بسملة

بسملة

منذ 6 أيام

... كُونوا أَحْراراً في دُنياكُم


 

... كُونوا أَحْراراً في دُنياكُم

بقلم: الشّيخ حسين كوراني

 

«وَيْلَكُمْ يا شيعةَ آلِ أَبي سُفْيانَ،

 إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ دينٌ وَكُنْتُمْ لا تَخافونَ يَوْمَ المَعادِ،

 فَكونوا أَحْراراً في دُنْياكُمْ هَذِهِ، وَارْجِعُوا إِلى أَحْسابِكُمْ

إِنْ كُنْتُمْ عُرُباً كَما تَزْعُمونَ».

الإمام الحسين عليه السّلام

 

تتزامنُ إطلالةُ ذكرى الهجرة النّبويّة هذا العام - 1436 للهجرة - مع تَعاظم الفرز بين الأُمّة وبين الأمويّة - الوهّابيّة، الوجهِ الآخر للغدّة السّرطانيّة الصّهيونيّة.

يعزّز تَعاظم هذا الفَرز وحدة الأُمّة الوسط، فتتبدّى حقائق أربع:

* فظاعة قبح التّزييف المعمّر المُزمن الذي تمكّن يوم «نَزَتْ» راية حروب قريش بقيادة «أبي سفيان» ضدّ الرّسول والرّسالة، على منبر رسول الله صلّى الله عليه وآله.

* التّماهي بين تحالف أبي سفيان و«بني قريظة»، وبين تحالف اليهود ومَن تنازلوا لهم عن فلسطين «حتّى تصيح السّاعة». هذا استمرار ذاك، بل هُوَ هُوَ، بعينه، وبوّابة الوهّابيّين في الجولان على الاحتلال، دليلٌ إضافيّ.

* وبهاء ملامح المحمّديّة البيضاء، والأُمّة الموحِّدة، وسُموّ معاييرها القيميّة، ومنهجها الفكريّ، ومناقبيّتها في خُطى «الخُلُق العظيم» التي حصّنتها من جاهليّة الشّيطان الأمويّة، فلم – ولن -  تعترف لمعاوية بالخلافة، مصرّةً بلا أدنى تَلَعْثُم على أنّ «الحَسَن، السّبط الأكبر»، هو الخليفة الشرعيّ وأنّ معاوية باغٍ، فرّقَ شملَ الأُمّة، وأنّ «الحسين السّبط» شهيد التّوحيد والقرآن واستمرار الإسلام.

 * وعَظَمة الإعجاز النّبويّ في التّأسيس لفصل الأجيال عن بني أميّة وآل أبي سفيان بالخصوص.

***

يوم مولد الحسين عليه السّلام، تحدّث رسول الله صلّى الله عليه وآله، عن مَقتل الحسين على يد بني أُميّة «الفئة الباغية»، وقد تعدّدت النّصوص حول هذا الاستشراف النّبويّ. منها:

«قالت [أسماء]: ثمّ وضعَه في حِجره، ثمّ قال: يا أبا عبد الله، عزيزٌ عَلَيّ ثمّ بكى، فقلتُ: بأبي أنت وأُمّي، فعلْتَ في هذا اليوم وفي اليوم الأوّل، فمَا هو؟ فقال: أَبْكي عَلى ابْني هَذا، تَقْتُلُهُ فِئَةٌ باغِيَةٌ كافِرَةٌ مِنْ بَني أُمَيَّةَ، لا أَنالَهُمُ اللهُ شَفاعَتِي يَوْمَ القِيامَةِ؛ يَقْتُلُهُ رَجُلٌ يَثْلمُ الدّينَ وَيَكْفرُ بِاللهِ العَظيمِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ إِنّي أَسْأَلُكَ فيهِما – الحسنَين - ما سَأَلَكَ إِبْراهيمُ في ذُرِّيَّتِهِ، اللَّهُمَّ أَحِبَّهما، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهما، وَالْعَنْ مَنْ يُبْغِضُهُما مِلْءَ السَّماءِ وَالأَرْضِ».

 ويوم وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله، كان من أبرز آخر ما تحدّث به، هو «شهادة الحسين»: «عن ابن عبّاس، قال: لمّا اشتدّ برسول الله صلّى الله عليه وآله مرضُه الذي مات فيه، ضمّ الحسينَ عليه السلام إلى صدره يسيلُ من عَرَقِه عليه، وهو يجودُ بنفسه، ويقول: مَا لي وَلِيَزيدَ؟ لا بارَكَ اللهُ فيهِ. اللَّهُمَّ الْعَنْ يَزيدَ، ثُمَّ غُشِيَ عَلَيْهِ طَويلاً، وَأَفاقَ، وَجَعَلَ يُقَبِّلُ الحُسَيْنَ وَعَيْناهُ تَذْرُفانِ، وَيَقولُ: أَما إِنَّ لي وَلِقَاتِلِكَ مَقاماً بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ».

***

 

ما بين مولدِ الحسين ورحيل الرّسول أسّس صلّى الله عليه وآله لمحمّديّة الحسين: «حُسَيْنٌ مِنّي وَأَنا مِنْ حُسَيْنٍ»، لينعقدَ إجماعُ حبّاتِ قلوبِ أجيال الأُمّة على أنّ في قلب الشّهادة للنّبيّ بالنّبوّة «حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْباطِ، أَحَبَّ اللهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْناً»، وبالتّالي: مَن لم يكن حسينيّاً فليس مسلماً.

فكيف إذا كان يدافعُ عن قَتَلَة الحسين ويقدِّسُهم؟!!

وفي كربلاء، لمّا رأى الحسين «جمعَهم كالسّيل» أطلقَ عليهم وصفَين:

1- «هَؤُلاءِ قَوْمٌ كَفَروا بَعْدَ إيمانِهِمْ». يستعيدُ بذلك كلامَ جدِّه المصطفى «فِئَةٌ باغِيَةٌ، كافِرَةٌ».

2- «يا شيعَةَ آلِ أَبي سُفْيانَ» يظهّر التّأسيس النّبويّ لمبدإ التّناقض بين المُحمّديّين «شيعة أهل البيت» بدرَجات، وبين النّواصب الأمويّين السّفيانيّين.

ودارت دورة الزّمن فبلغ «بنو العاصِ ثَلاثين رَجُلاً، وَاتَّخَذوا مالَ الله دُوَلاً، وَعِبادَهُ خِوَلاً»، ثمّ دارت ليكتمل «ألف شهر» من «نَزْوِ بَني أُمَيَّةَ نَزْوَ القِرَدَةِ» على منبر رسول الله، تمّ خلالها تأسيسُ منهج التّزييف للتّسلّط باسم الإسلام.

وجاء العبّاسيّون فرأوا أن لا غطاء لهم في تسلّقهم، إلّا اعتماد هذا التّزييف الأمويّ، فاعتمدوه بعد أن كاد «المعتضد» - بحسب الطّبريّ - يغفل عن نتائج تنكّب المسار الأمويّ.

أمّا باقي المسار الأمويّ، بدءاً بابن تيميّة إلى دواعش «الدّرعيّة»، و«الرّياض» و«نَجْد» وصولاً إلى نسختهم الرّاهنة «دواعش» اليهود والوهّابيّة اليوم، فهو الآن حديثُ كلّ شَفةٍ ولسان.

***

من ثوابت التّأسيس النّبويّ لاستمرار الهجرة، قولُه صلّى الله عليه وآله: «لا تَنْقَطِعُ الهِجْرَةُ حَتّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها».

من مسلّمات هذا الثّابت لدى المختصّين، أنّ هجرة الأجيال المُحمديّة في كلّ عصرٍ إليه صلّى الله عليه وآله، لا تتحقّق إلّا بشروط:

1- أن تكون مع إمامٍ من الأئمّة الاثنَي عشر، النّقباء، الأسباط، الخلفاء، الّذين يبقى الإسلامُ ببقائهم قائماً إلى يوم القيامة، بل تبقى الأرض والأفلاك قائمةً بهم كما تقوم السّماء ما دامت النّجوم.

2- أن تُبنى الهجرة على حبّ «الحسنَين» والاعتراف بإمامتهما: «إِمامانِ إِنْ قاما وَإِنْ قَعَدا».

3- أن يكون الموقف من شهادة «الحسين» دليلَ حُسن إسلام المسلم، ونبراس الحاضر والمستقبل في صراط «إِظْهار الدِّينِ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ».

***

ثبات الأُمّة في خطّ الهجرة مع الحسين، واضطرار الحلف اليهوديّ - الأمويّ (الوهّابيّ) إلى الجَهر بحقيقته، ألجآ الحلف الأميركيّ إلى التّظاهر بالبراءة من «الوهّابيّين – الدّواعش»، رغم أنّهم أداته، كما ألجآ مَن كان يفخر بوهّابيّته بالأمس إلى البراءة من الوهّابيّة والوهّابيّين.

خلاصةُ هذا التّذَبْذُب محاولة أميركا غسل عار الهزيمة في المنطقة بِعار المجازر والجزّارين اليهود والوهّابيّين. سرعان ما سينقلبُ السّحر على السّاحر.

﴿اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ..﴾ فاطر:43.

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ 6 أيام

دوريات

نفحات