الملف

الملف

28/05/2014

أَدْعِيَـةُ زَمَـنِ الغَيْبـة

أَدْعِيَـةُ زَمَـنِ الغَيْبـة

 

اقرأ في الملفّ

استهلال

فقرة من «الدّعاء في غَيبة القائم عليه السّلام»

هذا الملفّ

«شعائر»

قراءة في الدّعاء للإمام، والتّوسُّل به عليه السّلام

الشّيخ حسين كوراني

من أدعية الأئمّة، للإمام المهديّ صلوات الله عليه

رواية السّيّد ابن طاوس قدّس سرّه

أدعيةٌ لمَعرفة الإمام المهديّ عليه السّلام، وحفظِه ونَصْرِه

إعداد: «أسرة التّحرير»

 

استهلال

أللّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي مِنْ خُصَماءِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهمُ السَّلامُ

«..أللّهُمَّ وَأَحْيِ بِوَلِيِّكَ القُرْآنَ، وَأَرِنا نُورَهُ سَرْمَداً لا لَيْلَ فِيهِ، وَأَحْيِ بِهِ القُلُوبَ المَيِّتَةَ، وَاشْفِ بِهِ الصُّدُورَ الوَغِرَةَ [المظلومة، المتحرّقة]، وَاجْمَعْ بِهِ الأَهْواءَ المُخْتَلِفَةَ عَلى الحَقِّ، وَأَقِمْ بِهِ الحُدُودَ المُعَطَّلَةَ وَالأحْكامَ المُهْمَلَةَ، حَتّى لا يَبْقى حَقٌّ إِلاّ ظَهَرَ، وَلا عَدْلٌ إِلاّ زَهَرَ، وَاجْعَلْنا يا رَبِّ مِنْ أَعْوانِهِ وَمُقَوِّيَةِ سُلْطانِهِ، وَالمُؤْتَمِرِينَ لأمْرِهِ، وَالرَّاِضينَ بِفِعْلِهِ، وَالمُسَلِّمِينَ لأحْكامِهِ وَمِمَّنْ لا حاجَةَ بِهِ إِلى التَّقِيَّةِ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَنْتَ يا رَبِّ الَّذِي تَكْشِفُ الضُّرَّ وَتُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذا دَعاكَ، وَتُنْجِي مِنَ الكَرْبِ العَظِيمِ، فَاكْشِفِ الضُّرَّ عَنْ وَلِيِّكَ، وَاجْعَلْهُ خَلِيفَةً فِي أَرْضِكَ كَما ضَمِنْتَ لَهُ.

أللّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي مِنْ خُصَماءِ آل مُحَمَّدٍ عَلَيْهمُ السَّلامُ، وَلا تَجْعَلْنِي مِنْ أعْداءِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهمُ السَّلامُ، وَلا تَجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ الحَنْقِ وَالغَيْظِ عَلى آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهمُ السَّلامُ، فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ذلِكَ فَأَعِذْنِي وَأَسْتَجِيرُ بِكَ فَأَجِرْنِي.

أللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْنِي بِهِمْ فائِزاً عِنْدَكَ فِي الدُّنْيا وَالآخرةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ. آمِينَ رَبَّ العالَمِين».

(السّيّد ابن طاوس، جمال الأسبوع: ص 315)

 


هذا الملفّ

الدّعاء للمعصوم: من أولويّات خصائص المؤمن أن يكونَ دعاؤُه لرسول الله صلّى الله عليه وآله، وأهلِ بيته المعصومين، ولإمامِ زمانه بالخصوص أكثرَ من دعائه لنفسه، ليلتزم بذلك ما بلَّغه المصطفى الحبيب عن الله تعالى: «لا يُؤمِنُ أحَدُكُمْ حَتّى أَكونَ أَحَبَّ إلَيهِ من نَفْسِه، وتَكونَ عِترَتي أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ عِترَتِه».

وعلى هذا الأساس ينبغي أن نفهم تأكيد العلماء أنّ الدّعاء للإمام، والصّدَقة عنه عليه السّلام - وسائر الأعمال المُستحبّة مثلهما - مُقدّمٌ على النّفس في كلّ حال.

قال السّيّد ابن طاوس عليه الرّحمة:

«فكُن في موالاته، والوفاء له، وتعلُّق الخاطر به، على قَدْرِ مُرادِ الله جَلَّ جَلالُه، ومُرادِ رسوله صلّى الله عليه وآله، ومُراد آبائه عليهم السّلام ومُراده عليه السّلام منك، وقَدِّمْ حَوائِجَهُ على حَوائِجِكَ عند صلاة الحاجات كما ذكرناه في كتاب (المُهمّات والتّتمّات)، والصّدقة عنه قبل الصّدقة عنك، وعمّن يعزّ عليك، والدّعاء له قبل الدّعاء لك، وقدِّمْه في كلّ خير يكون وفاءً له ومُقْتضياً لإقبالِه عليك، وإحسانِه إليك، فاعرضْ حاجتَك عليه [كلّ اثنَين وخميس] من كلّ أسبوع، لما يجب له من أدب الخضوع، وقُلْ عند خطابه، بعد السّلام عليه، بما ذكرناه في أواخر الأجزاء من كتاب (المُهمّات) من الزّيارة التي أوّلها (سَلامُ اللهِ الكامل):

﴿..يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾ يوسف:88».

وسَيأتي في مطاوي هذا الباب «الدّعاء» أنّ عدداً من الأئمّة كانوا يدعون للإمام المهديّ، عليهم جميعاً صلوات الرّحمن، الأمر الذي يُعطي بُعداً آخر نوعيّاً لموضوع الدّعاء له عليه السّلام.

ويَنبغي التّنبّه جيّداً إلى أنّ جوهر الدّعاء للمعصوم هو توسّلٌ إلى الله تعالى بالمعصوم، لأنّ المُحتاج، حقيقةً، إلى هذا الدّعاء وإلى نتائج استجابته هو الدّاعي. لذلك أمكن القول إنّ جميع موارد الدّعاء للمعصوم هي بمعنى «وتقبّلْ شَفاعَتَهُ في أُمَّتِهِ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ»، أي لتتّسع دائرة مَن تُشفِّعه فيهم، فيرتفع فينا منسوبُ الأمل بشمول الشّفاعة لنا.

* على أبواب عصر الظّهور

مهما كان الظّهور قريباً أو بعيداً، فإنّ هذا العصر هو من أبواب الظّهور المُرتقَب والمضمون بضمانِ الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وآله، وضمانِ أهل البيت عليهم السّلام، وتَمسّ الحاجة في كلّ عصر - خاصّةً في عصر الانتصارات المُؤزَّرة، القرن الخامس عشر الهجريّ الذي هو بتعريف عبد الله المُسّدد الإمام الخمينيّ قدّس سرّه «قرن تحطيم الأصنام الكبيرة» -تَمسّ الحاجة إلى تمتين المُؤمن علاقته بوليِّ الله الأعظم، آخر أوصياء رسول الله صلّى الله عليه وآله.

من هنا ارتأَتْ «شعائر» أن تُقدّمَ إلى المؤمنين تَتبُّعاً وافياً لأدعية زمن الغَيْبَة التي تندرج تحت عنوان «الدُّعاء للإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشّريف»، وقد اقتبَسنا ذلك من كتاب (آداب عصر الغَيبة) للشّيخ حسين كوراني، الذي راجع المادّة، وأضاف بعض التّوضيحات، وأعاد تقديم الأدعية في عُنْوانَيْن:

الأوّل: من أدعية الأئمّة للإمام المهديّ عليه السّلام.

الثّاني: أدعية لمعرفته، عليه السّلام، وتعجيل الفَرَج.

تحت هذَين العُنوانَيْنِ جَرى تقديم أربعة عشر دُعاءً من أدعية الغَيْبَة، وتجدر الإشارة إلى أنّ مصادر هذه الأدعية، كلّها، قد وردت في الكتاب المذكور.

«شعائر»

  

قراءة في الدّعاء للإمام، والتّوسُّل به عليه السّلام

إنْ نَابَتْكَ نَائبَةٌ، واعْصَوْصَبَ الأمرُ، فَعَليْكَ بالدُّعَاء

ـــــ الشّيخ حسين كوراني ـــــ

يجري الحديث هنا عن قسمَيْن من الدّعاء:

أ) الدّعاء لمعرفته، عليه صلوات الرّحمن، والثّبات على ولايته، باعتباره حجّةَ الله تعالى على خَلْقِه.

ب) الدّعاء له، عليه السّلام، لحفظِه ونُصرته.

وفي المجالَيْن أدعيةٌ كثيرة. يُقتصَرُ في ما يلي على ذِكر الأدعية المُختصَرة والمُتَوسّطة، مع الإحالة في غيرها إلى المصادر المُختصّة.

 

ينبغي أن يُفْرَدَ كتابٌ مُستقلٌّ للأدعية الواردة في هذا المجال، لكَثرتها وأهمّيّتها.

والعنوان الأبرز في باب الدّعاء للإمام، عليه صلوات الرّحمن، أنّه ليس مَحدوداً بوقتٍ ولا مكان، ولا حالٍ دون حال، فهو وليّ الله تعالى، وكما يجبُ أن تكونَ العلاقةُ بالله عزَّ وجلَّ في كلّ حال، فكذلك هو شأن فَرعِها والباب الحصريّ إليها بأمره، جَلَّ ثَناؤه، وهو العلاقة بوليّ الله تعالى، الذي به يتوجّه سائرُ الأولياء إلى الله الواحد الأحد تَقدّست أسماؤه.

لسانُ حال المُوَحِّد المُحِبّ لله تعالى، والمُحبّ - بالتّبع - لأوليائه سبحانه:

 

خَيَالُكَ فِي عَيْنِي وَذِكْرُكَ فِي فَمِي

وَمَثْوَاكَ فِي قَلْبِي فَأَيْنَ تَغِيبُ؟

***

جَاؤوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ!

لا يوجد أيّ مانعٍ شرعيّ يمنعُ من التّوسّل إلى الله تعالى بنَبيّه المُصطفى وأهل بيتِه، صلّى الله عليه وعليهم، والاستغاثة بهم.

فالغارقُ في بحار الذّنوب لا يُمكنه إلّا أن يلتجأَ إلى مَنْ أمَرَ اللهُ تعالى بالرّجوع إليهم.

والتّوسّل مَبدأٌ قرآنيٌّ واضح، وهو صَريحُ العقل، والعمودُ الفقريّ في حركة الحياة، ومُقتضى الحاجة إلى الهواء والماء والدّواء.

ومَن أنكر هذه الحقيقة الصُّراح، فَلْيَلجَأْ إلى التّوسُّل ليشفى من مرضِه العُضال الذي أفقدَه حاسّةَ الإنسانيّة الأولى في التّعامل مع البديهيّات.

***

* من نِعَمِ اللهِ تعالى علينا أنّه اختار سيّدَ الأوّلين والأخرين، خاتَمَ الأنبياء، رسولاً يبلّغنا رسالة ربّنا.

* ومن نِعَمه، عزَّ وجلَّ، أنّه أَذِنَ لنا بأن نلجأ إليه سبحانه «مِن غَيرِ شَفِيعٍ»، نُناجيه سبحانه ونطلبُ منه التّسديدَ والصَّفحَ والغُفران.

* ومن نِعَمِه، جلّت آلاؤه، أنّه أتاحَ لنا إذا مسَّنا الضّرُّ وداهَمَنا الخطر، وبلغتِ المعاصي ونتائجُها حدَّ الحاجة إلى ما يعزّز فينا الأملَ بالقبول، ويَحولُ دون تمكُّنِ اليأسِ من قلوبِنا والنّفوس، أن نقفَ بباب المصطفى الحبيب، صلّى الله عليه وآله، نستعين برسول الله ليستغفرَ لنا اللهُ تعالى: ﴿..وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾! النّساء:64.

أيّ ضُرٍّ فوق ضُرّ الذّنوب، التي يتعاظمُ ظُلمُها ليبلغَ ظلماتِ الشِّرْكِ بالله تعالى.

وأيُّ داهمِ خطرٍ يُضارِعُ خطرَها؟

وإذا كان الملجأُ في الذّنوب هو المصطفى، صلّى الله عليه وآله، فقد اتّضحَ أنّه الملجأ في كلِّ شِدّة، ثمّ إنّ الشّدائد عموماً نتائجُ ذنوب، فما يُصيبنا هو بما كَسَبت أيدينا.

* ومن نِعَمِهِ، عزَّ وجلَّ، أنّه جعلَ هذا الوقوف ببابِ رسولِه، الذي هو الوقوفُ ببابِه سبحانه، أصلاً ثابتاً ومبدأً قائماً، ما قامتِ السّماواتُ واستدارَ الوجود.

لا يُبلي الجديدان - ولا الخلود - القِيَم، فهي باتّصالها بالله تعالى فوقَ دورة الزّمن، فكيف يَخطرُ ببالِ مُحمّديٍّ أن يطويَ كَرُّ القرون، ولو وَمْضَةً من النّور الأوّل الذي خلقَ اللهُ تعالى منه كلَّ خير!!

* ومن نِعَمه، تقدّست آلاؤه، تعدُّدُ تجليّاتِ الحقيقة المُحمّديّة: مِنْ نَفْسِه المرتضى، وروحِه الصّديقة الكبرى، إلى بقيّتِه، بقيّةِ الله تعالى المَهديّ المنتظَر.

ولكلٍّ من هذه التّجلّيات المُحمّديّة والنِّعَم الإلهيّة حديثٌ ذو شجون.

ألا تَرى فيضَ اللّطفِ الغامرِ في مُجرّد فتحِ باب التّوبة، فكيفَ إذا تعدّدت سُبُلُ قبولِها وتعزّزت العواملُ المُساعدةُ لتُوفِّرِ ما لا يُمكن إلّا بالتّفضُّل وغايةِ الجُود.

«عن سلمان الفارسيّ قال: سمعتُ مُحمّداً، صلّى الله عليه وآله، يقول: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقولُ: يا عِبادي، أوَلَيْسَ مَنْ لَهُ إِلَيْكُمْ حَوائِجُ كِبارٌ لا تَجودونَ بِها إلَّا أَنْ يَتَحَمَّلَ عَلَيْكُمْ بِأَحَبِّ الخَلْقِ إِلَيْكُمْ، تَقْضونَها كَرامةً لِشفيعِهِمْ؟ أَلا فَاعْلَمُوا أنَّ أَكْرَمَ الخَلْقِ عَلَيَّ، وَأَفْضلَهُمْ لَدَيَّ، مُحَمَّدٌ وَأَخوهُ عَلِيٌّ، وَمِنْ بَعْدِهِ الأَئِمَّةُ الَّذين هُمُ الوَسائِلُ إِلى الله، أَلا فَلْيَدْعُني مَنْ هَمَّتْهُ حاجَةٌ يُريدُ نُجْحَها، أَوْ دَهَتْهُ داهِيَةٌ يُريدُ كَشْفَ ضَرَرِها بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ، أَقْضِها لَهُ أَحْسَنَ ما (ممّا) يَقْضيها مَنْ تَسْتَشْفِعونَ بِأَعَزِّ الخَلْقِ عَلَيْهِ..».

ألَيسَ تعدُّد الوسائل أبلغَ الرّسائل التي تختزنُ من مَنسوب الحُبّ ما يُسهِّلُ كلَّ صَعبٍ فيتحقّقُ الوصول!

سُبْحَانَكَ مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقاقِها! سُبْحانَك!

«وَلَوْ دَلَّ مَخْلُوقٌ مَخْلُوقاً مِنْ نَفْسِه عَلَى مَا دَلَلْتَ عَلَيْهِ عِبَادَكَ مِنْكَ، كَانَ مَوْصُوفاً بِالإِحْسَانِ، ومَنْعُوتاً بِالامْتِنَانِ، ومَحْمُوداً بِكُلِّ لِسَانٍ، فَلَكَ الْحَمْدُ مَا وُجِدَ فِي حَمْدِكَ مَذْهَبٌ، ومَا بَقِيَ لِلْحَمْدِ لَفْظٌ يُحْمَدُ بِه، ومَعْنًى يُصْرَفُ إِلَيْه، يَا مَنْ تَحَمَّدَ إِلَى عِبَادِهِ بِالإِحْسَانِ والْفَضْلِ، وعَامَلَهُم بِالْمَنِّ وَالطَّوْلِ، مَا أَفْشَى فِينَا نِعَمَكَ! وأَسْبَغَ عَلَيْنَا مِنَنَكَ! وأَخَصَّنَا بِبِرِّكَ، هَدَيْتَنَا لِدِينِكَ الَّذِي اصْطَفَيْتَ، ومِلَّتِكَ الَّتِي ارْتَضَيْتَ، وسَبِيلِكَ الَّذِي سَهَّلْتَ، وبَصَّرْتَنَا مَا يُوجِبُ الزُّلْفَةَ إلَيْكَ، والْوُصُولَ إِلَى كَرَامَتِكَ..». (من أدعية الصّحيفة السّجّاديّة)

لمْ يَترك أرحمُ الرّاحمين غَرقى بحارِ البُعد عنه في كلِّ عصر، وبالتّالي غَرقى تلاطُمِ الهَمِّ والغَمِّ دون رَسْمِ معالمِ السّبيل إلى شاطئ الأمن، لينعموا بالفرج.

أهابَ بالجميع: ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾! المائدة:35

وأتاح لكلّ مكروبٍ أن يتلقّى من ربّه كلمات!

وكما قضى، سبحانه، أن يكونَ بدءُ الوسيلةِ والكلماتِ مُحمّديّاً، كان كذلك قضاؤه في الاستمرار ومِسك الختام.

وهل تتلخّصُ مسيرةُ الإنسان في دروب الهداية إلّا ببارقة نورٍ تلوحُ في أُفُق النّفْس، تتلوها استغاثةُ المُقيمِ في الظّلمات، ليتحقَّقَ باللّطفِ الوُصولُ، وتكونَ النّجاة.

وهل من جوهرٍ للحقيقةِ المُحمّديّة - بكلّ التّجلّيات - غير إغاثةِ الملهوف، وإنقاذِ الغريق!

لم يعرفْ تاريخُ البشريّة، ولن يعرفَ، صاحبَ أمرٍ لهذه الوسيلة المُحمّديّة تَمتدُّ إمامتُه المباشرة ظاهراً وباطناً للزّمان والمكان، والأجيال والقرون، مثلَ آخر أوصياء المصطفى الحبيب:

«خاتَمُ الولاية المُحمّديّة، ومقبضُ فيوضات الأحمديّة الذي يظهرُ بالرّبوبيّة بعدما ظهرَ آباؤه، عليهم السّلام، بالعبوديّة، فإنّ العُبوديّة جوهرةٌ كُنْهُها الرّبوبيّة، خليفةُ الله في المُلكِ والمَلَكوت، وإمامُ أئمّةِ قُطّان الجبروت، جامعُ أحديّةِ الأسماء الإلهيّة، ومَظهرُ تجلّياتِ الأوليّة والآخريّة، الحجّةُ الغائِبُ المنتظَر، ونتيجةُ مَن سَلَفَ وغَبَر، أرواحُنا له الفداء، وجعلَنا اللهُ من أنصارِه». (من إجازة الإمام الخمينيّ الفلسفيّة للميرزا جواد الهمدانيّ عام 1354 هجري قمري، صحيفه نور: ج 1، ص 4 – 6، والنّصّ في الأصل بالعربيّة)

على أعتاب انتظاره القُدسيّ، تبحثُ القلوبُ المحمّديّةُ عن طاعةِ رسولِ الله، لتُحقِّقَ طاعةَ الله تعالى.

وعلى هذه الأعتاب الرّؤوفة الرّحيمة، تَتماهى كلُّ تَموّجاتِ الحَنين إلى النّور، وتلاوينِ الحبّ والهيام، لترسمَ المشهدَ التّوحيديّ الأبهى: بنسختِه المُحمّديّة!

وبهذا الباب، وعلى هذه الأعتاب، تزدهرُ الآمال، وتُشرِقُ أرضُ العقول والقلوب بِنُور ربّها – فالمُتَّصِلُ بالمُتَّصلِ متَّصِلٌ - فتَنجلي غَياهبُ الغُربة والوحشة، وتتبدّدُ دياجيرُ الغُموم والهُموم، وتُستَبدلُ الآلامُ وتَتلاشى.

إنّه النّورُ المُحمّديُّ الذي يَهَبُ الشّمسَ بإذنِ الله تعالى الضّياءَ.

بابُ اللهِ الذي مِنه يُؤْتى!

السّببُ المُتَّصِلُ بين الأرضِ والسّماء!

إنْ نَابَتْكَ نَائبَةٌ، واعْصَوصَبَ الأَمرُ، واستَحكَم الخَطر، فتَذكَّر وصيّةَ المصطفى الحبيب لللأجيال، مبلّغاً عن أرحم الرّاحمين:

«أَلا فلْيَدْعُني مَن هَمَّتْهُ حاجَةٌ يُريدُ نُجْحَها، أو دَهَتْهُ داهِيَةٌ يُريدُ كَشْفَ ضَرَرِها بمُحَمَّدٍ وآلِه الطَّيِّبينَ الطّاهِرين».

ولا تَنْسَ أنَّ المُوحِّدَ الذي أسلمَ وجهَه لله وهو محسنٌ، يلجأُ إلى الله، تعالى، كما أَمَرَ سبحانه أن يكون اللّجوءُ إليه: ﴿..وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا..﴾ البقرة:189.

في هذا السّياق وعلى أساسِه، جَرى تحديدُ طُرقٍ مُتَعَدّدة، لمن يريدُ الإكثارَ من قَرْعِ الباب المُحمّديّ، الذي لا يُوصَدُ إلّا دون مَن أَوْصَدَهُ بسوءِ ظنّه بالله تعالى.

 

 

 

من أدعية الأئمّة، للإمام المهديّ صلوات الله عليه

أَدْعِيَةُ الصّادِق، وَالكاظِم، والرِّضا عليهم السّلام

--- رواية السّيّد ابن طاوس قدّس سرّه ---

يكشفُ التّدقيقُ في نُصوصِ المَعصومين، عليهم السّلام، حولَ الإمام المهديّ المنتظَر، عليه السّلام، عن بناءِ مَنْظومةِ التّوحيد في المَسارِ العمليّ على وجهِ الأرض على أساسِ إظهارِ الدِّين على الدّين كُلِّه، ولا يتحقّقُ ذلك إلّا على يَدِ «وَعْدِ اللهِ الّذِي ضَمِنَه»، الطّالبِ بثَارِ ثارِ اللهِ تعالى، بقيّةِ الله تَعالى في الأرَضين.

كما يكشفُ التّدقيقُ عظيمَ مَنزلةِ الإمام المَهديّ المُنتظَر عجّل الله تعالى فرجه الشّريف عندَ المعصومين أنفُسِهم ومَدى حبِّهم له، وتَشَوُّقِهم إليه قبلَ ولادتِه، بل وفَرْط اللّهفةِ والحنين.

ما يلي ثلاثة أدعية للأئمّة: الصّادق، والكاظم، والرّضا، عليهم السّلام، في الحَنين إلى المهديِّ المُنتظَر عليهم جميعاً صلواتُ الله تعالى.

 

قال السّيّد ابن طاوس عليه الرّحمة:

«قدّمنا في جملةِ عملِ اليوم واللّيلة من اهتمامِ أهلِ القُدوة بالدّعاء للمهديّ صلواتُ الله عليه في ما مضى من الأزمان، ما يُنبِّهُ على أنّ الدّعاءَ له من مُهمّات أهل الإسلام والإيمان، حتّى رَوَيْنا في تعقيبِ الظّهر من عملِ اليوم واللّيلة دعاءَ الصّادق جعفر بن محمّد صلوات الله عليه، قد دعا به للمَهديّ عليه السّلام، أبلغَ من الدّعاء لنفسه سلامُ الله عليه، وقد ذكَرنا في ما رويناه في تعقيبِ صلاة العصر من عملِ اليوم واللّيلة أيضاً، فصلاً جميلاً قد دعا به الكاظمُ موسى بنُ جعفر للمهديّ عليهم السّلام، أبلغَ من الدّعاء لنفسِه صلواتُ الله عليهما، وفي الاقتداء بالصّادقِ والكاظمِ عليهما السّلام عذرٌ لمَن عرفَ محلَّهما في الإسلام.

وسنذكرُ أيضاً أمْرَ الرّضا عليّ بن موسى، صلوات الله عليهما، وأمْرَ غيره بالدّعاء للمهديّ صلوات الله عليه، ودعاءً كان يدعو به، صلوات الله عليه.

( 1 )

الدّعاءُ المَرْوِيُّ عَنِ الإِمامِ الصّادِقِ عليه السّلام

* قال السّيّد ابن طاوس في (فلاح السّائل: ص 171):

ومن المُهمّات عقيبَ صلاة الظّهر، الاقتداءُ بالصّادق عليه السّلام في الدّعاءِ للمهديّ عليه السّلام، الذي بشّرَ به مُحمّدٌ رسولُ الله، صلّى الله عليه وآله، أُمَّتَهُ في صحيحِ الرّوايات، ووَعدَهم أنّه يظهرُ في آخرِ الأوقات، كما رواه ".." عن عبّاد بن محمّد المداينيّ، قال:

«دخلتُ على أبي عبد الله [الصّادق] عليه السّلام بالمَدينةِ حين فرغَ من مكتوبةِ الظُّهر، وقد رفعَ يدَيه إلى السّماء، ويقول:

أيْ سامِعَ كلِّ صَوْت، أيْ جَامِعَ كُلِّ فَوْت، أيْ بارِئَ كُلِّ نَفْسٍ بَعْدَ المَوْتِ، أيْ باعِثُ، أَيْ وَارِثُ، أيْ سَيِّدَ السَّادةِ، أيْ إلَهَ الآلِهَةِ، أيْ جَبَّارَ الجَبَابِرَةِ، أيْ مَلِكَ الدُّنْيا والآخِرَةِ، أيْ رَبَّ الأرْبَابِ، أيْ مَلِكَ المُلوكِ، أيْ بَطَّاشُ، أيْ ذا البَطْشِ الشَّدِيدِ، أيْ فَعّالاً لِمَا يُريدُ، أيْ مُحْصِيَ عَدَدِ الأَنْفاسِ وَنَقْلِ الأقْدامِ، أيْ مَنِ السِّرُّ عِنْدَهُ عَلانِيَة، أيْ مُبدِي، أيْ مُعيدُ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلى خِيَرَتِكَ مِن خَلْقِكَ، وَبِحَقِّهِم الّذي أَوْجَبْتَ لَهُم على نَفْسِكَ، أنْ تُصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وأَهْلِ بَيْتِهِ وأنْ تَمُنَّ عليَّ، السّاعَةَ، بِفَكاكِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، وَأَنْجِزْ لِوَلِيِّكَ وابْنِ نَبِيِّكَ الدَّاعِي إِلَيْكَ بِإِذْنِكَ، وَأَمِينِكَ فِي خَلْقِكَ وَعَيْنِكَ فِي عِبادِكَ وَحُجَّتِكَ على خَلْقِكَ، عَليهِ صَلواتُكَ وَبَرَكاتُكُ، وَعْدَهُ. أللَّهُمَّ أيِّدْهُ بِنَصْرِكَ وانْصُرْ عَبْدَكَ وَقَوِّ أصْحابَهُ وَصَبِّرْهُم وافْتَحْ لَهُم مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً، وَعَجِّلْ فَرَجَهُ وأَمْكِنْهُ مِنْ أعدائِكَ وأَعْداءِ رَسُولِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

قلتُ: أليسَ قد دعوتَ لنَفسِكَ، جُعِلتُ فِدَاكَ؟

 قال: دَعَوْتُ لِنُورِ آلِ مُحَمَّدٍ، وسائِقِهِمْ (سابقِهم)، والمُنتَقِمِ بِأَمْرِ اللهِ مِنْ أَعْدائِهِمْ.

 قلت: مَتى يكونُ خروجُه، جعلَني اللهُ فِداك؟

قال: إِذا شاءَ مَنْ لَه الخَلْقُ والأَمْرُ.

 قلت: فلَه علامةٌ قبلَ ذلك؟

 قال: نَعَمْ، عَلاماتٌ شَتّى.

 قلت: مثل ماذا؟

 قال: خُروجُ رايَةٍ مِنَ المَشْرِقِ، وَرايَةٍ مِنَ المَغْرِبِ، وَفِتْنَةٌ تُظِلُّ (تُضِلُّ) أَهْلَ الزَّوْراءِ، وَخُروجُ رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ عَمّي زَيْدٍ بِاليَمَنِ، وَانْتِهابُ سِتارَةِ البَيْتِ.

 

* توضيح: أَوْرَدَ الشّيخُ الطّوسيّ في (مصباح المُتهجّد)، والكفعميّ في (المصباح) هذا الدّعاء كتَعقيبٍ لصلاة الظّهر، ولم يَنسباه إلى الإمام الصّادق، عليه السّلام، وذَكرا بدل «أي»، في جميع الموارد: «يا».

 

( 2 )

الدُّعاءُ المَرْوِيُّ عَن الإمام الكاظِم عليه السّلام

 قال السّيّد ابن طاوس عليه الرّحمة:

ومن المُهمّات بعد صلاة العصر، الاقتداءُ بمولانا موسى بن جعفر الكاظم، عليه السّلام، في الدّعاء لمولانا المهديّ، صلواتُ الله وسلامُه وبَركاتُه على محمّدٍ جدِّه، وبلّغَ ذلك إليه، كما رواه محمّد بن بشير الأزْدِيّ، قال: حدّثنا أحمد بن عمر بن موسى الكاتب، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن جمهور القمّيّ، عن أبيه محمّد بن جمهور، عن يحيى بن الفضل النّوفليّ، قال:

دخلتُ على أبى الحسن موسى بن جعفر، عليه السّلام، بِبَغداد، حين فرغَ من صلاة العصر، فرفع يدَيه إلى السّماء، وسمعتُه يقول:

«أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ، الأوّلُ والآخِرُ والظَّاهِرُ والبَاطِنُ، وأَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ، إليكَ زِيادَةُ الأشْياءِ ونُقْصَانُها، وأَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَ الخَلْقَ بِغَيْرِ مَعُونَةٍ مِنْ غَيْرِكَ، وَلَا حَاجةٍ إلَيْهم.

أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ، مِنْكَ المَشِيَّةُ وإلَيْكَ البَدْءُ، أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ قَبْلَ القَبْلِ وخَالقُ القَبْلِ، أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ بَعْدَ البَعْدِ، وخَالِقُ البَعْدِ، أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ تَمْحُو مَا تَشاءُ وتُثْبِتُ وَعِنْدَكَ أمُّ الكِتابِ.

أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ غايةُ كلِّ شيءٍ وَوارِثُه. أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ لا يَعْزُبُ عنك الدَّقيقُ ولا الجَليلُ.

أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إلَّا أنْتَ لا يَخْفَى عَلَيْكَ اللُّغاتُ، ولا تَتَشابَهُ عَلَيْكَ الأصْواتُ. كلَّ يَوْمٍ أَنْتَ فِي شَأنٍ. لا يَشْغَلُكَ شَأْنٌ عَنْ شَأْنٍ. عَالِمُ الغَيْبِ وأَخْفَى. دَيّانُ الدِّينِ، مُدَبِّرُ الأمُورِ، بَاعِثُ مَن في القُبورِ، مُحْيِي العِظامَ وهيَ رَمِيم.

أسألُكَ بِاسْمِكَ المَكْنُونِ المَخْزُونِ الحَيِّ القَيُّومِ، الَّذِي لا يَخِيبُ مَنْ سَأَلَكَ بِهِ، أنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وأنْ تُعَجِّلَ فَرَجَ المُنْتَقِمِ لَكَ مِنْ أَعْدَائِكَ، وأَنْجِزْ لَهُ مَا وَعَدْتَهُ يَا ذَا الجَلالِ والإكْرامِ».

* قال [الرّاوي]: قلتُ: مَنِ المَدْعُوُّ لَه؟

قال: [الإمام الكاظم عليه السّلام]: ذَلِكَ المَهدِيُّ من آلِ مُحَمَّدٍ صلّى اللهُ عليه وآله. [ثمّ] قال: بِأَبي، (المُنتدَحُ) البَطنِ، المَقْرونُ الحَاجِبَيْنِ، أَحْمَشُ السَّاقَين، بَعيدُ ما بَيْنَ المَنكِبَيْن، أَسْمَرُ اللّونِ يَعتادُه (يَعتَوِرُه) مَعَ سُمرَتِه صُفْرَةٌ من سَهَرِ اللّيل. بأبي، مَن لَيلُهُ يَرعَى النّجومَ سَاجِداً ورَاكِعاً. بِأَبي، مَنْ لا يَأْخُذُهُ في اللهِ لَوْمَةُ لائِمٍ، مِصْباحُ الدُّجى، بِأَبي، القائِمُ بِأَمْرِ اللهِ.

قلت: مَتى خروجُه؟

قال: إِذا رَأَيْتَ العَساكِرَ بِالأَنْبارِ على شَاطِئِ الفُراتِ وَالصَّراةِ وَدِجْلَةَ، وهَدْمَ قَنْطَرةِ الكوفَة، وَإِحْراقَ بَعْضِ بُيوتاتِ الكوفَة، فَإِذا رَأَيْتَ ذَلِكَ، فَإِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ، لا غالِبَ لِأَمْرِ الله، وَلا مُعَقِّبَ لحُكْمِه.

(السّيّد ابن طاوس، فلاح السّائل: ص 200)

توضيحات

1- المُنتَدَح البَطن: وقعَ تصحيفٌ متعدّدٌ في لفظ المنتَدَح، والرّاجح أنّه كما أُثبتَ هنا. وفي (البحار: 83/82):

«(والمنتدح) المتّسع»، و(في لسان العرب: 2/434): «المُنْتَدَح أَيضاً: الأَرضُ الواسعة، ومنه قولُهم: لي عَن هذا الأَمرِ مَنْدوحة ومُنْتَدَحٌ أَي سَعَة».

* ولا ينحصر معنى «البَطن» بالمتبادر، وهو بَطنُ الإنسان، بل يُستَعمل بمعنى الباطن، كما في الحديث: «إنّ القُرآنَ لَه ظَهْرٌ وبَطْنٌ». ولا يكفي سياقُ الرّواية هنا لتَعيينِ أنّ المُرادَ هو هذا المعنى المُتعارَف من «البطن»، لأنّ مَعنى «المُتَّسِع البَطن» يُذكِّر بمَعنى «البَطين الأنْزَع» في وصفِ جَدِّه أميرِ المؤمنين، عليه السّلام، وهو البَطينُ بلا بِطْنَة، والبَطينُ من العِلم. عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «يَا عَلِيُّ، إنّ اللهَ تَعالى قَد غَفَرَ لكَ، ولأَهلِكَ، ولِشيعَتِكَ، ومُحِبِّي شِيعتِكَ، ومُحِبّي مُحِبّي شِيعَتِك، فَأَبْشِر فإنّكَ الأنزَعُ البَطينُ، مَنْزُوعٌ من الشِّرْكِ، بَطينٌ من العِلْمِ». (الشّيخ الصّدوق، عيون أخبار الرّضا عليه السّلام: ج 2، ص 52)

* وفي (مصباح الكفعميّ: ص 135)، في دعاء السّاعة الثّانية من أدعية النّهار: «وأتَوسَّلُ إليكَ بالأَنْزَعِ البطينِ عِلماً، وبالإمامِ الزَّكيِّ الحَسَنِ المَقتولِ سمّاً، فَقدِ استَشفعتُ بِهم إليكَ، وقَدّمتُهم أَمامي، وبينَ يدَي حَوائجِي، فأَسألُكَ أن تزيدَني من لَدُنْكَ عِلْماً، وَتَهَبَ لي حُكماً».

2- «الصَّراة» بفتح الصّاد. في (لسان العرب): «كلُّ ماءٍ مُجْتَمِعٍ صَرىً ، ومنه الصَّراة ".." والصَّراة : نهرٌ معروف، وقِيل: هو نَهرٌ بالعراق، وهي العُظمى والصُّغرى». ويَظهرُ من المصادر أنّ «الصَّراة» قناةٌ عريضةٌ، كالنَّهر، تربطُ بين الفرات ودِجلَة، تبدأُ عند «المحوّل» على فرسَخٍ من بغداد. قال الحَمْوِيّ في (مُعجم البلدان): «الصَّراة: بالفَتح، قال الفَرّاء: يُقال هو الصّرى، والصّرى للماءِ يطولُ استنقاعُه، وقال أبو عمرو: إذا طال مَكْثُه وتَغيّر، وقد صَرِيَ الماءُ، بالكَسر، وهذه نطفةٌ صَراة، وهما نَهرانِ ببَغداد: الصّراةُ الكُبرى والصّراةُ الصُّغرى، ولا أعرفُ أنا إلّا واحدة، وهو نَهرٌ يأخذُ من نهر عيسى من عند بلدةٍ يُقال لها المُحَوَّل، بينها وبين بغداد فرسَخ، ويَسقي ضياعَ بادوريا، ويتفرّعُ منه أنهارٌ إلى أن يصلَ إلى بغدادَ فيمرّ بقنطرةِ العبّاس، ثمّ قنطرة الصّبيبات، ثمّ قنطرة رَحا البطريق، ثمّ القنطرة العَتيقة، ثمّ القَنطرة الجديدة، ويصبّ في دجلة، ولم يبقَ عليه الآن إلّا القنطرة العَتيقة والجَديدة».

* وعليه فيبدو أنّ المعنى المُراد في الرّواية هو نزولُ العساكر بالأنبار، وعلى شَواطئ مَجاري الماء في العراق، وهي دجلة والفرات، والتّحويلة التي تربطُ بينَهما، وهي الصَّراة.

3- الأنبار: فارسيّة معناها «المَخزن». قال البلاذريّ في (فتوح البلدان: ص 301): «وإنّما سُمّيتِ الأنبار لأنّ أهراءَ العجَم [أي مخازنهم] كانت بها. وكان أصحابُ النّعمان وصنائعه يُعْطون أرزاقهم منها.

 

( 3 )

الدّعاءُ لِصاحبِ الأَمْرِ المَرْوِيُّ عَنِ الرِّضا عليهما أفضلُ السّلام

أوردَ السّيدُ ابن طاوس لهذا الدّعاء رِوايَتَيْن، وهذه الواردة هنا هي الثّانية، وَلْيُلاحَظ أنّ الشّيخ الطّوسيّ قد أوردَ في (المصباح) غيرَ هذه الرّواية.

قال السّيّد ابنُ طاوس عليه الرّحمة:

عن مولانا أبي الحسن عليِّ بن موسى الرّضا عليهما السّلام، أنّه كانَ يأمرُ بالدّعاء للحجّة صاحب الزّمان عليه السّلام، فكانَ من دُعائه له صلواتُ الله عليهما:

أللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ محَمَّدٍ، وادْفَعْ عَنْ وَلِيِّكَ وَخَليفَتِكَ وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَلِسانِكَ الْمُعَبِّرِ عَنْكَ بِإذنِكَ، النّاطِقِ بِحِكْمَتِكَ وَعَيْنِكَ النّاظِرَةِ في بَرِيَّتِكَ، وَشاهِدِاً عَلى عِبادِكَ، الْجَحْجاحِ (الكريم، المعظَّم) المجاهِدِ المُجْتَهِد، عَبْدِكَ الْعائِذِ بِكَ.

أللَّهُمَّ وَأَعِذْهُ مِنْ شَرِّ ما خَلَقْتَ وَذَرَأْتَ وَبَرَأْتَ وَأَنْشَأْتَ وَصَوَّرْتَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ، وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ بِحِفْظِكَ الَّذي لا يَضيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ، وَاحْفَظْ فيهِ رَسوُلَكَ ووَصِيَّ رَسوُلِكَ، وَآباءَهُ، أئِمَّتَكَ وَدَعائِمَ دينِكَ، صلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِين، وَاجْعَلْهُ في وَديعَتِكَ الَّتي لا تَضيعُ، وَفي جَوارِكَ الَّذي لا يُخْفَرُ، وَفي مَنْعِكَ وَعِزِّكَ الَّذي لا يُقْهَرُ.

أللَّهُمَّ وَآمِنْهُ بِأمانِكَ الْوَثيقِ الَّذي لا يُخْذَلُ مَنْ آمَنْتَهُ بِهِ، وَاجْعَلْهُ في كَنَفِكَ الَّذي لا يُضامُ مَنْ كانَ فيهِ، وَانْصُرْهُ بِنَصْرِكَ الْعَزيزِ، وَأيِّدْهُ بِجُنْدِكَ الْغالِبِ، وَقَوِّهِ بِقُوَّتِكَ، وَأرْدِفْهُ بِملائِكَتِكَ.

أللَّهُمَّ وَالِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ، وَألْبِسْهُ دِرْعَكَ الْحَصينَةَ وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ حَفّاً.

أللَّهُمَّ وبَلِّغْهُ أَفْضَلَ ما بلَّغْتَ القائِلينَ بِقِسْطِكَ مِنْ أَتْباعِ النَّبِيّين. أللَّهُمَّ اشْعَبْ بِهِ الصَّدْعَ، وَارْتُقْ بِهِ الْفَتْقَ، وَأمِتْ بِهِ الْجَوْرَ، وَأظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ، وَزَيِّنْ بِطُولِ بَقائِهِ الأرْضَ، وَأيِّدْهُ بِالنَّصْرِ، وَانْصُرْهُ بِالرُّعْبِ، وافْتَحْ لهُ فتحاً يَسيراً، واجْعَلْ لهُ مِنْ لَدُنْكَ عَلى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِ سُلْطاناً نَصيراً. أللَّهُمَّ اجْعَلْهُ القائِمَ المُنْتَظَر، والإمامَ الّذي به تَنتَصِر، وأيِّدهُ بِنَصْرٍ عَزيزٍ وَفَتْحٍ قَريبٍ، وَوَرِّثْهُ مَشارِقَ الأرضِ ومغارِبَها اللّاتي باركْتَ فيها، وأحيِ بِهِ سُنَّةَ نبيِّكَ، صلواتُكَ عليه وآله، حتّى لا يَسْتَخْفِيَ بشَيءٍ مِنَ الحَقِّ مَخافةَ أَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ، وَقَوِّ ناصِرَهُ، وَاخْذُلْ خاذِلَهُ، وَدَمْدِمْ عَلَى مَنْ نَصَبَ لَهُ، وَدَمِّرْ على مَنْ غَشَّهُ.

أللَّهُمَّ وَاقْتُلْ بِهِ جَبابِرَةَ الْكُفْرِ وَعُمُدَهُ وَدَعائِمَهُ والقُوَّامَ به، وَاقْصِمْ بِهِ رُؤُوسَ الضَّلالَةِ وَشارِعَةَ الْبِدَعَةِ، وَمُميتَةَ السُّنَّةِ، وَمُقَوِّيَةَ الْباطِلِ، وَأذْلِلْ بِهِ الْجَبّارينَ، وَأَبْرِ بِهِ الكافرينَ والمُنافقينَ وَجميعَ الْمُلْحِدينَ حيثُ كانوا وأينَ كانوا مِنْ مَشارِقِ الأرْضِ وَمَغارِبِها وَبَرِّها وَبَحْرِها وَسَهْلِها وَجَبَلِها، حَتّى لا تَدَعَ مِنْهُمْ دَيّاراً وَلا تُبْقِىَ لَهُمْ آثاراً.

أللّـهُمَّ طَهِّرْ مِنْهُمْ بِلادَكَ وَاشْفِ مِنْهُمْ عِبادَكَ، وَأعِزَّ بِهِ الْمُؤْمِنينَ وَأحْيِ بِهِ سُنَنَ الْمُرْسَلينَ وَدارِسَ حُكْمِ النَّبِيّينَ، وَجَدِّدْ بِهِ مَا مُحِيَ مِنْ دينِكَ وَبُدِّلَ مِنْ حُكْمِكَ، حَتّى تُعيدَ دينَكَ بِهِ وَعَلى يَدَيْهِ غَضّاً جَديداً صَحيحاً مَحْضاً لا عِوَجَ فيهِ وَلا بِدْعَةَ مَعَهُ، حَتّى تُنيرَ بِعَدْلِهِ ظُلَمَ الْجَوْرِ، وَتُطْفِئَ بِهِ نيرانَ الْكُفْرِ، وَتُظهِرَ بِهِ مَعاقِدَ الْحَقِّ وَمَجْهُولَ الْعَدْلِ، وتوضِحَ به مُشْكلاتِ الحُكمِ.

أللّـهُمَّ وإنَّهُ عَبْدُكَ الَّذي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَاصْطَفَيْتَهُ من خَلقِكَ، وَاصْطَفَيْتَهُ على عِبادِكَ، وائتمَنْتَهُ على غَيْبِكَ، وَعَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَبَرَّأتَهُ مِنَ الْعُيوُبِ، وَطَهَّرْتَهُ (مِنَ الرِّجْسِ) وَصَرَفْتَهُ عَنِ الدَّنَسِ، وَسَلَّمْتَهُ مِن الرَّيبِ.

أللَّهُمَّ فَإنّا نَشْهَدُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَة،ِ وَيَوْمَ حُلُولِ الطّامَّةِ، أنَّهُ لَمْ يُذْنِبْ ولم يَأْتِ حُوباً [إثْمَاً]، وَلَمْ يَرْتَكِبْ لَكَ مَعْصِيَةً، وَلَمْ يُضَيِّعْ لَكَ طاعَةً، وَلَمْ يَهْتِكْ لَكَ حُرْمَةً، وَلَمْ يُبَدِّلْ لَكَ فَريضَةً، وَلَمْ يُغَيِّرْ لَكَ شَريعَةً، وَأنَّهُ الإمامُ التّقيُّ الْهادي، المَهديُّ الطّاهِرُ، النَّقِيُّ الوَفِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ.

أللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِهِ، وَأعْطِهِ في نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَأهْلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَأُمَّتِهِ وَجَميعِ رَعِيَّتِهِ ما تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ، وَتُسِرُّ بِهِ نَفْسَهُ، وَتَجْمَعُ لَهُ مُلْكَ الْمَمْلَكاتِ كُلِّها، قَريبِها وَبَعيدِها وَعَزيزِها وَذَليلِها، حَتّى يجْرِيَ حُكْمُهُ عَلى كُلِّ حُكْمٍ، وَيَغْلِبَ بِحَقِّهِ على كُلِّ باطِلٍ.

أللَّهُمَّ واسْلُكْ بِنا عَلى يَدَيْهِ مِنْهاجَ الْهُدى وَالمَحَجَّةَ الْعُظْمى، وَالطَّريقَةَ الْوُسْطَى الَّتى يَرْجِعُ إلَيْهَا الْغالي، وَيَلْحَقُ بِهَا التّالي.

أللَّهُمَّ وَقَوِّنا عَلى طاعَتِهِ، وَثَبِّتْنا عَلى مُشايَعَتِهِ، وَامْنُنْ عَلَيْنا بِمُتابَعَتِهِ، وَاجْعَلْنا في حِزْبِهِ الْقَوّامينَ بِأمْرِهِ الصّابِرينَ مَعَهُ، الطّالِبينَ رِضاكَ بِمُناصَحَتِهِ، حَتّى تَحْشُرَنا يَوْمَ الْقِيامَةِ في أنْصارِهِ وَأعْوانِهِ وَمُقَوِّيَةِ سُلْطانِهِ. أللّهُمّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْ ذلِكَ كُلَّهُ مِنّا لَكَ خالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ وَرِياءٍ وَسُمْعَةٍ، حَتّى لا نَعْتَمِدَ بِهِ غَيْرَكَ، وَلا نَطْلُبَ بِهِ إلّا وَجْهَكَ، وَحَتّى تُحِلَّنا مَحَلَّهُ وَتَجْعَلَنا فِي الْجَنَّةِ مَعَهُ، ولا تَبْتَلِنا في أَمْرِهِ بِالسَّأْمَةِ وَالْكَسَلِ وَالْفَتْرَةِ وَالفَشَلِ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ تَنْتَصِرُ بِهِ لِدينِكَ وَتُعِزُّ بِهِ نَصْرَ وَلِيِّكَ، وَلا تَسْتَبْدِلْ بِنا غَيْرَنا، فَإنَّ اسْتِبْدالَكَ بِنا غَيْرَنا عَلَيْكَ يَسيرٌ وَهُوَ عَلَيْنا كَبيرٌ، إنّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ.

أللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلى وُلاةِ عُهُودِهِ، وَبَلِّغْهُمْ آمالَهُمْ، وَزِدْ في آجالِهِمْ وَانْصُرْهُمْ وَتَمِّمْ لَهُمْ ما أَسْنَدْتَ إِلَيْهِمْ [مِنْ] أَمْرِ دِيْنِكَ، وَاجْعَلْنا لَهُمْ أَعْواناً، وَعَلى دينِكَ أَنْصاراً، وَصَلِّ عَلَى آبَائهِ الطّاهِرِيْنَ الأئمّةِ الرّاشِدينَ، أللّهُمّ  فَإنَّهُمْ مَعادِنُ كَلِماتِكَ، وَخُزّانُ عِلْمِكَ، وَوُلاةُ أَمْرِكَ، وَخالِصَتُكَ مِنْ عِبادِكَ، وَخِيَرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَأوْلِياؤُكَ وَسَلائِلُ أوْلِيائِكَ، وَصَفْوَتُكَ، وأوْلادُ أَصْفيائِكَ، صَلَواتُكَ وَرَحْمَتُكَ وَبَرَكَاتُكَ عَلَيهِم أَجمَعين.

أللَّهُمَّ وشُركاؤهُ في أمْرِهِ، ومُعاوِنُوه على طاعَتِكَ الّذينَ جَعَلْتَهُم حِصْنَهُ وسِلَاحَهُ ومَفْزَعَهُ، الَّذينَ سَلَوْا عَنِ الأَهْلِ وَالأَوْلادِ وتَجافَـوا الوَطَن، وعَطَّلُوا الوَثيرَ مِنَ المِهَاد، قد رَفَضُوا تِجاراتِهم، وأَضَرُّوا بِمعايِشِهِم، وفُقِدوا في أَنْدِيَتِهِم بِغَيرِ غَيْبَةٍ عن مِصْرِهِم، وحالَفوا البَعيدَ مِمَّن عاضَدَهُم على أَمْرِهِم، وخَالَفوا القَريبَ ممَّنْ صَدَّ عن وُجهَتِهِم، وَائتلَفوا بَعْدَ التَّدابُرِ والتّقاطُعِ في دَهْرِهِم، وقَطعوا الأَسْبابَ المُتَّصِلةَ بعَاجِلِ حُطامٍ مِنَ الدُّنيا، فاجْعَلْهُم اللَّهُمَّ في حِرْزِكَ وفي ظِلِّ كنَفِكَ، ورُدَّ عَنْهُمْ بَأْسَ مَنْ قَصَدَ إِلَيْهِمْ بِالعَداوَةِ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَجْزِلْ لَهُمْ مِنْ دَعْوَتِكَ، مِنْ كِفايَتِكَ ومَعونَتِكَ لهم، وَتَأْييدِكَ وَنَصْرِكَ إِيَّاهُم، ما تُعِينُهُمْ بِهِ عَلى طاعَتِكَ، وأَزْهِقْ بحقِّهِمْ باطِلَ مَنْ أرادَ إِطْفاءَ نُورِكَ، وَصَلِّ عَلى مُحمَّدٍ وآلِهِ، وَامْلأْ بِهِم كلَّ أُفُقٍ مِنَ الآفاق، وقُطْرٍ مِنَ الأَقْطارِ قِسْطاً وَعَدْلاً وَرَحْمَةً وَفَضْلاً،  وَاشْكُرْ على حَسَبِ كَرَمِكَ وَجُودِكَ وَما مَنَنْتَ بِهِ عَلى القائِمينَ بِالقِسْطِ مِنْ عِبَادِكَ، واذخَرْ (وادَّخِر) لهُم مِن ثَوابِكَ ما تَرْفَعُ لَهُمْ بِهِ الدَّرَجات، إِنَّكَ تَفْعَلُ ما تَشاءُ وَتَحْكمُ ما تُريدُ. آمينَ رَبَّ العالَمين.

 

 

الدُّعاء للإمامِ المَهديّ عجل الله تعالى فرجه الشّريف

أدعيةٌ لمَعرفتِه، وأدعيةٌ لِحِفْظِهِ وَنَصْرِه

ـــــ إعداد: أسرة التّحرير ـــــ

 

«مَنْ أَرَادَ اللهَ تَعالى بَدأَ بِكُم»، هذا هو الأصلُ الذي تُبنى عليهِ معرفةُ المعصومِ من أهلِ البَيت عليهم السّلام. حركةُ القلبِ في خطّ العقل للتّعرُّف إليهم، نبضُ توحيدٍ لله تعالى، وامتثالٌ لأمرِه، تقدّسَتْ آلاؤه؛ ومن مفرداتِه: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي..﴾ آل عمران:31.

وحيثُ إنّ هذه المَعرفة كبيرةٌ إلّا على الخَاشعين، كان لا بدّ من التّضرُّع في طلبِها.

ما يلي مختاراتٌ من الأدعية لمعرفةِ الإمام المهديّ، وتَعجيلِ فرَجِه صلواتُ الله عليه.

 

( 4 )

بعد صلاة الفَجر، وبعدَ صلاة الظُّهر

قال الشّيخ الطّوسيّ في (مصباح المُتهَجِّد):

«عن أبي عبد الله [الصّادق] عليه السّلام: مَن قالَ بعدَ صَلاةِ الفَجر، وبعدَ صلاةِ الظُّهر: أللّهُمّ صلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ، لَم يَمُتْ حَتّى يُدْرِكَ القَائِمَ».

 ( 5 )

عقيبَ ظُهرِ الجمعة، سبعَ مرّات

قال الدَّيْلَمِيُّ في (أعلام الدِّين):

«.. وَمَن قَالَ أَيْضاً عَقيبَ ظُهرِ الجُمُعةِ سَبْعَ مَرّات: أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَ آلِ مُحَمَّدٍ، كَانَ مِنْ أَصْحَابِ القَائِمِ عَلَيهِ السَّلَامُ».

(6)

أللّهُمَّ عَرِّفْني نَفْسَك (المختصَر)

عن الإمام الصّادق عليه السّلام:

«يا زُرارَةُ، إنْ أَدْرَكْتَ ذَلِكَ الزَّمانَ - زَمانَ الغَيْبَةِ - فَأَدِمْ هَذا الدُّعاءَ:

أللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ رَسُولَكَ. أللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ. أللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي». وهو غير الدّعاء الطّويل الذي يبدأ بنفس الفقرات.

 ( 7 )

دُعـاءُ الغـَريـق

عن عبدِ الله بن سنان، عن الإمام الصّادقِ عليه السّلام، أنّه قال:

سَتُصِيبُكُمْ شُبْهَةٌ فَتَبْقُونَ بِلَا عَلَمٍ يُرَى، وَلَا إِمَامِ هُدَى، وَلَا يَنْجُو إلّا مَنْ دَعَا بِدُعَاءِ الغَرِيقِ. قلتُ: كيفَ دُعاءُ الغَرِيقِ؟ قَالَ:

يَقُولُ: «يَا اللهُ، يَا رَحْمَنُ، يَا رَحِيْمُ، يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِيْنِكَ».

فَقلتُ: «يا اللهُ، يَا رَحْمَنُ، يَا رَحِيْمُ، يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ وَالأَبْصَارِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ».

قال: «إنّ اللهَ، عزَّ وجلَّ، مُقَلِّبُ القُلُوبِ وَالأَبْصَارِ. وَلَكِنْ، قُلْ كَمَا أَقُوْلُ لَكَ: يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ».

 ( 8 )

دُعـاءٌ بعـدَ كلِّ فَريضَـةٍ في شَهـْرِ رَمَضـانَ

عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «مَنْ دَعَا بِهَذا الدُّعَاء فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بَعْدَ المَكتوبَة، غَفَرَ اللهُ لَهُ ذُنُوبَهُ إِلَى يَوْمِ القِيامَةِ، وَهُو:

أللّهُمَّ أَدْخِلْ عَلى أَهْلِ القُبُورِ السُّرُور، أللّهُمَّ أَغْنِ كُلَّ فَقِيرٍ، أللّهُمَّ أَشْبِعْ كُلَّ جائِع، أللّهُمَّ اكْسُ كُلَّ عُرْيان، أللّهُمَّ اقْضِ دَيْنَ كُلِّ مَدِين، أللّهُمَّ فَرِّجْ عَنْ كُلِّ مَكْروَب، أللّهُمَّ رُدَّ كُلَّ غَرِيب، أللّهُمَّ فُكَّ كُلَّ أَسِير، أللّهُمَّ أَصْلِحْ كُلَّ فاسِدٍ مِنْ أُمُورِ المُسْلِمِينَ، أللّهُمَّ اشْفِ كُلَّ مَرِيض، أللّهُمَّ سُدَّ فَقْرَنا بِغِناكَ، أللّهُمَّ غَيِّرْ سُوءَ حالِنا بِحُسْنِ حالِكَ، أللّهُمَّ اقْضِ عَنّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنِا مِنَ الفَقْرِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».

جاءَ في قصّةٍ تَرتبطُ به، نقلَها بعضُ مَن تشرَّفَ بلقائه عليه السّلام - كما وَجدْتُ في بعضِ المصادر - أنّ الإمامَ عليه السّلام حدّثَه عن هذا الدّعاء، وقال: «إنّه في الحقيقةِ دعاءٌ لي بالفرَج، والدّليل: إنّ هذه المَضامين الواردةَ فيه لا تَتحقَّقُ إلّا بعدَ ظُهوري».

( 9 )

دعـاءُ العَـهـد

وردَ عن الإمام الصّادق عليه السّلام أنّه قالَ:

«مَنْ دَعَا إِلى اللهِ أربعينَ صَباحاً بهذا العَهد، كانَ من أَنْصَارِ قَائمِنا، وإنْ ماتَ أَخْرَجَهُ اللهُ إِلَيْهِ مِنْ قَبْرِه، وَأَعْطَاهُ اللهُ بِكُلِّ كَلِمَةٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ سَيّئَةٍ، وَهَذا هُو العَهْد:

أللَّهُمَّ رَبَّ النُّورِ العَظِيمِ، وَرَبَّ الكُرْسِيِّ الرَّفِيعِ، وَرَبَّ البَحْرِ المَسْجُورِ، وَمُنْزِلَ التَّوْراةِ وَالإنْجِيلِ وَالزَّبُورِ، وَرَبَّ الظِّلِّ وَالحَرُورِ، وَمُنْزِلَ الفُرْقانِ العَظِيمِ، وَرَبَّ المَلائِكَةِ المُقَرَّبِينَ وَالأَنْبِياءِ وَالمُرْسَلِينَ.

أللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ المُنِيرِ، وَمُلْكِكَ القَدِيمِ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ السَّماواتُ وَالأرَضُونَ، يا حَيُّ قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ.

أللَّهُمَّ بَلِّغْ مَوْلانا الإمامَ المَهْدِيَّ القائِمَ بِأَمْرِ اللهِ، صلّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَعَلى آبائِهِ الطَّاهِرِينَ، عَنْ جَمِيعِ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ فِي مَشارِقِ الأرْضِ وَمَغارِبِها، وسَهْلِها وَجَبَلِها، وَبَرِّها وَبَحْرِها، وَعَنِّي وَعَنْ وَالِدَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ زِنَةَ عَرْشِ الله وَعَدَدَ كَلِماتِهِ وَما أحْصاهُ كِتابُهُ وَأَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ.

أللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبيحَةِ هذا اليوم، وَما عِشْتُ بِهِ فِي أَيّامِي، عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي لا أَحُولُ عَنْها وَلا أَزُولُ.

أللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَنْصارِهِ وَأَعْوانِهِ ".." وَالذَّابِّينَ عَنْهُ وَالمُسارِعِينَ فِي حَوائِجِهِ وَالمُمْتَثِلِينَ لأوامِرِهِ، وَالمُحامِينَ عَنْهُ، وَالمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ.

أللَّهُمَّ فَإِنْ حالَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ المَوْتُ الَّذِي جَعَلْتَهُ عَلى عِبادِكَ حَتْماً، فَأخْرِجْنِي مِنْ قَبْرِي مُؤْتَزِراً كَفَنِي، شاهِراً سَيْفِي، مُجَرِّداً قَناتِي، مُلَبِّياً دَعْوَةَ الدَّاعِي فِي الحاضِرِ وَالبادِي.

أللَّهُمَّ أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشِيدَةَ وَالغُرَّةَ الحَمِيدَةَ وَاكْحلْ مَرَهِي [بياض عيني] بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ وَعَجِّلْ فَرَجَهُ، وَأَوْسِعْ مَنْهَجَهُ، وَاسْلُكْ بِي مَحَجَّتَهُ، وَأَنْفِذْ أَمْرَهُ، وَاشْدُدْ أَزْرَهُ، وَاعْمُرِ اللَّهُمَّ بِهِ بِلادَكَ وَأَحْيِ بِهِ عِبادَكَ، إِنَّكَ أَنْتَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الحَقُّ:

﴿ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ..﴾.

فَأَظْهِرِ اللَّهُمَّ لَنا وَلِيَّكَ وَابْنَ وليِّكَ، وَابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكَ، المُسَمّى بِاسْمِ رَسُولِكَ، في الدُّنْيا حَتّى لا يَظْفَرَ بِشَيْءٍ مِنَ الباطِلِ إِلَّا مَزَّقَهُ، وَيُحِقَّ الحَقَّ وَيُحَقِّقَهُ.

أللَّهُمَّ وَاجْعَلْهُ مَفْزَعاً لِلمَظْلُومِ من عِبادِكَ، وَناصِراً لِمَنْ لم يَجِدْ لَهُ ناصِراً غَيْرَكَ، وَمُجَدِّداً لِما عُطِّلَ مِنْ أَحْكامِ كِتابِكَ، وَمُشَيِّداً لِما دَرَسَ [أي انمحى] مِنْ أَعْلامِ دِينِكَ، وَسُنَنِ نَبِيِّكَ صَلّى الله عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَاجْعَلْهُ اللَّهُمَّ مِمَّنْ حَصَّنْتَهُ مِنْ بَأْسِ المُعْتَدِينَ.

أللَّهُمَّ وَسُرَّ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الطّاهرين بِرُؤْيَتِه،ِ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلى دَعْوَتِهِ وَارْحَمِ اسْتِكانَتَنا مِن بَعْدِه.

أللَّهُمَّ اكْشِفْ هذِهِ الغُمَّةَ عَنْ الأُمَّةِ بِحُضُورِهِ، وَعَجِّلِ اللَّهُمَّ لَنا ظُهُورَهُ.

إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً، يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ثُمَّ تَضْرِب عَلَى فَخْذِكَ الأَيْمَن ثلاثاً، وَتَقولُ: العَجَلَ العَجَلَ يَا مَوْلايَ يَا صَاحِبَ الزَّمَانِ».

 ( 10 )

دُعـاءٌ بَعْدَ كُلِّ فَريضَة (يُشبِهُ دعاءَ العَهد)

عن الإمام الصّادق عليه السّلام:

«مَنْ قَرَأَ بَعْدَ كلِّ فَريضَةٍ هذا الدّعاءَ، فَإنّه يَرَاهُ، عليه السّلام، في اليَقظةِ أَوْ فِي المَنام:

بسم الله الرّحمن الرّحيم أللَّهُمَّ بَلِّغْ مَوْلانا صاحِبَ الزَّمانِ، أيْنَمَا كانَ، وحَيْثُما كانَ مِنْ مَشَارِقِ الأرْضِ ومَغَارِبِها، سَهْلِها وجَبَلِها، عنِّي وَعَنْ والِدَيَّ وعَن وُلْدِي وإخْوانِي التَّحِيَّةَ وَالسَّلامَ، عَدَدَ خلْقِ الله، وَزِنَةَ عرْشِ الله، وَما أَحْصاهُ كِتابُهُ وأحَاطَ به عِلْمُهُ.

أللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبيحَةِ يَوْمِي هذا، وَما عِشْتُ مِنْ أَيّامِ حَياتي عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي لا أَحُولُ عَنْها وَلا أَزُولُ.

أللَّهُمَّ فإِنْ حالَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ المَوْتُ الَّذِي جَعَلْتَهُ عَلى عِبادِكَ حَتْماً مَقْضِيّاً، فَأخْرِجْنِي مِنْ قَبْرِي مُؤْتَزِراً كَفَنِي، شاهِراً سَيْفِي، مُجَرِّداً قَناتِي، مُلَبِّياً دَعْوَةَ الدَّاعِي فِي الحاضِرِ وَالبادِي.

أللَّهُمَّ أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشِيدَةَ وَالغُرَّةَ الحَمِيدَةَ وَاكْحُلْ بَصَري بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُ وَسَهِّلْ مَخْرَجَهُ.

أللَّهُمَّ اشْدُدْ أَزْرَهُ، وَقَوِّ ظَهْرَهُ، وطَوِّلْ عُمرَهُ.

أللَّهُمَّ اعْمُرْ بِهِ بِلادَكَ، وَأَحْيِ بِه عِبادَكَ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الحَقُّ:

﴿ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ..﴾.

فَأَظْهِرِ اللَّهُمَّ لنَا وَلِيَّكَ وابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكَ، المُسَمَّى باسْمِ رَسُولِكَ، صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسلَّم، حَتّى لا يَظْفرَ بِشَيْءٍ مِنَ البَاطِلِ إلَّا مَزَّقَهُ، ويُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِماتِهِ ويُحَقِّقَهُ.

أللَّهُمَّ اكشِفْ هذِهِ الغُمَّةَ عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ بِظُهُورِه.

﴿إنَّهُم يَرَوْنَهُ بَعِيداً * ونَراهُ قَرِيباً﴾ وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ.

* ويَنبغي التّنبُّهُ إلى أنّ هذا الدّعاءَ المُتقدّم، غَيْرُ دعاءِ العَهد المشهور، الذي وردَ هنا قبلَه، وإنِ اشتركَ مَعه في أكثرِ ألفاظِه.

( 11 )

بعـد صـلاة العصـر

تقدّم ذِكرُ الدّعاء المُختصَر «أللّهُمّ عَرِّفنِي نَفْسَكَ، إلخ»، وهناك دعاءٌ طويلٌ وبالغُ الأهمّيّة، يبدأُ بهذه الفقرات، ويتّضحُ من الرّوايات أنّ كلّاً منهما دعاءٌ مستقلّ. وتَجِدُ في الملحق التّوضيحيّ في كتاب (آداب عصر الغَيْبَة)، ما يدلّ على قوّة سَنَدِه بدرجةٍ عاليةٍ جدّاً.

وفي (كمال الدّين) للشّيخ الصّدوق، و(مصباح المُتهجّد) للشّيخ الطّوسيّ، و(إقبال الأعمال) للسّيّد ابن طاوس عليهم الرّحمة، ما يشيرُ إلى أنّ اسمَ هذا الدّعاء الطّويل هو: «الدّعاء في غَيْبَةِ القَائم».

* وقد أكّد السّيّد ابنُ طاوس، رحمَه الله تعالى، أهمّيّةَ هذا الدّعاء، وألحَّ في الحَثِّ على قراءتِه بعدَ صلاة العصر من يَومِ الجُمُعة بشَكلٍ خاصّ.

قال رحمَه الله: «.. دعاءٌ آخَرُ يُدعَى له صلواتُ اللهُ عليه، وأوّلُه يُشبِهُ الدّعاءَ المُتقدِّمَ عليه، وهو ممّا يَنبغي إذا كانَ لكَ عُذْرٌ عَن جميعِ ما ذَكرْنَاه من تَعقيبِ العصرِ يومَ الجُمُعة، فإيّاكَ أن تُهمِلَ الدّعاءَ به، فإنّنا عَرَفنا ذلكَ من فضلِ الله جلّ جلالُه الذي خَصَّنا به، فاعتَمِدْ عليه ".." وهو الدّعاءُ في غَيبةِ القائمِ من آلِ مُحمّدٍ عليه وعليهمُ السّلام».

* وهـذا هـو الدّعـاء: «أللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ نَبِيَّكَ. أللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نبِيَّكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَبِيَّكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ، أللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي.

أللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي مِيْتَةً جاهِلِيَّةً وَلا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي.

أللَّهُمَّ فَكَما هَدَيْتَنِي بِوِلايَةِ مَنْ فَرَضْتَ طاعَتَهُ عَلَيَّ مِنْ وُلاةِ أَمْرِكَ بَعْدَ رَسُولِكَ، صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ، حَتّى والَيْتُ وُلاةَ أَمْرِكَ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ وَالحَسَنَ وَالحُسَيْنَ، وَعَلَيَّاً وَمُحَمَّداً وَجَعْفَراً وَمُوسى، وَعَلَيَّاً وَمُحَمَّداً وَعَلَيَّاً، وَالحَسَنَ وَالحُجَّةَ القائِمَ المَهْدِيَّ، صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، أللَّهُمَّ فَثَبِّتْنِي عَلى دِينِكَ وَاسْتَعْمِلْنِي بِطاعَتِكَ، وَلَيِّنْ قَلْبِي لِوَلِيِّ أَمْرِكَ، وَعافِنِي مِمّا امْتَحَنْتَ بِهِ خَلْقَكَ، وَثَبِّتْنِي عَلى طاعَةِ وَلِيِّ أَمْرِكَ الَّذِي سَتَرْتَهُ عَنْ خَلْقِكَ فبِإِذْنِكَ غابَ عَنْ بَرِيَّتِكَ، وَأَمْرَكَ يَنْتَظِرُ، وَأَنْتَ العالِمُ غَيْرُ مُعَلَّمٍ بِالوَقْتِ الَّذِي فِيهِ صَلاحُ أَمْرِ وَلِيِّكَ فِي الإذْنِ لَهُ بِإِظْهارِ أَمْرِهِ وَكَشْفِ سِتْرِهِ، فَصَبِّرْنِي عَلى ذلِكَ حَتّى لا أُحِبَّ تَعْجِيلَ ما أَخَّرْتَ، وَلا تَأْخِيرَ ما عَجَّلْتَ وَلا أكَشِفَ عَمَّا سَتَرْتَهُ، وَلا أَبْحَثَ عَمّا كَتَمْتَهُ، وَلا أُنازِعَكَ فِي تَدْبِيرِكَ، وَلا أَقُولَ: لِمَ وَكَيْفَ؟ وَما بالُ وَلِيِّ الأمْرِ لا يَظْهَرُ؟ وَقَدْ امْتَلأتِ الأرْضُ مِنَ الجَوْرِ؟ وَأُفَوِّضَ أُمُورِي كُلَّها إِلَيْكَ. أللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُرِيَنِي وَلِيَّ أَمْرِكَ ظاهِراً نافِذاً لِأَمْرِكَ، مَعَ عِلْمِي بِأَنَّ لَكَ السُّلْطانَ وَالقُدْرَةَ وَالبُرْهانَ وَالحُجَّةَ وَالمَشِيئةَ والإرادةَ وَالحَوْلَ وَالقُوَّةَ، فَافْعَلْ ذلِكَ بِي وَبِجَمِيعِ المُؤْمِنِينَ، حَتّى نَنْظُرَ إِلى وَلِيِّكَ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وآلِهِ، ظاهِرَ المَقالَةِ، وَاضِحَ الدَّلالَةِ، هادِياً مِنَ الضَّلالَةِ، شافِياً مِنَ الجَهالَةِ، أَبْرِزْ يا رَبِّ مَشاهِدَهُ، وَثَبِّتْ قَواعِدَهُ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ تَقِرُّ عَيْنُهُ بِرُؤْيَتِهِ، وَأَقِمْنا بِخِدْمَتِهِ وَتَوَفَّنا عَلى مِلَّتِهِ وَاحْشُرْنا فِي زُمْرَتِهِ.

أللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ جَمِيعِ ما خَلَقْتَ وَبَرَأْتَ، وَذَرَأْتَ وَأَنْشَأْتَ وَصَوَّرْتَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ بِحِفْظِكَ الَّذِي لا يَضِيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ، وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَوَصِيَّ رَسُولِكَ.

أللَّهُمَّ وَمُدَّ فِي عُمْرِهِ، وَزِدْ فِي أَجَلِهِ وَأَعِنْهُ عَلى ما أَوْلَيْتَهُ وَاسْتَرْعَيْتَهُ، وَزِدْ فِي كَرامَتِكَ لَهُ، فَإِنَّهُ الهادِي والمُهْتَدي وَالقائِمُ المَهْدِيّ، الطَّاهِرُ التَّقِيُّ، النَّقِيُّ الزَّكِيُّ، والرَّضِيُّ المَرْضِيُّ، الصَّابِرُ المُجْتَهِدُ الشَّكُورُ.

أللَّهُمَّ وَلا تَسْلُبْنا اليَقِينَ لِطُولِ الأمَدِ فِي غَيْبَتِهِ وَانْقِطاعِ خَبَرِهِ عَنّا، وَلا تُنْسِنا ذِكْرَهُ وَانْتِظارَهُ وَالإيمانَ وَقُوَّةَ اليَقينِ فِي ظُهُورِهِ وَالدُّعاءَ لَهُ وَالصَّلاةَ عَلَيْهِ، حَتّى لا يُقَنِّطَنا طُولُ غَيْبَتِهِ مِنْ ظُهورِهِ وقِيامِهِ، وَيَكُونَ يَقِينُنا فِي ذلِكَ كَيَقِينِنا فِي قِيامِ رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَما جاءَ بِهِ مِنْ وَحْيِكَ وَتَنْزِيلِكَ، وقَوِّ قُلُوبَنا عَلى الإيمانِ بِهِ حَتّى تَسْلُكَ بِنا عَلى يَدِهِ مِنْهاجَ الهُدى وَالحُجَّةَ العُظْمى، وَالطَّرِيقَةَ الوُسْطى، وَقَوِّنا عَلى طاعَتِهِ وَثَبِّتْنا عَلى مُتابَعَتِهِ، وَاجْعَلْنا فِي حِزْبِهِ وَأَعْوانِهِ وَأَنْصارِهِ، وَالرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ، وَلا تَسْلُبْنا ذلِكَ فِي حَياتِنا وَلا عِنْدَ وَفاتِنا حَتّى تَتَوَفَّانا وَنَحْنُ عَلى ذلِكَ، غير شاكِّينَ وَلا ناكِثِينَ وَلا مُرْتابِينَ وَلا مُكَذِّبِينَ.

أللَّهُمَّ عَجِّلْ فَرَجَهُ وَأَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ، وَانْصُرْ ناصِرِيهِ، وَاخْذُلْ خاذِلِيهِ، وَدَمِّرْ عَلى مَنْ نَصَبَ لَهُ وَكَذَّبَ بِهِ، وَأَظْهِرْ بِهِ الحَقَّ، وَأَمِتْ بِهِ الباطلَ، وَاسْتَنْقِذْ بِهِ عِبادَكَ المُؤْمِنِينَ مِنَ الذُّلِّ، وَأَنْعِشْ بِهِ البِلادَ، وَاقْتُلْ بِهِ جَبابِرَةَ الكُفْرِ، وَاقْصِمْ بِهِ رُؤُوسَ الضَّلالَةِ، وَذَلِّلْ بِهِ الجَبَّارِينَ وَالكافِرِينَ، وَأَبِرْ بِهِ المُنافِقِينَ وَالنَّاكِثِينَ وَجَمِيعَ المُخالِفِينَ وَالمُلْحِدِينَ فِي مَشارِقِ الأرْضِ وَمَغارِبِها، وَبَرِّها وَبَحْرِها، وَسَهْلِها وَجَبَلِها، حَتّى لا تَدَعَ مِنْهُمْ دَيّاراً وَلا تُبْقِيَ لَهُمْ آثاراً، وَتُطَهِّر مِنْهُمْ بِلادَكَ، وَاشْفِ مِنْهُمْ صُدُورَ عِبادِكَ، وَجَدِّدْ بِهِ ما امْتَحى مِنْ دِينِكَ، وَأَصْلِحْ بِهِ ما بُدِّلَ مِنْ حُكْمِكَ، وَغُيِّرَ مِنْ سُنَّتِكَ، حَتّى يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَعَلى يَدَيْهِ غَضّاً جَدِيداً صَحِيحاً، لا عِوَجَ فِيهِ وَلا بِدْعَةَ مَعَهُ، حَتّى تُطْفِئَ بِعَدْلِهِ نِيرانَ الكافِرِينَ، فَإِنَّهُ عَبْدُكَ الَّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ وَارْتَضَيْتَهُ لِنُصْرَةِ نَبِيِّك، وَاصْطَفَيْتَهُ بِعِلْمِكَ، وَعَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَبَرَّأْتَهُ مِنَ العُيُوبِ، وَأَطْلَعْتَهُ عَلى الغُيُوبِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ وَطَهَّرْتَهُ مِنَ الرِّجْسِ وَنَقَّيْتَهُ مِنَ الدَّنَسِ. أللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِهِ الأئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ، وَعَلى شِيعَتِهِم المُنْتَجَبِينَ، وَبَلِّغْهُمْ مِنْ آمالِهِمْ أَفْضَلَ ما يَأْمَلُونَ، وَاجْعَلْ ذَلِكَ مِنَّا خالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ وَرِياءٍ وَسُمْعَةٍ حَتّى لا نُرِيدَ بِهِ غَيْرَكَ وَلا نَطْلُبَ بِهِ إِلّا وَجْهَكَ.

أللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا، وَشِدَّةَ الزَّمانِ عَلَيْنا وَوُقُوعَ الفِتَنِ [بِنا]، وَتَظاهُرَ الأعْداءِ [عَلَيْنا]، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وَقِلَّةَ عَدَدِنا.

أللَّهُمَّ فَافْرُجْ ذلِكَ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ، وَنَصْرٍ مِنْكَ تُعِزُّهُ، وَإِمامِ عَدْلٍ تُظْهِرُهُ، إِلهَ الحَقِّ رَبَّ العَالَمين.

أللَّهُمَّ إِنّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَأْذَنَ لِوَلِيِّكَ فِي إِظْهارِ عَدْلِكَ فِي عِبادِكَ وَقَتْلِ أَعْدائِكَ فِي بِلادِكَ، حَتّى لا تَدَعَ لِلْجَوْرِ يا رَبِّ دِعامَةً إِلَّا قَصَمْتَها، وَلا بُنيةً إِلَّا أَفْنَيْتَها، وَلا قُوَّةً إِلَّا أَوْهَنْتَها، وَلا رُكْناً إِلَّا هَدَدْتَهُ، وَلا حَدّاً إِلَّا فَلَلْتَهُ، وَلا سِلاحاً إِلَّا أَكْلَلْتَهُ، وَلا رايَةً إِلَّا نَكَّسْتَها، وَلا شُجاعاً إِلَّا قَتَلْتَهُ، وَلا جَيْشاً إِلَّا خَذَلْتَهُ، وَارْمِهِمْ يا رَبِّ بِحَجَرِكَ الدَّامِغِ، وَاضْرِبْهُمْ بِسَيْفِكَ القاطِعِ، وَبِبَأْسِكَ الَّذِي لا تَرُدُّهُ عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ، وَعَذِّبْ أَعْداءَكَ وَأَعْداءَ دِينِكَ وَأَعْداءَ رَسُولِكَ، بِيَدِ وَلِيِّكَ وَأَيْدِي عِبادِكَ المُؤْمِنِينَ.

أللَّهُمَّ اكْفِ وَلِيَّكَ وَحُجَّتَكَ فِي أَرْضِكَ هَوْلَ عَدُوِّهِ وَكِدْ مَنْ كادَهُ، وَامْكُرْ مَنْ مَكَرَ بِهِ، وَاجْعَلْ دائِرَةَ السّوءِ عَلى مَنْ أَرادَ بِهِ سُوءاً، وَاقْطَعْ عَنْهُ مادَّتَهُمْ، وَأَرْعِبْ لَهُ قُلُوبَهُمْ وَزَلْزِلْ لهُ أَقْدامَهُمْ، وَخُذْهُمْ جَهْرَةً وَبَغْتَةً، وَشَدِّدْ عَلَيْهِمْ عِقابَكَ، وَأَخْزِهِمْ فِي عِبادِكَ، وَالعَنْهُمْ فِي بِلادِكَ، وَأسْكِنْهُمْ أَسْفَلَ نارِكَ، وَأَحِطْ بِهِمْ أَشَدَّ عَذابِكَ، وَأَصْلِهِمْ ناراً، وَاحْشُ قُبُورَ مَوْتاهُمْ ناراً، وَأَصْلِهِمْ حَرَّ نارِكَ، فَإِنَّهُمْ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ وَأَذَلُّوا عِبادَكَ.

أللَّهُمَّ وَأَحْيِ بِوَلِيِّكَ القُرْآنَ، وَأَرِنا نُورَهُ سَرْمَداً لا ظُلْمَةَ فِيهِ، وَأَحْيِ بِهِ القُلُوبَ المَيّتَةَ، وَاشْفِ بِهِ الصُّدُورَ الوَغِرَةَ [تلتهب بحرارة الغيظ والمظلوميّة] وَاجْمَعْ بِهِ الأَهْواءَ المُخْتَلِفَةَ عَلى الحَقِّ، وَأَقِمْ بِهِ الحُدُودَ المُعَطَّلَةَ، وَالأحْكامَ المُهْمَلَةَ، حَتّى لا يَبْقى حَقٌّ إِلَّا ظَهَرَ، وَلا عَدْلٌ إِلَّا زَهَرَ، وَاجْعَلْنا يا رَبِّ مِنْ أَعْوانِهِ وَمُقَوِّيَ [ـةِ] سُلْطانِهِ، وَالمُؤْتَمِرِينَ لأمْرِهِ، وَالرَّاِضينَ بِفِعْلِهِ، وَالمُسَلِّمِينَ لِأَحْكامِهِ، وَمِمَّنْ لا حاجَةَ (لهُ) بِهِ إِلى التَّقِيَّةِ مِنْ خَلْقِكَ، أَنْتَ يا رَبِّ الَّذِي تَكْشِفُ السُّوءَ وَتُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذا دَعاكَ، وَتُنْجِي مِنَ الكَرْبِ العَظِيمِ، فَاكْشِفِ يا ربِّ الضُّرَّ عَنْ وَلِيِّكَ، وَاجْعَلْهُ خَلِيفَةً فِي أَرْضِكَ كَما ضَمِنْتَ لَهُ.

