موجزالسيرة

موجزالسيرة

03/05/2011

النشأة، والعبادة والجهاد

إعداد: المحرِّر الثقافي

زينب في اللّغة: اسم شجر حسن المنظر طيِّب الرائحة، وهناك توجيهات أخرى.
والسيّدة زينب، سمّاها جدّها رسول الله صلّى الله عليه وآله بهذا الإسم المبارك، ويُقال لها زينب الكبرى للتمييز بينها وبين من سُمّيت باسمها من أخواتها.

السيّدة زينب عليها السلام سليلة الدوحة النبويّة المباركة. جدّها رسول الله صلّى الله عليه وآله، وأبوها عليه السلام وصيُّ رسول الله صلّى الله عليه وآله، وأمّها سيّدة نساء العالمين، وأخواها الحسنان سيِّدا شباب أهل الجنّة.

ألقابها عليها السلام

اللّقب هو ما يُسمّى به الإنسان بعد اسمه العَلَم، مِن لفظ يدلّ على المدح أو الذمّ، ولمّا كانت هذه السيّدة المبارَكة جامعة لكلّ الفضائل الحميدة، والصفات الخيِّرة كان البيان عاجزاً والقلم قاصراً، عن ذكر قليل من كثير ما اتّصفت به سلام الله عليها من الفضائل والمناقب، فالمدح في حقّها عليها السلام هو كما قال الشاعر:
ألا إنّ ثوباً خِيط من نسج تسعةٍ   وعشرين حرفاً عن معاليه قاصرُ.

أهم ألقابها عليها السلام

زينب المسبيّة، العابدة، الفاضلة، الكاملة، الصابرة، عقيلة حيدر، أمّ المصائب، عقيلة قريش، بطلة كربلاء، عقيلة بني هاشم، قرّة عين المرتضى، المجاهدة، المحتسبة، العالِمة غير المعلَّمة، الفَهِمَة غير المفهَّمة، صاحبة النيابة الخاصّة، شريكة الحسين سيّدِ الشهداء، وتُلقّب بالصدِّيقة الصغرى للتفريق بينها وبين أمّها الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين عليهما السلام.

الولادة

* وُلدت سيّدتنا ومولاتنا زينب الكبرى عليها السلام ، بنت أمير المؤمنين والصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء صلوات الله عليهما، في المدينة المنوّرة، يوم الخامس من جمادى الأولى في السنة الخامسة من الهجرة.

الزواج

* زوجها  هو ابن عمّها، عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وهو أوّل مولود وُلد في الإسلام بأرض الحبشة، ونشأ وترعرع في حجر عمّه أمير المؤمنين عليه السلام، إلى أن زوّجه ابنته زينب عليها السلام، وكان عبد الله جواداً كريماً يُكنّى أبا محمّد، وأبوه هو جعفر الطيار «ذو الجناحين» شهيد وقعة «مؤتة».

* تُوفِّي عبد الله بالمدينة المنورة سنة  80 للهجرة، وخلّف من زينب عليها السلام أربعة أولاد هم: عون الأكبر، محمّد، عليّ، وأم كلثوم.
وبحسب بعض الروايات والآراء، فقد استُشهد محمّد وأخوه عون مع خالهما الحسين عليه السلام في كربلاء، وأمّهما زينب تنظر إليهما.

عبادتها عليها السلام

نشأت هذه الكريمة في حضن النبوّة، ودرجت في بيت الرسالة، ورضعت لبان الوحي، فنشأت نشأة قدسيّة، ورُبّيت تربية روحانيّة.
كانت عليها السلام تُشبه أباها وأمها عليهما السلام في العبادة .. فكانت تؤدّي النوافل كاملةً في كلّ أوقاتها، ولم تغفل عن نافلة الليل قطّ، حتى ليلة الحادي عشر من محرّم. كانت من القانتات العابدات، اللّواتي وقفْنَ حركاتهنّ وأنفاسهنّ للباري عزّ وجلّ، وقد رُوي أنّ الإمام السجّاد عليه السلام رآها بعد عاشوراء وفي رحلة السبي، تصلّي النوافل من جلوس، لأنّها ضعفت عن القيام، حيث كانت تعطي رغيفها للأطفال، ومع ذلك لم تترك صلاة النوافل.

جهادها عليها السلام

حياة السيّدة زينب عليها السلام، هي حياة القائد الجهادي الكبير، الذي تستلهم الأجيال منه دروس الجهاد والمقاومة. إنّها عليها السلام في الدرجة التي تلي المعصومين الأربعة عشر عليهم الصلاة والسلام، الذين هم قادة الأمم، وساسة العباد، وأركان البلاد، كما ورد في الزيارة الجامعة. وخطبتها عليها السلام في الشام، منشور جهادي عالميٌّ نبوي، ووثيقة إلهيّة كبرى تتماهى مع خطبة أمّها الصدِّيقة الكبرى في المسجد النبوي المبارك، ومع «الخطبة الشقشقيّة» لأبيها أمير المؤمنين.

وينقل بعض الصالحين عن الإمام المهدي المنتظر عليه السلام تأكيده على حفظ هذه الخطب الثلاث.
* في السنوات الخمس الأولى من عمرها، عايشت السيّدة زينب جدَّها المصطفى صلّى الله عليه وآله وهو يقود معارك الجهاد لتثبيت أركان الإسلام، ويتحمَّل هو وأهل بيته وسائر المسلمين أقسى المخاطر التي تزيغ من بعضها الأبصار.

* في الأشهر الثلاثة بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وآله، رافقت أمّها الزهراء وهي عليها السلام، تدافع عن مقام الخلافة الشرعي، وتطالب بحقّها المصادَر، وتعترض على ما حصل بعد الرسول من تطوّرات، وتصارع الحسرات والآلام التي أصابتها.
ثمّ عاصرت السيّدة زينب عليها السلام، أباها سيّد الوصيين قبل خلافته الظاهريّة، ثمّ كانت معه في الكوفة لتعايش عن قرب كلّ ما عصف بالأمّة خلال هذه المراحل والأدوار.

* بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام، واكبت السيّدة زينب محنة أخيها السبط الأكبر الإمام الحسن عليه السلام، وما تجرَّع فيها من غُصص وآلام، وصولاً إلى امتحانها الأصعب ودورها التاريخي في نهضة أخيها الحسين عليه السلام في كربلاء.
* ممّا يدلّ بوضوح على أنّ السيدة زينب عليها السلام، مُدَّخرةٌ، بمشيئة الله تعالى لكربلاء، خروجها من المدينة مع سيّد الشهداء عليه السلام، مع أنّها كانت قبل ذلك في بيت زوجها عبد الله بن جعفر، ولم تكن في عداد «عيال» الإمام الحسين عليه السلام.

المرقد المبارك

 كما تقدّم في مفتتح هذا الملف، لقد شاركت الصدِّيقة الصغرى أمّها الصدِّيقة الكبرى في أمور كثيرة، منها أنّ قبرها لا يُعرف مكانه بالتحديد. قال أحد العلماء: نحن نزور الروح حتّى عندما نقف بجوار قبر من نزوره. لذلك تنبغي العناية التامّة بزيارة مولاتنا السيدة زينب أينما كان المؤمن، وتنبغي العناية بامتياز بزيارتها عليها السلام في المقامين المنسوبين إليها في الشام ومصر.
* حول مرقدها عليها السلام في الشام، تحدّث ياقوت الحموي في (معجم البلدان) عن قرية (راوية) قائلاً عنها: «قرية من غوطة دمشق، بها قبر أم كلثوم، وقبر مدرك بن زياد الفزاري صحابيٍّ دُفن بها ... حدّثنا المتولّون على هذا المشهد بأنّ المدفونة هنا هي السيّدة أم كلثوم الكبرى زينب بنت الإمام عليّ بن أبي طالب، أخت الإمام الحسن والإمام الحسين، وأمّهم السيدة فاطمة الزهراء بنت سيّد المرسلين محمّد بن عبد الله صلّى الله عليه وآله، وأنّها زوجة ابن عمّها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ... وأنّ سبب دفنها هنا هو قدومها إلى دمشق من المدينة مع زوجها سنة المجاعة أيام عبد الملك بن مروان ... أو لسبب آخر، وأنّ هذه القرية كانت ملكاً لزوجها، ولمّا ماتت دُفنت فيها».
* وذهب جمهرة من المؤرِّخين إلى أنّ قبر الصدِّيقة الطاهرة زينب عليها السلام في مصر. وفي
سبب هجرتها إلى هناك ذكر المؤرخون أنّ العقيلة أخذت تُلهب العواطف، وتستنهض المسلمين للأخذ بثأر الإمام الحسين عليه السلام، والانتفاض على السلطة الأمويّة، فخَشِيَ والي يثرب، وكتب إلى يزيد، فأمره بإخراجها من المدينة إلى أيّ بلد شاءت، فامتنعت.
وبعد محاولات اختارت الهجرة إلى مصر، فوصلتها لأيّامٍ بقيت من ذي الحجّة، واستقبلها واليها مسلمة بن مخلد الأنصاري، فأنزلها في داره بالحمراء حيث أقامت أحد عشر شهراً وخمسة عشر يوماً، وانتقلت إلى جوار الله عشيّة يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة 62 للهجرة، ودُفنت في دار مسلمة حيث مرقدها الآن في مصر.
ونقف في الختام مع هذه القصيدة العصماء، للشيخ جعفر النقدي رحمه الله، فهي من خير ما نظم في مدح السيدة زينب عليها السلام:
عقيلةُ أهل بيت الوحي بنتُ    الوصيِّ المرتضى مولى المَوالي
شقيقةُ سِبْطَيِ المختارِ مَنْ قد    سَمَت شرفاً على هام الهلالِ
حَكَتْ خيرَ الأنام عُلاً وفخراً    وحيدرَ في الفصيح من المَقالِ
وفاطمَ عفّةً وتُقىً ومجداً    وأخلاقاً وفي كرم الخِلالِ
ربيبةُ عِصْمَةٍ طَهُرَتْ وطابت    وفاقت في الصِّفات وفي الفِعالِ
فكانت كالأئمّة في هداها    وإنقاذِ الأنام من الضَّلالِ
وكان جهادها [بالقَوْل] أمضى    من البيض الصوارم والنِّصالِ
وكانت في المصلَّى إذ تُناجي    وتدعو الله بالدمع المُذالِ [المنهمل]
ملائكةُ السماء على دعاها    تؤمِّن في خضوعٍ وابتهالِ
روت عن أمّها الزهرا علوماً    بها وصلت إلى حدِّ الكمالِ
مقاماً لم يكن تحتاج فيه     إلى تعليم علمٍ أو سؤالِ
ونالت رتبةً في الفخر عنها    تأخّرت الأواخر والأوالي
فلولا أمُّها الزهراء سادت   نساء العالمين بلا جدالِ

حجابُ الزَّينبيَّات

«أَمِنَ العدلِ يا ابن الطلقاء، تخديرُك حرائرَك وإماءَك، وسَوْقُك بنات رسول الله صلّى الله عليه وآله، سبايا قد هُتِكت ستورهنّ، وأُبديت وجوههنّ، تحدو بهنّ الأعداء من بلدٍ إلى بلد، ويستشرفهنّ أهلُ المناهل والمناقل، ويتصفَّح وجوههنّ القريب والبعيد، والدنيُّ والشّريف، ليس معهنّ من حماتهن حميّ، ولا من رجالهنّ وليّ، وكيف ترتجي مراقبة ابن مَن لَفظ فوه أكباد الأزكياء، ونَبَت لحمه بدماء الشهداء..».

 

اخبار مرتبطة

  العبادة تُوَلِّد الحركة والنشاط

العبادة تُوَلِّد الحركة والنشاط

04/05/2011

  خِصال أمير المؤمنين عليه السلام

خِصال أمير المؤمنين عليه السلام

04/05/2011

نفحات