مصطلحات

مصطلحات

26/07/2014

النّفس، والرّوح


النّفس، والرّوح

تغاير وتواصل في نفس الأمر

ــــــــــ إعداد: شعائر* ــــــــــ

تعريفُ النّفسِ والرّوح ليسَ بالأمر الهَيِّن، إذ الكلامُ في حقيقتِهما سرٌّ من الأسرار الّتي لا تتحمّلُها كلّ العقول، فهذه المسألة من معضلات المسائل لأنّ الكلام فيها يقع تارةً في تعريف كلّ منهما على حدة، وتارة أخرى في الفرق بين حقيقتَيهما تِبعاً لمَن قال باختلافهما مصداقاً، وتارةً ثالثةً في خصائص ووظائف كلٍّ منهما، وتارةً رابعة في اختلاف التّعريفات بحسب اختلاف المذاهب والاتّجاهات والآراء .

 

فتعريفُ الرّوح والنّفس فلسفيّاً يختلفُ عن تعريفِهما عقائديّاً (كلاميّاً)، بل تتنوّعُ التّعريفات بحَسب المدراس الفكريّة المنشعبة عن علمَي الكلام والفلسفة، فَللمشّائين من الفلاسفة تعريفٌ يُغاير ما عند الإشراقيّين، ولعلماء الكلام تعاريفُ متفاوته بحسب مبنى كلّ طائفة منهم.

تعريفُ النَّفْس

النّفس عند الحكماء: هي كمالٌ أوّلٌ لجسم طبيعيّ آليّ من جهة ما يتغذّى وينمو، أو يحسّ ويتحرّك بالإرادة، أو يعقلُ الكلّيات ويستنبطُ الآراء، وقد يعبَّر عن كلّ ذلك بلازمٍ واحد، وهو: من حيث أنّه ذو حياةٍ بالقوّة.

وهي على أنواع: نفسٌ نباتيّة، وخاصّيّتُها التّغذية والنّموّ. ونفس حيوانيّة، وخاصّيّتُها الحسّ والحركة الإراديّة. ونفس ناطقيّة، وخاصّيتُها إدراكُ المَعقولات. ونفس قُدسيّة، وخاصّيّتها أن تكون محلّاً للفيوضات الرّبّانيّة والأسرار الإلهيّة.

تعريفُ الرّوح

أمّا الرّوح: فهي رقيقةٌ أو لطيفة ربّانيّةٌ، شأنها الحياة، ومصدرُها عالم «الأمر»، قال تعالى: ﴿وَيَسأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِن أَمرِ رَبِّي..﴾ الإسراء:85.

وقال بعض الحكماء: هي من عالم «الرّقائق» الّذي هو برزخٌ بين الجبَروت والملكوت، إذ أنّ عالم الجبروت هو عالَم العقول المجرّدة عن المادّة والصّورة معاً، وعالم المَلكوت هو عالم الصّور المجرّدة عن المادّة فقط، والرّوحُ أعلى تجريداً من النّفس ودون تجريد العقل، فهي برزخٌ بينهما.

وقد مثّل لها بعضُ أهل المعرفة بالكهرباء السّارية في الأجهزة الكهربائيّة. فهي الحيويّة السّارية في أجزاء البَدَن، والموتُ يحصل بمفارقة الرّوح للبَدن، وليس كذلك النّفس، فيُمكن أن تغادر النّفسُ البدن - كما في النّوم والإغماء - ثمّ تعود إليه، أمّا الرّوح فلا تفارقُ الحَيوان (وهو جنس الإنسان) إلّا حينَ الموت، فإذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عَود مجاورة، لأنّها باقيةٌ غيرُ فانية، أي أنّها تعود إلى عالَمها الّذي منه أُنزلت.

مآلُ النّفوس

أمّا مصير النّفوس بعد الموت إلى عالَم البرزخ فمُسَلَّم، والسّعادةُ والشّقاءُ يكونان تِبعاً لأعمالها في الدّنيا، والشّعور بالمشاعر والقوى يتضاعفُ حين تحرّرها من البدن، وهذا مصداقُ قوله تعالى: ﴿لَقَد كُنتَ فِي غَفلَةٍ مِن هَذَا فَكَشَفنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ اليَومَ حَدِيدٌ﴾ ق:22، وهي تذهبُ إمّا إلى نار البرزخ أو إلى جنّة البرزخ بحسب ما انتهت إليه فعليّتُها ومَلَكاتُها، فإنّ للأعمال أكبرَ الأثر في حصول الفعليّات والمَلَكات النّفسيّة، فالأعمالُ الصّالحةُ تُوجِبُ دخولَ جنّة البرزخ حتّى قيامِ القيامة الكُبرى للحساب بين يدَي ربّ الأرباب، والأعمالُ الطّالحة تُوجِبُ دخولَ النّار حتّى قيام القيامة الكبرى كذلك، وهذه الجنّة والنّار دون جنّة القيامة ونارها من حيث الرّتبة.

 
 
 

* نقلاً عن الموقع الإلكترونيّ لـ «شبكة العقائد الإسلاميّة».

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

26/07/2014

دوريّات

نفحات