أللَّهُمَّ ولا تَجْعَلْنِي مِنْ خُصَماءِ آلِ مُحَمَّدٍ، وَلا تَجْعَلْنِي مِنْ أعْداءِ آلِ مُحَمَّدٍ، وَلا تَجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ الحَنَقِ وَالغَيْظِ عَلى آلِ مُحَمَّدٍ، فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ذلِكَ فَأَعِذْنِي، وَأَسْتَجِيرُ بِكَ فَأَجِرْنِي.

أللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنِي بِهِمْ فائِزاً عِنْدَكَ فِي الدُّنْيا وَالآخرةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ».

( 12 )

دعـاء النّـدبـة

وهو مَذكورٌ في مختلفِ كُتُب الأدعية، فلا نُورِدُه هنا، والمَشهورُ من أوقاتِ قراءته، أنّه يُقرَأُ كلَّ يومِ جُمُعة، إلّا أنّ المَرويّ هو استحبابُ قراءته في الأعيادِ الأربعة.

وقد جَرَتْ سيرةُ كثيرين من العلماء الأعلام على قراءته، وشدّةِ العناية به، وتَرديدِ بعضِ فقراته في مطاوي الكلام، أو في حالات التّوسُّل والمناجاة. ومضامينُه في غاية الأهمّيّة.

وتلتقي المصادرُ التي تَروي هذا الدّعاء – في الغالب – على إيرادِه من كتاب (المَزار) للشّيخ الجليل محمّد بن (جعفر) المَشهَديّ، الذي رواه عن الشّيخ ابن أبي قرّة، الذي رواه بدَورِه عن كتاب البَزَوْفَريّ، وهو من مشايخِ المُفيد رضيَ الله عنهم أجمعين.

وتَجد في الملاحق من كتاب (آداب عصر الغيبة) ملحَقاً موجَزاً، حول «سنَد» هذا الدّعاء الملحميّ الجليل، الذي شكَّلَ، وما يزال، رافداً فاعلاً في بناء الشّخصيّة المؤمنة.

وتَمسّ الحاجةُ إلى الالتفات إلى أنّ من الأسرار ما يُعرَض بطريقةٍ لا يفهمُها حتّى مَن يُراد له بلوغَ هذا السّرّ، إلّا بعدَ كَثرة السّؤال، ويَبقى مصوناً عمّن سواه.

استَحضر إنْ شئتَ خَرْقَ السّفينة، وإقامةَ الجدار، وقتْلَ الغلام!

وليس السّؤال: أيُّ سرٍّ في دُعاءِ النّدبة؟

بل السّؤال: أيُّ سرٍّ هو دعاءُ النّدبة!!

                                      

 

( 13 )

دعاء ليلة النّصف من شعبان

وَهي لَيلةٌ عَظيمةٌ تُضاهي ليلةَ القَدر، بَل هيَ مِن لَيالي مَراحلِ التّقدير. وقَد وردَ أنّ اللهَ تَعالى جعلَها لأهلِ البيتِ، عليهم السّلام، في مقابلِ لَيلةِ القَدرِ للمُصطفى صلّى الله عليه وآله وسلّم.

* من أعمال هذه اللّيلة، هذا الدّعاء:

أللَّهُمَّ بِحَقِّ لَيْلَتِنَا [هَذِه] ومَوْلُودِهَا، وحُجَّتِكَ ومَوْعُودِهَا، الَّتِي قَرَنْتَ إِلَى فَضْلِهَا فَضْلاً، فَتَمَّتْ كَلِمَتُكَ صِدْقاً وعَدْلاً، لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِكَ ولا مُعَقِّبَ لِآيَاتِكَ، نُورُكَ الْمُتَأَلِّقُ وضِيَاؤُكَ الْمُشْرِقُ، والْعَلَمُ النُّورُ فِي طَخْيَاءِ الدَّيْجُورِ، الْغَائِبُ الْمَسْتُورُ جَلَّ مَوْلِدُه وكَرُمَ مَحْتِدُه، والْمَلائِكَةُ شُهَّدُه واللهُ نَاصِرُه ومُؤَيِّدُه إِذَا آنَ مِيعَادُه والْمَلائِكَةُ [فَالْمَلائِكَةُ] أَمْدَادُه، سَيْفُ اللهِ الَّذِي لا يَنْبُو ونُورُه الَّذِي لا يَخْبُو، وذُو الْحِلْمِ الَّذِي لا يَصْبُو، مَدَارُ الدَّهْرِ ونَوَامِيسُ الْعَصْرِ، وَوُلاةُ الأَمْرِ وَالْمُنَزَّلُ عَلَيْهِمْ مَا يَتَنَزَّلُ [يَنْزِلُ] فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وأَصْحَابُ الْحَشْرِ والنَّشْرِ، تَرَاجِمَةُ وَحْيِهِ ووُلاةُ أَمْرِه ونَهْيِه.

أللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى خَاتِمِهِمْ وقَائِمِهِمْ الْمَسْتُورِ عَنْ عَوَالِمِهِمْ، أللَّهُمَّ وأَدْرِكْ بِنَا أَيَّامَه وظُهُورَه وقِيَامَه، واجْعَلْنَا مِنْ أَنْصَارِه، واقْرُنْ ثَارَنَا بِثَارِه، واكْتُبْنَا فِي أَعْوَانِه وخُلَصَائِه، وأَحْيِنَا فِي دَوْلَتِه نَاعِمِينَ وبِصُحْبَتِه غَانِمِينَ، وبِحَقِّه قَائِمِينَ، ومِنَ السُّوءِ سَالِمِينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، والْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وصَلَوَاتُه عَلَى [وصَلَّى اللهُ عَلَى] سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِينَ وعَلَى أَهْلِ بَيْتِه الصَّادِقِينَ وعِتْرَتِه النَّاطِقِينَ، والْعَنْ جَمِيعَ الظَّالِمِينَ، واحْكُمْ بَيْنَنَا وبَيْنَهُمْ يَا أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ.

( 14 )

في ليلةِ القَدر، وفي كلِّ وَقت، وعلى كلِّ حَال

قال الشّيخُ الطّوسيّ عليه الرّحمة:

«ورَوى مُحمّدُ بنُ عيسى، بإسناده، عن الصّالحينَ عليهم السّلام، قال: تُكَرِّرُ في لَيلةِ ثلاثٍ وعِشرين من شَهرِ رَمضانَ هذا الدُّعاءَ، سَاجِداً وَقَائِماً وَقَاعِداً، وَعَلى كُلِّ حَالٍ، وَفِي الشَّهْرِ كُلِّه، وكيفَ ما أَمْكَنَكَ، ومَتَى حَضَرَكَ مِن دَهْرِكَ. تَقُولُ بَعْدَ تَمجيدِ اللهِ تَعالى والصّلاةِ على النّبيِّ محمّدٍ صلّى الله عليه وآله:

أللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ (فلان بن فلان) في هَذهِ السَّاعةِ وفي كُلِّ سَاعةٍ، وَلِيّاً وَحافِظاً وَقَائِداً وَنَاصِراً وَدَلِيلاً وعَيْناً، حَتّى تُسْكِنَهُ أرْضَكَ طَوْعاً، وَتُمَتِّعَهُ فِيها طَويلاً».

* وقال السّيّدُ ابنُ طاوس رحمَه الله تعالى:

«ومن وظائفِ كلِّ ليلةٍ [في شهر رمضان] أنْ يبدأَ العبدُ في كلِّ دُعاءٍ مبرورٍ، ويختمَ في كُلِّ عملٍ مَشكورٍ، بذِكرِ مَنْ يعتقدُ أنّه نائبُ اللهِ جلَّ جَلالُهُ في عِبادِه وبِلادِه، وأنّه القَيِّمُ بما يَحتاجُ إليه هذا الصّائمُ، من طَعامِه وشَرابِه وغَيرِ ذلكَ من مُرادِه، من سَائرِ الأسبابِ التي هي متعلِّقَةٌ بالنّائبِ عن رَبِّ الأرباب، أنْ يَدعُوَ له هذا الصّائمُ بما يَليقُ أن يُدعَى به لِمثلِه، ويعتقد أنّ المِنَّةَ لله جلّ جلالُه ولنائبِه، كيف أهَّلاه لذلكَ، ورَفَعاه به في مَنزلتِه ومحلِّه.

فَمِنَ الرّواية في الدّعاء لمَن أشَرنا إليه صلواتُ الله عليه، ما ذكرَه جماعةٌ من أصحابِنا ".." عن الصّالحين عليهم السّلام، قال:

وَكَرِّرْ فِي لَيْلَةِ ثَلاث وعِشرين من شَهْرِ رَمَضَانَ قَائِمَاً وَقَاعِدَاً، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، و(في) الشَّهْرِ كلِّه وَكَيْفَ أَمْكَنَكَ، وَمَتَى حَضَرَكَ فِي (من) دَهْرِكَ، تَقُولُ بَعْدَ تَمْجِيدِ اللهِ تَعالى والصّلاةِ عَلَى النّبيِّ وآلِه عَليهم السّلام:

أللّهُمّ كُنْ لِوَلِيِّكَ، القائِمِ بِأمرِكَ، الحُجَّةِ، مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنِ المهْدِيّ، عَلَيْهِ وَعَلَى آبائِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ والسَّلامِ، فِي هذِهِ السَّاعَةِ وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ، وَلِيّاً وَحافِظاً وَقَائِداً، وَنَاصِراً وَدَلِيلاً وَمُؤَيِّداً، حَتّى تُسْكِنَهُ أرْضَكَ طَوْعاً، وَتُمَتِّعَهُ فِيها طَويلاً وَ(عَرْ [ي] ضاً) وَتَجْعَلَهُ وَذُرِّيَّتَهُ مِنَ الأئِمَّةِ الوارِثينَ.

أللَّهُمَّ انْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِه،ِ وَاجْعَلِ النَصْرَ مِنْكَ لَهُ وَعَلَى يَدِهِ، وَالفَتحَ عَلى وَجْهِهِ، وَلا تُوَجِّهِ الأَمْرَ إلَى غَيْرِهِ.

أللَّهُمَّ أَظْهِرْ بِهِ دِينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ، حَتَّى لا يَسْتَخْفِيَ بِشَيْءٍ مِنَ الحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ.

أللَّهُمَّ إنّي أرْغَبُ إِلَيكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ، تُعِزُّ بِهَا الإسْلامَ وأهْلَهُ، وَتُذِلُّ بها النِّفاقَ وَأَهْلَهُ، وَتَجْعَلُنا فِيها مِنَ الدُّعَاةِ إلى طَاعَتِكَ، وَالقَادَةِ إلَى سَبِيلِكَ، وَآتِنا فِي الدُّنيا حَسَنةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنةً، وَقِنا عَذَابَ النَّارِ، واجْمَعْ لَنَا خَيْرَ الدَّارَيْنِ، وَاقْضِ عَنّا جَمِيعَ مَا تُحِبُّ فِيهِما، وَاجْعَلْ لَنَا فِي ذلِكَ الخِيَرَةَ بِرَحمَتِكَ وَمَنِّكَ فِي عَافِيةٍ، آمين رَبَّ العَالَمِينَ، زِدْنا مِن فَضْلِكَ وَيَدِكَ المَلْأَى فَإنَّ كُلَّ مُعْطٍ يَنْقُصُ مِنْ مُلْكِهِ، وَعَطَاؤُكِ يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ.

 

 

اخبار مرتبطة

  شعائر العدد الواحد و الخمسون -شهر شعبان 1435 - حزيران 2014

شعائر العدد الواحد و الخمسون -شهر شعبان 1435 - حزيران 2014

نفحات