أحسن الحديث

أحسن الحديث

28/03/2014

سورةُ «الفتح»


موجز في التّفسير

سورةُ «الفتح»

ـــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــ


* السُّورة الثّامنة والأربعون في ترتيب سُوَر المُصحف الشّريف، نزلتْ عند رجوع النّبيّ صلّى الله عليه وآله من «الحُدَيبية».

* آياتُها تسعٌ وعشرون، وهي مدنيّة، يُكتَب لقارئها ثوابُ مَن بايع رسول الله صلّى الله عليه وآله تحت الشّجرة، ويُلحَق يوم القيامة بالصّالحين مِن عِباد الله عزّ وجلّ.

* سُمِّيتْ بسورة «الفتح» لابتدائها بقوله تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِيناً، وذكرتْها الرّوايات باسم «إنّا فتحنا».  

 

عن أَنَس قال: لمّا رجعنا من غزوة الحُدَيْبِيَة، وقد حِيلَ بيننا وبين نُسكنا، فنحن بين الحزن والكآبة، إذ أنزل الله عزّ وجلّ ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِيناً﴾، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «لقد أُنزِلَتْ عَلَيَّ آيةٌ هي أحَبُّ إليَّ من الدُّنيا كلّها».

وعن عبد الله بن مسعود قال: «أقبلَ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله من الحُديبية، فجعلتْ ناقتُه تُثقل، فتقدَّمْنا، فأنزَل اللهُ عليه ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِيناً، فأدرَكَنا رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وبه من السّرور ما شاءَ الله، فأَخبرَ أنّها أُنزلتْ عليه».

هدفُ السّورة

«تفسير الميزان»: مضامينُ آيات سورة الفتح بفصولها المختلفة ظاهرةُ الانطباق على قصّة صلح الحُدَيبية، الواقع في السّنة السّادسة من الهجرة، وما وقع حوله من الوقائع، كقصّة تخلُّف الأعراب، وصدّ المشركين، وبيعة الشّجرة على ما تُفصِّلُه الآثار.

فغرَضُ السّورة بيانُ ما امْتَنَّ اللهُ تعالى على رسوله صلّى الله عليه وآله، بما رزقَه من الفتح المبين في هذا السَّفَر، وعلى المؤمنين ممّن معه، ومدحُهم البالغ، والوعدُ الجميل للّذين آمنوا منهم وعملوا الصّالحات.

محتوى السّورة

«تفسير الأمثل»: بمراجعةٍ إجماليّةٍ لسُورة الفتح يُمكن القول إنّها تتألّف من ستّة أقسام:

1 - تبدأ السّورة وتنتهي بموضوع البُشرى بالفتح، مؤكّدةً تحقُّقَ رؤيا النّبيّ صلّى الله عليه وآله، الّتي تدور حولَ دخوله وأصحابه مكّة، وأداء مناسك العُمرة.

2 - يتحدّثُ قسمٌ ثانٍ من السّورة عن الحوادث المتعلّقة بصُلح الحُديبية، ونزول السّكينة على قلوب المؤمنين، و«بيعة الرّضوان».

3 - تتحدّث الآيتان الثّامنة والتّاسعة عن مقام النّبيّ صلّى الله عليه وآله، وهدف بعثتِه.

4 - يكشفُ قسمٌ رابعٌ من السّورة السّتار عن غدر المنافقين، ونقضِهم العهد، ونكثِهم له، ويعطي أمثلةً من أعذارهم الواهية في مسألة عدم مشاركتهم النّبيّ صلّى الله عليه وآله جهادَه المشركين والكفّار.

5 – تبيّن السّورة في الآية السّابعة عشرة مَن هم المَعذورون الّذين لا حَرَج عليهم في ترك الجهاد العسكريّ.

6 - القسم الأخير من السُّورة يتحدّث عن خصائص أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وآله، وأتباعه في طريقته وسنّته، وصفاتهم الّتي يتميّزون بها.

ثوابُ تلاوة سورة الفتح

«تفسير مجمع البيان»: عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَنْ قَرَأَها، فكأنّما شهدَ مع محمّد فتحَ مكّة». وفي رواية: «فكأنّما كان مع مَن بايَع محمّداً تحت الشّجَرة».

عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «حَصِّنوا أموالَكم، ونساءَكم، وما ملكت أَيمانُكم من التّلَف بقراءة (إنّا فَتَحْنا)، فإنّه إذا كان ممّن يُدمِنُ قراءتَها نادى منادٍ يومَ القيامة حتّى يُسمِعَ الخلائق: أنت من عباديَ المُخلصين، ألحِقُوه بالصّالحين من عبادي، وأَدْخِلوه جنّاتِ النّعيم، واسْقوه من رَحيقٍ مَختومٍ بمِزاجِ الكافور».

تفسيرُ آياتٍ منها

بعد ذكرِ الآية الكريمة، نوردُ ما رُويَ من الحديث الشّريف في تفسيرها، نقلاً عن (تفسير نور الثّقلين) للمحدّث الشّيخ عبد عليّ الحويزيّ رضوان الله تعالى عليه.

قوله تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ.. الفتح:2.

* الإمام الصّادق عليه السّلام: «مَا كانَ لَه [للنّبيّ] ذَنْبٌ وَلا هَمَّ بِذَنْبٍ، ولكنّ اللهَ حمَّلهُ ذنوبَ شيعتِه ثمّ غَفَرَها له..».

** يقول السّيّد ابن طاوس رحمه الله في كتاب (سعد السّعود): «وأمّا لفظ ﴿..مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ..، فالّذي نقلناه من طريق أهل بيت النّبوّة صلوات الله عليهم، أنّ المرادَ منه: ليغفرَ لكَ اللهُ ما تقدّمَ من ذنبِكَ وما تأخَّر عندَ أهلِ مكّة وقريش. يعني: ما تقدّمَ قبل الهجرة وبعدها؛ فإنّك إذا فتحتَ مكّة بِغَير قتلٍ لهم، ولا استيصال، ولا أخذِهم بما قدّموه من العداوة والقتال، غفروا ما كانوا يعتقدونه ذنباً لك عندَهم؛ متقدِّماً أو متأخِّراً..».

قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ.. الفتح:4.

سُئل الإمام الصّادق عليه السّلام عن معنى «السّكينة» في الآية، فقال: «هو الإيمانُ، قالَ عزَّ مِن قائل: ﴿..لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ...

قوله تعالى: ﴿..لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا الفتح:25.

* سُئل الإمام الصّادق عليه السّلام: «ما بالُ أمير المؤمنين عليه السّلام لم يقاتل فلاناً، وفلاناً، وفلاناً؟ قال عليه السّلام: لِآيةٍ في كتاب الله عزّ وجلّ: ﴿..لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾، قيل له عليه السّلام: ما يعني بِتَزايلهم؟ قال: ودايعُ المُؤمنين في أصلابِ قومٍ كافرين، وكذلك القائمُ عليه السّلام؛ لن يظهرَ أبداً حتّى تَخرجَ ودايعُ الله عزَّ وجلّ، فإذا خرجَتْ ظَهرَ على مَن ظهرَ من أعداء الله عزَّ وجلَّ فقتلَهم». [تزيّلوا بمعنى تميّزوا بافتراق]

قوله تعالى: ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ.. الفتح:26.

* الإمام الصّادق عليه السّلام: «كانَ رَسولُ اللهِ صلّى الله عليه وآله يَتَعوّذ في كلّ يومٍ مِن ستِّ خصالٍ: من الشّكِّ، والشِّركِ، والحَميَّةِ، والغَضَبِ، والبَغْيِ، والحَسَد».

قوله تعالى: ﴿..فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا.. الفتح:26.

* رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ عهدَ إليَّ في عليّ بن أبي طالب عهداً ".." قال: إنّ عَلِيّاً رايةُ الهُدى، وإمامُ أوليائي، ونورُ مَن أَطاعَني، وهو الكلمةُ الّتي ألزمتُها المتّقين، مَن أحبَّهُ أحبَّني، ومَن أَطاعَهُ أَطاعَني».

** من خطبةٍ لأمير المؤمنين عليه السّلام: «أنا عُرْوةُ الله الوُثْقَى، وكلمةُ التّقوى».

قوله تعالى: ﴿..لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ.. الفتح:27.

* قيل للإمام الصّادق عليه السلام: كيف صار الحَلْقُ عليه [أي على مَن يحجّ لأوّل مرّة] واجباً دون مَن قد حجّ؟ فقال عليه السّلام: «لِيَصيرَ بذلك مُوسَماً بسِمَة الآمنين، ألا تسمعُ اللهَ عزّ وجلّ يقول: ﴿..لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ..».

قوله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ.. الفتح:29.

* الإمام الباقر عليه السّلام: «المؤمنُ أخو المؤمنِ لأبيه وأمّه، لأنَّ اللهَ خَلَقَ طينتَهُما مِن سَبعِ سماواتٍ، وهي من طينةِ الجِنان». ثمّ تلا ﴿رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾، وقال: «فهلَ يكونُ الرَّحِمُ إلّا بَرّاً وَصُولاً».

** الإمام الصّادق عليه السّلام: «تواصَلُوا، وتَبارُّوا، وتَراحَمُوا، وكُونُوا إخوةً بَرَرَةً كما أَمَركُم اللهُ عزَّ وجلَّ».

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

28/03/2014

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات