صاحب الأمر

صاحب الأمر

منذ 4 أيام

الإخلاص لله تعالى أربعين صباحاً


الإخلاص لله تعالى أربعين صباحاً

في مقدّمات التشرّف بلقاء الإمام صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ آية الله المحدّث الشيخ حسين النّوري قدّس سرّه ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(النّجم الثّاقب في أحوال الإمام الغائب عجّل الله تعالى فرجه الشّريف) للمحدّث الشّيخ حسين النّوري الطّبرسي (مؤلّف مستدرك وسائل الشّيعة) كتابٌ باللّغة الفارسيّة في غَيبة الإمام المهدي صلوات الله عليه، كتبه في ثلاثة أشهر بأمر المجدِّد الشّيرازي الميرزا السّيّد محمّد حسن قدّس سرّه، ورتّبه على اثنَي عشر باباً.

هذا المقال، مقتطف من الباب الأخير من الكتاب، اختصرناه بتصرّف عن ترجمته العربيّة، وهو ما ذكره رحمه الله، في مستهلّ حديثه عن الأعمال والآداب التي قد تُفضي إلى التشرّف بلقاء الإمام صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشّريف.

 

قال المحدّث الطبرسي رضوان الله عليه:

الباب الثّاني عشر: في ذكر الأعمال والآداب التي قد يتمكّن الإنسان ببركتها من أن يحصل على شرف اللّقاء بالإمام الحجّة، صلوات الله عليه، سواء عرفه أم لم يعرفه، في المنام أم في اليَقَظة، وكذلك الاستفادة والاستفاضة من فيضه، عليه السّلام. ولو لم يَنل إلّا زيادة نور اليقين والمعرفة الوجدانيّة بوجوده المقدّس، فهو أيضاً من أهمّ الغايات.

وقد ثبت في محلّه أنّ نيل هذا المقصود، وبلوغ هذا المرام ممكن وميسّر في زمن الغَيبة الكبرى، بل انكشف أنّه من الممكن أن يصبح العبدُ مؤهّلاً لتلقّي الأسرار والدّخول في سِلك خاصّته وخواصّه سلام الله عليه؛ بالعلم والتّقوى التّامّة والمعرفة والتضرّع والإنابة وتهذيب النّفس من كلّ غلّ وغشّ ورِيبة وشكّ وشُبهة، وتَنزيهها عن الصّفات القبيحة. وقد ذُكِرَ في الباب شواهد من كلمات العلماء الأعلام.

والمقصود هنا بيانُ معرفة طريق ذلك، أي معرفة الطّريق المُفضي إلى الفوز بلقاء إمام زماننا سلام الله عليه، ولو في المنام.

ومن نافل القول إنّ أداء جميع الفرائض والسُّنن والآداب، وتَرْك جميع المحرّمات والمكروهات من المقدّمات البديهيّة للتشرّف باللّقاء، وأمّا سائر مقدّمات ذلك فهي مستورة ومخفيّة إلّا عن أهلها.

* * *

يظهر من التّأمّل في قصص التّشرّف بلقاء الإمام المهدي صلوات الله عليه، أنّ المداومة على عملٍ حسنٍ، وعبادة مسنونةٍ، والجهد بالإنابة والتّضرّع مدّةَ أربعين يوماً يكون من الأسباب المقرّبة لهذا المقصد، ومن وسائله الكبيرة.

كما يظهر أيضاً أنّ الذهاب أربعين ليلة أربعاء إلى مسجد السَّهلة، أو الذّهاب أربعين ليلة جمعة إلى مسجد الكوفة والاشتغال بالعبادة هناك، من الأعمال المتداولة المعروفة التي ادّعى تجربتها كثيرٌ من العلماء والصّلحاء، وكذلك زيارة سيّد الشّهداء أربعين ليلة جمعة، وأمثال ذلك.

عموماً، يتبيّن لنا من مطاوي الكتاب والسنّة، أنّ المداومة على مُطلَق الدّعاء أربعين يوماً يؤثّر في الإجابة والقبول، بل المداومة على الطّعام والشراب الحلال أو الحرام طيلةَ هذه المدّة المذكورة يسبِّب تغيير الحال والانتقال من صفةٍ إلى صفةٍ أخرى، سواء كان من الحَسن إلى السيّئ، أم من السيّئ إلى الحَسن. وهكذا سائر ما يتقلّب فيه الإنسان من لباسٍ ومسكنٍ، وكذلك العِشرة.

ولتأكيد ما ذهبنا إليه، نتبرّك هَهنا بذكر عدّة أخبار، تؤيّد ما تقدّم:

 

1) روى الشّيخ العياشي، عن الفضل بن أبي القرّة، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول: «أَوْحى اللهُ إِلى إِبْراهيمَ أَنَّهُ سَيُولَدُ لَكَ، فَقالَ لِسارَةَ، فَقالَتْ: أَأَلِدُ وَأَنا عَجوزٌ؟! فَأَوْحى اللهُ إِلَيْهِ: أَنَّها سَتَلِدُ وَيُعَذَّبُ أَوْلادُها أَرْبَعَ مائَةِ سَنَةٍ بِرَدِّها الكَلامَ عَلَيَّ، قالَ: فَلَمّا طالَ عَلى بَني إِسْرائيلَ العَذابُ، ضَجّوا وَبَكَوْا إِلى اللهِ أَرْبَعينَ صَباحاً، فَأَوْحى اللهُ إِلى موسى وَهارونَ أَنْ يُخَلِّصَهُمْ مِنْ فِرْعَوْنَ، فَحَطَّ عَنْهُمْ سَبْعينَ وَمائَةَ سَنَةٍ. قال: وقال أبو عبد الله: هَكَذا أَنْتُمْ لَوْ فَعَلْتُمْ لَفَرَّجَ اللهُ عَنّا، فَأَمّا إِذا لَمْ تَكونوا فَإِنَّ الأَمْرَ يَنْتَهي إِلى مُنْتَهاه».

2) ونقل الشّيخ إبراهيم الكفعمي في كتاب (مجموع الغرائب) عن كتاب (الجواهر): «أنّ عيسى عليه السّلام أوصى الحواريّين بالجوع، وقال لهم: كونوا كَالحَيَّةِ.

فلمّا رُفِع عيسى عليه السلام، قالوا: لا نبرح حتّى نعلمَ تأويلَ كلامه عليه السّلام، فقال أحدهم: كونوا كالحيّة إذا تطوّقت والتفّت جعلت رأسَها في جسدها؛ لأنّها تعلم أنّ ما أصابها من الألم في جسدها لا يضرّها إذا سلم رأسُها. فيقول لكم روح الله: احفظوا الدِّين، فإنّه رأس مال الدّنيا والآخرة، ومهما أصابكم من الفقر والضّرّاء لم يضرّكم مع سلامة دينكم.

وقال آخر: إنّ روح الله قال لكم: كونوا كالحَيّة؛ لأنّ الحيّة لا تأكل إلّا التّراب، حتّى لا يخرج السّمّ من جوفها، فكذلك لا تنتفعون بما تسمعون من الحكمة لطلب الآخرة ما دام حبّ الدنيا في قلوبكم.

وقال آخر: قال لكم روح الله: كونوا كالحيّة؛ لأنّ الحيّة إذا أحسّت من نفسها الوَهَن جوّعت نفسها أربعين يوماً، ثمّ دخلت جُحراً ضيّقاً ورجعت شابّةً أربعين سنة، فيقول لكم روح الله: جوِّعوا أنفسكم في الدّنيا اليسيرة لبقاء المدّة الطويلة، كما جوّعت الحيّة نفسها أربعين يوماً لبقاء أربعين سنة، فأجمَعوا على قوله أنّ روح الله أراد هذا».

3) وروي في (الكافي) عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السّلام، قال: «قلتُ: إنّا لَنرى الرّجلَ له عبادة واجتهاد وخشوع ولا يقول بالحقّ، فهل ينفعُه ذلك شيئاً؟ فقال:

".." إِنَّما مَثَلُ أَهْلِ البَيْتِ مَثَلُ أَهْلِ بَيْتٍ كانوا في بَني إِسْرائيلَ، كانَ لا يَجْتَهِدُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَربعينَ لَيْلَةً إِلّا دَعا فَأُجيبَ، وَإِنَّ رَجُلاً مِنْهُمُ اجْتَهَدَ أَرْبَعينَ لَيْلَةً ثُمَّ دَعا فَلَمْ يُسْتَجَبْ لَهُ، فَأَتى عيسى ابْنَ مَرْيَمَ، عَلَيْهِ السَّلامُ، يَشْكو إِلَيْهِ ما هُو فيهِ وَيَسْأَلُهُ الدُّعاءَ، قالَ: فَتَطَهَّرَ عيسى، وَصَلّى، ثُمَّ دَعا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَوْحى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ: يا عيسى! إِنَّ عَبْدي أَتاني مِنْ غَيْرِ البابِ الذي أُؤْتى مِنْهُ، إِنَّهُ دَعاني وَفي قَلْبِهِ شَكٌّ مِنْكَ، فَلَوْ دَعاني حَتّى يَنْقَطِعَ عُنُقُهُ وَتَنْتَثِرَ أَنامِلُهُ ما اسْتَجَبْتُ لَهُ، قالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ عيسى عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقالَ: تَدْعو رَبَّكَ وَأَنْتَ في شَكٍّ مِنْ نَبِيِّهِ؟! فَقالَ: يا روحَ اللهِ وَكَلِمَتَهُ، قَدْ كانَ وَاللهِ ما قُلْتَ، فَادْعُ اللهَ لِي أَنْ يَذْهَبَ بِهِ عَنّي، قالَ: فَدَعا لَهُ عيسى عَلَيْهِ السَّلامُ، فَتابَ اللهُ عَلَيْهِ وَقَبِلَ مِنْهُ، وَصارَ في حَدِّ أَهْلِ بَيْتِهِ».

4) وروي في (الكافي) عن الإمام الصّادق عليه السّلام، أنّه قال:

«ما أَخْلَصَ عَبْدٌ الإيمانَ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَرْبعينَ يَوْماً - أَوْ قالَ: ما أَجْمَلَ عَبْدٌ ذِكْرَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَرْبعينَ يَوْماً - إِلّا زَهَّدَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في الدُّنْيا، وَبَصَّرَهُ داءَها، وَدَواءَها، فَأَثْبَتَ الحِكْمَةَ في قَلْبِهِ، وَأَنْطَقَ بِها لِسانَهُ..».

5) وروى القطب الراوندي في (لبّ اللُّباب) عن رسول الله صّلى الله عليه وآله:

«مَنْ أَخْلَصَ العِبادَةَ للهِ أَرْبَعينَ صَباحاً ظَهَرَتْ يَنابيعُ الحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلى لِسانِهِ».

 

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ 4 أيام

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات