أحسن الحديث

أحسن الحديث

25/04/2014

سورةُ «الحُجُرات»


موجز في التّفسير

سورةُ «الحُجُرات»

ـــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــ

* السُّورة التّاسعة والأربعون في ترتيب سُوَر المُصحف الشّريف، نزلتْ بعد «المجادلة».

* آياتُها ثمانية عشرة، وهي مدنيّة، يُعطى قارئها من الأجر عشرَ حسنات بعدد مَن أطاع الله تعالى وعصاه، وكان من زوّار النّبيّ صلّى الله عليه وآله.

* سُمِّيتْ بسورة «الحُجُرات» لقوله تعالى في الآية الرّابعة منها: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ..﴾. 

 

الحُجُرات جمع حُجْرة، وهي من الحَجْر أي المنع، لأنّها تمنع ما بداخلها، والتّحجير أن يُجعل حول المكان حجارة، وقيل للعقل حِجْر، لكون الإنسان في منعٍ منه ممّا تدعو إليه نفسه. 

محتوى السّورة

«تفسير الميزان»: تتضمّن السّورة مسائل من شرائع الدّين بها تتمّ الحياة السّعيدة للفرد، ويستقرّ النّظام الصّالح الطّيّب في المجتمع، منها ما هو أدَبٌ جميل للعبد مع الله سبحانه ومع رسوله، كما في الآيات الخمسة في مُفتتح السّورة، ومنها ما يتعلّق بالإنسان مع أمثاله من حيث وقوعُهم في المجتمع الحيويّ، ومنها ما يتعلّق بتفاضل الأفراد، وهو من أهمّ ما ينتظم به الاجتماع المدنيّ ويهدي الإنسان إلى الحياة السّعيدة والعيش الطيّب الهنيء، ويتميّز به دين الحقّ عن غيره من السُّنن الاجتماعيّة القانونيّة. وتُختَتم السّورة بالإشارة إلى حقيقة الإيمان والإسلام، وامتنانه تعالى بما يُفيضه من نور الإيمان.

***

«تفسير الأمثل»: حيث إنّ أغلب المسائل الأخلاقيّة تدور في هذه السّورة، فيمكن أن نسمّيها «سورة الأخلاق والآداب»، ويمكن على الإجمال تقسيم مضامينها على النّحو التّالي:

القسم الأوّل: آيات بداية السّورة، وهي تبيّن طريقة التّعامل مع النّبيّ صلّى الله عليه وآله وآدابها، وما ينبغي على المسلمين مراعاتُه من أصولٍ في محضره صلّى الله عليه وآله.

القسم الثّاني: يشتمل على سلسلة من أصول «الأخلاق الاجتماعيّة» المهمّة، الّتي إن عُمل بها وعلى هُداها، حُفظت المحبّة، والصّفاء، والأمن، والاتّحاد في المجتمع الإسلاميّ، وعلى العكس من ذلك، لو أُهملت هذه الأصول تكون سبباً للشّقاء، والنّفاق، والتّفرّق، وعدم الأمن.

القسم الثّالث: يتضمّن الأوامر الإرشاديّة المتعلّقة بكيفيّة مواجهة الاختلافات والتّنازع، أو القتال الّذي قد يقع بين المسلمين أحياناً.

القسم الرّابع: يتحدّث عن معيار قيمة الإنسان عند الله تعالى، وأهمّيّة التّقوى.

القسم الخامس: يعالج قضيّة أنّ الإيمان ليس بالقول فحسب، بل لا بدّ من ظهور آثاره في أعمال الإنسان والجهاد بالمال والنّفس، إضافة إلى الاعتقاد بالقلب.

القسم السّادس: يتحدّث عن أنّ الإيمان والإسلام هما هديّة إلهيّة للمؤمنين، وبدلاً من أن يمُنّوا بالإسلام أو الإيمان على النّبيّ صلّى الله عليه وآله، ينبغي أن يشكروا الله تعالى على هذه الهديّة إذ شملهم بها.

القسم السّابع: وهو الأخير، يتحدّث عن علم الله تعالى واطّلاعه على جميع أسرار الوجود الخفيّة، وعلى أعمال الإنسان، وهذا القسم هو بمنزلة الضّامن لتنفيذ جميع الأقسام الواردة في هذه السّورة. 

ثواب تلاوتها

«تفسير مجمع البيان»: عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَن قَرَأَ سورَةَ (الحُجُرات) أُعْطِيَ مِنَ الأَجْرِ عَشْرَ حَسَناتٍ بِعَدَدِ مَنْ أَطاعَ اللهَ وَعَصاهُ».

عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «مَنْ قَرَأَ سورَةَ (الحُجُرات) في كُلِّ لَيْلَةٍ أَوْ في كُلِّ يَوْمٍ كانَ مِنْ زُوّارِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ».

تفسير آياتٍ منها

بعد ذكرِ الآية الكريمة، نوردُ ما رُويَ من الحديث الشّريف في تفسيرها، نقلاً عن (تفسير نور الثّقلين) للمحدّث الشّيخ عبد عليّ الحويزيّ رضوان الله تعالى عليه.

قوله تعالى: ﴿..وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ..﴾ الحجرات:7.

* الإمام الصّادق عليه السّلام: «يَعْني أَميرَ المُؤْمِنينَ».

قال العلّامة المجلسيّ في (مرآة العقول) ما خلاصتُه: «وتفسيرُه عليه السّلام الإيمانَ بأمير المؤمنين لأنّه لكماله في الإيمان وكونه داعياً إليه، وكون ولايته الرّكن الأعظم من الإيمان، فكأنّه عينُه...».

** وعنه عليه السّلام: «حَرَامٌ عَلى قُلوبِكُمْ أَنْ تَعْرِفَ حَلاوَةَ الإِيمانِ حَتّى تَزْهَدَ في الدُّنْيا».

قوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا..﴾ الحجرات:9.

الإمام الصّادق عليه السّلام: «القَتْلُ قَتْلانِ: قَتْلُ كَفّارَةٍ وَقَتْلُ دَرَجَةٍ، وَالقِتالُ قِتالانِ: قِتالُ الفِئَةِ الكافِرَةِ حَتّى يُسْلِموا، وَقِتالُ الفِئَةِ الباغِيَةِ حَتّى يَفيئوا».

قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..﴾ الحجرات:10.

الإمام الباقر عليه السّلام: «إنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ المُؤْمِنينَ من طينَةِ الجِنانِ، وَأَجْرى فيهِمْ مِنْ ريحِ رَوْحِهِ [أي رحمته]، وَلِذَلِكَ: المُؤْمِنُ أَخو المُؤْمِنِ لِأَبيهِ وَأُمِّهِ، فَإِذا أَصابَ رُوحاً مِنْ تِلْكَ الأَرْواحِ في وَلَدٍ مِنَ الوِلْدانِ حُزْنٌ، حَزِنَتْ هَذِهِ لِأَنَّها مِنْها».

قوله تعالى: ﴿..فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ..﴾ الحجرات:10.

الإمام الصّادق عليه السّلام: «صَدَقَةٌ يُحِبُّها اللهُ: إِصْلاحٌ بَيْنَ النّاسِ إِذا تَفاسَدوا، وَتَقارُبٌ بَيْنَهُمْ إِذا تَباعَدوا».

قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ..﴾ الحجرات:12.

أمير المؤمنين عليه السّلام: «ضَعْ أَمْرَ أَخيكِ عَلى أَحْسَنِهِ حَتّى يَأْتِيَكَ ما يُغْلِبُك مِنْهُ، وَلا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخيكَ سُوءاً وَأَنْتَ تَجِدُ لَها في الخَيْرِ مَحْمَلاً».

قوله تعالى: ﴿..وَلَا تَجَسَّسُوا..﴾ الحجرات:12.

النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «لا تَطْلُبوا عَثَراتِ المُؤْمِنينَ، فَإِنَّ مَنْ تَتَبَّعْ عَثَراتِ أَخيهِ تَتَبَّع اللهُ عَثْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّع اللهُ عَثْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ في جَوْفِ بَيْتِهِ».

قوله تعالى: ﴿..وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا..﴾ الحجرات:12.

قال النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «الغِيبَةُ أَشَدُّ مِنَ الزِّنا». فقيل: يا رسول الله ولمَ ذلك؟ قال صلّى الله عليه وآله: «صاحِبُ الزِّنا يَتوبُ فَيتوبُ اللهُ عَلَيْهِ، وَصاحِبُ الغِيبَةِ يَتوبُ فَلا يَتوبُ اللهُ عَلَيْهِ حَتّى يَكونَ صاحِبُهُ الّذي يُحِلُّهُ».

وعنه صلّى الله عليه وآله: «الغِيبَةُ أَسْرَعُ في دينِ الرَّجُلِ المُسْلِمِ مِنَ الأَكِلَةِ [داء] في جَوْفِهِ».

قوله تعالى: ﴿..ِإنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ..﴾ الحجرات:13.

النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكونَ أَكْرَمَ النّاسِ فَلْيَتَّقِ اللهَ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكونَ أَتْقى النّاسِ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلى اللهِ».

قوله تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ..﴾ الحجرات:14.

الإمام الباقر عليه السّلام: «الإِسْلامُ لا يَشْرَكُ الإيمانَ، وَالإيمانُ يَشْرَكُ الإِسْلامَ، وَهُما في القَوْلِ وَالفِعْلِ يَجْتَمِعانِ، كَما صارَتِ الكَعْبَةُ في المَسْجِدِ وَالمَسْجِدُ لَيْسَ في الكَعْبَةِ، وَكَذَلِكَ الإِيمانُ يَشْرَكُ الإِسْلامَ، وَالإِسْلامُ لا يَشْرَكُ الإِيمانَ..».

قوله تعالى: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا..﴾ الحجرات:17.

سُئل الإمام الكاظم عليه السّلام عن العُجب الّذي يُفسد العمل، فقال: «العُجْبُ دَرَجاتٌ، مِنْها: أنْ يُزَيَّنَ للْعَبْدِ سوءُ عَمَلِهِ فَيَراهُ حَسَناً، فَيُعْجِبُهُ وَيَحْسَبُ أَنَّهُ يُحْسِنُ صُنْعاً، وَمِنْها: أَنْ يُؤْمِنَ العَبْدُ بِرَبِّهِ فَيَمُنَّ عَلى اللهِ عزَّ وَجَلَّ، وَللهِ عَلَيْهِ فيهِ المَنُّ».

اخبار مرتبطة

  ملحق شعائر 14

ملحق شعائر 14

  دوريّات

دوريّات

25/04/2014

دوريّات

نفحات