشل كلٌّ منهما في إقناع الآخر بالتّحوّل إلى دين الآخر.

أمّا اليوم، فإنّ الصّفحات الأولى للصّحف ونشرات الأخبار، مغطّاة بأخبار مَن هم على شاكلة القاعدة الّذين يدّعون أنّهم يدافعون عن الإسلام، ولكنّ في الحقيقة ما يقومون به هو هجمة مضادّة على الإسلام.

والمسلمون العاديّون وقعوا في وسط المعمعة بين مَن يسمّون بـ «المسلمين الإرهابيّين»، وبين مَن يسمُّون أنفسهم بـ «المسلمين المعتدلين»، الّذين هم على استعداد لبيع إيمانهم ومعتقداتهم والسُّكوت على الحرب القائمة ضدّ الإسلام بعد أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر 2001.

إنّه نظامٌ عالميٌّ مثل كمّاشة صُمّمت لإضعاف الإسلام، وجعل العالم مكاناً آمناً للرّبا، والصّهيونيّة، والمادّيّة.

لحسن الحظّ، فإنّ مسلمي العالم يتحدّثون جهاراً ضدّ التكفيريّين بصفةٍ عامّةٍ، واضطهاد المسيحيّين بصفةٍ خاصّة. ".."

الإسلامُ الأصيلُ معتدلٌ، ويتلاقى مع الجميع في منتصف الطّريق، وليس متطرّفاً وغير متسامحٍ، أو أنّه دينٌ عنيفٌ وقاسٍ. فالحقيقة هي دفاعُ الإسلام الأصيل ضدّ التّكفيريّين ومموّليهم الجُدُد من قادة النّظام العالميّ الجديد. وكما قال النّبيّ محمّد [صلّى الله عليه وآله]: «أفضلُ الجِهادِ كَلمَةُ حقٍّ عندَ سُلطانٍ جائرٍ».

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

01/03/2014

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات