الملف

الملف

26/07/2014

خازنُ علوم الدّين، وفقيهُ الوَحي

 

الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام

خازنُ علوم الدّين، وفقيهُ الوَحي

ـــــ المستشار عبد الحليم الجنديّ ـــــ

 

هذا النّصّ المستعاد للمفكِّر الإسلاميّ المصريّ المستشار عبد الحليم الجنديّ، مستلٌّ من الكتاب الشّهير الّذي وضعَه الجنديّ حول سيرة الإمام جعفر بن محمّد الصّادق عليهما السّلام، في سبعينيّات القرن العشرين المنصرم.

أهمّيّة هذا الكتاب والنّصّ الّذي اخترناه لهذا العدد أنّه يعكس مناخَ نخبةٍ واسعةٍ من مفكِّري العالمَين العربيّ والاسلاميّ وعُلمائهم، حول المنزلة العظيمة الّتي يرتقيها الإمام الصّادق عليه السّلام في ضميرِهم الجَمعيّ ووجدانهم الدّينيّ.

وقد ارتأينا نشرَ هذا النّصّ الّذي وضعَه الكاتب تحت عنوان «المدرسة الكبرى»، وهو جزءٌ ممّا ورد في الفصل الأوّل من الكتاب.

«شعائر»

 

أخذَ الفروعَ والأصول عن الإمام جعفر جمعٌ غفيرٌ من ثقات الشّيعة، ورَووا ذلك لمَن بعدهم على سبيل التّواتر القطعيّ. ورواه هؤلاء، لمَن خلَفوهم قرناً بعد قرنٍ. فالصّادق يروي علمَ مَن قبله، ويروي الأئمّةُ من أبنائه علمَه، كما يرويه تلامذتُه. فهو الحلقةُ التي تتوسّط السّلسلة، أو العروة الوثقى بين كُتب آبائه وبين ما كتب بعده «الإماميّة».

 

المصحف الخاصّ، أو كتاب الأصول

آلى أمير المؤمنين عليه السّلام على نفسه بعد الفراغ من تجهيز الرّسول صلّى الله عليه وآله، ألّا يرتدي إلّا للصّلاة أو يجمع القرآن. فجمعه مرتّباً على حسب النّزول. وأشار إلى عامِّه وخاصِّه، ومُطْلَقه ومقيّده، ومُحكَمه ومُتشَابهه، وناسخِه ومَنسوخه، وعَزائمِه ورُخَصِه، وسُننِه وآدابِه، ونبّه على أسباب النّزول فيه.

ومن جلال شأن هذا الكتاب، قال فيه محمّد بن سيرين: «لو أصبتُ هذا الكتابَ، كان فيه العِلم». فهو كما يظهر من محتوياته مصحفٌ خاصّ، وكتابُ أصولٍ من صُنع عليّ عليه السّلام.

الجامعة

و(الجامعة): كتابٌ طولُه سبعون ذراعاً، من إملاء النّبيّ صلّى الله عليه وآله وخطّ عليٍّ عليه السّلام. فيه ما يحتاجُه النّاسُ من حلالٍ وحرامٍ وغيره، حتّى ليصلَ في التّفصيل إلى أَرْش الخدش [التّعويض عنه]. وقد وصفَها بذلك الباقر والصّادق عليهما السّلام. شهدها عندهما الثّقات من أصحابهما ومنهم أبو بصير.

قال الصّادق عليه السّلام: «أَما وَاللهِ عِنْدَنا ما لا نَحْتاجُ إِلى أَحَدٍ، وَالنّاسُ يَحْتاجونَ إِلَيْنا، إِنَّ عِنْدَنا الكِتابَ بِإِمْلاءِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَخَطِّ عَلِيٍّ بِيَدِهِ. صَحيفَةٌ طولُها سَبْعونَ ذِراعاً، فيها كُلُّ حَلالٍ وَحَرامٍ».

وقال: «إِنَّ الجامِعَةَ لَمْ تَدَعْ لِأَحَدٍ كَلاماً. فيها الحَلالُ وَالحَرامُ. إِنَّ أَصْحابَ القِياسِ طَلَبوا العِلْمَ بِالقِياسِ فَلَمْ يَزِدْهُمْ مِنَ الحَقِّ إِلّا بُعْداً. وَإِنَّ دينَ اللهِ لا يُصابُ بِالقِياسِ».

قالوا: سُمِّيت: «الجامعة»، و«الصّحيفة»، و«كتاب عليّ»، و«الصّحيفة العتيقة».

كان أمير المؤمنين عليه السّلام يخطبُ النّاسَ فيقول: «وَاللهِ ما عِنْدَنا كِتابٌ نَقْرَأُهُ عَلَيْكُمْ إِلّا كِتابَ اللهِ تَعالى، وَهَذِهِ الصَّحيفَة - وكانت مُعلّقةً بسَيفه - أَخَذْتُها عَنْ رَسولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ».

ولقد دعا الخليفة أبو جعفر المنصور [العبّاسيّ] بكتابٍ عليٍّ هذا، فجاءَ به الإمام الصّادق وقرأ فيه أنّ: النّساء ليس لهنّ من عقار الرّجل، إذا توفّى عنهنّ، شيء. وقال أبو جعفر [المنصور العبّاسيّ]: «هَذا واللهِ، خَطُّ عَلِيٍّ وَإِمْلاءُ رَسولِ اللهِ، صلّى اللهُ عَلَيْهِ [وآلِه] وَسَلَّمَ».

وأبو جعفر من العلماء كما قال عنه مالكٌ إمامُ المدينة، وكما أقرَّ له الجاحظ كبيرُ النَّقَدَة. فهو قد يقسمُ لأنّه قرأ كتابةً قبل ذلك لِعَليٍّ، أو لأنّ لديه من العلم، ما يُعرِّفُه أنّها بإملاء النّبيّ صلّى الله عليه وآله.

كتاب الدّيات

وكتاب (الدّيات): وهو يغطّي ما يُسمّى في الفقه المعاصر «المسؤوليّة المدنيّة» عن الفعل الضّارّ بالجسم، أوردَ محتوياتِه ابنُ سعد في كتابه المعروف بـ (الجامع). وروى عنه أحمد بن حنبل في (المسند الأعظم)، وذكره البخاريّ ومسلم، ورَويا عنه.

مصحف فاطمة عليها السّلام

ومن التّراث العلميّ عند الشّيعة ما يُسمَّى «مصحف فاطمة». حدّثوا عن الصّادق عليه السّلام إذ سُئل عنه: «أَنَّ فاطِمَةَ مَكَثَتْ بَعْدَ رَسولِ اللهِ خَمْسَةً وَسَبْعينَ يَوْماً، وَكانَ قَدْ دَخَلَها حُزْنٌ عَلى أَبيها. وَكانَ جِبْريلُ يَأْتيها فَيُحْسِنُ عَزاءَها وَيُطيبُ نَفْسَها، وَيُخْبِرُها بِما يَكونُ بَعْدَها في ذُرِّيَّتِها، وَكانَ عَلِيٌّ يَكْتُبُ ذَلِكَ. فَهَذا مُصْحَفُ فاطِمَةَ».

فليس هذا مصحفاً بالمعنى الخاصّ بكتاب الله تعالى، وإنّما هو أحدُ المدوّنات.

التّدوين

يروي «الصّدوق» في (الأمالي) أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله، قال: «المُؤْمِنُ مَنْ إِذا ماتَ تَرَكَ وَرَقَةً واحِدَةً عَلَيْها عِلْمٌ، تَكونُ تِلْكَ الوَرَقَةُ يَوْمَ القِيامَةِ سِتْراً بَيْنَهُ وَبَيْنَ النّارِ».

وفي حياة النّبيّ صلّى الله عليه وآله، أو حياة عليٍّ عليه السّلام، اقتدت بعليٍّ عليه السّلام شيعتُه في التّدوين. أو قل: هُدِيَت لتنفيذ أمر الرّسول صلّى الله عليه وآله.

يقول ابنُ شهر آشوب: «أوّلُ مَن صنّفَ في الإسلام عليُّ بنُ أبي طالب، ثمّ سلمانُ الفارسيّ، ثمّ أبو ذرّ». والاثنان (من) شيعة عليٍّ عليه السّلام.

والسّيوطيّ يروي أنّ عليّاً والحسنَ بن عليّ، عليهما السّلام، ممَّن أباحوا كتابةَ العلم بين الصّحابة وفعّلوها.

وألّف أبو رافع مولى الرّسول صلّى الله عليه وآله، وصاحبُ بيتِ مالِ عليٍّ عليه السّلام بالكوفة، كتاب (السُّنن والأحكام والقضايا).

يقول موسى بن عبد الله بن الحسن: «سألَ أبي رجلٌ عن التّشهُّد، فقال أبي: هاتِ كتابَ أبي رافع. فأخرجَه فأملاه علينا».

أمّا عليُّ بنُ أبي رافع فكتبَ كتاباً في فنون الفقه على مذهب أهل البيت - أي آراء عليّ بن أبي طالب عليه السّلام - وكانوا يُعَظِّمون شأنَ هذا الكتاب، ويحملون شيعتَهم عليه.

ومن الشّيعة:

* زَيدُ الجَهْضَمِيّ، حاربَ مع عليٍّ عليه السّلام، وألّف كتاباً يحوي خُطَبَه.

* ومنهم ربيعة بن سميع: له كتابٌ في زكاة النَّعَم.

* ومنهم عبد الله بن الحرّ الفارسيّ: له لمعةٌ في الحديث جمعَها في عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله.

* ومنهم الأصبغُ بن نباتة، صاحبُ عليٍّ عليه السّلام، روى عنه عهدَه إلى الأشتر النَّخْعيّ، ووصيّتَه إلى ابنه محمّد بن الحنفيّة.

* ومنهم سُلَيم بنُ قيس الهلاليّ صاحبُ أمير المؤمنين، له كتابٌ في الإمامة، وله مكانةٌ عُليا في المذهب من حيث الأصول.

وذات يومٍ كان الحكمُ بن عُيَينة عند الباقر يسأله، فقال [الإمام الباقر عليه السّلام]: «يَا بُنَيَّ، قُمْ فَأَحْضِرْ كِتَابَ عَلِيٍّ». فأحضر كتاباً مدرجاً عظيماً ففتحَه. وجعل ينظرُ حتّى أخرجَ المسألة، وقال: «هَذَا خَطُّ عَلِيٍّ وَإمْلَاءُ رَسُولِ الله». وأقبلَ على الحَكم، وقال: «اذْهَبْ أَنْتَ وَسَلَمَةُ وَأبُو المِقْدَام حَيْثُ شِئْتُمْ يَميناً وَشِمالاً. فَواللهِ لا تَجِدونَ العِلْمَ أَوْثَقَ مِنْهُ عِنْدَ قَوْمٍ كانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ جِبْريلُ».

ومن قبل الإمام الباقر، وُجِدَت عند الإمام زين العابدين، عليهما السّلام، الصّحيفةُ المسمّاة: (الصّحيفة الكاملة). وعن زين العابدين عليه السّلام آلَتْ إلى الشّيعة رسائلُ عدّة، منها: (رسالة الحقوق)، ورسالةٌ إلى ابن شهاب الزّهريّ.

وكذلك ألّف عمرو بن أبي المقدام جامعاً في الفقه، يَرويه عن الإمام زين العابدين عليه السّلام.

فلمّا صارت الإمامة للصّادق عليه السّلام، حضَّ على تدوينِ العلم أيّاً كان موضوعُه، دينيّاً أو دنيويّاً، فقهاً، عباداتٍ أو معاملاتٍ، أو علوماً تطبيقيّة. وكان يقول: «القَلبُ يتَّكِلُ عَلى الكِتَابة»، وكان يُملي على تلاميذه، ويَجيئهم بالدّواةِ والقرطاس، ويقول: «اكتُبوا، فَإنّكُم لا تَحفظونَ حَتّى تَكتُبوا».

ويلتمسُ سفيانُ الثّوريّ إليه أن يحدّثه بحديثِ خطبةِ الرّسول صلّى الله عليه وآله بمَسجد الخِيف، ويرجوه ليأمرَ له بقرطاسٍ ودواةٍ ليثبتَه، فيأمر له، ثمّ يُمليه: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ. خُطْبَةُ رَسولِ اللهِ في مَسْجِدِ الخَيْفِ. نَضَّرَ اللهُ عَبْداً سَمِعَ مَقالتي فَوَعاها، وَبَلَّغَها مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ. يا أَيُّها النّاسُ: لِيُبَلِّغِ الشّاهِدُ مِنْكُمُ الغائِبَ، فَرُبَّ حامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقيهٍ، وَرُبَّ حامِلِ فِقْهٍ إِلى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ...».

وكتب عبد الله الحلبيّ كتاباً عرضَه على «الصّادق عليه السّلام»، فصحّحَه واستحسنَه.

وسنرى حفيده الإمامَ العسكريّ يعرضُ عليه يونسُ بن عبد الرّحمن كتاب (يوم وليلة)، فيُصَحِّحه، ويأمرُ بالعمل به.

ولمّا غابَ «المهديّ عليه السّلام» في النّصف الثّاني من القرن الثّالث، أحوَجت «الغَيبةُ» إلى الرّجوع للمُدوّنات الّتي تزخرُ بها خزائنُ الشّيعة؛ إذ لم يَكن لديهم إمامٌ ظاهرٌ يسألونه، وكَثُرت الكتابةُ عندَهم في القرن الرّابع.

* * *

كان أوّلُ المستفيدين بالتّدوين الباكر أولئك الّذين يَلوذون بالأئمّة من أهل البيت عليهم السّلام، فيتعلّمون شفاهاً أو تحريراً، أي من فمٍ لفمٍ، أو بالكتابة.

فما تناقلتُه كُتبُ الشّيعة من الحديث، هو التّراثُ النّبويّ - في صميمِه - بلغَ الشّيعةَ في يُسْرٍ طَوَّعَ لعلمِهم الازدهار. في حين لم يجمع أهلُ السُّنّة هذا التّراث إلّا بعد أن انكبَّ عليه علماؤهم قرناً ونصف قرن، حتّى حصّلوا ما دوّنوه في المدوّنات الأولى. ثمّ ظلّوا قروناً أخرى، يجوبون الفَيافي والقفارَ في كلّ الأمصار، فتطابقت السُّنّةُ - في مجموعها - عند هؤلاء وأولاء، إلّا أموراً لا تتّصلُ بأصل الدِّين، وخلافاتٍ في الفروع ليست بِدْعاً في الأمّة.

 وربّما كان اختلافُ مذاهب أهل السُّنّة في ما بينَهم وبين أنفسِهم أكثرَ ظهوراً في بعض المسائل من خلافِهم فيها مع فقهاء الشّيعة. وإذاً لاحظنا أنّ من الرّواة مَن قيل إنّه روى عشراتِ الآلاف من الحديث عن الإمام، تجلّت كفايةُ التّراثِ الموثوق به عندَ الشّيعة لحاجاتِ الأُمّة. ".."

والشّيعةُ يَكفيهم أن يصلوا بالحديث إلى الإمام، لا يطلبون إسناداً قبل الإمام جعفر الصّادق، بل لا يطلبون إسناداً قبل الأئمّة عموماً. لأنّ الإمام بين أن يكون يَروي عن الإمام الّذي أوصى له، وبين أن يكون قرأ الحديثَ في كُتُب آبائه - إلى ذلك - فإنّ ما يقولُه سُنّةٌ عندَهم. فهو ممحَّصٌ من كلّ وجه. فليست روايتُه للحديث مجرّدَ شهادةٍ به، بل هي إعلانٌ لصحّتِه. ".."

ولا مريةَ كان منهجُ عليٍّ عليه السّلام ومَن تابعَه في التّدوين خيراً كبيراً للمسلمين، منعَ المساوئَ المنسوبةَ إلى بعض الرّوايات، وأقفلَ الباب دون افتراء الزّنادقة والوضّاعين. فالسّبقُ في التّدوين فضيلةُ الشّيعة. ولمّا أجمعَ العلماءُ بعد زمانٍ طويلٍ على الالتجاء إليه، كانوا يُسَلّمون بهذه الفضيلة - بالإجماع - لِعَليٍّ وبَنيه. والسُّنّة شارحةٌ للكتاب العزيز، وهو مكتوبٌ بإملاء صاحب الرّسالة، فهي كَمثله حقيقةٌ بالكتابة.

إنّما كان المحدِّثون من أهل السُّنّة في القرون الأولى مضطرّين لسُماع لفظ الحديث من الأَشيُخ، أو عرضِه عليهم، لأنّ السُّنن لم تكن مدوَّنة. فكانت الرّحلةُ إلى أقطار العالَم لتلقّي الحديث على العلماء وسيلتُهم الأكيدة. ولم يغيِّر ذلك النّظرَ انتشارُ التّدوين في نهاية القرن الثّاني ومنتصفِ الثّالث، وكَثْرة الحديثِ المدوَّنِ في المَسانيد والمجاميع والصّحاح الّتي أُلَّفت بعد تلك الفترة، ومنها مسند أحمد بن حنبل، (ت: 241 للهجرة)، حوى ثلاثين ألفاً دون المكرّر. اختارها من ثلاثة أرباع مليون جمعَها من أفواه العلماء من أقصى الأرض وأدناها، وحدّث بها تلاميذَه لينقلوها إلى الأجيال التّالية. وكان في أواخر أيّامه يستوثقُ لنفسه، فيَروي للنّاس الحديثَ ويطلبُ المسندَ يقرأُ فيه.

ثم ّجاءت أجيالٌ تأخذُ الحديثَ من الصُّحفِ الموثوقِ بصَحّةِ صدورِها من صاحبِها دون أن يُرتَحَلَ إليه. وهذا ما أطلقوا عليه الوَجادة [لفظ مولَّد من «وجد» غير مسموع من العرب] يقولون: «وَجَدنا بخطّ فلان». وفي القرن الرّابع اعتبر ابن يونس الصّفديّ (ت: 347 للهجرة) إماماً حافظاً للحديث، وإنْ لَم يَرحَل. ".."

* * *

وفي كتابنا (الإمام الشّافعيّ) أجملَنا الكلام عن موضعِ الإمام من الإسلام كلِّه في كلمات: «الإمام جعفر.. يمثّلُ صميمَ الإسلام ".." وهو إمامٌ في الدّينِ والفقه، وبحرٌ في العلوم الطّبيعيّة». ".."

وهذا البحر ".." إمامٌ يَهتدي بهَديِه واجتهادِه أئمّةُ أهل السّنّة كافّة. أمّا الشّيعة الإماميّة، فقَولُ الإمام المعصوم يَجري عندَهم مَجرى قول النّبيّ صلّى الله عليه وآله، من كَوْنه حُجّةً على العباد. ولقد توسّعَ علماؤهم في اصطلاح السُّنّة إلى ما يشملُ «قولَ كلِّ واحدٍ من المعصومين، وفعلَه، وتقريرَه». فالأئمّةُ المعصومون ليسوا، بهذه المنزلة، من قبيل رُواة السُّنن، بل هم مَنصوبون من الله تعالى، على لسان النّبيّ، صلّى الله عليه وآله، لتبليغ الأحكام عن طريق الإلهام، كالنّبيّ بطريقِ الوَحي إليه، وهو خاصٌّ به، أو عن طريق التّلقّي من المَعصوم الّذي يسبق. أمّا فعلُ المعصوم فَدليلٌ على الإباحة. وأمّا تَرْكُه فَدليلٌ على عَدم الوجوب.

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

26/07/2014

دوريّات

نفحات