الملف

الملف

منذ يوم

الحديث مع الله تعالى، ومع وليّه المهديّ عليه السّلام

الحديثُ معَ اللهِ تَعالى، ومع وليِّه المَهديّ عليه السّلام

عاجِزٌ عَنْ عِتابِكَ، كَيْفَ يَقوى عَلى عِقابِكَ؟

ـــــ السّيّد ابن طاوس قدّس سرّه ـــــ

 

«..إذَا طَلَعَ هِلالُ شَوّالٍ، نُودِيَ المُؤْمِنونَ أَنِ اغْدُوا إِلى جَوائزِكُمْ، فَهُوَ يَوْمُ الجَائِزَةِ، ثمّ قالَ أبو جعفر [الباقر] عليه السّلام: أَمَا وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا هِيَ بِجَائِزَةِ الدَّنانِيرِ وَالدَّراهِمْ».

ما هي الحالُ التي يكونُ عليها الصّائم، صبيحةَ العيد؟ الإدلال؟ أم الحياءُ والخَجلُ على قاعدة: ﴿..إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ المائدة:27.

حَوْلَ هذه الحال، تحدّث السّيّد ابنُ طاوس قدّس سرّه، مُبَيِّناً بعضَ أدب الحديثِ مع الله تعالى في غَمَرات الحياء والخَجل، ومع وليِّه المَهديّ المُنتظَر إمامِ الزّمان، عليه السّلام، من قَلب مُشاطَرتِه هُمومَ المسلمين والمستضعفين، وأحزانَ الغَيْبَة وتأخيرَ الفَرَج.

 

قال السّيّد ابن طاوس رحمَه الله تعالى:

«وإنْ أرادَ المتشرّفُ باستقبالِ يومِ العيد، أنْ يُخاطبَ كرمَ المالكِ للتّأييد، و[طَلَبَ] المزيد، فيقول: اللَّهُمُّ إنّ الملوكَ والأمراءَ قد وهبُوا خِلَعَاً لمَماليكهم وعبيدِهم وجنودِهم، ولو كانَ المماليكُ من الأغنياء.

والعبدُ المملوكُ رأسُه مكشوفٌ من عمائمِ المراقبةِ التي تليقُ بكم، ومن مَيازر الإخلاصِ التي تجبُ لكم، ومن سِتْرِ الإقبالِ عليكم، ومن الخِلَعِ التي تَصلحُ للحضورِ بين يدَيكم، وثيابُ العبدِ المملوكِ خَلِقَةٌ بيدِ الغَفَلَات، ودَنِسَةٌ من وَسَخِ الشّهوات، ولباسُ سَتْرِ عيوبِه مُمَزَّقٌ بيَدِ إيثارِه عليكم، ومِغْفَرُ غفرانِ ذنوبِه مكسَّرٌ بيَدِ تهوينِه بالاستغفارِ الذي يقرّبُه إليكم، وعوراتُه مكشوفةٌ، وعَثَراتُه مخوفةٌ، فهو مُتهتِّكٌ في هذا العيدِ السّعيدِ بسُوءِ ملبوسِه، و(خَجِلٌ) خَزْيانُ من ثيابِ نُحوسِه، فما أنتم صانعونَ بمملوكٍ يقولُ بلسانِ حالِه: (إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، وأنتُم علّمتُمُ المُلوكَ (المَملُوكَ) مكارمَ الأخلاقِ، وعَنكُم وَمِنكُم عُرِفَ ابتداءُ الخلع، وإطلاقُ الأعناقِ والأرزاقِ.

وقد كانَ العبدُ المملوكُ لَمّا ابتَدأْتُم بإنشائه، عرفتُم ما يقعُ منه من سوءِ إبائه (إيابِه)، ووَسِعَه حِلمُكم، حتّى خَلَعتُم عليه خِلَعَ البقاء، وخِلَعَ سلامةِ الأعضاء، وخِلَعَ الشّفاءِ من الأدواء، وكَسَوتُموه لَحماً وجِلداً، وبالَغتُم معَه إنعاماً ورِفْداً.

فيَبقى العبدُ المملوكُ عُرْياناً بحَضرتِكم، فمَن ذا يسترُه ويَكسوه إذا رآه، وقَد ضاقتْ عنه سعةُ رحمتِك، ومَن يأويه إذا نُودِيَ عليه: أيْ طريدَ نقمتِكم! فيا مَن خلعَ عليه، وقد عرفَ مَا يَنتَهِي حالُه إليه، وربَّاهُ وغَذَّاهُ وَآواهُ، فقَد أحاطَ عِلْمَاً بجُرْأَتِه عَلَيه، وَمَا كَانَ قَد تشرَّفَ بمَعرفةِ مَوْلاه، وَلَا ارتَضَاهُ أن يخدمَه في دُنياه... ارحمِ استغاثتَه بكَ، واستكانتَه لكَ، واستجارتَه بظِلِّك، ووسيلتَه بفضِلك إلى عدلِك، وَاكْسُهُ مِن خِلَعِ العفوِ والغُفرانِ، والأمانِ، والرّضوانِ، مَا يكونُ ذِكرُها وشُكرُها ونَشْرُها، مَنسوباً إلى مُجَرَّدِ رَحمتِك وجُودِك، فقَدِ انْكَسَرَ قَلبُه، وَخَجِلَ وَاستَحيا مِن وقوفِه عُريَاناً في يومِ عيدِكَ، مَعَ كَثرةِ مَن خَلَعْتَ عَلَيهِ مِن عَبيدِكَ وَوُفُودِكَ، وَمَا لَهُ بَابٌ غَيْرُ بَابِكَ، وَهُوَ عَاجِزٌ عَن عِتَابِكَ، فَكَيفَ يَقْوَى عَلَى حِرمَانِكَ وَعِقَابِكَ؟».

 

أدبُ الحديث مع الإمام المهديّ عجّلَ اللهُ تعالى فرجه الشّريف يومَ العيد

 

أضاف السّيّد ابن طاوس، رضوان الله تعالى عليه:

«فصلٌ: في ما نذكرُه من أدبِ العبد يومَ العيد مع من يعتقدُ أنّه إمامُه، وصاحب ذلك المقام المجيد، فأقول:

اعلَم أنّه إذا كانَ يومُ عيدِ الفِطر، فإنْ كانَ صاحبُ الحُكمِ والأمرِ مُتَصَرّفاً في مُلكِه وَرَعَاياهُ عَلى الوجهِ الّذي أعطاه مَولاه، فَلْيَكُن مُهنّئاً له، صلواتُ اللهِ عَليه، بشَرف إقبالِ اللهِ، جلَّ جلالُه، عليه، وتَمامِ تمكينِه من إحسانِه إليه، ثمّ كُنْ مُهنّئاً لنفسِك ولمَن يعزُّ عليكَ وللدّنيا وأهلِها، ولكلِّ مسعودٍ بإمامتِه بوجودِه عليه السّلام، وسعودِه وهدايتِه وفوائدِ دولتِه.

وإنْ كان مَن يعتقدُ وجوبَ طاعتِه ممنوعاً من التّصرُّفِ في مقتَضى رياستِه، فَلْيَكُن عليكَ أثرُ المساواة في الغضبِ مع الله، جلَّ جلالُه، مولاكَ ومَولاه، والغضبِ لأجلِه، والتّأسُّفِ على ما فاتَ من فَضلِه.

فقد رَوينا بإسنادِنا إلى أبي جعفر بن بَابَوَيه من كتاب (مَن لا يَحضرُه الفقيه)، وغيره، بإسنادِه إلى حنان بن سَدير، عن عبد الله بن دينار، عن أبي جعفر [الباقر] عليه السّلام، أنّه قال:

(يَا عَبْدَ اللهِ، مَا مِنْ عِيْدٍ لِلْمُسْلِمِيْنَ، أَضْحَى وَلَا فِطْرٍ، إِلّا وَهُوَ يَتَجَدَّدُ لِآلِ مُحَمَّدٍ فِيهِ حُزْنٌ، قالَ: قلتُ: ولِمَ؟ قالَ: لِأَنّهُم يَرَوْنَ حَقَّهُمْ فِي يَدِ غَيْرِهِم).

وأقول: لو أنّكَ استَحْضَرتَ كيفَ كانت تكونُ أعلامُ الإسلامِ بالعدلِ منشورةً، وأحكامُ الأنامِ بالفضلِ مشهورةً، والأموالُ في اللهِ، جلّ جلالُه، إلى سائرِ عبادِه مبذولةً، والآمالُ ضاحكةً مُستَبشِرةً مقبولةً، والأمنُ شاملٌ للقريبِ والبعيد، والنّصرُ كاملٌ للضّعيفِ والذّليلِ والوحيدِ، والدّنيا قد أشرَقتْ بشموسِ سُعودِها، وانبَسَطتْ يدُ الإقبالِ في أغوارِها ونجودِها، وظهرَ من حُكمِ اللهِ، جلَّ جلالُه الباهرُ وسلطانُه القاهِر، ما يُهَيَّجُ العقولَ والقلوبَ سروراً، ويملأُ الآفاقَ ظهورُها نوراً... لَكُنْتَ، واللهِ، يا أخِي قد تنغّصتَ في عيدِكَ الذي أنتَ مسرورٌ بإقبالِه، وعرفتَ ما فاتَك من كَرَمِ اللهِ، جلّ جلالُه، وإفضالِه، وكانَ البكاءُ والتّلهُّفُ والتّأسُّفُ أغلبَ عليكَ وأليقَ بك، وأبلغَ في الوفاء لمَن يعزُّ عليكَ.

وقد رفعتُ لكَ الآن، ولم أَشرَحْ مَا كانَ يُمكِنُ فيه إطلاقُ اللّسان، وهذا الذي ذكَرنَاه عَلى سبيلِ التّنبيهِ والإشارة، لأنّ استيفاءَ شَرحِ ما نريدُه، يضيقُ عنه مبسوطُ العبارة.

واعلَم أنّ الصّفاءَ والوفاءَ لأصحابِ الحقوقِ عندَ التّفريقِ والبِعاد، أحسنُ من الصّفاءِ والوفاءِ معَ الحضورِ واجتماعِ الأجساد، فَلْيَكُن الصّفاءُ والوفاءُ شعارَ قلبِك لمَولاك وربِّك القادرِ عَلى تفريجِ كَرْبِك».

(السّيّد ابن طاوس، إقبال الأعمال: ج 1، ص 472 – 475)

 

 

من مُستَحبّات ليلةِ العيد ويومِه

* والسُّنّةُ أنْ يَطعَمَ [يَأْكُلَ] الرَّجُلُ في الأضحى بعدَ الصّلاة، وفي الفِطر قبل الصّلاة، (وألّا يُضَحِّيَ) حتّى ينصرفَ الإمام.

* ومن السُّنّة التّكبيرُ لَيْلَةَ الفطر، ويومَ الفطر في عشر صلوات.

* والتّكبيرُ في الأضحى، من صلاةِ الظّهر يومَ النّحر في الأمصار، إلى صلاةِ الفجر من بعد الغَد، عشرَ صلوات، لأنّ أهلَ مِنى إذا نَفروا، وجبَ على أهل الأمصار أن يَقطعوا التّكبير.

* والتّكبير: اللهُ أكْبَرُ اللهُ أكْبَرُ، لَا إلِهَ إلّا اللهُ وَاللهُ أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرُ، وَللهِ الحَمْدُ، اللهُ أكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا، وَالحَمْدُ للهِ عَلَى مَا أَبْلَانَا، وَاللهُ أكْبَرُ عَلَى مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِيْمَةِ الأَنْعَامِ.

* وإذا كان عيدُ الفِطر فلا تَقُل فِيه: وَارْزُقْنَا مِن بَهِيْمَةِ الأنْعَامِ.

* والأضحى في الأمصار، يومٌ واحدٌ بعدَ يومِ النّحر.

* ومن السُّنّة أن يجتمعَ النّاسُ في الأمصارِ عشيّةَ عَرَفة بغير إمام، يدعُون الله.

 

(الشّيخ الصّدوق، المُقنع: ص149)

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريّات

دوريّات

27/06/2014

دوريّات

نفحات