أحسن الحديث

أحسن الحديث

28/05/2014

«..دَعْهُ سَبْعَ سَاعَات..»


موجز في تفسير سورة «ق»

«..دَعْهُ سَبْعَ سَاعَات..»

ـــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــ

 

* السُّورة الخَمسون في ترتيب سُوَر المُصحف الشّريف، نزلتْ بعد سورة «المُرسَلات».

* آياتُها خمسٌ وأربعون، وهي مكّيّة، يُهوّن اللهُ عزّ وجلّ على قارئها سكراتِ الموت، ويوسَّع في رزقِ مَن داوم على قراءتها في فرائضِه ونوافلِه، ويُعطَى كتابَه بيَمينه، ويُحاسَب حِساباً يَسيراً.

* سُمِّيتْ بسورة «ق» لابتدائها بقوله تعالى: ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾. 

 

«تفسير الأمثل»: سورة «ق» واحدةٌ من السّوَر التي تبدأ بـ «الحروف المقطّعة»، وقد بدأت بحرفٍ واحدٍ هو «القاف»، ومن أشهر التّفاسير لورود هذه الحروف في بدايات بعض السّور، أنّ القرآن الكريم، على عظَمته، مؤلَّفٌ من حروف الهجاء التي يستعملُها العربُ في محاوراتهم، ما يدلّ على أنّ مُبدِع القرآن ومُنزِلَه لديه علمٌ لا محدود، وقدرةٌ مطلَقة، بحيث خلق هذا التّركيبَ الرّفيعَ العالي من هذه الوسائل البسيطة المألوفة.

هدف السّورة

«تفسير الميزان» [بتصرّف]: تدور آياتُ سورة «ق» على المعاد وجُحود الكافرين به واستعجابِهم منه، مُتَذرّعين بأنّ الموت يستتبعُ بطلانَ الشّخصية الإنسانية، بصيرورة صاحبِها تراباً لا يبقى معه أثرٌ ممّا كان عليه، فكيف يرجعُ ثانياً إلى ما كان عليه قبلَ الموت؟!

ثمّ تدفعُ السّورة، ما أظهروه من الاستعجاب والاستبعاد، بأنّ العلم الإلهيّ محيطٌ بهم، وعنده تعالى الكتابُ الحفيظُ الذي لا يعزُبُ عنه شيءٌ ممّا دقَّ أو جلَّ من أحوال خلقه، ثمّ تَعِدُهم بأن يجريَ عليهم مثلما جرى على الأُمَم الماضية الهالكة.

وتنبّهُ السّورةُ ثانياً على علمه تعالى وقدرته؛ بالإشارة إلى تدبيرِه سبحانه في خلق السّماوات وما زيّنها به من الكواكب والنّجوم والأجرام، وفي خَلْق الأرض وَمَدِّها وإلقاء الرّواسي فيها، وإنبات الأزواج النّباتيّة فيها، ثمّ بإنزال الماء وتَهيئة أرزاق العباد وإحياء الأرض به.

ثمّ تبيّنُ السّورةُ حالَ الإنسان من بدء خَلقه، وأنّ أفعاله وأقواله - حتّى اللّفظُ الواحد - تحت مراقبةٍ شديدةٍ دقيقة، وكذا ما يخطرُ في باله، وما توسوسُ به نفسُه أيّامَ حياته.

العناوين المتضمَّنة في سورة «ق»

«تفسير الأمثل» [بتصرّف]: محورُ بحوث سورة «ق»، هو موضوع المعاد، وجميع آياتها - تقريباً - تدور عليه، وعلى مسائل أُخَرَ مرتبطةٌ به أيضاً، منها:

1 - إنكارُ الكافرين المعادَ الجسمانيّ، وتعجُّبُهم منه.

2 - الاستدلالُ على مسألة المعاد عن طريق الإلفات إلى مُطلق التّكوين والخلق، لا سيّما إحياء الأرض المَيتة بنزول الغيث.

3 - الاستدلالُ على مسألة المعاد عن طريق الإلفات إلى الخَلْق الأوّل.

4 - الإشارةُ إلى حقيقةِ تسجيل الأعمال والأقوال، ليوم الحساب.

5 - المسائلُ المتعلّقة بالموت، والانتقالِ من هذه الدّنيا إلى الدّار الأخرى.

6 - جانبٌ من حوادث يوم القيامة، وأوصاف الجنّة والنّار.

7 - إشارةٌ إلى الحوادث المُذهلة الواقعة عند نهاية هذا العالم، والتي تُعتبَر بدايةَ العالَم الآخر.

ثوابُ تلاوة سورة «ق»

«ثواب الأعمال»: عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَن قَرَأَ سُورَةَ ق، هَوَّنَ اللهُ عَلَيْهِ تَاراتِ الموْتِ [التّارة: الحين والمَرّة، وهنا بمعنى الأحوال، أي الحالات التي تعتريه عند النَّزع] وَسَكَراتِه».

«مجمع البيان»: عن الإمام الباقر عليه السّلام: «مَن أَدمَنَ في فرائضِه ونوافلِه قراءَةَ سورةَ ق، وَسَّعَ اللهُ عَلَيه في رزقِه، وأَعْطَاه كِتابَه بيَمينِه، وحَاسبَه حِسَاباً يَسِيراً».

 

تفسير روائي لآياتٍ من السّورة

«تفسير نور الثّقلين»:

قوله تعالى: ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾ ق:1.

الإمام الصّادق عليه السّلام: «..وَأَمَّا ق [قاف]، فَهُوَ الجَبلُ المُحِيطُ بِالأَرْضِ، وخُضْرةُ السَّماءِ مِنْه، وبِه يُمسِكُ اللهُ الأرضَ أنْ تَمِيْدَ بِأَهْلِها».

قوله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ﴾ ق:9.

الإمام الباقر عليه السّلام: «كَانَتِ السَّمَاءُ رَتْقاً لَا تُنْزِلُ الْمَطَرَ، وكَانَتِ الأَرْضُ رَتْقاً لَا تُنْبِتُ الْحَبَّ، فَلَمَّا خَلَقَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى الْخَلْقَ وبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ، فَتَقَ السَّمَاءَ بِالْمَطَرِ، والأَرْضَ بِنَبَاتِ الْحَبِّ».

قوله تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ..﴾ ق:14.

الإمام الصّادق عليه السّلام: «إنّ تُبَّعاً قَالَ للأَوْسِ والخَزْرَج: كُونُوا هَاهنا حَتّى يَخْرُجَ هَذا النّبِيُّ، أَمَّا أَنَا فَلَو أَدْرَكْتُهُ لَخَدَمْتُهُ وَلَخَرَجْتُ مَعَه». [الأَوس والخَزرَج هم الذين عُرفوا بالأنصار بعد الإسلام]

قوله تعالى: ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ ق:17-18.

* رسول الله صلّى الله عليه وآله: «كَاتِبُ الحَسَناتِ عَلَى يَمينِ الرَّجُل، وَكَاتِبُ السَّيّئاتِ عَلَى شِمَالِه، وَصَاحِبُ اليَمينِ أميرٌ عَلى صَاحِبِ الشّمال، فإذا عَمِلَ حَسَنَةً كَتَبَها مَلَكُ اليَمينِ عَشْراً، وَإذَا عَمِلَ سَيّئةً قَالَ صَاحِبُ اليَمِينِ لِصَاحبِ الشّمال: دَعْهُ سَبْعَ سَاعاتٍ لَعلَّه يُسَبِّحُ أَو يَسْتَغفِر».

** الإمام الصّادق عليه السّلام: «مَا مِنْ قَلْبٍ إلّا وَلَهُ أُذُنان، عَلى إحْدَيهما مَلَكٌ مُرشِدٌ، وَعَلَى الأُخرى شَيْطَانٌ مُفتِنٌ، هَذَا يَأْمُرُه وَهَذا يَزْجُرُه، الشَّيطانُ يَأْمُرُه بِالمَعاصي، والمَلَكُ يَزجُرُه عَنْهَا..».

قوله تعالى: ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾ ق:24.

رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامةِ، يقولُ اللهُ لِي ولِعَليٍّ: أَلْقِيَا فِي النّارِ مَنْ أَبْغَضَكُما، وَأَدْخِلا الجَنّةَ مَنْ أَحَبَّكُمَا..».

قوله تعالى: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾ ق:34.

رسول الله صلّى الله عليه وآله: «أيُّها النّاسُ! أَفْشُوا السَّلامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعامَ، وصَلّوا باللّيلِ والنّاسُ نِيامٌ، تَدخُلوا الجنّةَ بِسَلام».

قوله تعالى:﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾ ق:38.

أمير المؤمنين عليه السّلام: «..أَتْقَنَ [الله تعالى] مَا أَرَادَ خَلْقَه مِنَ الأشياءِ كُلِّها بِلا مِثَالٍ سَبَقَ إلَيْهِ، وَلا لُغُوبٍ [تعب] دَخَلَ عَلَيه في خَلْقِ مَا خلقَ لَديه..».

قوله تعالى: ﴿..وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ ق:39.

سُئل الإمام الصّادق عليه السّلام عن هذه الآية، فقال: «تَقُولُ حِينَ تُصْبِحُ وَحِيْنَ تُمسِي عَشْرَ مرّاتٍ: لَا إِلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَه لَا شَرِيْكَ لَه، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُو عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيْرٌ».

قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾ ق:42.

الإمام الصّادق عليه السّلام: «هِيَ الرَّجْعَةُ».

 

اخبار مرتبطة

  شعائر العدد الواحد و الخمسون -شهر شعبان 1435 - حزيران 2014

شعائر العدد الواحد و الخمسون -شهر شعبان 1435 - حزيران 2014

نفحات